الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة حافية القدمين والبحر جزء 10

ميساء البشيتي

2013 / 6 / 30
الادب والفن


10
هل تعود مراكبي ؟
سألت النجوم كثيراً .. ولم تجبني .. وبقي السؤال يدور في حلقي كغصة لا أعرف كيف أتقيؤها .. ولا أستطيع أيضاً أن أبتلعها ..
لماذا غادرتُ إن كنتُ سأعود مرة أخرى لأقف في طابور الانتظار ؟
يئست من الانتظار .. نعم وهذا من حقي ولا ينكره عليَّ أحد .. الشمس تشرق كعادتها كلَّ يوم .. أحيانا يهاجمها الضباب بضراوة .. لكنه لا يقوى عليها أبداً .. فعين الشمس جريئة .. وقوية .. وتشرق كل يوم .. عين الشمس أقوى من أن تهزمها حزمة ضالة من الضباب ..
هل أردت أن أكون كالشمس مثلاً ؟!
إذا لماذا تنوي مراكبي العودة .. وهل هي فعلاً تنوي العودة يا بحر .. أم أنها حزمة الضباب الضالة هي من هزمتها وأجبرتها على تغيير مسارها وتوجيه بوصلتها نحو مرافئ الانتظار من جديد ..
الانتظار مرة أخرى ..
كم أكره هذا الانتظار العبثي .. وكم أكره فكرة أن أقف فقط من أجل الانتظار ..
هل أصبحت قاسية القلب إلى هذا الحد .. أم أنها رياح الفشل هي من تبعثر الكلمات عن شفتيِّ .. وتخرجها من قلبي دون أن أدري ؟
أنا ظننتُ أنني هادنت زوابع الريح لو لفترة بسيطة من الوقت .. كنت أود أن أستريح قليلاً .. أردت لبراكين الثورة في قلبي أن تهدأ .. أردت أن تستريح هذه الأقدام المتعبة .. وتكف عن الوقوف طويلاً على أبواب الانتظار .. أردت أن أعفيها لو لبعض الوقت من عناء الانتظار .. واستجداء الانتظار .. بلا أية جدوى ..
أنا كنتُ أريد هدنة !
تحدثت مع النجوم مطولاً .. هذه المرة النجوم التزمت الصمت .. ظننتها شارة الموافقة منها .. فانطلقت مراكبي وأبحرت .. ربما ابتعدت قليلاً لكنّي كنتُ أعرف وجهتي جيداً .. انطلقت نحو الشمس .. أردت أن أشرق كما هي تشرق ..
أردت أن أذيب كل ما علق بيَّ من أثارك .. أردت لأنفاسك أن تخرج مني .. وألا أبقى ممتلئة بك بلا جدوى .. أردت أن أتحرر منك .. وألا أبقى محتلة من الفراغ ..
كانت النجوم معي وتبارك مسيرتي .. وكان الضباب يمرُّ عن يميني وعن شمالي .. لا يحدثني ..ولا يقترب من مراكبي .. ابتعدت قليلاً .. نعم ابتعدت .. كنت أحتاج جرعة كبيرة من الشمس فاقتربت .. اقتربت .. خيّل إليَّ أنني اقتربت ..
خيّلَ إليَّ أن الشمس تمدُّ إليَّ يمينها بالمصافحة .. وظننتُ أنني والشمس أصبحنا رفاق درب .. وأنني أستطيع أن أمدَّ أقدامي وأفترش بساطي هناك على عتبة دارها .. وأن أستقبل يومي من صحن دارها .. بل وأتناول قهوة الصباح برفقتها .. وأحدثها عن طفولتي المنسية .. وعن أماكن خلعت فيها وقع خطاي كتذكار عتيق إليها .. وعن وجوه كانت في يوم لي وأعتقتها بلحظة تخلي .. وأنني لم يعد يهزمني الضباب أبداً .. وأنني كالشمس أشرق كل يوم وليس كما كان يؤذن لي .. وأنه لم تعد تكسرني ملامح الغياب .. ولا عدت أنطوي على قلبي حين تغلق نوافذ الصباح في وجهه .. وأنني الآن ملكتُ الشمس في يميني وأصبحت وهي توأمان ..
الضباب غدّار ..
أعرف هذه الحقيقة المرّة .. وأعرف أيضاً أنه مباغت بل ويجيد فن المباغتة .. كنتُ أظن أن أيلول وحده من يلعب معي لعبة الضباب .. لكنّي تذكرت على الفور أن الشتاء يجيد هذا النوع من اللعب بالأقدار .. لذلك أنا نسيتُ الضباب .. ونسيتُ النجوم التي صمتت طويلاً في بداية المشوار .. كنت أظنها قد أصبحت هي صديقتي الصدوق التي لا تخفي عني شيئاً .. وإذ بها تخفي عني غدر الضباب .. وكيف كان يتربص بيَّ .. ويسير خلفي دون أن أدري .. بل ويمحو كل أثر لي هناك .. وأنني لن أتمكن حتى من خلع وقع خطاي هناك .. ولا ترك أي تذكار عتيق يشي بأنني كنتُ في يوم ما هناك .. أو حتى رسم بصمة لي على جدران الوهم .. وأنني كنت هنا لو بأحلامي وأوهامي .. وأنني قد تناولت قهوتي السمراء برفقة الشمس .. وكنت أواعد النهار هناك في صحن دارها .. وكانت تحدثني بلهجة المحبِّ .. وكنت أستمع إليها بأذن المحبِّ أيضاً .. لكنها ثورة الضباب اللعينة أفسدت كل أحلامي .. وحطمت كل أوهامي .. وهاجمتني دون ميعاد .. فمحت ببطشها كل السطور التي كتبتها على جبين الشمس .. وجميع قصائد الغزل التي زينت بها جدائلها الشقراء ..
وأعادتني إلى الوراء ..
إلى زمن الانتظار .. إلى مرافئ الانتظار ..إلى عقارب الانتظار .. وها أنا يا بحر أنتظره فهل يحضره إليَّ هذا الضباب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?