الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية التاريخ فكرة قابلة للتكذيب.

الاعرج بوجمعة

2013 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قد يتبادر إلى ذهن القارئ بأن المقصود بنهاية التاريخ التي قال بها فوكوياما منذ عقود، النهاية المادية للتاريخ، على اعتبار التاريخ ركاما من الأحداث، ومن تم نهاية لهذه الوقائع والأحداث التي يتشكل منها التاريخ. لكن الذي يقصده فوكوياما بهذه القولة التي شكلت شق أساسي من عنوان لكتاب له يحمل اسم: "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، لا يتعلق بالتاريخ الواقعي، وإنما نهاية مضادات الدولة الليبرالية الديمقراطية، الأفكار الشيوعية بزعامة الفكر الماركسي وكذلك الفاشية الإسلامية. نحن اليوم أمام حرب باردة في ثوب جديد؛ هذه الحرب أساسها ثقافي، أي صراع بين الثقافات؛ الثقافة الغربية بشتى ألوانها والثقافة العربية الإسلامية. إذن فنهاية التاريخ حسب فوكوياما لا تعني أن التاريخ سيتوقف عن السير مادامت هناك حياة إنسانية موجهة لأحداثه، وإنما المقصود أن التاريخ انتهى، أي لن يكون له إلا اتجاه واحد هو السير نحو الديمقراطية التي شهدنا انطلاقتها مع الثورة الفرنسية، وبالتالي السير نحو الدولة الليبرالية الديمقراطية. أي نهاية الصراع الدولة الديمقراطية مع أضدادها المتمثلة في الممارسة الاستبدادية.
ثم الشق الثاني من المقال معنون بقابلية التكذيب، أي فكرة نهاية التاريخ قابليتها للتكذيب والتفنيد، وأقصد المنهج الذي اتبعه كارل بوبر في نقده للمذاهب التاريخية، لديه كتاب يحمل عنوان: "عقم المذهب التاريخي"، إذن المقصود بالمنهج هو ذلك النقد؛ أي القوة المحركة لنمو المعرفة، ليس هنالك معيار للحقيقة، الصدق، وإنما هناك ما يشبه معيار الخطأ.
بوبر في إطار نقده للمذاهب التاريخية وجه نقدا لكلل المذاهب التي تقول "إن للتاريخ خطة، ويمكن التنبؤ بمسار التاريخ" (بوبر: أسطورة الإطار). نقد بوبر طال كذلك المذاهب الروحية، نقصد هنا نقده لعقيدة الشعب المختار التي تفترض أن الله اختار شعبا واحدا كأداة منتقاة لإرادته، وأن هذا الشعب سيرث الأرض. وقد جاء في التلمود ما يلي:"كل اليهود مقدسون، كل اليهود أمراء لم تخلق الدنيا إلا لحماية يسرائيل، لا يدعي أحد أبناء الإله إلا جماعة يسرائيل". إذن هناك خطة مرسومة للتاريخ يسير نحوها. حسب بوبر هناك نزعة عرقية تحكم التاريخ، عدم الإيمان بالأعراق الأخرى. هنا نضطر إلى استخدام منهج بوبر لتفنيد هذه الفكرة بقيم كونية يناشدها الغرب كالديمقراطية والمساواة والإخاء.. وهي أهم قيم قامت عليها الثورة الفرنسية. الغرب الذي يتبجح بهذه القيم أين نحن كعرب، كمسلمين، من مسرح التاريخ هل نأخذ بالقول المأثور (حلال عليكم حرام علينا). باسم الديمقراطية والمساواة يجب أن نكون سواسية (لا فرق بين غربي على عربي على أمازيغي، إلا بالعمل). اليهود شعب الله المختار تجاهل الشعوب الأخرى يقول هو كذلك بحتمية التاريخ ووصوله إلى سيادة هذا الشعب كنهاية. الفكرة نفسها بثوب جديد نجدها لدى فوكوياما الذي قال بفكرة نهاية التاريخ، إذن الذي حرك فوكوياما ليس دافع عرقي كاليهود وإنما دافع سياسي بالأساس. وهو خدمة الدولة الليبرالية في ثوبها الرأسمالي الفاحش. يعني بعد الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وانهيار جدار براين، كل هذه العوامل تضافرت لصعود القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة. أصبحت هذه الأخيرة تبحث عن عدو جديد فكان الإسلام هو الفريسة التي انقض عليها التكالب الرأسمالي، لأن الإسلام هو دين كوني أصبح يهدد العالم وبالتالي لابد أن تجد حلا لإفراغ محتواه من الداخل، فكانت أحداث 11 سبتمبر2001 هي البداية؛ إن لم نقل قضية سياسية مفتعلة لتستهدف الإسلام والمسلمين. هنا نجد هنتعنتون صاحب كتاب "صدام الحضارات" يقول "إن صدام الحضارات ما هو إلا صدام قبلي على مستوى عالمي". يقرر كذلك هنتغنتون أن الحروب العقائدية التي شكلت جوهر الحرب الباردة قد تحولت اليوم إلى حروب حضارات، وفي القلب من صدام الحضارات عند هنتغنتون يأتي الصراع التاريخي بين الإسلام والمسيحية.
إذن حاولت من خلال منهج كال بوبر في النقد إلى إخضاع فكرة نهاية التاريخ للتكذيب، ونقول بأن ليس هنالك نهاية أو سيطرة بقدر ما هنالك تعايش وحق في العيش وحق في الديمقراطية المنتظرة (بلغة جاك دريدا). فكرة نهاية التاريخ التي قال بها فوكوياما فكرة سياسية تخدم مصالح جماعة معينة أو دولة معينة. نحن اليوم في أمس الحاجة إلى براديغم جديد "براديغم الاعتراف"؛ يعني يجب على الدول العظمى المهيمنة أن تدخل في حوار مع الدول الفقيرة، دول عالم الثالث، لتحرير وثيقة وشهادة الاعتراف. هذا رهين بنشر ثقافة ديمقراطية في مقابل نزعة عرقية غربية. وكذلك في مقابل انغلاق وخنوع دول العالم الإسلامي. بالفعل ما يعاب على الإسلاميين وليس الإسلام. هو لجوؤهم إلى طرق لا تعكس الصورة الحقيقية للإسلام من قبيل الجهاد. يعني غياب ثقافة الحوار لدى المسلمين وحضور ثقافة القصاص، يعني العين بالعين والبادئ أظلم. هذه فرصة لنقد هذه الثقافة عن طريق المنهج البوبري، ثقافة إسلاموية سياسية لا تمت للإسلام بصلة. الإسلام كما ورد في الكتاب هو دين كوني، ليس حكرا على المسلمين، كذلك ناسخ للديانات السابقة، دين حاورهم بالتي هي أحسن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن