الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن بحاجة الى مؤتمر لإصلاح نظامنا القانوني

شذى الجنابي

2013 / 6 / 26
مقابلات و حوارات


القاضي الدكتور زهير كاظم عبود :

نحن بحاجة الى مؤتمر لإصلاح نظامنا القانوني

- بحاجة لجهة تضبط انسجام القوانين مع نصوص الدساتير.

منذ التاسع من نيسان2003 - 2012 لم نتمكن من خلق منظومة قانونية متجانسة مع الدستور ، واصبح تشكيل الدولة مهم للغاية على ان ينسجم مع الدستور، وامكانية وجود تجانس في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، بشرط مراعاة الضمانات الاجتماعية والفردية للإنسان التي تلزم الدولة بكفالتها ، فضلا عن وجود استقرار اقتصادي منهجي وفق اسس موضوعية وعلمية ، وتشكيل الدولة امر ليس منوط بالسلطة انما تقع مسؤوليته على الجميع ما دمنا نؤمن حقا بالدستور والمبادئ الاساسية التي اكد عليها. هذا ما قاله القاضي الدكتور زهير كاظم عبود في حوار حول الاصلاحات القانونية في العراق .

*هل ان منظومة التشريعات التي صدرت كانت ضمن اطار ستراتيجي تنموي اجتماعي حقوقي ام انها تعلقت بتشكيل الدولة ؟
منذ بدء تشكيل مجلس الحكم ومرورا بالجمعية الوطنية ومجلس النواب في دورته الأولى والثانية كانت منظومة التشريعات غير متجانسة او متناسبة مع واقع التغيير ، نحن امام حالة تغيير شامل في هذه المنظومة ، لقد كانت التشريعات قبل التغيير تستند على قواعد لا تخرج عن اطار يقيدها نصت عليه المؤتمرات الحزبية ومقررات القيادة ، لا مكان ولا اعتبار للاطار التنموي أو حاجة المجتمع للتشريعات ، وكما نعرف فأن هناك مؤشرات تخص النوع الاجتماعي تعتمد على متابعة السياسات الستراتيجية للدولة تتعلق بالحقوق التي تنسجم مع التطور الحضاري والإنساني كونها جزء اساسي من الخطط الستراتيجية ، لكن تلك المنظومة تلكأت ولم تكن بمستوى التغيير ولم تتجانس مع فرصة تطور نسبي في قيم المجتمع الذي بات يمارس مبادئ الديمقراطية ويؤمن بالتداول السلمي للسلطة والمساواة فعلا امام القانون وما يمنحه الدستور من حقوق وحريات للفرد بما فيها حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر وحرية الفكر والضمير والعقيدة وقبول الاخر وكفالة الدولة للضمان الاجتماعي .

مؤتمر قانوني

*هل المسيرة الاصلاحية للقوانين تسير وفق المعايير الدولية والمتطورة مع خصوصية البيئة العراقية ؟

لن نستطيع القول بأن المسيرة الإصلاحية تسير وفق المعايير الدولية المنسجمة والمتناسبة مع البيئة العراقية ، هناك العديد من التشريعات لن نتمكن من تشريعها ، وقلنا مرارا بحاجة الى مؤتمر لإصلاح نظامنا القانوني ، نحن نتعكز على قوانين وقرارات بحاجة للمراجعة والدراسة لإلغاء ما نستطيع منها من منظومتنا التشريعية ، واصلاح البعض وتجديد الاخر ، واضافة ما ينسجم مع الحاجة الاجتماعية ، وهناك اتفاقيات ومعاهدات نوقعها ولكن لا تنسجم مع واقعنا الاجتماعي ، فضلا عن وجود اتفاقيات نحن بامس الحاجة اليها لتكون ضمن منظومتنا التشريعية ، ووفق هذا على المعنيين في الدولة ان يأخذوا بنظر الاعتبار الطاقات والكفاءات العاملة ضمن منظمات المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات الفاعلة ثقافيا وقانونيا ، وتأخذ على عاتقها انجاح هذه المسيرة فالأمر لا يتعلق بموظفي السلطة ولا بكوادر الاحزاب الوطنية فقط ، لنكن صريحين اكثر في توافقنا مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية لأنها في حال التوقيع والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب ستكون قوانين نافذة لا يمكن مخالفتها ، لا تزال القوانين والقرارات التي اصدرتها سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) نافذة ، وقرارات تشريعية اخرى صدرت في ظل ظروف استثنائية جميعها بحاجة للتدقيق والمراجعة ، واذا ما اردنا ان نلحق بركب العالم المتمدن والمتطور علينا اولا ان نفهم بيئتنا قبل كل شيء وواقعنا الاجتماعي حتى لا نقفز عليه ومن ثم نبدأ بعملية اصلاح تنسجم وفق المعايير الدولية .

قوانين بحاجة للاصلاح
*هل ادت التشريعات وظائفها انسجاما مع عمليات التغيير ، وحاجات المجتمع الاساسية ؟
بعد التغيير وقبل صدور الدستور كانت تشريعاتنا تستند على ما يصدره الحاكم المدني ، وليس بالضرورة ان تنسجم مع واقعنا وحاجتنا ، وكانت القرارات كثيرة منها بلغة لانتفق معها ، وبقيت تلك التشريعات نافذة وموجبة التطبيق ، لابل اننا بعد صدور الدستور ما زلنا بحاجة لجهة تضبط انسجام القوانين مع نصوص الدساتير ، الارتباك ما يزال واضحا عمليا ، قوانين عديدة صدرت بعد 2005 بحاجة الى اصلاح ، وبحاجة الى تلبية متطلبات الدستور في تشريع قوانين لكل حالة يتطلبها اصدار القانون ، وهناك شرخ في منظومة اصدار ودراسة القوانين ، ومجلس الشورى مثلا يتبع وزارة العدل ، وليس له علاقة بمجلس القضاء ولا بالمحكمة الاتحادية العليا ، وهناك جهات لا ترتبط باي سلطة ، وجهات اخرى لا يحكمها قانون ولاضوابط قانونية متفق عليها ، فحاجة المجتمع العراقي الى التشريعات بعد التغيير كبيرة كونه محروم منها ومحكوم عليه بالصمت والقبول ، اليوم لم يعد المواطن يتقبل السكوت يريد حقوق منسجمة مع الدستور ، حاجات المجتمع الأساسية كبرت واتسعت ، والعادات والقيم السلبية والايجابية تغيرت ايضا ، وعلينا ان ندرك حجم التحدي والمنازلة بين من يريد قيام دولة تنسجم مع العصر والتطور وحقوق الانسان وبين من يريد ان يبقى يراوح في مكانه ، فالعالم يهرول الى الامام ويتطور بسرعة .

العمل المشترك
* تطبيق القوانين يصطدم بتقاليد مجتمعية ، كيف يتم كسر هذا التحدي ؟

منظمات المجتمع المدني كفيلة بان تتحمل مسؤوليتها في هذه المهمة والمنازلة ، بالإضافة الى دور الأحزاب الوطنية والأعلام ، هذا التكاتف يخلق دافعا قويا لوعي مجتمعي وثقافة شعبية تستثمر الحاجة والنهوض والتطور والعناصر الاساسية في الحقوق والواجبات التي نص عليها الدستور ، وبحاجة الى التغيير والنمو وعبور حالة التخلف الحضاري والإصرار على تمتع الفرد العراقي بكل موجبات الحرية دون قيود او خشية من ممارسة تضمن ممارسة الواجبات ، تزامنا مع حملة للقضاء على الفقر والامية ، عبر العمل المشترك التضامني بين الاحزاب الوطنية والسلطة ، على ان يلتزم الجميع بالمساواة امام القانون لكل العراقيين دون تمييز بسبب الجنس ( رجالا ونساءا ) ( ما تزال نصوصنا القانونية حتى اليوم ذكورية ويتخللها العديد من النصوص المعيبة المهشة للمرأة ) او بسبب الدين ( ما تزال منظومتنا الاجتماعية تنظر نظرة متدنية لمعتنقي الأديان الأخرى من غير الإسلام حتى اليوم ) ، والسلطة لا تزال تمارس العزل والتهميش عليهم مستندة على الاعراف والقيم السلبية البالية والمتخلفة ، او القومية او الاصل ( لا يزال البعض حتى يومنا هذا يسأل عن أصول المواطن ) او اللون او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الطبقي ، بالاضافة الى تنمية المجتمع وهي بحاجة الى التنوع والتعدد ، وما علينا الا السعي لشطب الظواهر السلبية من قيمنا واعرافنا قبل السعي الى تشريع قوانين تحكم ظروفنا مع وجود تلك الظواهر .

المنظومة القانونية
*تطبيقات القوانين تواجه تحديات ، ماهي ؟
تطبيقات القوانين تواجه تحدي الأيمان الحقيقي باحترام القضاء وقراراته وبتطبيق النص القانوني على الجميع بالمساواة ، والتحدي بالمساواة امام القانون دون افضلية وحصانة لأي عمل او قرار اداري من الطعن بالطرق القانونية ، والتحدي بالأيمان الحقيقي بدولة يحكمها القانون ويضللها الدستور ، وكيف يمكن للمواطن البسيط ان يفهم حقوقه الدستورية ؟ مثلما عليه ان يعي واجباته ، والتحدي في نقل المجتمع العراقي من حالة سلبية وعدم المبالاة الى حالة ايجابية والإحساس بقيمة الأنسان في وطنه ، والتحديات في جعل القانون فوق الجميع ، وان يحرص الجميع على احترام منظومة القوانين بشرط ان تكون منسجمة مع المباديء الاساسية للحريات والحقوق .

* ماهي الجهات التي ينبغي ان تشارك في تغيير المنظومة القانونية ؟
تغيير المنظومة القانونية مهمة وطنية تدخل ضمن مهمة بناء العراق الجديد ، والجميع معني في هذا المجال ، ولكن الجهات الأساسية المعنية بتغيير تلك المنظومة هي مجلس القضاء الاعلى ، والجهات القانونية في مجلس النواب ، ومجلس شورى الدولة ، والدائرة القانونية في رئاسة الجمهورية ، ورئاسة الوزراء والأكاديميين المختصين من القانونيين ، وعلماء الاجتماع ، ومنظمات المجتمع المدني ، والأحزاب الوطنية في العراق ، والدوائر القانونية في الوزارات ، والصحافة ومنظومة الأعلام .


* هنالك قوانين صدرت قبل وبعد عام 2003 بحاجة الى تعديل ، وبخاصة القوانين التي تتعارض مع حقوق الانسان والقيم الديمقراطية ، ولماذا ؟
هناك فترة صعبة مر بها العراق ، خضع خلالها الى سلطة حاكم مدني فرضته ظروف احتلال العراق ، صار هو المشرع والسلطة التشريعية بالرغم من انه يحمل الجنسية الاجنبية ، وحكمت تلك القرارات التي صدرت ضمن ظروف عصيبة وحالكة اطبقت على مناحي الحياة العراقية فحكمت الافعال ، بقيت هذه القوانين التي صدرت ( دون ان تمس القوانين والقرارات السابقة لها ) ، بقيت هذه القرارات تحكم مفاصل الحياة العراقية ، بل وتحكم في حالات اخرى ، وهناك ايضا من القوانين والنصوص القانونية ما يتعارض مع حقوق الانسان التي اكد عليها الدستور واعتمدها العراق ضمن معاهداته الدولية التي التزم بها وصارت جزء اساسي من تشريعاته القانونية الوطنية ، وحيث ان القوانين تعد باطلة لا اثر لها في حال مخالفتها الدستور ، لذا فان كل نص قانوني او قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية يعد باطلا وبإمكان اي مواطن الطعن به امام المحكمة الاتحادية لإصدار قرار بأبطاله

* كيف يمكن الاستفادة من ثورات اصلاح القوانين في العالم ؟
الاستفادة من ثورات الاصلاح القانوني بما يتناسب مع واقعنا الاجتماعي والسياسي وخصوصية تجربتنا العراقية ، ا لا ان المبدأ العام هو اننا بحاجة لعملية اصلاح ومراجعة وتدقيق شاملة ، حتى يمكن ان ننسجم مع المستقبل ، وحتى يمكن ايضا ان نكون واقعيين متفقين مع مبادئنا العامة ونصوصنا الدستورية ، التجارب العالمية في هذا المجال واقعية ومن الممكن الاستفادة منها في معرفة الوسائل و الاطلاع على السبل وقراءة كل تلك التجارب بدقة مع تدقيق النتائج التي حققتها في مجال الأصلاح القانوني ، وبالتالي محاولة الأستفادة من تلك التجارب بالسبل الممكنة التي يمكن للجهات المكلفة بعملية الأصلاح ان تسلكها وبما يحقق الفائدة للعراق .
* ماهو دور منظمات المجتمع المدني في الاصلاح القانوني ؟
دور منظمات المجتمع المدني دور اساسي ومساهم فعال في قضية الاصلاح ، من خلال عملية التثقيف والتفاعل مع المتغيرات بعد التغيير من خلال عملية التنوير القانوني واشاعة الثقافة الشعبية ، والقضاء على الخوف والخرافة والوهم ، ومن خلال مساندتها لمشروع الأصلاح القانوني وشراكتها في عملية الأصلاح .

* هل هناك ستراتيجية للتشريع في العراق لمواجهة متطلبات التغيير ؟
لدينا قاعدة عريضة اسمها الدستور ينبغي ان نبني عليها ستراتيجية القوانين ، من خلال خطط وبرامج متوازنة مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية ونهوض بالوعي القانوني واشاعة الثقافة الشعبية لحقوق الأنسان وتطبيق عملي وفعلي لرعاية الدولة للمؤسسات الثقافية والفنية بما يتناسب مع تاريخ العراق الحضاري والثقافي ، واحترام مفهوم حرية الانسان والغاء فرض القرارات والرغبات الذاتية واجبار الناس قسرا على الالتزام بها ، ومنح الطاقات العراقية علميا وثقافيا وفنيا وكافة الانشطة الانسانية ، وكفالة الدولة للرعاية الصحية والاجتماعية ، وتوفير فرص العمل واحترام حق المجتمع في الاختيار، وضمان حقوق المراة ورعاية المعوقين، وضمان البيئة السليمة وحق التعليم في ظروف تضمن كرامة الانسان بما تتناسب مع ظروف العراق وثرواته وتشجيع البحث العلمي ورعاية النشاط الرياضي ، فضلا عن الالتزام بالحقوق المدنية والسياسية والحرص على تعزيز دور منظمات المجتمع المدني ودعمها بما يتناسب مع فعالياتها ودورها الخلاق في بناء المجتمع المدني ، وعدم تقييد الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور او تحديدها بناءا على الاجتهادات الشخصية واجبار المواطنين بالالتزم وفق ما يرتأيه المسؤول مهما كانت رغباته ومادامت تمس جوهر الحق والحرية .

وتابع عبود العراق اليوم بحاجة لبناء منظومة قانونية تؤكد على دولة المواطنة وحق الجميع في وطنهم ( بغض النظر عن دينه او مذهبه او قوميته او عقيدته او اصله او لونه او جنسه او وضعه الاجتماعي او الاقتصادي ) ، عندها نستطيع ان نؤكد بوجود ستراتيجية تشريعية لبناء العراق الجديد ومواجهة متطلبات التغيير في المستقبل من اجل الأجيال القادمة التي لم تعيش الخراب الذي حل في نفوسنا ، وحتى يمكن ان نرسخ في اذهانهم رؤية جديدة من منظومة القيم والمثل العليا المنسجمة مع حقوق الانسان وحريته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي حلول أمام إيمانويل ماكرون في حال هزيمة حزبه أمام التجمع ا


.. الخارجية الأمريكية: واثقون تماما من موافقة إسرائيل على مقترح




.. حرائق ضخمة تنتشر بمناطق من الشمال الإسرائيلي.. ووزراء يطالبو


.. شهداء وجرحى في قصف على باب مركز إيواء شمال دير البلح




.. الاحتلال يسيطر بشكل كامل على محور فيلادلفيا