الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تبديل الخيل الآن

نعيم الأشهب

2013 / 6 / 27
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لماذا " تبديل الخيل" الآن؟
نقل السلطة من أمير قطر لإبنه لا يمكن أن يعزى لأزمة إقتصادية ، ولا لضغط من الرأي العام القطري ، فهذه الدولية المفتعلة ، التي لا يتجاوز عدد سكانها الأصليين الربع مليون ، لا يوجد فيها لا برلمان ولا أحزاب ولا صحافة حرة . أما أن أميرها ابن الستينات من العمر زاهد في السلطة ، كما راحت تمهد للتغييربعض وسائل الإعلام في الأسابيع الأخيرة ، فهو تبرير يثير السخرية ، فهذا الأمير بلغ به شبق الشهوة للسلطة حد الإنقلاب على والده في العام 1995. باختصار ، من العبث التفتيش عن أسباب داخلية لهذا التغيير ؛ فهذا التغيير جاء ، على ما يبدو بإشارة من وراء المحيط . وقد بادرت واشنطن الى الترحيب بهذا التغيير فور إعلانه!

أما واشنطن ، من جانبها، فتعاني ، اليوم ، من نكسات متنوعة لسياستها في الشرق الأوسط . فجهودها لتغيير النظام في سورية ، وفق أجندتها للمنطقة ، عانت مؤخرا من هزائم نوعية سواء على أرض المعركة أو في المجالين السياسي والدبلوماسي . وهي تعجز عن توحيد فصائل المعارضة السورية التي تراهن عليها ، سواءا في الميدان السياسي أو العسكري، وفي الوقت ذاته تتفاقم الخلافات بين الدول الموالية لها في المنطقة . فعدا الخلافات بين حليفتيها ، تركيا وإسرائيل ، مما اضطرها لبذل جهود مضنية في الآونة الأخيرة لتخفيف حدتها ، هناك الخلافات التي خرجت الى العلن بين مجموعة الدول العربية الموالية لها . هناك ، من الجانب الواحد المحور الذي تتزعمه السعودية ودولة الإمارات ويتبنى السلفية الوهابية ، يقابله محور بزعامة قطر ومصر ومدعوم من تركيا ، ويتبنى حركة الإخوان المسلمين. وبينما يلتقي المحوران في التآمر على سورية ، يتصاعان الى حد سجن واعتقال عناصر بعضهما البعض.

وإذا كانت واشنطن قد عملت طويلا لتفجير صراع طائفي يشمل المنطقة بكاملها ، لمواجهة التحالف الإيراني - السوري - حزب الله ومحاولة احتوائه ، وفي الوقت ذاته استنزاف طاقات وقدرات شعوب المنطقة ليسهل ترويضها وإخضاعها ؛ فإنها اليوم ترى أهمية خاصة للإستعجال في هذا التفجير ، باعتباره الوسيلة الأنجع لتصفية مشاكلها المستجدة مع أتباعها في المنطقة.

بمعنى آخر، في سبيل تفجير الصراع المذهبي ، السني - الشيعي على مداه ، لا بد من عقد لواء قيادة المعسكر السني لإحدى الدول السنية الأساسية في المنطقة . تركيا السنية ليست مؤهلة لهذا الدور ، فعدا ماضيها الأسود في العالم العربي ، فحكومة اردوغان تعيش أياما صعبة بعد الهزة الشعبية العنيفة لمكانتها ، أما مصر د. مرسي فهي تقف فوق رمال متحركة وغير مضمونة البقاء. وبالتالي ، لا يبقى إلاّ السعودية مع مكانتها الدينية ، في معسكر السنة ، لقيادة المواجهة المفترضة مع معسكر الشيعة بقيادة ايران . ولإنتظام مكوّنات المعسكر السني ، كان لا بد من تصفية الخلاف بين السعودية وقطر؛ ومعروف أن الأخيرة لعبت بأموالها الغزيرة دورا نشطا في تشكيل المحور الآخر. وفي سبيل تصفية هذا الخلاف جاءت ضرورة تنحية أمير قطر المذكور ، وكذلك رئيس وزرائه ووزير خارجيته، الذي كان يصول ويجول في المؤتمرات ولقاءات القمة ، مشهرا سلاحه البتار- حافظة نقوده- لفرض إرادته ، والذي يشاع بأنه سيبعد ، بدوره ، عن العمل السياسي .

في هذا السياق ، يمكن القول بأن التفجيرات المتوالية في العراق التي تستهدف الجوامع وأماكن تجمهر الشيعة في الأساس ، والمواجهات العنيفة في طرابلس وصيدا اللبنانيتن ، وحتى عملية اغتيال الداعية الشيعي حسن شحادة وبعض مؤيديه في مصر.. وغيرها ، مصحوبة ومدعومة بفتاوى القرضاوي وعصابته التي تحرّض على مقاتلة الشيعة باعتبارهم كفارا ! وكذلك تصريحات كيري، وزير الخارجية الأميركية في الدوحة مؤخرا بأن الصراع في سورية ينذر باقتتال سني شيعي في المنطقة .. كلها تأتي في سياق التمهيد وخلق الأجواء المطلوبة لتفجير الصراع المذهبي على نطاق المنطقة . أما حكام اسرائيل الأكثر تحرقا ومصلحة في تفجير مثل هذا الصراع المذهبي في المنطقة، فقد جاء في أحد توصيات البيان الصادر عن مؤتمر هرتسيليا الثالث عشر والذي انعقد في 2013/3/11 ، حرفيا :"ضرورة تكريس الصراع السني - الشيعي من خلال السعي الى تشكيل محور سني من دول المنطقة أساسه دول الخليج ومصر وتركيا والأردن ليكون حليفا لإسرائيل والولايات المتحدة ضد محور الشر الذي تقوده ايران ويضم سورية وحزب الله ، محور الشيعة".

من جانب آخر ، هناك مؤشرات بأن " تبديل الخيل " قد يشمل رؤوسا أخرى وضعت مصيرها ، شأن أمير قطر، بأيدي واشنطن . فالمفاوضات التي راحت تجريها واشنطن مع طالبان في الدوحة وأثارت مخاوف كرزاي ، قد تنتهي بصفقة تطوّح به ، لصالح تسهيل خروج الولايات المتحدة من وحل حربها في أفغانستان التي كلفتها الكثير الكثير دون طائل ، مع الطموح في استيعاب طالبان وأفغانستان في المواجهة المذهبية ضد الشيعة.

أكثر من ذلك ، قد لا يستبعد أن يطال هذا "التبديل للخيل " مرسي وجماعته في مصر! لقد أقامت واشنطن علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين منذ عشرين عاما ، كما اعترفت بذلك ، مؤخرا، سفيرة الولايات المتحدة السابقة في القاهرة ، ودعمت وراهنت على وصول هذه الحركة للسلطة خلفا لمبارك . لكن هذه الحركة التي سرقت ثمار حراك الملايين لم تعرف الإستقرار منذئذ، والتحدي لسلطتها يتعاظم بلا انقطاع . وما دامت الجماهير في الشارع ، والمواجهات والتحديات لسلطة مرسي تتكرروتصاعد ، وآخرها المواجهة المتوقعة في آخر حزيران الجاري ، فهذا يقلق واشنطن ويخيفها من حدوث تحوّلات راديكالية تخرج عن السيطرة . وهناك بعض المؤشرات بأن واشنطن لم تحسم أمرها نهائيا باعتماد نظام الإخوان في مصر؛ منها أن البنك الدولي الذي تسيطر عليه واشنطن لم يستجب حتى الآن لمطلب سلطة مرسي بقرض كبير هي في أمس الحاجة اليه ، وإعلانها في حالة سابقة أنها لا تصنف نظام مرسي لا عدوا ولا صديقا ؛ وأخيرا تهديدات وزير الدفاع المصري غير العادية باحتمال تدخل الجيش . ومعلوم أن قيادة الجيش المصري هي أكثر الدوائر المصرية محط ثقة لدى واشنطن.

وإذا كانت هذه التطورات تنذر بوقوع أحداث درامية ، ربما في الأسابيع القليلة القادمة ، لكنها لن تكون لصالح المتآمرين على الشعوب العربية، كما يتوهمون . ففي سورية فشلت كل المحاولات لتحويل الصراع فيها الى صراع طائفي ؛ وبالأمس تمكن الشعب اللبناني وقواه الخيرة في إحباط مؤامرة الشيخ أحمد الأسير لإشعال فتنة طائفية ؛ وحتى دول عربية كالكويت أعلنت أنها تنأى بنفسها عن تسليح المعارضة السورية ؛ وقبل كل ذلك ، فالشعوب العربية التي اكتسبت خبرات ووعيا سياسيا ، غير مسبوقين، على الأخص خلال السنتين الأخيرتين ، كفيلة بصد وإفشال هذه المخططات الإجرامية .

نعيم الاشهب - القدس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هكذا تحليل وهكذا محلل
زيد ابو خضرا ( 2013 / 6 / 26 - 20:15 )
يرثى لهكذا تحليل وهكذا محلل

اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا