الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصخصة المليار المسروق

بدر الدين شنن

2005 / 5 / 3
الادارة و الاقتصاد


محمد مصطفى ميرو رئيس الوزراء السوري السابق وعضو القيادة القطرية ورئيس مكتب العمال القطري لحزب البعث الحاكم يخسر ألف مليون ليرة سورية في عملية إفلاس مجموعة هيثم الديري وأخوته بحلب ، بعد أن أودع مسؤولون وتجار سوريون حوالي ( 12 مليار ) ليرة سوري لدى المجموعة ، ونتيجة لذلك بات 2000 عامل يعملون في شركات المجموعة دون عمل . أعلنت ذلك غرفة تجارة حلب ( حسب موقع إيلاف الإلكتروني ) في نفس اليوم الأول من أيار ، حيث كان السيد ميرو يلقي خطاباً بمناسبة عيد العمال بدمشق ، داعياً فيه إلى تحسين الوضع المعيشي ، وتوفير فرص العمل ، والتوسع في تقدم الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية والتعليمية ، وإلى معالجة السلبيات التي يعاني منها " اقتصادنا الوطني " . ولم تشر حتى الآن أية جهة ذات اطلاع ، إن كان هذا المبلغ هو كامل ثروة السيد ميرو ، أم أنه يملك مبالغ أخرى قيد الاستثمار أو الإيداع في الداخل أو الخارج

على اية حال ، فإن " ماضي " الرجل الوظيفي والمواقع التي شغلها ، تنبئ ، حسب التقاليد العريقة لأمراء الحكم في سوريا ، منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، أنه مازال مليئاً وأهلاً للثقة في التعاملات الإقتصادية ، فهو قد شغل منصب محافظ لمدينة الحسكة 1983 - 1986 ومحافظاً لمدينة حلب من 1993 إلى 2000 ورئيساً للوزراء من عام 2000 إلى عام 2003وإذا كان في هذا السياق ، أن المدد التي تولى فيها السيد ميرو وظائفه المذكورة كانت قصيرة ، فإن ذلك " يحسب " له ، ويدل على خبرته المميزة في الإثراء السريع الذي يتناسب طرداً مع مرحلة " الحداثة والمعلوماتية " السائدة في سورية الآن ، كما " يحسب " له ، أنه وظف بعضاً مما ا ستحوز عليه من مال في الداخل ولم يهربه ، مثل غيره ، إلى الخارج . إلاّ أنه كما يبدو ، قد نسي أن الشر يأكل بعضه كما يقول المثل الشعبي ، وأنه لم يتمعن جيداً بالتطورات المتواترة ، التي تجري حول سوريا ، تلك التي راحت مفاعيلها ، خاصة بعد احتلال العراق ، تغير في موازين القوى الداخلية ، وتبدل في المواقع والرؤى السياسية والاقتصادية ، وتعيد صياغة الخيارات والقناعات . وليس باليد تفسير لعملية الإفلاس لمجموعة اقتصادية قوية مثل مجموعة الديري ، التي تتداول عشرات المليارات من الليرات السورية في تعاملاتها ، غير أنها عملية نصب مدبرة .. افتتحت دائرتها بالخديعة لجذب رؤوس الأموال وأغلقت بالإفلاس لابتلاع هذه الأموال .. وكان السيد ميرو في عداد المخدوعين .. أو المتواطئين في هذه العملية ، التي سوف تكشفها الأيام ، والتي ستتلوها عمليات تخريب إقصادي أخرى ، ليس بالضرورة أن تكون بنفس السيناريو الديري

وليس من نافل القول ، أن يذكر في هذا السياق ، أن ال " ألف مليون ليرة " التي تعود تسجيلاً للسيد ميرو ، وتعود دون أدنى شك للشعب ، تكفي معيشة عشرة آلاف عائلة عمالية لمدة عام كامل ، وهي برهان على أن العجز والفقر الذي ترزح تحته سوريا إنما هو ناتج عن ا ستحواز السيد ميرو ورفاقه وشركائه على الثروة الوطنية ، وهؤلاء يشكلون ، لهذا السبب بالذات ، الحاجز الصلب أمام أي إصلاح أو تغيير ديمقراطي خوفاً على مصالحهم وامتيازاتهم ، ويشكلون مصدر الضعف في مواجهة الطامعين بأرضنا وثرواتنا ، ومثل هؤلاء الذين يقمعون الشعب ويسرقون جهد ولقمة وحبة دواء المواطن ليجمعوا الثروات الطائلة لايمكن أن يضحوا في خدمة ولحماية الشعب

إن من الأهمية بمكان ، ليس التركيز على محاسبة السيد ميرو فحسب . وإنما التركيز على أن الإقتصاد السوري ، نتيجة الأوضاع السياسية السورية المشحونة بالإحتمالات الخطيرة بات يشكل مجالاً أساسياً من مجالات الصراع على سوريا وللصراع على السلطة في سوريا ، وبالتالي فإن هذا يتطلب عدم الوثوق بأن التغيير قد يتم بمساهمة قطاع من السلطة ، أو أن الدفاع عن البلد سيتم بمشاركة أقران السيد ميرو

لقد آن الأوان .. كي تفهم مسألة أن الطبقة السياسية - الإقتصادية ، التي تكونت عبر السطة الديكتاتورية أو بمصاهرتها هي أقرب للخارج المتحفز للهيمنة على البلاد احتلالاً أو تآمراً من قربها من الشعب .. وهي عدوة التغيير الديمقراطي .. عدوة الشعب . لأنها تدرك أنها المستهدفة بهذا التغيير وسيحاسبها الشعب

أمام هذه الواقعة المأساة .. الكارثة .. من حق المواطن أن يطرح السؤال : إذا كان السيد ميرو خلال وجوده محافظاً بضع سنوات ورئيس وزراء ثلاث سنوات قد جمع أموالاً ساهم بألف مليون منها في أحد المشاريع ، فكم جمع من هو مثله أو أعلى منه مسؤولية في السلطة خلال عشرات السنين ؟
وفي الإجابة على هذا السؤال يعرف سر الاستبداد .. ويعرف لماذا التمنع عن التغيير الديمقراطي..ويعرف الطريق الصحيح لهذا الفعل الثوري الكبير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشيل فلوسك في الذهب أم البنك .. بث مباشر تفاعلي حول أفضل طر


.. انتخابات الرئاسة التونسية... منافسة حقيقية أم إجراء شكلي؟ |




.. جولة داخل القاعة الذهبية للزعيم الراحل أنور السادات.. صوره و


.. الذهب العالمى يغلق تداولات الأسبوع على تراجع بسبب بيانات أمي




.. كيف ستتفاعل أسعار النفط مع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟