الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسارات متقاطعة بين بناء الدولة والميليشيات

محمد حسن السلامي

2013 / 6 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



كان لحديث السيد واثق البطاط (امين عام حزب الله في العراق) الى وكالة المدى حسب ما نشر بتاريخ 15-06-2013 يحمل الكثير من الحقائق التي تتعلق بتعقيدات الواقع السياسي وافرازات ما يعتقد من تطبيقات لمفاهيم بناء الدولة الحديثة في العراق ، فمن الحقائق ما نشاهده من الانحدارات الامنية والسياسية وبالتالي الاقتصادية وما يفرزه ذلك على مجمل حياة العائلة العراقية ،كذلك وهذا مهم جدا صعود الوهم لدى الكثير من الذين يتولون قيادة البلد أن معايير بناء الدولة الحديثة للنظام السياسي العراقي بعد نهاية نظام الديكتاتورية سنة 2003 ماضية في طريق الرسوخ ؛ ففي تصوراتهم ان المؤسسات الدستورية تعمل بجوهر مباديء الديمقراطية ، لكننا نعتقد جازمين ان الدستور نصوص وروح يجب احترام تطبيقها ، وان المواطن ينتخب لكي يكون هو محور منظومة الدولة في جوانب عديدة منها ، احترام مبدأ فصل السلطات ، احترام وترسيخ مفاهيم حقوق الانسان العراقي ، سيادة القانون على الجميع وبالتساوي ، ان الثروة الوطنية للشعب وتوزيعها بعدالة بين الافراد والطبقات .... الخ . ففي اطار المقارنة بما طرحه السيد البطاط هل هنالك تناسق في مسيرة بناء الدولة حسب مباديء ومعايير الديمقراطية ؟؟؟
ماهي الاستنتاجات من حديث السيد البطاط؟؟
1- الاعتراف بمسؤولية حزب الله في العراق عن القصف الذي وقع على معسكر ليبرتي لبقايا مجموعة مجاهدي خلق في 15من هذا الشهر.
2- ان حزب الله في العراق لديه مجموعات عسكرية منظمة تمتلك الاسلحة خارج القوات المسلحة النظامية .
3- انهم قادرون على تخطيط الهجومات وتنفيذها حسب ارادة الحزب المذكور
4- ان الاسلحة التي يمتلكها الحزب المذكور ليست خفيفة فقط بل الاعتراف بامتلاك المتوسطة ايضا .
5- ان طبيعة ومنهج الحزب عسكري وليس سياسي .
6- ان الحزب يحدد عدو الحكومة وحلفائها فيخطط نيابة عنها اواصالة عن كيانه ردا عسكريا وكيفية تنفيذه وما هية الاسلحة التي يمكن استخدامها .
فما هي المباديء ومعايير الدستور مقارنة بذلك كله ؟
لا بد من التأكيد على ان الاستنتاج الاساسي الذي هدف الدستور الدائم اليه هو تكوين مجتمع مستقر تسوده الحياة المدنية في جميع مفاصله - الحكومة - الاعلام - المجتمع المدني - المجتمع السياسي - السلطة التشريعية - السلطة القضائية .....كما تحكم العلاقة بين جميع هذه المؤسسات مباديء دولة متحضرة ، مع جميع الملاحظات في وجود ثغرات كان يمكن معالجتها عنر انفاء التفسيرات بحسب المصلحة .
في نفس الوقت فإن الدستور قد وضع العديد من النصوص لتكون مباديء تقي العراق تكرار مآسي الحكومات السابقة التي ابتلعت المجتمع لصالح النهج العسكري بأكمله وإنهاء توظيف المؤسسة العسكرية في الشؤون السياسية للدولة التي كانت من نتائجها الحروب الكارثية فالمباديء حول العلاقة بين العقيدة العسكرية والعقيدة المدنية في الدولة العراقية الجديدة تتبين في المباديء التالية :-
-;- أن يكون الجيش تحت قيادة مدنية (المادة 9 اولا فقرة أ)
-;- عدم تدخل الجيش في الشؤون السياسية (المادة 9 اولا فقرة أ )
-;- ان يكون تداول السلطة سلميا عبر الوسائل الديمقراطية (المادة 6)
-;- يرعى العراق مبدأ حسن الجوار .... ويسعى لحل النزاعات بالطرق السلمية (مادة 8)
-;- يحضر تكوين مليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة (مادة 9اولا فقرة ب)
-;- يكون جهازالمخابرات الوطني تحت السيطرة المدنية ...وبموجب مباديء حقوق الانسان المعترف بها (مادة 9اولا فقرة د ) .
-;- ان يكون قرار اعلان الحرب وحالة الطواريء بموافقة ثلثي اعضاء البرلمان - ويعني ان الحكومة لا تعلن الحرب -(المادة 61 تاسعا أ)
-;- منع ترشيح افراد القوات المسلحة لاشغال مراكز سياسية او القيام بحملات انتخابية لصالح مرشحين ....(المادة9اولا ج)
عند التمعن في قراءة النصوص او المباديء التي اوردنا اهمها اعلاه وغيرها لا بد ان نستنتج الاصرار والتأكيد الهادف الى ابعاد المؤسسة العسكرية ومنع تكوين اي مجموعة مسلحة وبالتالي لا يكون اي تأثير للسلاح على الفكر السياسي الذي تضمنه الدستور او الضغط باية صورة على القرارات والشؤون السياسية ومن اي منفذ او وجه كان من قبل العسكر .
فإذا كان منطق الدستور الذي يوجب على كافة مؤسسات الدولة ان تتخذ مسألة تنفيذ روحه ومقاصده العليا التي صيغت في نصوصه امرا طبيعيا وملزما ، خاصة في هذا الموضوع - وجود مليشيات مسلحة - الذي يهدد اضافة الى استقرار المجتمع المدني والاهلي والسياسي وحتى يهدد نفس المؤسسة العسكرية (وزارة الدفاع اوالداخلية او التشكيلات الرسمية الاخرى )ويجعلها في مواجهة مع مجموعات مسلحة ، لكن لسبب من الاسباب غضت عن تشكيلها وتسلحها وتناميها النظر، وفي حالتنا هذه يتم الاعلان ليس عن وجود ميليشيا بل عن امتلاك اسلحة متوسطة وتنفيذ هجمات حسب تقييمها للعدو والصديق وعلى ما يبدو تناسقا مع وجهة نظر الحكومة السياسية !!.
وضع مجاهدي خلق القانوني
لا بد ان موضوع وجود مجموعة مجاهدي خلق في العراق يثير من الجانب القانوني الدولي او الوطني الجدل الكثير من زوايا مثل :-
أ - هل انهم لاجئون سياسيون فتنطبق عليهم مفاهيم وقواعد حماية اللاجيء السياسي ؟ علما ان الدستور قد اعترف بمفهوم حق اللجوء السياسي في النص التالي (ينظم حق اللجوء السياسي الى العراق بقانون ).
ب - هل ان وجودهم الان كأفراد في العراق ينتمون الى تنظيم موحد ام جزء من تنظيم خارجي يتواجد في العراق ، علما ان قواعد اللجوء السياسي تنطبق على حماية الافراد من خطر التعرض الى الاضطهاد السياسي .
ج - كان وجودهم كمجموعة عسكرية والان مدنية - حيث اعلنت عن تخليها عن استعمال السلاح سنة 2001- حيث لا يملكون او يستخدموا السلاح بعد 2003 فهل تبقى الصفة كونهم مجموعة عسكرية تواصل تدريبها ؟؟ وبالتالي تنتفي صفة اللاجيء عنها وتكون ميليشيا عسكرية مرتزقة تستخدم في اهداف خاصة كما حدث عند مشاركتها وزجها ضد انتفاضة آذار - شعبان 1991حسب ما تسرب من انباء حينها .
د - هل تنطبق لصالحهم اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949ويكونوا محميين بموجبها ..؟؟
الى غير ذلك من الاسئلة التي مازال النقاش يدور حولها لتحديد الوضع القانوني لجماعة مجاهدي خلق في العراق !! واذا كان هذا الجدال القانوني ومدى انطباق القانون الدولي او الوطني عليهم وحدود الحماية لهم ، وما هي واجبات الدولة العراقية ازائهم ومسؤلياتهم هم بالذات متواصلا ... لا يمكن التغاضي عن مسائل اساسية ارتباطا بما وقع لهم في فترات مختلفة يمكن اجمالها بثلاث وقائع محددة اولاها الهجوم العسكري عند نقلهم من معسكر اشرف في ديالى الى معسكر ليبرتي في بغداد 2009 والهجومين الصاروخيين التي شنهما حزب الله في العراق على معسكر ليبرتي في شباط وحزيران من هذا العام وقد ادى الى خسائر بشرية هامة كذلك الى مواقف دولية مستنكرة لطريقة التعامل غير الانساني :-
1- عند اعلان حزب الله في 26 شباط من هذا العام قصف نفس المخيم الذي يقطنه 3100 شخص سقط حينها في 9شباط بحدود 106 من سكنة المخيم ما بين قتيل وجريح مما جعل الامين العام للامم المتحدة يدين الهجوم لانه ينتهك حق الحياة لاناس لا يحملون السلاح وهذا ما حدث خلال هذا الشهرايضا.
2- مسؤولية مؤسسات الدولة في تحديد الوضع القانوني والانساني بموجب مباديء ومواثيق حقوق الانسان الدولية والدستور العراقي حيث اعلنت اللجنة الخاصة بالاحتجاز التعسفي في الامم المتحدة أن معسكر ليبرتي (مرادفا للمعتقل ومناقضة للاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية).
3- اننا نعتقد ان الحق في المعاملة الانسانية حتى في فترة النزاعات العسكرية فضلا عن ايام السلم ولاشخاص لا يحملون السلاح واجب قانوني وطني ودولي على مؤسسات الدولة والافراد او غيرهم احترامه بالتطبيق العملي بالحفاظ على حياة المدنيين بما في ذلك الاجانب على ارضها ، وبالتالي كيف بقوة خارج الدولة ان تقوم بعمل عسكري حيث تقصف مخيم تشرف عليه الحكومة ذاتها بالصواريخ ؟؟؟.
من كل ذلك نستنتج ان تصريحات السيد واثق البطاط أمين عام حزب الله في العراق عن قصف مخيم ليبرتي يحمل الاخطار الكبيرة على منظومة قيم بناء الدولة المدنية التي تنحو للاستقرار بتكوين مليشيات وتحديد الاعداء وتنفيذ اعمال عسكرية حسب سياسة الحزب خارج مؤسسات الدولة . وخرق لمباديء الدستور في عديد من مواده ومواثيق حقوق الانسان بهذا العمل العسكري مثل المادة 14 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( حق التماس ملجأ في بلدان اخرى والتمثع به خلاصا من الاضطهاد) .
فهل تجربة لبنان بوجود ميليشيات ساهم في ترصين مؤسسات الدولة وعمق اسس الديقراطية ووسع ممارسة الحريات واحترام حقوق الانسان ؟؟؟ ام العكس؟؟؟
محمد حسن السلامي
حقوقي - وناشط في مجال حقوق الانسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق إحراق مستوطنين منزل فلسطيني في نابلس


.. ساعة حوار | هل أصبح نتنياهو عبئاً على إدارة بايدن.. وهل يقطع




.. أعمدة الدخان تتصاعد إثر قصف إسرائيلي في جباليا شمال قطاع غزة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي: قرار تجميد الأسلحة لا يعني أنن




.. تقارير استخباراتية أميركية: واشنطن تشارك في البحث عن السنوار