الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سحر النص الفيروزي ... ( 2 ) لبنان وفيروز

حكيم العبادي

2013 / 6 / 30
الادب والفن


سحر النص الفيروزي ... ( 2 )
لبنان وفيروز


مقدسان يوحدان الأمم ... الآلهة والأوطان ... و قد فشل كلاهما في توحيد اللبنانيين .
قد يعترض شخص ٌ ما ، بأن فيروز ليست من الآلهة ... وقد أوافقه ... لكنها الأقدر على نقلك الى رحاب الآلهة ... وسلام الآلهة ... وجمال أرواح الآلهة .
حين فشل لبنان الجميل ... لبنان الوطن في توحيد اللبنانيين ... فكـّر الله كثيرا ً قبل أن تكون فيروز ... عساها أن تكون فرصتهم الاخيرة ... و تنجح فيما فشل فيه الوطن ... فمنحها إرثا ً سماويا ً لم يمنحه لأحد !!! ... وهيّأ لها صدفة ً تأريخية ً لا تتكرر إسمها عاصي الرحباني ... ثم أطلقها .
عاصي لم يكن ملحنا ً عبقريا ً ... ولا شاعرا ً جميلا ً ... ولامسرحيا ً مبدعا ً ... و لا مجددا ً عبقريا ً متعدد المواهب ... عاصي كان راهبا ً روحانيا ً آمن بصوت فيروز... وإعتنقه عقيدة ً مقدسة ... ووضعه حيث يجب أن يكون ... مضفيا ً عليه هالةً طاهرة ً من الألق والروحانية والنقاوة والقدسية .
نعم لقد قدسه حتى قتل نفسه !!! .
هل فهمتم الآن ما معنى لقاء عاصي بفيروز ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ... إنها الصدفة الأكثر سحرا ً وقدرة ... إنها صدفة الرب وإرادته !!! .
لم يكن صوت فيروز الملائكي المترف ، البالغ العتق والروحانية ... و لا فن عاصي العبقري القادر ، وحدهما وراء هذا السحر وهذا التفرد !!! ... كان هناك سر ٌ صغير هو أجمل الأسرار وأقدسها !!! ... أدركه عاصي بعبقريته ... وآمن به ... رغم انه فشل في الحفاظ عليه ... ورغم انه دفع حياته ثمنا ً لفقدانه !!! .
نعم لقد ادرك عاصي أن صوت فيروز قادم من رحاب الله ... ولهذا لم يسمح له بأن يكون في مكان آخر !!! .
ولقد تجلـّى هذا في أمور كثيرة يعرفها الجميع بدءا ً من ملابس فيروز ورصانتها وحرمتها وقربها من هموم الناس وقضايا الفقراء ... مرورا ً برفضها الغناء في حفلات خاصة حتى لرؤساء الدول !!! ... لكن الأهم ... والأهم جدا ً ... وما لا يدركه أغلب الناس ... هو إختيار نصوص اغانيها ... فالنصوص التي يتم إختيارها لصوت فيروز ...يجب أن تمتلك قيمة ً اخلاقية ً وجمالية ً وروحانية ً عليا ... لم تتفق لأي مطرب ٍ ، لا قبل ولا بعد ... وهذا ما جعلني أكتب سلسلة مقالاتي ( سحر النص الفيروزي ) .
عاصي يعتمد صوت فيروز جناحا ً ... ويمد عبقريته فضاءا ً ... ليحلق بالمستمع نحو عوالم بالغة الفرادة والجمال ... الى حيث فراديس الفكر الرحيبة ... داعيا ً إياك لسهرة رائعة السمو والعذوبة مع عظماء الفكر ، وملوك الكلمة ، ورسل الإنسانية .
في مقابلة مع الفنان زياد الرحباني مع إحدى القنوات الفضائية المصرية ذكر أنه حين كتب كلمات اغنية ( إديش كان في ناس ) ... كان قد استخدم عبارة ( منقوع بهالدكان ) ... فطلب منه عمه منصور تغيير كلمة ( منقوع ) معاتبا ً إياه بقوله : ( هل تريد من أمك ان تلفظ كلمة منقوع ؟؟؟؟ ) .
لولا عاصي لضاعت هدية الله للبنان ... ولاصبحت مطربة ً كالأخريات ... ولصار جمهورها كالآخرين .
قبل أيام في برنامج ( عرب أيدول ) ... بلغ عدد الرسائل القصيرة ( أس أم أس ) ... التي أرسلها العرب لتشجيع الشاب محمد عساف 67 مليونا ً !!! ... هل تفهم الحكومة اللبنانية التي تتعاطى كل انواع الرخص والسوقية في تعاملها مع التراث الفيروزي الرحباني ما معنى 67 مليونا ً ؟؟؟ ... وهي المتميزة في لغة الأرقام المسروقة كما اعلم !!! .
قد لا أستطيع أن أجمع 67 مليونا ً من الاصوات لفيروز في هذا الزمان الوسخ ... ولكنني أقول وبمنتهى الثقة ... أن الصوت الوحيد في التأريخ الإنساني ، الذي يتزين به المثقفون ... ويتظاهرون بحبه حتى ولو نفاقا ً ... ويخجلون من إتهامهم بعدم الإعجاب به ، هو صوت فيروز وفن عاصي !!! ... نعم صوت فيروز وفن عاصي فقط .
لا يوجد عالم ولا طبيب ولا استاذ جامعي ولا كاتب ولا شاعر ولا إعلامي ولا سياسي ولا متعلم ولا مثقف ، ولا حتى مدعي ثقافة عربي ... لا يحب هذا الصوت ... ولا يقدس هذا الصوت ... فيروز فقط من وَحـَّد َتـْنا ... فيروز فقط من اسلمنا لها قيادنا ... واستطاعت بمنتهى المقدرة أن تصحبنا طائعين الى عوالمها الرحيبة ... عوالم الروح ، والفن ، والقدسية ، و الفكر ، والجمال !!! .
حين كنت طبيبا ً متدربا ً ... كنت مثار إعجاب أحد اساتذتي ... واعتقد أنه حسبني العريس اللقطة لبنت أخيه !!! ... مما حدا به أن يفتعل لقاءا ً بيني وبين أخيه ... ثم لقاءا ً ثانيا ً ... وثالثا ً ... تلتها دعوة من اخيه لنتناول طعام الغداء في بيت الأخ ... وكنت واثقا ً أن الموضوع لا تحكمه الصدفة .
كان الجو شتويا ًحزينا ً حين وصلنا الدار ضحى أحد أيام الجمعة ... وبعد استقبالنا من قبل اهل الدار ... وبعض المجاملات الترحيبية المعروفة ... جلسنا في صالة البيت الفخم نحتسي البيرة قبل الغداء .
صدح الصوت الملائكي من زاوية من زوايا الصالة حيث كان يستقر جهاز راديو أثري ضخم ... كانت الاغنية الرائعة ( تخمين ) ... من كلمات الشاعر الجميل ميشال طراد ... انتشيت بشكل لا مثيل له ... وقررت كعادتي حين تغني فيروز ... أن اشرح لهم ما تعنيه الأغنية ... وقبل أن استلم الحديث لم أشعر إلا وصاعقة نزلت على راسي ... وإذا بالأب ينادي زوجته ويطلب منها أن تغلق جهاز الراديو وتضع لنا اغنية ل ( فلانة ) في جهاز التسجيل لكي نستمتع !!! .
حاول العم الذي يعرف ما تعنيه فيروزبالنسبة لي أن يصلح الموقف ... قال ان أخاه يعتقد أن فيروز في الصباح أجمل !!! ... لكن الوقت قد فات ... اصابني خرس ٌ وقرف ٌ شَل َّ لساني ... حيث اعتذرت بعد نصف ساعة ... ومباشرة بعد الغداء ... و غادرت دون أي شعور ٍ بالحياء أو بضرورة إبداء بعض اللياقة .... لقد ادركت إنني في المكان الخطأ ... وإن من يتصرف في حضرة فيروز بهذا التخلف ، لا يعرف الحياء ولا اللياقة ... ومن يومها لم أشاهد الأب .
لا أدعي أن ذلك سبب عزوبيتي وعزوفي عن الزواج !!! ... لكن سؤالا ً قاهرا ً يتردد دائما ً في ذهني ... يجعلني سعيدا ً بقراري ... مزهوا ً بعزوبيتي ... إذ يكفي ان أسأل نفسي : ( ماذا لو تزوجت إمرأة لا تحب فيروز ؟؟؟؟ !!! ... أو تملك أبا ً لا يحبها ؟؟؟ !!! .) .
هذه القصة أتمنى أن تفهمها الحكومة اللبنانية ... الحكومة التي لم تترك قبيحا ً إلا ومارسته مع فيروز .
شدني تعليق جميل للصديق الأستاذ طلال شتوي عن كيفية تعامل البعض مع التراث الفيروزي - الرحباني ... وكيفية تعكز البعض على هذا التراث ... وكانه فلافل خليفة أو حلويات الحلاب !!! .
كان ياستطاعة الحكومة اللبنانية لو كانت تفهم بالفن أو بالفكر او بالوطنية أو بالسياسة على الاقل ... أقول كان بإمكانها ان تصالح اللبنانيين ، وتصالح العرب ، وتصالح المثقفين ، وتصالح التاريخ ، وتصالح الجمال بفيروز ... لكنها لم تفعل ... لان فيروز لا تجالس احدهم ... ولا تسهر معهم ... ولا تمت إلى اخلاقهم بصلة ... ولان عاصي لم يجامل احدهم ... وكان قريبا ً من الناس لا منهم .
أما الذين يعتقدون أنهم إمتداد لهذا الفن من العائلة الرحبانية ... والذين فرحوا بتدريس ما يسمى بالفن الرحباني بصيغته المقترحة في مدارس لبنان ... فأطمأنهم وبمنتهى الثقة ... ان الطالب اللبناني سيقرأ في الكتاب اسماء فلان وعلان من الجيل الرحباني الثاني ... ويخرج ليبحث عن اغنية لفيروز من زمن عاصي لكي ينسى ما قرأ ... ويكفر بما قرأ .
الياس الرحباني ، وزياد الرحباني أحق بما لا يقاس بهذا التراث ... لكنهما يحترمان نفسيهما ... ويحترمان الحقيقة ... ويحترمان الناس .. ولا يشعران بضعة النقص ولا بقذارة الإنتقام .
ما تفعله الحكومة اللبنانية عار على الفكر والفن والسياسة .
وما يفعله البعض إعتراف صريح بضحالة الإنجاز .

الدكتور حكيم العبادي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أعترض على جملة(ٍمقدسان يوحدان الأمم الآلهة والأوطان
ليندا كبرييل ( 2013 / 7 / 9 - 03:35 )
أشاركك الإعجاب بالسيدة فيروز فهي تسري في روحنا
لكن، مع احترامي لأسبابك في العزوف عن الزواج وجعلت أحداها أنه لو تزوجت إمرأة لا تحب فيروز، أو أباها لا يحبها؟
يفهم القارئ موقفك من مغادرتك منزل أستاذ لاعتراضك على إغلاقه الراديو وفيروز تغني وهذا باعتبارك تخلف وقلة حياء ولياقة في حضرة فيروز

لماذا لا تحترم اختيارات الآخرين؟
هل كنت ستجبر نفسك على حب منْ تميل له زوجتك من الفنانين حتى وإن كنت لا تحبه؟
هل فيروز محور الحياة الزوجية؟
هذا استبداد بالرأي يا أستاذ وتريد لزوجتك أن تنزل عند عشقك وافتنانك بأمر
وحسنا فعلت أنك لم تتزوج، لأنه الزواج تآلف واتفاق على(كل) شؤون الحياة،فإن كانت فيروز تفعل كل هذا فلا عجب أن تختلفا على أمور أعظم
لأن الزواج واقع وفيروز حلم
ثم
أنت ستتزوج الفتاة وشغلك معها فما دخل الأب إن كان يحب أو يكره فيروز؟هل سيزاحمك في حياتك؟
أنت بواد وهو بآخر
أنت تريد زوجة على القالب، فانتظرْ
التكنولوجيا وفّرت للجميع ما يساعدهم على تحقيق رغباتهم
ضعْ السماعات بأذنيك وعش كل حياتك بالطول والعرض مع فيروز ولن يعترض أحد
العشق يجب ألا يذهب بعقلانية الإنسان

يتبع رجاء


2 - جملة(ٍمقدسان يوحدان الأمم:الآلهة والأوطان)غلط كبير
ليندا كبرييل ( 2013 / 7 / 9 - 03:59 )
مقدسان يوحدان الأمم:الآلهة والأوطان

جملة غير دقيقة
أما الآلهة؟ فإن ما فعلته على مر التاريخ وتمزّق البشر حولها كاف لأن نعرف أن المقدس نزع حياتنا وجرنا إلى الحروب
حسنا قلت: الآلهة
لأن هناك من يرى الها واحدا لا بد أن يجتمع الناس كلهم تحت اسمه وأوامره التي لا يأتيها الباطل من كل الجوانب
وهنا المصيبة
كل مجموعة تنضوي تحت اسم إلهها
فكيف أصبحت الآلهة موحدة وكل فئة تدعي أنها على الطريق الأصوب وغيرها على ضلال؟
باسم الإله ارتكبت أفظع الجرائم، هل هي آلهة مقدسة تلك التي تأمر أتباعها بالقتل والذبح؟
والآلهة التي ارتكب أتباعها كل ذلك فتتت الأوطان، فكيف يجمع الوطن كل هؤلاء الناس المتنازعين على الآلهة؟
عندما تتنحّى الآلهة يصبح الوطن للجميع
لذا لن يوحّد الوطن أبناءه ما دام هناك تناحر على المقدس
وكل شيء جيد إلا أن يدخل الفنان في السياسة وقذاراتها
نحب فيروز كفنانة خدمت الوطن بالكلمة والصوت كما يخدم كل إنسان من موقعه بلده
لكن صديقتي لا تحتملها إلا في أغنيتين وتقول صوتها في أعلى طبقاته يضرب على العصب
ومثل صوتها كثير بل أجمل
وماجدة الرومي تختار كلمات أغنياتها بدقة
لا بد من احترام الاختلاف بين الناس
تحياتي

اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??