الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الصحراء: أول نجاح للمغرب لدى البرلمان الأوروبي

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2013 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إنه أول اختراق دبلوماسي مغربي في البرلمان الأوروبي بخصوص قضية الوحدة الترابية ( ملف الصحراء) ، وقد اعتبرها الكثيرون سابقة في تاريخ الدبلوماسية المغربية الذي يعنى بقضية مصيرية يعتبرها أغلب المغاربة قضيتهم الأولى. رغم أن النازلة قد تبدو للكثيرين عادية جدا إلا أنها، بحكم الممارسة السابقة، تعتبر انجازا مهما من شأنه أن يكون مفتاح نهج جديد في التعاطي الدبلوماسي مع القضية.
زارت مجموعة البرلمانيين الأوروبيين، التي ترأسها الفرنسي "جيل بارنيو" رئيس مجموعة الصداقة المغربية الأوروبية بالبرلمان الأوروبي، الأقاليم الجنوبية دون أن يلتقوا بالسجناء الموالين لانفصاليي جبهة البوليساريو بالعيون، وهذا ما خلف صرير الأسنان بين أصدقاء أمينتو حيدر والبوليساريو.
توجه وفد من أعضاء المجموعة أعضاء البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي إلى الصحراء. لمرة واحدة، ونحن راضون السلطات المغربية مع هذه الرحلة. ولأن سمحت البرلمانيين الوقت للجمعيات الاتحاديين وممثلي الرباط. اجتمعا أيضا مع الجمعيات الحزبية البوليساريو. وقد اهتمت مجموعة البرلمانيين الاشتراكيين بالجمعيات الوحدوية . لقد تمت الزيارة كما تمنتها السلطات المغربية. فهل هذا مؤشر لنجاح اللوبي المغربي في البرلمان الأوروبي؟
ففي يوم 3 فبراير الماضي، قام رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله ، بناء على تعليمات من الملك محمد السادس، تسليم رئيس مجموعة الصداقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بالبرلمان الأوروبي ، الفرنسي جيل بارنيو، وسام من درجة القائد. ومنذ ذلك الحين، ظل الرجل يتحرك للدفاع مصالح المغرب ومساندته. وكانت زيارة مجموعته للأقاليم أول إنجاز كبير لهذه الهيئة، التي أنشئت في يناير2013. وقبل توجهها إلى الصحراء، توقف في الرباط لعقد الاجتماعات، منها لقاء مع نائب وزير الشؤون الخارجية، يوسف العمراني، وكريم غلاب رئيس مجلس النواب ومحمد الشيخ بيد الله رئيس مجلس المستشارين.
وتبرز أهمية هذه الخطوة بفعل تراكم الإخفاءات المحسوبة على النهج الذي ظل سائدا خلال عقود بخصوص التعاطي مع ملف الوحدة الترابية، والذي وُصم بغير ذي فعالية مقارنة مع الطبيعة المصيرية للقضية في عيون أغلب المغاربة. يبدو أن اعتماد نهج مغاير قد بدأ يثمر.
بالرجوع إلى الأمس القريب يتأكد أن المعطيات التي تجري على الأرض بخصوص ملف الوحدة الترابية بدأت تؤكد بأن الدبلوماسية المغربية شرعة في جني ثمار النهج الجديد. فقد تحقق سحب مسودة القرار الأمريكي بشأن توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، الذي حوصر بالموقف الفرنسي، و أيضا بالموقف الإسباني والروسي، و هذا ما جعل قيادة جبهة البوليساريو تشن هجوما عنيفا على فرنسا وإسبانيا بسبب دعمهما للموقف المغربي، بل هذا بالضبط ما جعلها تخرج عن صوابها وتهدد عبر بعض قياداتها للرجوع إلى حمل السلاح.

والواقع أن هذا الانتصار ما كان ليتم دون استراتيجية اعتمدت لغة التفاوض السياسي بالاستناد على ورقة الأمن والاستقرار في المنطقة واتخاذ قرارات سيادية تخص إيقاف بعض المسارات الثنائية الاستراتيجية والأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ورفع منسوب التعبئة الوطنية بدمج جميع مكوناتها في دبلوماسية ضاغطة، والمزاوجة في التفاوض بين توسيع جبهة الرفض الدولي للموقف الأمريكي من جهة، والدخول في تفاوض مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية. وقد جنب هذا التحقيق

قضية الوحدة الترابية كارثة وطنية كان سيكون لها تداعيات خطيرة على أمن المنطقة واستقرارها، الشيء الذي أكد ضرورة إعادة ضبط بوصلة الدبلوماسية المغربية.

ولقد تبين بما فيه الكفاية أن لغة التفاوض السياسي ينبغي أن تستند إلى المصالح التي تفهمها بوضوح الأطراف الدولية لا إلى مفردات العلاقات التاريخية والأخوية التي أثبتت التطورات الأخيرة أنها غير مجدية، فالموقف الإسباني، وقبله الفرنسي، ما كان ليكون داعما للموقف المغربي لولا لغة المصالح المقنعة، والموقف الأمريكي نفسه، ما كان ليتراجع لولا اللغة الحازمة التي استعملها المغرب بشأن مستقبل أمن واستقرار المنطقة في ظل تعثر مسلسل التسوية. علما أن المحللين يجمعون على أنه آن الأوان للانتقال إلى السياسة الدبلوماسية الهجومية عبر التسريع في تنزيل الحكم الذاتي على الأقاليم الجنوبية، والضغط لتحميل الجزائر مسؤولية التحديات الأمنية التي تهدد استقرار المنطقة في حال إبطائها في تنفيذ توصيات التقرير الأممي بخصوص تحسين العلاقات بين البلدين وتعزيز التعاون الإقليمي والاندماج الاقتصادي في إطار الاتحاد المغاربي.

كما أن الدبلوماسية الموازية مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، للعب الدور المنوط بها. وفي هذا السياق توضح بجلاء أن تحقيق دبلوماسية موازية ناجعة يتطلب تأطير جيد للجمعيات والفاعلين بالمجتمع المدني وكذا تحسين أداء البرلمان ووسائل الإعلام الوطنية من أجل توحيد الصفوف وتكوين جبهة داخلية قادرة على الدفاع عن الوحدة الترابية انطلاقا من الأقاليم الجنوبية للمغرب.

فمن المعلوم تاريخيا، أن اليسار في أوروبا والديموقراطيون في الولايات المتحدة الامريكية ظلوا ينهكوا المغرب بخصوص وحدته الترابية ، إذ بقيت تشتد أعصاب القائمين على ملف الصحراء ويزداد توترهم وتتوجس قلوبهم بتولي هؤلاء سدة الحكم ببلدانهم، وذاك على غير عادة اليمين والجمهوريٍين. ففي حكمهم خمول للقائمين على ملف الصحراء وسبات عميق لا يفيقهم منه إلا تلقي ضربة على حين غرة من هنا أو هناك.
في عالم اليوم ، إن سياسةً يبني أسسها و يرسم ملامحها ويحدد آفاقها وجوه تتحرك في العلن وفي الخفاء وتجيد لعبة المصالح وتربط من العلاقات مثينها حتى تسير الأمور في ما هو مرغوب فيه، وهنا تتضح أهمية اللوبيات.
فاعتبارا للهفوات المتراكمة كان من الطبيعي أن يصل المغرب إلى مرحلة إحراج كبير، سيما بعد أن قدمت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، "سوزان رايس"، مذكرة تطالب بتوسيع صلاحيات الـ"مينورسو" لتشمل حقوق الإنسان، قبل أن تعمل العلاقات الشخصية، للقصر، على إطفاء نار كانت لتأكل الأخضر واليابس وتشكل منعرجا خطيرا في ملف الصحراء ، وكل ذلك بسبب أعطاب كبيرة في العقل الأمني والدبلوماسي المغربي. لذا فلم يعد لاحقا من الممكن خبر ما كسر بتدخل عامل استثنائي من هذا النوع أو ذاك، وإنما أمر قضية مصيرية يستوجب نهجا جديدا واستراتيحية محددة الأهدف ودقيقة المقاصد و كذلك لوبيات فاعلة ومؤثرة .
وتتجلى أهمية النهج والاستراتيجية المعتمدة أكثر إذا علمنا أن الحل الوحيد والأنجع أمام المغرب يكمن في العمل على ا قناع الرأي العام العالمي والمنتظم الدولي بمدى أهمية وسلامة و مشروعية مطلبه، وفي هذا الصدد ظلت بلادنا تحصد الإخفاقات التي تكشف ضعف القوة الإقناعية المغربية على الصعيد الخارجي. وفي هذا السياق تدخل ضرورة الضغط على الجزائر للحد من عدائها للمغرب، وهو أمر لن يتأتى بفعل الزمن بقدر ما يجب انتزاع القناعة الدولية و تحسيس الرأي العام العالمي بعدالة المطلب المغربي مما يزيد من عزلتها و يفرض عليها مراجعة مواقفها مراجعة جذرية. كما أن حل قضية الصحراء يظل مرتبطا كذلك بالحد من احتكار الدولة للملف و إدماج الإعلام بشكل أكثر فعالية و التركيز على البدء الفوري في تفعيل المرحلة الانتقالية نحو الجهوية الموسعة التي تشمل مجمل أبناء الصحراء و ساكنتها دون تمايز قبلي أو جهوي أو ترابي مع الاستماع إلى المطالب المحلية بعمق و بقدرة تحليلية بعيدة عن الحلول الترقيعية الظرفية مع تبني منظور تنموي قادر على خلق الثروات واحترام المشروعية الدولية و فتح الباب أمام المنظمات الحقوقية لكي تقوم بأنشطتها باستمرار مما سيفرض عليها ضرورة و إلزامية تحسيس الرأي العام العالمي والمنتظم الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ