الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يغدر أوباما بقيادات الجيش المصرى ؟

عبدالله محمود أبوالنجا

2013 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بعد البيان الصارم والحاسم الذى ألقاه الفريق أول عبدالفتاح السيسى ، والذى تحدث فيه الرجل عن انحياز الجيش المصرى بكل قياداته الى المصالح العليا للشعب المصرى بكل طوائفه ، تأكدت جماعة الاخوان ومن يدورون فى فلكهم ومن يدعمونهم فى الداخل والخارج أن قبضتهم على سدة الحكم فى مصر مازالت مرتعشة ومهددة وأن نظامهم معرض للسقوط المدوى فى أول هبة اعصار شعبى كالذى أطاح بمن كانوا قبلهم . كما تأكد لدى الجماعة ومحبيها ودراويشها ومؤيديها أن الجيش المصرى بجميع كوداره وقياداته لن يسمح لأية قوة داخلية أو خارجية بقهر ارادة جموع الشعب وتركيعه لأية سياسات تتعارض مع تحقيق طموحات جموع الشعب ومصالحه العليا . ومن ثم بات واضحاً لدى قيادات الجماعة ومناصريها أن الجيش المصرى بقياداته الحالية وعلى رأسها الفريق أول عبدالفتاح السيسى هو العقبة الكؤود والرقم الصعب الذى يحول بين الجماعة ومندوبها فى قصر الرئاسة محمد مرسى العياط وبين فرض كامل سيطرتها وهيمنتها على جميع أفراد الشعب وكل مؤسسات الدولة وأولها الجيش المصرى . ومن الطبيعى – والحالة هكذا – أن تفكر قيادات الجماعة فى ترويض قيادات الجيش وتطويعها للتغاضى عن سياسات الجماعة ومؤيديها بحق جموع الشعب المصرى ، وبالفعل ومنذ سقوط النظام السابق سلكت الجماعة وقياداتها جميع السبل لتحييد الجيش المصرى وقادته عما يجرى على أرض مصر من صراع سياسى طاحن بين الجماعة ومؤيديها من جهة وجميع طوائف الشعب المصرى ومؤسسات الدولة المختلفة من جهة أخرى . وقد دأبت قيادات الجماعة ومندوبها فى قصر الرئاسة طوال الفترة السابقة على التأكيد بمناسبة وبدون مناسبة أن الجيش مهمته الأولى والرئيسية هى مواصلة تحديث وتدريب قواته لحماية البلاد ضد أية ( أخطار خارجية ) ، وكأنهم يرسلون بذلك رسالة غير مباشرة للجيش وقياداته بأن الشأن الداخلى لا يجب أن يكون محط اهتمام أو مراقبة أو متابعة من الجيش أو قياداته . لكن تصريحات الفريق أول عبدالفتاح السيسى القائد العام للقوات المسلحة المصرية ، فى الندوة التثقيفية الخامسة للقوات المسلحة ، والتى عقدت فى قاعة مسرح الجلاء يوم الأحد الموافق 23 يونيو 2013 بحضور ودعم من جميع قيادات الأفرع الرئيسية والفرعية ، وكبار الضباط ، والتى قال فيها : [ ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين والموت أشرف لنا من أن يمس أحداً من شعب مصر فى وجود جيشه .] كما قال فيها أيضاً : [ القوات المسلحة تجنبت خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى ، إلا أن مسئوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تفرض عليها المتابعة الدقيقة وتأمل فى عدم إنزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الإقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو إنهيار مؤسسات الدولة .
- القوات المسلحة تدعو الجميع دون أى مزايدات حفاظاً على الشرعية ، لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها ولدينا من الوقت " أسبوع " يمكن أن يتحقق خلاله الكثير ... وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضرة ومستقبله .] ؛ تلك التصريحات تحمل رسالة واضحة وصريحة بأن الجيش سوف يتصدى لكل من يحاول تهديد وحدة الوطن وسلامة أراضيه وشعبه بكل طوائفه بافتعال الأزمات من نوعية تكفير المجتمع وقواه السياسية المعارضة أو تهديد الشعب بالتفجيرات أو المفخخات فى حالة ممارسته لحقه الديمقراطى بالنزول الى الشارع للتظاهر السلمى للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة مما ينتج عنه اقتتال داخلى بين من يهددون الشهب بالتفجيرات والمفخخات وأنهار الدم وبقية طوائف الشعب ! الرسالة واضحة وصريحة وقد حدد الفريق أول عبدالفتاح السيسى موقف القوات المسلحة وجميع كوادرها من أية محاولات يقوم بها البعض لقهر ارادة الشعب . وأنا شخصياً أفهم هذا البعض على أنهم الجماعة ومؤيدوها ممن يتبنون نفس المشروع الذى يقدمونه للشعب على أنه اسلامى على خلاف الحقيقة التى كشفها الشعب فصمم بكل فئاته وطوائفه على الخروج يوم 30 يونيو 2013 كبداية للموجة الثانية من الثورة الشعبية العارمة التى انطلقت فى 25 يناير 2011 ، وذلك من أجل تصحيح مسار الثورة التى انحرفت بها الجماعة ومندوبها فى قصر الرئاسة عن أهدافها الحقيقية فى العيش والحرية والكرامة الانسانية ، وراحت بدلاً من ذلك تعمل على نشر الفتن الطائفية بتغاضيها عن دعوات التخوين والتكفير ، كما راحت تحاول الزج بالشعب وقواته المسلحة فى الصراع المذهبى بين المعسكر السنى والشيعى عندما أعلنت دعمها للمعارضة المسلحة فى سوريا وانحيازها للارادة القطرية بدلاً من اتخاذ موقف محايد للتوفيق بين المتصارعين بما لا يضر بالمصالح العليا لهذا الشعب الذى أقسم مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة على رعاية مصالحه رعاية ً كاملة ً !

بات واضحاً لدى الجماعة ومؤيديها أن الجيش وقياداته يقفون حائلاً وسداً منيعاً فى انفرادهم بمصيير مصر ومقدراتها وتسخير الشعب المصرى للسياسات التى تخدم المشروع الثيوقراطى للجماعة ، والذى يتعارض تعارضاً تاماً مع طبيعة الشعب المصرى ومصالحه العليا والحيوية الحياتية العاجلة والملحة ! هل تسكت الجماعة وقياداتها على هذا الوضع ؟ بالطبع لا . أتوقع أن الجماعة ستحاول بكل ماأوتيت من قوة ومكر وهاء ، ازاحة جميع القيادات الرئيسية والفرعية للجيش وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح السيسى من طريقها ، واسناد تلك المناصب القيادية الى الموالين لها ، سواء من داخل الجيش أو من خارجه . ولكن هل تستطيع الجماعة أن تقدم على هذه الاجراءات دون دعم خارجى ، كالذى حصلت عليه عند الاطاحة بوزارة الداخلية من المشهد السياسى ابان الموجة الأولى للثورة فى 25 يناير 2013 ؟ بالتأكيد الجماعة لا تستطيع محاصرة جميع مقار قيادات القوات المسلحة ، والقاء القبض عليهم جميعاً وفى وقت واحد بواسطة مليشياتها أو بواسطة أية قوات تابعة للشرطة أو للداخلية أو للحرس الجمهورى دون أن يشعر الشعب بذلك !! كما أننى أستبعد وبشدة أن تكون هناك تشكيلات عسكرية موالية للجماعة داخل القوات المسلحة ومستعدة للقيام بهذه الجرائم البشعة فى حق الشعب وقواته المسلحة ومما يؤكد على ماأقول ماجاء فى بيان الفريق أول عبدالفتاح السيسى نفسه بأن القوات المسلحة وحدة واحدة وصلبة ومتماسكة : [ الجيش المصرى كتلة واحدة ، صلبة ومتماسكة ، وعلى قلب رجل واحد ، يثق فى قيادته وقدرتها .] . اذن ، الحلول الداخلية لمعضلة الجماعة مع الجيش وكوادره غير متاحة ، والمتاح منها ليس مأمون العواقب التى قد تقتلع الجماعة من جذورها وتنهى وجودها الذى استمر مايزيد على أربعة وثمانين عاماً نهاية منكرة والى غير رجعه ! لم يعد بالتالى أمام الجماعة غير الدعم الخارجى لتحقيق طموحاتها فى الاستيلاء على ارادة الجيش المصرى وتطويعها لخدمة مشروعهم السياسى الدائر بالكامل فى فلك السياسة الأمريكية بوكالة قطرية دون أية استقلالية تذكر ! وهنا بيت القصيد ! وأرانى لابد أن أستدعى خبر ارسال الولايات المتحدة الأمريكية لـ 400 جندى من المارينز الى الأراضى المصرية ، والذى تناقلته وكالات الأنباء العالمية وبعض الصحف المصرية وتناولته صحيفة الوفد بالتعليق والتحليل ، خاصة ً وأن البعض يقول أن هذه القوات تم تدريبها على التعامل مع قنابل المولوتوف وتستطيع التصدى لها بسهولة ! وفى هذا الشأن يتساءل اللواء محيى نوح ، المدير الأسبق لفرع المنظمات الدولية بإدارة المخابرات والإستطلاعات الحربية ، عن تدريب هذه القوات على التعامل مع المولوتوف ، قائلاً : [ما علاقة هذه القوات بالتعامل مع المولوتوف إلا إذا كانت هناك أهداف أخري ..وأعتقد أنه لو صح هذا الكلام فالقوات المسلحة وجهاز المخابرات الحربية لابد أن يعلما بها نظراً لكفاءة هذا الجهاز في التعامل مع مثل هذه المواقف ]!!! بالفعل ، لو صح أن هذه القوات تم تدريبها على التعامل مع قنابل المولوتوف ، ماعلاقة هذا وكونها تعمل ضمن القوات المتعددة الجنسيات فى سيناء والتى تمارس عملها منذ تاريخ 25 ابريل 1982 كما جاء فى تصريح المتحدث العسكرى للقوات المسلحة المصرية العقيد أركان حرب أحمد محمد علي " أن القوات الأمريكية التي أعلن عن تجهيزها بقاعدة «فورت هود» للقدوم الي مصر تأتي في اطار خطط الغيار الدوري للعنصر الأمريكي العامل ضمن القوة المتعددة الجنسيات والتي تمارس عملها منذ تاريخ 25 ابريل 1982. " والسؤال المنطقى : لماذا قدوم هذه القوات الى مصر قبيل 30 يونيو 2013 ؟ وهل موعد قدومها فى هذا التوقيت هو نفس الموعد الذى كان يتم فيه تغييرها كل أربع سنوات ؟ اذا لم يكن هذا الموعد هو نفس موعد تغييرها كل أربع سنوات ، فالاستنتاج المنطقى هو أن قدوم هذه القوات له بالتأكيد علاقة بتطورات الأحداث السياسية فى مصر فى هذه المرحلة التى يحتدم فيها الصراع بين نظام الجماعة الاخوانية وجموع الشعب المصرى بما فيها قوى المعارضة التقليدية كجبهة الانقاذ وغيرها !! الى هنا والأمر يبدو منطقياً ومتوقعاً الى حدٍ ما ، لكن المذهل والذى سوف تكون له انعكاسات مصيرية على الشعب المصرى وشعوب المنطقة بأكملها هو أن تكون تلك القوات مكلفة بمهمة سرية لا يعلمها غير من اتفقوا مع أوباما ومخابراته على اقصاء الجيش المصرى وقياداته من طريق النظام الاخوانى . هل تتكرر مشاهد اختراق الأمن القومى المصرى بواسطة عناصر أجنبية ، ولكن هذه المرة ضد القوات المسلحة المصرية وقياداتها ، اذا ماتفاقمت الأوضاع فى غير صالح النظام الاخوانى ، وذلك بقيام تلك القوات الأمريكية بعملية عسكرية يتم خلالها القاء القبض على جميع القيادات والاستيلاء على المقار والمكاتب العسكرية ، وتأمينها وتسليمها لأعوان الجماعة ، اذا ماعمت الثورة الشعبية البلاد من أقصاها الى أقصاها . ثم يقوم أعوان الجماعة الذين تم تسكينهم فى القيادة العامة للقوات المسلحة والقيادات الفرعية باصدار أوامر للجيش بالنزول الى الشوارع لقمع الثورة ؟ هل يمكن أن تقوم تلك القوات الأمريكية بتلك المهمة بشكل سرى لا يعرف به الشعب المصرى ويتم التعتيم عليه اعلامياً حتى يتم اخماد الثورة الشعبية ثم يفاجئون الشعب المصرى بقيادات عسكرية غير القيادات التى انحازت للمصالح العليا للشعب ووقفت حجر عثرة فى طريق سيطرة النظام الاخوانى سيطرة كاملة على مقاليد الحكم فى الدولة المصرية ؟ هل يمكن أن يصل انحطاط الرئيس الأمريكى باراك حسين أوباما الى حد التآمر على شعب مصر وجيش مصر من أجل سواد عيون التيارات الراديكالية الفشستية فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط ؟ سنرى ماتسفر عنه الأيام !!
بقلم / عبدالله محمود أبوالنجا
العضو المؤسس فى حزب المصريين الأحرار
القاهرة فى يوم الاثنين 24 يونيو 2013









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا