الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديزني! الملعب الوحيد لأطفالنا 24 ساعة من أفلام الكرتون كيف تؤثر على أطفالنا؟؟؟

ليلى الصفدي

2005 / 5 / 3
حقوق الاطفال والشبيبة


لننظر إلى عيون أطفالنا وهم يشاهدون قنوات الأطفال الفضائية:
عيون مسمرة إلى الشاشة.. وعقول تهيم في الخيال... وتواصل معدوم!!!
وأصوات القنوات الفضائية المختصة ببرامج الأطفال أصبحت موسيقى مرافقة لحياتنا اليومية، وأصبحنا نعرف عن ليزي ماكواير أكثر من أخبار العراق وفلسطين، وعن ليلو وستتش وعلاء الدين وساندريلا أكثر من أهم حدث في العالم.
ربما بدافع حرصنا الشديد على أولادنا وجدنا أن أسلم طريقة لمراقبتهم كل الوقت وحمايتهم من أخطار الشارع والسيارات وتعويضهم عن الحرمان وقلة الحدائق والمرافق العامة، هي إعطائهم الحرية كاملة في البيت، وتوفير أكثر ما يمكن من وسائل التسلية كالألعاب والكومبيوتر وغيرها....ويتصدر هذه الوسائل بلا منازع التلفزيون، خصوصا بوجود قنوات الأطفال العربية والعالمية والتي لا ينقطع بثها على مدار الساعة 24/24 .
كنت وما زلت أميل إلى الحرية في كل شيء، وخصوصاً حرية الإعلام والصحافة وجميع الوسائل المرئية والمسموعة، وأنا مع الرأي القائل: "نعم للانفتاح، لا للمنع والرقابة!...."، إلا الرقابة الذاتية والتي يستطيع أن يمارسها كل فرد راشد، ولكن حين يتعلق الأمر بأطفالنا يبدو مختلفاً...
بدأت تثور لدي روح الاستبداد والمنع والرقابة، ليس بمعناها المتشدد والسلطوي وإنما من موقع المسؤولية الملقاة علينا تجاه أطفالنا.
أن أهم ما خسره أولادنا خلال ساعات المشاهدة الطويلة لبرامج الأطفال هو فقدانهم للتواصل مع الجماعة واختفاء الألعاب الجماعية تقريباً والتي كانت تمتاز بها طفولتنا. وبالرغم من الأهمية القصوى لدور الأهل في تحديد وتنظيم حياة الأولاد إلا أن هذا لا يمنع من وضع حدود خارجية إذا أمكن، فمجتمعنا يسير بخطوات سريعة في استهلاكه للمنتجات التقنية الحديثة وبالمقابل لا يواكب هذه القفزة الاستهلاكية قفزة موازية في الفكر والثقافة وأنماط التربية والسلوك وتطور المفاهيم والعادات، لذلك وجب بالإضافة لتعميق دور الأهل والتأكيد على أهميته وضع ضوابط وحدود خارجية تدعم دور الأهل وتؤكد عليه.
نحن كبشر نميل إلى الكسل في التعاطي مع الأمور، وضغوطات الحياة وعجلتها تمنعنا في أحيان كثيرة من معالجة كل مشكلة من جذورها، فدائما نميل إلى حلول مؤقتة وسريعة توفر علينا قليلا من الجهد والنقاش مع أولادنا، فنحن مثلا نتجاوز مشكلة إصرار أولادنا كل الوقت على مشاهدة قنوات الأطفال بشراء جهاز تلفزيون ثان، في حين كان يجب أن نفكر ونتساءل هل من الصحي أن يتسمر أولادنا أمام الشاشات لعدة ساعات دون القيام بأي مجهود عضلي ودون التواصل مع الأسرة ودون تنمية مواهب أخرى، واهم من ذلك كله دون التواصل مع أصدقائهم في أحضان الطبيعة وتنمية قدراتهم العقلية والحركية والصحية، كثيرون هنا سيقولون أن بعض البرامج تقدم الكثير من المعرفة لأولادنا وتنمي عندهم الخيال وتطور التفكير، هذا اعتراض مقبول ولكن بحدود، فكلنا يذكر برامج الأطفال التي كنا نشاهدها صغاراً ولم تكن تتجاوز الساعتين، وكانت تمدنا بكثير من الفائدة والخيال، وربما كان أهم ما فيها هو التشويق، فقد كنا ننتظر الحلقة القادمة من مسلسل محبب إلينا لساعات... ونفكر بالبطل أو البطلة ونعيش قصصهم ونتأثر بها، الآن لا مجال للخيال، فالبرامج المستمرة على مدار 24 ساعة ترهق الطفل وتشل تفكيره لأنه في هذه الساعات الطويلة يكون مجرد متلقي سلبي، ولكثرة البرامج يفقد كل منها خصوصيته وتشويقه، وفي أحسن الحالات تكون هذه الشخصيات محرك حديث سطحي بين الأولاد في اليوم التالي.
باختصار الصفة العامة لهذه البرامج أنها تقدم أشكال مشوهة غير طبيعية وخيالية أكثر من اللزوم، ومضمونها باعتقادي ضحل جدا، سطحي، وفي غالب الأحيان غير إنساني...، طبقي، عنصري، وعنيف. (طبعا يمكن استثناء بعض البرامج).
والاهم من هذا كله أنها تخلق نمطاً متماثلاً من الشخصيات بدون تفرد أو تمايز.
والملاحظة الجديرة بالانتباه أن اللهجة المصرية هي الطاغية على هذه البرامج (بالأخص قناة ديزني)، وكأن العرب كلهم مصريين، أو أن المصريين غير عرب، والفائدة اللغوية التي كنا نعول على أن يجنيها الطفل من برامج الأطفال باكتسابه اللغة العربية الفصحى بشكل عفوي تبدو في هذه الحالة معدومة وذات أثر سلبي.
في جولة سريعة لي على عدد من الأمهات تكررت نفس الشكاوى ونفس وجهات النظر، وملخصها ومؤداها أن تأثير هذه المحطات سلبياً جدا، وأن بثها على مدار 24 ساعة مضر جداً، ويؤثر سلبياً على حياة أطفالنا اليومية هذا إذا ما أغفلنا التأثيرات بعيدة المدى.
بعض الأمهات تطرفوا إلى حد أن يقولوا أن هذه المحطة (ديزني) بدها حرق....، أحداهن قالت: "ابنتي في الصف الخامس مولعة جدا بهذه المحطة إلى حد أن تقضي كل يوم أكثر من عشر ساعات، وانأ بالفعل غير قادرة على ضبط هذه المسألة وأعتقد أن الأغلبية مثلي".
وأخرى قالت: "إن أولادي يمتنعون عن الطعام إذا لم يكن في غرفة التلفزيون".
طبعا صادفت أيضاً رأياً مخالفاً، فقد قالت إحداهن: "أنا قادرة على ضبط هذه المسألة، وتبقى مشاهدة التلفزيون بالنسبة لي أفضل وأكثر أماناً من اللعب في الشارع".
أما أنا شخصياً فأضم صوتي إلى صوت غالبية الأمهات، واعترف أنني لم أنجح في ضبط هذه المسألة، وأن أطفالي، وحتى الصغيرة بنت الثلاث سنوات لم تعد ترغب في أي شيء أكثر من مشاهدة ديزني، وأنني أواجه صعوبة كبرى في تحديد وقت النوم، فالمحطة تبث 24 ساعة، وأطفالي لا ينامون قبل أن يناموا (أفلام الكرتون) كما يقولون.
طبعاً الأطفال لهم رأيهم أيضاً، ومن هذه الآراء: طفلة تقول: أنا أحب قناة ديزني لأنني أتسلى عندما أمل وأحب كثيرا علاء الدين لأنه يملك مصباحا سحريا ويحقق الأمنيات، وفي سؤالي لها عن أمنياتها قالت: "أحب أن احصل على كل ألعاب سبيس تون وعلى كل العاب فلة وان نملك بيتا في المدينة لأن قريتي غير جميلة ولا يوجد بها مسبح".
أما ابني (7 سنوات) الذي علم بهذا التقرير مبكراً فقد حاول البحث جاهداً عن قيم ايجابية ونصائح تبثها هذه المحطات كي يحاول إقناعي بالعدول عن هذا التقرير، قال لي: "إنهم يعلموننا عن الفعل المضارع، والماضي، والأمر، ويرشدوننا إلى قواعد النظافة، ومحبة الأهل.......".
دهاؤه الجميل كان واضحا ويظهر مدى تعلقه وتعلق كافة الأولاد بما تعرضه هذه القنوات.
وبسؤالنا لمختصة تربوية عن الآثار التي تنجم عن مراقبة هذه المحطات؟
قالت: "يستخدم العديد من الأهل برامج الكرتون كوسائل تسلية ممتعة لأطفالنا، وهي في أغلبها ليست إلا مصدراً للعنف، لأن ما يميزها التمحور حول الصراع والحرب والشر والتهديد وتغليب مفاهيم القوة على مفاهيم الضعف، بالنتيجة سيطرة السلوك العدائي على سلوك أطفالنا، وخاصة أطفالنا في عمر السنتين وما فوق ففي هذا الجيل يحاول الطفل التقليد ويتعلم قواعد السلوك ويميل إلى علاقات المحبة والمودة، فالجدير بنا كأهل تأكيد ودعم الصفات الخاصة بالحب.
أفلام الكرتون تهدر الطاقات الايجابية وتسيطر على عقول أطفالنا، وبما أنها تبث 24 ساعة متواصلة يصبح من الصعب السيطرة وتحديد الوقت للطفل، والنتيجة طفل عدواني يمارس العنف على نفسه وعلى من حوله، هذا عدا المشاكل الصحية والجسدية التي تصيب الطفل الذي يقضي ساعات متأخرة من الليل أمام الشاشة مثل الخمول الجسدي واضطرابات ذهنية وجسدية ونقص في التركيز، وتأثير غير مباشر على الأداء المدرسي".
ربما لن يعجز الأهل عن تنظيم أوقات أطفالهم إذا وجدوا البدائل المناسبة، وإذا امتلكوا الوعي المناسب لهذا التنظيم، ولكن في ظل الواقع القائم والذي تنعدم فيه البدائل وينعدم فيه الوعي يصبح من الضروري السيطرة على بث هذه القنوات، وبرأيي حرية الإعلام يجب ألا تبدأ من تخريب عقول أطفالنا وبتر نموهم النفسي والجسدي وقدرتهم على التواصل الاجتماعي.. في حين تفرض الرقابة الصارمة على إعلام الكبار، وتقوم الدنيا ولا تقعد لقول كلمة حق في مجال السياسة والفكر، أو لمشهد عاطفي خاطف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة


.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر




.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ