الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر التي توشك أنْ تودِّع مصر!

جواد البشيتي

2013 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
مطلبهم الآن هو انتخابات رئاسية قبل وقتها وموعدها وأوانها؛ وقبله بسنوات؛ و"عدم شرعية" انتخابات الرئاسة السابقة (والتي فاز فيها مرسي، فكان أوَّل رئيس مدني منتخَب في مصر، ومن جماعة "الإخوان المسلمين") ليس هو حيثية مطلبهم المعلَنة؛ فهذه الحيثية هي "فشل (وإخفاق)" الرئيس مرسي في تأدية "عمله الرئاسي"، في السنة الأولى من رئاسته، و"عجزه" عن ذلك؛ وهذا "الفشل (والإخفاق والعجز)" سيُسْتَذْرَع به لإعلان "عدم شرعيته".
كل معارضي حكم مرسي، واستمراره في الحكم، هم الآن أسرى هذا المطلب؛ وأحسب أنَّهم لن يتمكَّنوا (ولو أرادوا) من التفلُّت منه؛ فبألسنتهم قيَّدوا، أو تقيَّدت، أيديهم؛ لن يكون حوار، ولا تَفاوُض، ولا لقاء، ولا حل وسط، بينهم وبين "الرئيس"، أو "الطرف الآخر"؛ فـ "الطرفان (وهم أطراف)" تجاوزا "نقطة اللاعودة"؛ "القطار (ولا أعرف ماهيته)" انطلق، وبسرعة متزايدة؛ انطلق بلا كوابح إلى حيث لا نَعْلَم؛ وكلُّ ما أعلمه الآن هو أنَّ مصر توشك أنْ تودِّع مصر!
حزب (أو جماعة) الرئيس هو الآن القوَّة السياسية الأكثر تنظيماً في مصر، وهو، مع أنصاره ومؤيِّديه، القوَّة السياسية (والشعبية) الأولى؛ لكنَّ معارضيه، وعلى ما أرى، هم الأكثر عدداً إذا ما ائتلفوا، وقد ائتلفوا؛ فهم أقليات شتَّى، لا يجمعها إلاَّ جامِعٍ واحد أحد هو زَلْزَلة الأرض تحت أقدام الرئيس وجماعته؛ ولكلٍّ غايته. إنَّ بعضهم (وهو الأقل حجماً ووزناً ونفوذاً وقوَّة سياسية وشعبية) حَسَن النية الثورية، صادِق في دافعه الثوري، يريد لثورة الخامس والعشرين من يناير أنْ تبلغ منتهاها، وأنْ تؤسِّس لمصر جديدة تشبه وتُماثِل الدوافع والغايات التي بطاقتها الثورية العظيمة شُحِنَت هذه الثورة، التي يُراد اغتيالها وهي على بُعْد شِبْر، أو أشبار، من "هدفها النهائي"؛ وهؤلاء، وعلى قِلَّتهم، لا يمكن لكل حريص على ثورة الخامس والعشرين من يناير إلاَّ أنْ يكون معهم؛ أمَّا غالبيتهم فالفَرْق بينهم وبين أولئكَ القِلَّة هو نفسه الفَرْق بين "الثورة المضادة" و"ثورة الخامس والعشرين من يناير"، التي فشل مرسي (وجماعته) في الحكم بما يعود عليها بالنفع والفائدة، فاجتمع الطرفان على هذه الثورة العظيمة، تارةً تُضْرَب بـ "الأسلمة"، وطوراً تُضْرَب بأيدي أعداء "الأسلمة"، أو المتدثِّرين بالعداء لـ "الأسلمة".
إنَّهما طرفان، والجيش ثالثهما؛ ولقد تطرَّف الطرفان في عداء كليهما للآخر، وأوقدا من نار العداء بينهما ما جَعَل مصر "شارعين" متأججين، يغليان، تضيق، في استمرار، وفي سرعة متزايدة، "مسافة الأمان" بينهما؛ وها هي مصر الآن على شفير حرب أهلية؛ وقد أُعِدَّ لها من قوى العداء لثورة الخامس والعشرين من يناير ما يجعلني أخشى أنْ تكون هذه الثورة الضحية الأولى لهذه الحرب القذرة.
ولو لم تكن الغاية الكامنة هي إشعال فتيل الحرب الأهلية لاكتفى المعارِضون بـ "الاحتشاد (والتركُّز)" في ميدان التحرير، أو غيره، لا يخرجون منه، ولا يجوبون الشوارع، ولا يسعون إلى ما يتسبَّب، حتماً، باقتتال "شارعين"، كلاهما في وزن وحجم "شعب". إنَّهم يعلمون عِلْم اليقين أنَّ "غَزْوَ" شارعٍ لشارعٍ، وجمهور غفير لجمهور غفير، لن يؤدِّي إلاَّ إلى زَجِّ "الطرف الثالث"، أيْ الجيش، أو المؤسَّسة العسكرية، في هذا الصراع، وإلى جَعْل "الحكم البونابرتي" للعسكر خياراً وحلاًّ؛ وربَّما يَعْجَز العسكر عن إطفاء النيران، فتَقَع المؤسَّسة العسكرية نفسها في أتون الحرب الأهلية.
أمَّا "الطرف الرابع"، وهو "عهد مبارك"، أو البقية القوية الصلبة منه، فهو الكامن في شارع المعارضين، وفي المؤسَّسة العسكرية، وفي القوى والأجهزة الأمنية، وفي سائر مؤسَّسات الدولة؛ وهو الذي يسكب الزَّيْت على النار، ويدفع بالطرفين إلى أتون الحرب الأهلية؛ إنَّه "الطَّرف الشمشوني"، الذي يُعلِّل نفسه بالنجاة من مخاطر الثورة بالحرب الأهلية، وبعودة العسكر إلى تولِّي زمام الأمر والحكم.
كنتُ أتمنى أنْ يخاطِب الرئيس مرسي معارضيه قائلاً: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاَّ يكون لهذا "الطَّرف الرابع"، أيْ لبقايا عهد مبارك، من الرجال والمؤسَّسات والنهج، مكان في مستقبل مصر؛ فَلْنَقْطع جميعاً كل صلة لنا، أكانت ظاهرة أم مستترة، بهذا العهد، وَلْنَتَمَثَّل جميعاً، حُكْماً ومعارضَةً، في مجلس ثوري واسع عريض مؤقَّت، يستمد شرعيته من ثورة الخامس والعشرين من يناير، بما تُمثِّل من غايات وأهداف ومطالب، فيُعَدِّل الدستور، ويقيم حكومة ثورية انتقالية مؤقتة، تتمتَّع بجُلِّ صلاحيات وسلطات السلطة التنفيذية، فتُجْري استفتاءً شعبياً لإقرار الدستور الجديد المعدَّل، تُجْرى بموجبه انتخابات برلمانية، فتُقام "حكومة برلمانية"، تملك حصَّة الأسد من السلطة التنفيذية.
أمَّا إذا رفضوا، وظلُّوا مُصِرِّين على انتخابات رئاسية قبل أوانها، فيَدْعوهم إلى الاتِّفاق على استفتاء شعبي عاجِل، يجيب فيه الشعب عن سؤال واحد هو: هل تريد بقاء مرسي رئيساً حتى نهاية ولايته؟
إنَّ شعار ثورة الخامس والعشرين من يناير هو الآن "احْذَروا العسكر، واجتنبوا الحرب الأهلية، واقطعوا كل صلةٍ مع عهد مبارك، وانتصروا جميعاً للشرعية الثورية حتى تنتصروا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا اعرف بالضبط
مجدي محروس عبدالله ( 2013 / 6 / 29 - 20:12 )
ما مشكلة الكاتب مع بقايا -نظام مبارك- لقد مللنا تلك النغمة الرديئة
فلول النظام ومترادفتها
المفترض اننا تجاوزنا تلك المرحلة وان ندخل في اطار مصالحة وطنية
ان الكاتب يفترض ان هناك طرف لازال بقوته وتماسكه هو -بقايا نظام مبارك-
وهذا طبعا خطأ-لا يوجد نظام متجانس او متماسك يعبر عن المرحلة السابقة
رجال المرحلة السابقة تلونوا وغيروا دفة مركبهم تبعا للأحداث والواقع الحالي
مبارك نفسه اذا رجع للحكم سيكون مباركا مختلفا تماما


2 - الكتاب يقرؤ من عنوانه ولا عزاء للمغفلين!!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 6 / 30 - 05:18 )
الاخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ان شعار حزب العدالة والتنمية (شعار منافق) والا هل شعار بسيفين متقاطعين يتوسطهم مصحف دليل حرية وكرامة ام شعار اما ان تؤمن بما في الكتاب والا رقبتك بين سيفين وهذا ما هو حاصل بالفعل.ما هو الايمان بالكتاب ومدلولاته؟. الايمان بالكتاب هو الايمان بالقضاء خيره وشره وهو ما يبرؤ حكومة الاخوان من اي مسؤولية لان القاضي هو الله وكل معترض على قضاء الله فهو كافر ويجب سحله وما هذه الخطابات الرنانة وترديد كلمة (ديموقراطية ) الا لاسكات اصوات المعارضين الذين يعرفون نتائج هذه اللعبة والا متى اعترف الاسلام بالديموقراطية؟؟ان الواجب المترتب على المصريين الشرفاء هو اسقاط حكم الاخوان مهما كلف الثمن لان موت البعض خير من موت الكل وبهذا يكونوا قدوة للتونسيين والليبييين لرمي الاخوان والسلفيين في مزبلة التاريخ لانهم غير جديرين بادارة حكم في العصر الحدبث.ان افضل مجل لهم هي صحراء نجد والحجاز تحت رعاية اصحاب السيف المستقيم الذي تعلوه الشهادتان المرفرفة في الهواء فقط لتجين المغفلين بان آل سعود هم اهل التوحيد توحيد الصهيو امريكي.نبارك للرسول والصحابة يالجنسية السعودية.


3 - قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار
مصراوي ( 2013 / 6 / 30 - 09:50 )
بهكذا شعارات شاهدا وسمعها الملايين عبر الفظائيات كان يرددها زعماء مافيا الاخوان والتيار الاسلامي في ساحة رابعة العدوية وياتي هذا الكاتب المعروف بدفاعه على الحركات الاسلامية الارهابية في سوريا يحاول ايهامنا بان فلول النظام المصري هم من وراء الاحداث التي تريد الفوضى

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و