الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المغربية

حميد المصباحي

2013 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لكل مجتمع بما هو تاريخ -ذاكرته,المشكلة من الخبرات المراكمة في
المعارف,و الحياة المشتركة,بل حتى كيفيات اجتماعه و انصهار أفراده فيما
بينهم,و صيغ عقوباته على الرافضين لقيمع أو المتمردين عليها,و الأمر نفسه
سنطبق على الدولة,بما هي جهاز للفعل و الفكر في الوقت نفسه,فكل الدول
تعهد لمدبرين لاستراتيجيات الحكم,و تفاضل بينهم وفق درجة فعالية
مقترحاتهم و مدى إدراكهم لضرورات استمرارية الدولة و حفاظها على هيمنتها
أو ضمانها في اللحظات الحرجة,سياسيا و تاريخيا.
فللمغرب كما كل الدول استراتيجية للبناء و الحكم,فما هي أسسها,و ما
التعديلات التي تطالها؟؟
1دولة المخزن
هي صيغة في الحكم مختلفة عن كل الدول التي عرفها المشرق العربي,و ربما
الكثير من دول العالم الثالث إن لم تكن كلها,و المخزن ليست صفة قدحية,بل
هي تكثيف لأبعاد المال في الممارسة السياسية التي عرفتها الدولة في
المغرب,فالإمتناع عن دفع الضرائب,يعتبر حدا فاصلا بين قبائل المخزن
التابعة للدولة,و أرض السيبة,التي لا تعترف بأية سلطة مادامت لم تفتح
خزائنها لرجالات المخزن و قيادهم,و كأن سيادة السلطة لا تتحقق إلا بمدى
غنى رجالات دولة المخزن,فالمال هو مقياس كل الولاءات التي يسمح المخزن
بقيامها,فهو يعامل أعيان المناطق,كرجالات مفترضين له,لأن صيغة المخزن
قائمة أساسا على تحصين و تحصيل المال,أساس كل نفوذ,كما أنه مهدد له,عندما
ينخرط أصحابه في الممارسة السياسية,فهم لا يكتسبون شرعية ممارستها إلا
بقبول المخزن لهم,و جعلهم ممارسين لسيادته على قبائلهم أو الجماعات التي
ينتمون لها,فهم أعيان بمالهم قبل تاريخهم,و سلطة المال يمكنها في الكثير
من الأحيان خلق تاريخ لأصحابها,ينتقل بالقوة من حكايات شفاهية إلى كتابات
تحوز شرعيتها بشهادات تاريخ المخزن و رجالاته.
2دولة التدين
الدولة في المغرب عملت منذ نشأتها على اعتبار نفسها حامية لقيم المؤمنين
كمسلمين في حاجة لإمارة,ترد عليهم طمع الطامعين و المهددين لوحدة المذهب
و حدود البلد,لذلك كانت تعتبر كل أعدائها أعداء للدين الإسلامي,بما يتيحه
ذلك من عقوبات في حق الرافضين و المتطاولين على قيم المجتمع و
الدولة,فكانت كل أشكال المعارضة تنطلق من فكرة زهدها في السلطة,لتدفع عن
نفسها تهمة الطمع في النفوذ و السلطة,و كانت الدولة المغربية تسارع
لتكفير الخارجين عنها باعتبارهم مارقين,يحرض عليهم دينيا,و تطلق فيهم
أيادي الغيورين على ملتهم و دينهم,و كانت تلك فرصة تنتظرها الزوايا و
رجالات القبائل,لتجنب صراعاتهم و التوحد ضد الكفرة,حتى لو كانوا من داخل
المجتمع,فالتعامل معهم يعرض التجمعات مهما كانت قوتها لحملات المخزن
العسكري و كل الطامعين في رضاه من ذوي النفوذ و الجاه,المالي أو الأسري.
3دولة الشرف
تداخل الإسلام مع ما هو عرقي منذ صراعات المسلمين حول الخلافة,فصار
الإنتماء لبيت النبوة,أجدر البيوت بحكم المسلمين,و كلما كانت الإنتماءات
قريبة من قريش كانت أولى بالحكم من غيرها,استحقاقا دينيا,و بيعة من مات
دونها مات موتة جاهلية,و قد ظهرت اجتهادات قديما حاولت تناسي بعد النسب و
استبداله بالشورى و البيعة,حتى لا يتهم الحارصون على أن يكون الأمير من
آل البيت بالتشيع,الإمامي أو الإثني عشري,عملت السلطة في المغرب على ربط
الإثنين معا,فهناك الشورى و إلى جانبها البيعة,و لا تناقض في
الأمر,فالسلطان شريف,و هو محاط ببيعة أهل الحل و العقد,كما أن التوافقات
السياسية قائمة على كونه رمزا لأعلى سلطة,دينية و عرقية و تمثيلية و
دستورية متفق حولها,فمهما بلغت تطورات بنى المجتمع المغربي الثقافية,سوف
يظل رابط قوي يشد المجتمع لدولته من كل مناحي الحياة الروحية و المالية و
العقدية و العرقية.
4دولة الدستور
هذا هو المتغير,لكنه المحكوم بكل ماسبق كأسس مدعمة لمبدأ على حساب
الآخر,دون أن تقيم أي تعارض بين الأسس السابقة الذكر,بل فقط تعيد
الترتيب,وفق الحاجات و التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي و العالم
المحيط به,فالدستور حاجة مدنية و سياسية,غايته وضع ثوابت للممارسة
السياسية التي تقبل عليها الدولة,و تحد بهذه السلطة من حركات الحكومات
المنتخبة,حتى لا تقرب أساسيات الحكم,و جوهر الدولة,لكن الدولة
المغربية,تقر بضرورة تغيير الكثير من العلاقات وفق حاجات التطور,و ليس
الرغبات و الميولات الشخصية أو حتى الجماعية للسلطة و المعارضة معا.
خلاصات
تدرك الدولة المغربية,صعوبات التطور الموازي مع المجتمع المغربي,لكنها
دائمة المحاولة للفعل فيه,بتجديد آليات النظر إليها,بحيث تكون رمزيات
وجودها بين الحب و الخوف,و هذا هو الجديد في في سلطة الدولة المغربية
حاليا.
حميد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة