الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة تحتاج إلى إجابة حول الواقع العربي والربيع ‏العربي- السؤال الخامس عشر: هل استبدلت حماس ‏أولوياتها ، فجعلت فلسطين في المرتبة الثانية ووضعت ‏في المرتبة الأولى قضية مصر ونصرة رئيسها محمد ‏مرسي؟ ‏

ميشيل حنا الحاج

2013 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




بات من المستغرب أن نلاحظ تزايد اهتمام حماس بما يجري في مصر، وهو اهتمام بات يتزايد ‏يوما بعد آخر، إلى درجة أصبحت معه القضية الفلسطينية في المركز الثاني بين اولوياتها. وهذا ‏بالطبع يتم على حساب القضية الفلسطينية التي يتوجب أن يعتبرها سادة غزة، أهم قضاياهم لكونها ‏قضية الشعب الذي ينتمون إليه .‏‎ ‎ولكن في مقارنة بين الأخوة على أساس القومية، والانتماء ‏على أساس الدين في مفهومه السياسي، وجدت حماس أن هذا النوع من الانتماء ، أي لتيار ‏الاسلام السياسي وخصوصا تيار الإخوان المسلمين، هو أكثر أهمية ووجوبا بالنسبة لهم. فجذور ‏الإخوة في حماس قد نبعت من انتمائهم للإخوان المسلمين، تماما كانتماء الدكتور محمد مرسي ‏لنفس الجماعة ولو بفرع آخر. فهما إخوة في هذا الانتماء الذي يبدو لهم أكثر ضرورة من ‏الانتماء على أسس قومية. كما أن الانتماء على أساس قومي،‎ ‎لو رضي سادة غزة بذلك، لبات ‏يضع الإخوة في غزة على مستوى واحد في انتمائهم إلى مصر، وإلى لبنان، وإلى السودان ‏والأردن والخليج والمغرب العربي . لكن انتماء كهذا بالنسبة للبعض من ذوي الانتماء إلى تيار ‏الإسلام السياسي، بات انتماء فضفاضا في زمن لم يعد فيه، بالنسبة لهم ، للقومية وللعروبة معنى. ‏أما الاشتراك في الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين،‎ ‎فهو أمر آخر، بل هو أمر وجوبي بسبب ‏انتماء كليهما لتيار سياسي واحد، أي لأخوة واحدة. ‏‎ ‎‏ ‏
فمن هنا شعر الإخوة في حماس ، كما يبدو ، بوجوب مساعدتهم للأخ الرئيس مرسي، حتى ولو ‏جاء ذلك على حساب انتمائهم لأبناء جلدتهم من الفلسطينيين . ‏

ولكن هل حقا بات الإخوة في حماس يقدمون مصلحة مصر الإخوانية برئاسة مرسي، على ‏مصلحة بلدهم فلسطين، وعلى مصلحة الشعب الفلسطيني سواء في غزة ، أو في الضفة الغربية ‏حيث السلطة الوطنية الفلسطينية ؟ ‏

هناك مؤشرات ترجح صحة مراعاتهم للمصلحة المصرية الإخوانية المرسية، على كل ‏المصالح الأخرى. ولعل قضية مهاجمة سجن النطرون بغية تحرير الرئيس مرسي من ذاك ‏السجن، وهو ما كشفه المدعي العام في تلك القضية مؤخرا، إنما تعزز ذلك المؤشر. فقد هاجم ‏السجن في بدايات مراحل الثورة المصرية عام 2011 مجموعة من المسلحين، وكان من بينهم ‏عددا كبيرا من الإخوة في حماس ومن مجموعة عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحماس. ‏وبطبيعة الحال ، كان من الطبيعي أن يسعى أولئك لتحرير الدكتور مرسي السجين في سجن ‏النطرون. فالأخ مرسي كان على كل حال سجينا سياسيا ، ولم يكن مسجونا لجرم عادي ارتكبه. ‏كما أن العادة قد جرت في الثورات الشعبية ، السعي لتحرير المساجين السياسيين أو أولئك ‏المسجونين ظلما . فكلنا نذكر أن الثورة الفرنسية كان من أول اهتماماتها ، اقتحام سجن الباستيل ‏وتحرير السجناء. كل ما في الأمر أن اقتحام سجن النطرون قد أدى إلى مقتل أربعة عشر ‏شخصا بعضهم من الحراس والبعض الآخر من المساجين العاديين، كما أدى أيضا إلى خروج ‏أحد عشر ألف مجرم عادي كانوا في ذاك السجن. وأولئك المجرمين المحررين قد عاثوا في ‏البلد فسادا، وتسببوا بأضرار لمصر وللشعب المصري ، وربما كان من بينهم من تحول إلى ‏زمرة البلطجية التي عانت منها مصر وما زالت تعاني ولكن قضية سجن النطرون ، لم تكن هي القضية الوحيدة التي دلت على مشاركة رجالات حماس ‏في القيام بأعمال شكلت دعما للرئيس مرسي . كل ما في الأمر أنه إذا كانت قضية النطرون ‏قضية ثابتة وواضحة ومدونة في سجلات المحاكم ، فان العديد من العمليات الأخرى تظل في ‏نطاق التكهنات لعدم وجود أدلة قاطعة على صحتها . ومن أبرز هذه التكهنات ما قيل عن الرجلين ‏اللذين هاجما الدكتور أحمد الزند ، قبل عدة شهور ، إذ تردد عندئذ أن احدهما كان يتكلم باللهجة ‏المصرية ، أما الآخر فكان يتكلم بلهجة أخرى رجح بأنها فلسطينية . والمعروف أن الدكتور أحمد ‏الزند كان رئيسا لنادي القضاة ، وإعتبره البعض من الإخوان، العدو اللدود للدكتور مرسي ومثلها ‏قضية مهاجمة المتظاهرين أمام المقر العام للإخوان المسلمين الواقع في جبل المقطم . فقد تردد ‏عندئذ أن من بين أولئك الذين هاجموا المتظاهرين، كان بعض من مقاتلي حماس الذين تواجدوا ‏عندئذ في المقطم لحماية عدد من قيادات حماس الذين كانوا يجرون محادثات مع المرشد العام ‏للإخوان ومع نائبه خيرت الشاطر. فزيارات قيادات حماس لمصر قد باتت تتكرر كثيرا ربما ‏لغايات التنسيق، وذلك خلافا لما كان يجري في عهد مبارك ، إذ كانوا عندئذ يأتون فقط للتحاور ‏مع إخوتهم في منظمة التحرير الفلسطينية بحثا وراء التوصل إلى مصالحة يرضى عنها الطرفان. ‏

وعلى ضوء تلك المظاهرات التي هددت حركة تمرد بإجرائها في الثلاثين من يونيو ‏‏(حزيران)، والتي يتوقع لها ان تحشد في ميدان التحرير وحول قصر الاتحادية، فإن الرئيس ‏مرسي، كما يروج البعض، قد استعان بمقاتلين من حماس لحمايته، خوفا من هجمات يقوم بها ‏متظاهرو تمرد على قصره ، خصوصا وأنه لم يكن واثقا من قيام القوات المسلحة بالتدخل ‏لحمايته . فالقوات المسلحة لم تفعل ذلك عندما هدد المتظاهرون قصر الرئيس مبارك في الحادي ‏عشر من شباط عام 2011، مما اضطره للفرار إلى شرم الشيخ ومن ثم إعلانه التخلي عن ‏منصبه. ‏
ولكن ذلك كله لم يكن بالأمر الجلل، كما في حادثة سجن النطرون. أما الأمر الجلل فعلا فقد تمثل ‏في حادثتين، أولاهما مقتل ستة عشر ضابطا من ضباط الجيش المصري في سيناء قبل عدة ‏شهور، إضافة إلى اختطاف ثمانية من الضباط والجنود قبل بضعة أسابيع . ‏

أما بالنسبة للحادثة الثانية، فقد وقعت في سيناء وتمثلت في اختطاف الجنود والضباط الثمانية ‏قبل أسابيع قليلة، واتخاذ أولئك الضباط والجنود كرهائن . فالرئيس مرسي قد تهدد وتوعد بالويل ‏والثبور، مع استخدام القوة بكل أشكالها، من أجل إطلاق سراح الجنود والضباط المخطوفين في ‏سيناء. ولكن بعد أيام قليلة، لاحظ الجميع أن أولئك المخطوفين قد عادوا جميعا سالمين، دون أن ‏يمس أي منهم بسوء ، ودون أن تطلق رصاصة واحدة في سبيل تحريرهم . وقدر عدد من ‏المراقبين، أن المخطوفين كانوا طوال الوقت في أمان، لأن مختطفيهم كانوا من حركة الإخوان ‏المسلمين بالتعاون مع بعض رجالات حماس الخبراء في عمليات رهائن كهذه . وكان الهدف منها ‏‏‘إظهار الرئيس مرسي بمظهر السياسي البارع والمحنك الذي يستطيع التعامل مع أزمات كبرى ‏كأزمة الرهائن تلك . ‏
‏ ‏
وعودة إلى الحادثة الأولى التي شكلت نقطة تحول هامة بالنسبة للرئيس مرسي ، فقد تمثلت في ‏عملية غريبة نفذت أيضا في سيناء وأدت إلى اغتيال أولئك الضباط المصريين الستة عشر . ‏وساعدت هذه الحادثة الغريبة الرئيس مرسي على فرض سيطرته على القوات المسلحة التي كان ‏مجلسها العسكري يحكم مصر إلى جانب وجود الرئيس مرسي، المنتخب حديثا، على كرسي ‏الرئاسة. فالرئيس مرسي قد تظاهر بالغضب الشديد لوقوع هذه الحادثة المؤسفة . ولقد وجد ‏فيها، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، مبررا للتخلص من عدد من كبار الضباط بعد تحميلهم ‏مسؤولية ما حدث . وعندما لم يبد المجلس العسكري ردة فعل قوية في مواجهة قرار الرئيس ‏المصري ، فقد خطا مرسي خطوته التالية، بإعفاء المشير طنطاوي ورئيس أركانه من الخدمة، ‏وإحالتهم على التقاعد ، منهيا بذلك كل مفاعيل المجلس العسكري،مما أدى إلى إنفراده بالسلطة.‏
‏ ‏
وقد يبدو الأمر للوهلة الأولى بأنه تصرف طبيعي ومعقول. ولكن كافة إجراءات التحقيق في تلك ‏الحادثة المروعة التي أودت بحياة أولئك الضباط ، ظلت سرية ومحاطة بالكتمان الشديد . وعبثا ‏طالب الإعلام بالكشف عن حيثيات وأسرار ذاك الحادث المؤلم، فالرئيس مرسي وحكومته لم ‏يقدموا للشعب تفسيرا لما حدث، بل إن حكومة مرسي لم تستجب لأمر قضائي صادر عن القضاء ‏الإداري، يطالبها بالكشف عن مضمون تلك التحقيقات، مما أثار الدهشة واستدعى أن تطفو على ‏السطح الكثير من التساؤلات . فهل كان من نفذ تلك الجريمة مجموعة من أعضاء الإخوان ‏المسلمين المصريين مستعينين بخبرة بعض المقاتلين من حماس، فنفذوا يالتالي تلك الجريمة ‏لتمهيد الطريق للرئيس مرسي كي يتخلص من عدد من كبار الضباط وفي مقدمتهم المشير ‏طنطاوي، إضافة إلى تخلصه من المجلس العسكري الذي كان يشاركه في قيادة مصر؟ لا أحد ‏يعلم حتى الآن حقيقة ما حدث، كما أن مضمون التحقيقات في هذه الحادثة لم تنشر أبدا وقد لا ‏تذاع على الملأ طالما بقي الرئيس مرسي في كرسي الرئاسة . ‏
‏ ‏
وهناك واقعة أخرى مشابهة حدثت أثناء الاشتباك البطولي بين مقاتلي حماس والقوات الإسرائيلية ‏في شهر نوفمبر (تشرين الثاني ) 2012 . حيث جرى تبادل إطلاق النار لعدة أيام ذهب ضحيتها ‏العديد من أبناء غزة . إذ كان المقاتلون في غزة يصلون بالصواريخ المواقع الإسرائيلية، وكان ‏العدو الإسرائيلي يرد عليهم بالغارات المتواصلة واحدة تلو الأخرى. وكان ذلك عملا عظيما من ‏جانب الإخوة الأشاوس من أبناء غزة. ولكن الرئيس مرسي تدخل عندئذ كوسيط بين الطرفين، ‏في مسعى منه لتحقيق وقف إطلاق النار. وبعد مفاوضات طويلة نجح الرئيس المصري في وقف ‏القتال بين الطرفين . ولكن في ذروة نجاحه ذاك ، قام الرئيس مرسي المنتشي بالنصر الذي حققه ‏نتيجة وساطته تلك، بإصدار مرسومه الدستوري الشهير الذي زوده بصلاحيات كبرى. وهنا ‏قامت الدنيا ولم تقعد، رافضة ذاك المرسوم الدستوري الشهير، مما اضطر الرئيس مرسي فيما ‏بعد إلى إصدار تعديل له مع الإبقاء على بعض النتائج التي تحققت فعلا ، وكان من أبرزها إبقاء ‏النائب العام ، رجل الرئيس، في منصبه ذاك. وهذا استدعى التساؤل إن كان قيام حماس بالشروع ‏في تلك المعركة الشهيرة ، والتي كنا نتمنى أن تكون معركة ذات أهداف وطنية فعلية ، لغاية ‏واحدة هي تمهيد الطريق لمرسي ليبدو بطلا منتصرا، فيغطي بانتصاره ذاك إصدار ذاك المرسوم ‏الدستوري المشؤوم. بطبيعة الحال، نحن نأمل ألا يكون الأمر كذلك . ‏

أمر واحد نرجوه، هو أن تكون بعض تلك التكهنات مجرد تكهنات، وألا تكون حماس قد بدلت ‏فعلا اولوياتها، بحيث باتت مصلحة الإخوة في مصر ومصلحة رئيسهم محمد مرسي، هي التي ‏تتمتع بالأولية ولو على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني الذي عانى كثيرا، فلا مجال بعد ذلك ‏لمعاناة أطول في سبيل هدف واحد هو الحفاظ على مصلحة الأخوة لدى الإخوان المسلمين على ‏حساب المصلحة القومية للفلسطينيين وغيرهم من الشعوب العربية. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. جهود أميركية لخفض التصعيد | #غرفة_الأخبا


.. مساع مكثفة سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل قتلت لونا الشبل؟


.. بعد المناظرة.. أداء بايدن يقلق ممولي حملته الانتخابية | #غرف




.. إسرائيل تتعلم الدرس من غزة وتخزن السلاح استعدادا للحرب مع حز