الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة البيئية المهددة في غرب الخليج

نجيب الخنيزي

2013 / 6 / 30
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر



تلقيت مؤخرا هدية قيمة من شركة - ارامكو السعودية - وهو كتاب تحت عنوان " الأطلس البحري لغرب الخليج العربي " . الكتاب الذي جاء في مجلد من القطع الكبير ، احتوى على حوالي 400 صفحة . جاء في الخطاب المرفق من قبل مدير عام الشؤون العامة في الشركة الأستاذ عصام زين العابدين توفيق ، يعد هذا الأطلس الذي نضعه بين أيديكم الأول من نوعه في المملكة فهو يضم بين دفتيه ثروة معلوماتية تلقي الضوء على كل ما يتعلق بشئون البيئة والحياة الساحلية المحيطة بالخليج العربي كما يرصد الدراسات العلمية المتخصصة التي أجرتها ارامكو السعودية في منطقة الخليج على مدى أربعة عقود ، كما يبرز الكتاب التنوع الزاخر الذي عرفت به منطقة الخليج العربي ويسهم في التعريف بأليات حمايته واساليب المحافظة عليه . وقد أشار الأستاذ خالد بن عبد العزيز الفالح رئيس أرامكو السعودية ، كبير إداريها التنفيذين في مقدمة الكتاب ، إلى ما يحتويه الأطلس من معلومات ثرية وما يوفره من وسيلة فاعلة لتعزيز التثقيف البيئي ورفع درجة الوعي البيئي في الشركة وفي غيرها من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ولدى الناس عامة . سلط الأطلس الضوء على مياه غرب الخليج العربي التي تطل على سواحلها دول مجلس التعاون الخليجي والتي عدها من بين اكثر الأنظمة البيئية تنوعا وثراء" في المنطقة وقد لعبت هذه البيئة البحرية النشطة والغنية دورا جوهريا في حياة ورفاه شعوب المنطقة لألاف السنين ، حيث أسهم الصيد والغوص على اللؤلؤ والتجارة البحرية في منطقة الخليج العربي بشكل كبير في بناء ثقافتنا وربطها بالحضارات المختلفة في العديد من أرجاء العالم ، وهو ما تمثل في المواقع والأدوات واللقى الأثرية المكتشفة لحضارات قديمة ، كالحضارة العبيدية التي تعود إلى 6000 سنة قبل الميلاد ، وحضارة دلمون التي تعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد وغيرهما. كما تعد مياه الخليج في الوقت الحاضر احد الشرايين الحيوية الرئيسية التي تمد العالم بالطاقة ( البترول والغاز ) حيث تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي بصفة رئيسية على النفط ، كما تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم والذي يقدر بنحو 486 مليار برميل وهو ما يعادل 35.7% من اجمالي الاحتياطي العالمي من النفط الخام وما نسبته 70% من اجمالي احتياطي دول الأوبك . تطرق الأطلس إلى المخاطر المحدقة ببيئة الخليج ، الذي يعتبر شبه بحيرة مغلقة تتصل بمضيق هرمز الذي لا يتجاوز سعته 20 ميل ، علما بأن عدد ناقلات الزيت والغاز التي تزور موانيء السعودية ودولة الكويت فقط سنويا بنحو 3500 ناقلة ، إلى جانب النمو السكاني والعمراني والصناعي ، وخصوصا التنمية الساحلية حيث تتركز فيها الصناعات البتروكيميائية والأسمدة الكيميائية(تسعى دول الشمال إلى ترحيلها إلى الجنوب ) ومصانع تحلية المياه ، و التي تساهم بالضرورة في زيادة تلوث الجو والمياه وزيادة ملوحته ، والأمر ذاته يشمل أعمال الردم والتجريف العشوائي للأهوار ( المستنقعات الملحية ) والسبخات ( المسطحات الملحية ) واقتلاع اشجار ونباتات القرم( الشورى ) وتدمير مواطن الأعشاب البحرية و الشعب المرجانية التي تشكل مأوى للعديد من الأسماك والربيان والطيور المهاجرة ، وذلك بغرض إقامة مخططات سكنية أو مشاريع صناعية ملوثة للبيئة ، و دون أي اعتبار إلى وجود مئات الألوف من الكيلومترات في الصحراء الخالية المجاورة للمدن الساحلية . علينا التوقف امام ظاهرة بيئية خطيرة تتمثل في جفاف مئات العيون الجوفية الطبيعية التي كانت تزود واحتي القطيف والأحساء بالمياه العذبة على مدى ألآف السنين، حيث جرى استنزاف مياهها في البداية لغرض حقن أبار النفط ، ثم تعرضت للإهمال وغياب الصيانة الدائمة ، بل والردم المتعمد من اجل تسويغ تحويل المناطق الزراعية إلى مخططات سكنية . حتى الأن لا توجد دراسات بيئية جادة منشورة حول التأثيرات البيئية على صعيد مياه وتربة وسماء الخليج نتيجة لحروب الخليج الثلاث، والتي من بينها تدمير وغرق ناقلات النفط ، وحرق أبار نفط الكويت وتسريبه في مياه الخليج ، وكذلك استخدام الجيش الأمريكي لسلاح اليورانيوم المنضب في حرب تحرير الكويت عام1991 ، وهو ما اعترفت به الحكومة الأمريكية . تلك التعديات أخلت بالتوازن البيئي في المنطقة ، الذي تشكل على مدى ملاين السنين ، وانه من العسير تعويض تلك الموارد البحرية التي تعرضت للضرر. صحيح أن شركة أرامكو السعودية قامت بالتعاون مع جهات أهلية في إعادة زراعة الاف شتلات القرم في جزيرة تاروت وصفوى وراس تنورة ، غير أن الأمر يستدع اتخاذ اجراءات عاجلة ، وخطط استراتيجية طويلة الأمد لتنمية مستدامة في ابعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، كما يتطلب الحد من تفاقم التدهور البيئي ، وذلك عبرسن تشريعات وقوانين صارمة لحماية البيئة ، ومنع التعديات على السواحل ، والعمل على نشر ثقافة بيئية من خلال التعليم والإعلام ، كما تلعب منظمات المجتمع المدني على غرار منظمات السلام الأخضر في أوربا والعالم دورا مركزيا في التعبئة الشعبية، ورصد ومراقبة ومحاسبة الإنتهاكات الخطيرة التي تطال البيئة و تؤثر بصورة مباشرة على حياة البشر ومستقبل الأجيال القادمة . اصدار كتاب الأطلس البحري من قبل إدارة حماية البيئة في ارامكو السعودية هو عمل تأسيسي على هذا الصعيد، كما هو مثال ملهم على الجهد العلمي والبحثي والميداني العميق والغني ، وذلك لتغطيته لجوانب تاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية مهمة لغرب الخليج العربي ، واقر بأنه لا يمكن استعراض ومقاربة الأطلس / الموسوعة ، أو إبداء الملاحظات عليه من خلال مقال واحد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني