الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان علامة شاذة في الموسيقى السياسية

صالح برو

2013 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية




بدا واضحاً في الفترة الأخيرة أنه عندما يضيق الخناق على أي حاكم سياسي يلجأ إلى سياسة المديح،والإشادة بالفنانين،والأدباء لإستجرار جماهيرهم وكسبهم إلى جانبه كورقة رابحة بكل الأحوال.لكن الغريب،والذي يفوق كل توقع أنه ما من أحد لجأ حتى الآن للإشادة بشاعر رحل عن هذا العالم منذ سنوات عديدة، لكسب جماهيره تجاه حكومته،علماً أن زمن القراء قد انحل في ظل النظام الرأسمالي.
في زحمة هذا الإنحدار ،والضياع، وفي زمن السقوط هذا الذي يستمر سنتحدث عن أغرب طرفة..لا هي سياسية صافية،ولا هي أدبية بحتة،بحيث لا يمكن معرفة الذيل من الرأس لشدة السخرية في المشهد السياسي الذي يؤديه أردوغان على الدوام عبر تكوينه العقلي المكشوف،خصوصاً قبل فترة عندما تناول شخصية إنسانية، أدبية فذة، لها حضور في الأدب العالمي..ألا وهو ناظم حكمت،هذا الشاعر الذي قال ذات يوم
" لنقاوم الألم"
" أنا مفعم وأصمد جيداً " وضرب لنا موعداً
" لنرقد الآن ونستيقظ بعد مائة عام "
لا بمعنى الخمول بل بمعنى أن العالم الجميل الذي نكافح من أجله لن يزف موعده الغد القريب،بالدليل أنه قال :
"أجمل البحار هي التي لم نبحرها بعد
وأجمل الأطفال لم يترعرع بعد
وأجمل أيامنا لم نعشها بعد
وأجمل ما يمكن قوله ما لم أقله لك بعد "
تكمن المصيبة الجلل،عندما يقدم المرء المغفل على تصديق حيلة الشياطين،و الأغرب من ذلك هو أن يصل الشيطان إلى حالة يعتبر نفسه فيها محقاً وصادقاً من خلال الأكذوبة التي تفاعل معها الغير- المرء المغفل-وهذا ما حصل لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عندما تطرق في حديثه عن أهمية ناظم حكمت،وتأثيره في الأدب التركي،والعالمي،علماً أن هذا الشاعر قد ثار على أجداد هذا النظام الفاشي آنذاك، وقضى أثر تلك الصرخة سبعة عشرة عامًا في السجون التركية،ولاقى الويلات منها،حيث الشقاء،والبؤس،والحرمان،والتعب،واللهاث وراء دروب الحياة، دون أن يرفع راية الاستسلا،بل واظب على الكتابة خلال فترة الاعتقال الطويلة،إذ كتب حينها مئات القصائد،والرسائل،والعديد من المسرحيات التي لا تنتسى عن ذاكرة الأدب العالمي " الجمجمة" و"الرجل المنسي " والبقرة" ، وبعد خروجه من السجن تم تجريده من جنسيته بحجة الخيانة، والتشهير بالنظام الحاكم آنذاك، إضافة إلى التهديد بالاغتيال الموجه إليه سراً، إلى أن اضطر شاعرنا حينها إلى الفرار منفياً خارج البلاد متخذاً الاتحاد السوفيتي وجهته،حتى توفي هناك،هكذا كانت نهاية شاعر الإنسانية ناظم حكمت،وهكذا كانت المفاجأة الدرامية في المشهد الأردوغاني الذي اعتاد أن يظهر بطلته السمجة في العلن، حيث طالب السلطات الروسية، وبكل بساطة بنقل ضريح الشاعر الراحل إلى تركيا، وإعادة الجنسية إليه.
رجب طيب أردوغان الذي حاول كسب وتوظيف ناظم حكمت في أجندته السياسية، هو نفسه اليوم ينتقل كالزعران من مدينة إلى أخرى بين أنصاره في محاولة لإعادة الألوان في لوحة حكمه المليئة بالاستبداد السياسي من خلال الضحك على شرائح كبيرة ومغلوبة على أمرها بالإغراء المالي والدعاية الدينية في المجتمع التركي لكتم أنفاس شرائح أخرى كالكرد والعلويين وغيرهم، أردوغان يتجول اليوم بروح الزعران بين المدن التي استطاع توظيف مريدين له فيها مقتنعاً بأن تصفيق الآلاف له يمحي مقت الملايين له ،ومستمراً في محاولة إقناع نفسه قبل العالم بأن صوت آلته السياسية الشاذة من الممكن أن تضيع بين صوت موسيقا الدول المتحضرة ومتناسياً أنه لم يتبق لديه أية أوراق أخرى من الممكن أن يستمر بها في حكمه في بلد يريده هو لنفسه موظفاً فيه كل مالديه من أتباع ومريدين وإغراء وتوظيف للدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج