الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خروج العراق من الفصل السابع .. وتحديات كبيرة

خدر شنكالى

2013 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




اخيرا وبعد اكثر من عشرين سنة مضت على ادخال العراق ضمن احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة نتيجة غزوه لدولة الكويت في عام 1990 ، وما فرض عليه من سلسلة من الاجراءات والعقوبات الدولية الصارمة ، عاد العراق ليحتل مكانته الطبيعية في الاسرة الدولية كدولة ذات سيادة كاملة لها كافة الحقوق وعليها ايضا كامل الالتزامات الدولية كاي شخص من اشخاص القانون الدولي العام ، يترتب على ذلك عدم جواز التدخل في شؤونه الداخلية او الاعتداء عليه او على سيادته دون الرجوع الى احكام القانون الدولي العام او المنظمة الدولية المتمثلة بهيئة الامم المتحدة ، على عكس ما كان يمكن ذلك سابقا من امكانية التدخل في شؤونه الداخلية في اي وقت دون الرجوع الى القانون الدولي اي دون الحاجة الى اصدار قرار جديد من مجلس الامن الدولي ، وذلك لان العراق كان ضمن احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وباعتبار انه كان لايزال يشكل خطرا على الامن والسلم الدوليين . وبموجب هذا الفصل يحق لمجلس الامن الدولي اتخاذ كافة التدابير والاجراءات الضرورية بما فيها استخدام القوة العسكرية في حالة عدم امتثال الدولة المعنية لمطالب المجلس او لاعادة السلم والامن الدوليين الى نصابه ( المواد من 39-51 ) من ميثاق الامم المتحدة .
لاشك ان هذا الحدث يعتبر ايضا خطوة نوعية مهمة في مجال العلاقات الدولية بالنسبة للعراق ، حيث تحرر العراق من الكثير من القيود السياسية والمالية والاقتصادية التي كان مكبلا به واصبح مستقلا في قراره السياسي والاقتصادي والتصرف بامواله ووارداته كأية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على ارضه وامواله واجوائه ، وهذا بالتأكيد سوف يكون دافعا ومحفزا لاقامة افضل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بينه وبين الدول الاخرى وحسب ما يتطلب الحفاظ على مصالح الدولة العراقية وما يعزز تقدمها ونموها في كافة المجالات الاقتصادية والحياتية الاخرى ، حيث لم تعد واردات العراق من النفط وغيرها تذهب الى صندوق تنمية العراق التابع للامم المتحدة كما كان في السابق وتستقطع منها نسبة 5% كتعويضات لدولة الكويت ، بل اصبح هذا الموضوع وغيرها من المواضيع كملف الاسرى والمفقودين والارشيف الوطني الكويتي وترسيم الحدود خاضعة للحوار والنقاشات وبموجب احكام الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة الذي يدعو الى حل المنازعات والخلافات بين الدول عن طريق الحوار ، وان القرارات التي تصدر بناءا على هذا الفصل هي مجرد توصيات لاتتمتع بالصفة الالزامية كما هي في الفصل السابع ( المادة 33-38 ) من ميثاق الامم المتحدة .
صحيح ان العقوبات الدولية التي فرضت على العراق بموجب الفصل المذكور قد تركت آثارها السلبية والسيئة على الشعب العراقي وفي جميع المجالات ، الا انها لم تكن ايضا وخاصة بعد سقوط النظام العراقي السابق في عام 2013 ، السبب في ابقاء العراق في دائرة التخلف والجهل والتشردم والانقسام والاقتتال الطائفي وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى الان !! ، كما انه في نفس الوقت فان خروج العراق من تحت طائلة هذه العقوبات لايعني ايضا بانه اصبح بيده العصا السحرية لمعالجة جميع مشاكله ، بل اصبح العراق اليوم امام تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي :
فعلى المستوى الخارجي ، على العراق بذل المزيد من الجهد لاعادة بناء جسور الثقة بينه وبين الدول الاخرى في المجتمع الدولي ، ولاسيما دولة الكويت ، واقامة علاقات مبنية على اساس التفاهم والمصالح المشتركة وبما يخدم شعوب هذه الدول وتحقيق الامن والسلام والرفاهية في المنطقة ، واثبات حسن نيتها في كونها لم تعد تكون مصدر خطر على الدول الاخرى وخاصة المجاورة حتى بعد استعادتها لعافيتها وبناء مؤسستها العسكرية ، وتوظيف هذه العلاقات في بناء الدولة وتنميتها ، كما ان العراق بعد خروجه من الفصل السابع ، اصبح ذات ارادة سياسية حرة ولم يعد بحاجة الى التبعية السياسية لهذه الدولة او ذاك ، تلك السياسة التي دفع العراق ثمنها باهضا ، فعليه ان يكون مستقلا في قراره السياسي والاقتصادي والابتعاد عن التأثيرات الخارجية والنفوذ الخارجي والانطلاق فقط من مبدأ المصلحة الوطنية في التعامل مع القضايا الدولية وبما يحقق استقراره وتقدمه وضمان عودته الى مكانته الدولية المرموقة .
ان التحدي الاكبر الذي يقع على عاتق الحكومة العراقية بعد استعادته لسيادته الكاملة هو الحفاظ على امواله الموجودة في الخارج بعد رفع الحصانة او الحماية الامريكية عليها ، فيقع على عاتق العراق بعد خروجه من الفصل السابع المسؤولية القانونية للحفاظ على امواله والدفاع عن حقوقه ضد الدعاوي او الشكاوي التي قد ترفع على العراق من قبل الدول او الشركات او حتى الاشخاص الذين تضرروا من جراء غزو العراق للكويت او الدائنين للنظام العراقي السابق ، واغلب هذه الاموال هي عائدة الى صندوق تنمية العراق الذي اسس بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 1483 لسنة 2003 وهي مبالغ من واردات النفط العراقي تستخدم من قبل سلطة الائتلاف الموقتة بقيادة امريكا لاعادة بناء العراق وليحل محل برنامج النفط مقابل الغذاء الذي هو الاخر تم انشاءه بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 986 لسنة 1995 باشراف منظمة الامم المتحدة ، اذن فالعراق اصبح اليوم بحاجة الى قوة قانونية ودبلوماسية كبيرة للحفاظ على امواله وثرواته وسيادته .
اما على الصعيد الداخلي ، فلا شك ان خروج العراق من تحت طائلة الفصل السابع سوف يكون حافزا قويا لجذب الشركات الاجنبية الى العراق والاستثمار فيه ، لان العراق اصبح له كامل الحق في التصرف بكامل ثرواته وامواله دون تدخل او وصاية اجنبية باعتبارها دولة ذات سيادة ، الا ان هذا التحدي قد يقابله تحدي اخر وهو الاستقرار الامني والسياسي اللذان يشكلان العامل الاساسي في تنمية وتقدم اي مجتمع . بالاضافة الى محاربة الفساد الاداري والمالي ونبذ الطائفية المقيتة والابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية وجعل مبدا المواطنة والقدرة والكفاءة هو الاساس في بناء مفاصل الدولة العراقية الحديثة والعمل الجاد من اجل تحريك العجلة الاقتصادية العراقية التي توقفت طيلة سنوات عديدة نتيجة للحروب المتكررة ونتيجة لاخطاء الانظمة السياسية المتعاقبة على الحكم في العراق .
لذا فان انهاء هذا الفصل العقابي في تاريخ العراق ، يشكل قبل كل شيء دافعا معنويا كبيرا للنهوض بالبلد في شتى الميادين المختلفة وله معاني ودلالات كبيرة اذا تم ترجمتها الى ارض الواقع وفي خدمة استقرار وتطور البلد ، فعلى الساسة العراقيين الاستفادة من التجارب والاخطاء السابقة وعدم تكرارها في المستقبل والتوجه نحو العمل الجاد في بناء ورسم مستقبل العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو