الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق من التحشيد الى التحويل

مجيد محسن الغالبي

2013 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ان المعرفة بالمفهوم المبسط مزيج من المعلومات والخبرة والبصيرة ،وطبعا الخبرة هي للدلالة على المنظور العملي الاني الواقعي القصيرالاجل، بينما البصيرة هنا للدلالة على المنظور الاستراتيجي المستقبل الطويل الاجل . ولذلك لكي تكون المعرفة لابد من اقتران الخبرة بالبصيرة لجعل المعلومات في سياق منطقي، يعرف الظواهر واتجهاتها وبالتالي فان المزيج لايتاتى من الفراغ ولا من قواعد محددة سلفا، بمعنى ليس من المعقول ان يكون المعرفي من يحفظ التاريخ ولا من المعقول ايضا ان يكون المعرفي من حفظ مجموعة من الاحكام التي تنظم حياة الناس ،سواء كان ذلك في اطار ديني او وضعي لانه كما يبدو لايملك الا بعدا معرفيا احاديا هو بعد الخبرة وبمنطق مغاير فان الذي لديه ملكة البصيرة لايعدو عن كونه يتمتع بقابليات خاصة استثنائية، هى اقرب للباراسايكلوجي وبالتالي لن يكون معرفيا .
يمثل العلم مجموعة من القواعد التي تتعقب الظواهر بمنهجية معينة والتي تنتهي اما الى نظرية او الى قوانين، ولكي نتعقب الظواهر يتطلب الامر محتوى معلوماتيا بمعنى مستوى من الخبرة وقدرة على ملاحظة ومكنونات الظاهرة، والاستنتاج وصولا الى حقائق محددة وبالتالي فان المعرفي وفقا لما تقدم هو الاكثر استعداد للقيادة ،اذا ماكان هذا المعرفي يمتلك مهارات انسانية الى جانب قدراته المعرفية .
يبدو واضحا ان المهارات الانسانية اذا ما توفرت بدون القدرات المعرفية فهي تنتهي في ابعد ممكناتها الى القدرة على التحشيد، او التوجيه نحو اهداف انية محدودة وهي غير قادرة على التطوير،بينما القدرات المعرفية المقترنة بالمهارات الانسانية للقيادة تقود حتما الى التطوير لسبب بسيط هو البصيرة ازاء المستقبل ،وهي تتجه نحو التكيف الاستعداد التغيير الذي يتناسب مع المتوقع أي انها تذهب ابعد من التحشيد ،وهذه العملية مستمرة ولذلك يطلق عليها القيادة التحويلية .
اذن لايمكن ان نسلم ان الزعامة القبيلية او الوعظ الديني يمكن ان يكونا مبررا للقيادة التحويلية مالم تقترنا بالمقدرات المعرفية ،اذا سلمنا ان هناك مهارات انسانية للقيادة وليس ارثا سلطويا قبليا او نفوذا دينيا اجتماعيا.
من هنا يتاتى لنا ان غياب القدرات المعرفية سوف يقودنا الى زعامات غير قادرة على التطوير وبآفاق قصيرة الاجل وتبعا لذلك فانها لاتبارح الاني المحدود في احسن حالاتها، ومن ثم تخلق مناخا من العلاقات والممارسات لاتواكب التطورات المستقبلية وغير قادرة على اللحاق بها وهنا تبدو الفجوة اكثر وضوحا بين التحويلي والمحشد.
ان الايغال بالتحشيد يبدو اشد خطورة عندما يتعلق الامر بنظم التعلم ومنظومات السلوك الاجتماعية التي تنطلق ،من بنى ثقافية مجتمعية مستندة الى الخبرة الماضية والتي تؤدي الى نتائج متخلفة عن ركب التطور، بحيث تصبح وحدة التعلم المتحققة مجرد معلومات قديمة وهي وان تشكلت الى المستوى الضمنى العقلي فهي سوف تمثل المعرفة الفنيةknow-how التي عفا عليها الزمن ،وحتى وان تجلت الى المستوى الصريح فانها تؤدى الى نتائج متقادمة فالذي يستخدم نظام تشغيل لوتس مثلا الان هو الاكثر تخلفا ازاء وندوزا وxp مثلا، وبالتالي لن يستطيع ان يستخدم الشبكة العالمية بل قد لايعرفها ،ولنا ان نتصورالمدى الذي تقود اليه مفردة التعليم التي يعتمدها نظام قيادة التحشيد وكذلك المدى الذي تقود اليه مثيلتها في نظام القيادة التحويلية . ان هذا يبدو جليا في الفن الانتاجي التي يعتمد الاساليب القديمة والذي يكون اكثر تعرضا للتغير، بسبب حركة التطور الحتمية وبالتالي فان الحاجة الى التغيير في الفن الانتاجي يدفع الى تغيير الاساليب القديمة وكلما كانت اكثر تخلفا كلما كانت اكثر تعرضا للانقلاب، والذي قد يصل احيانا الى مستوى راديكاليا.
ان المجتمعات التي قفزت نحو الرقي كانت لديها منظومة معرفية متكاملة اسست لها وطورتها القيادة التحويلية ،ولذلك فان العراق بعد حقبة العشر سنوات مع التدفق العالي للسيولة والتحديات الامنية والاخلاقية ممثلة بالفساد الاداري والمالي ، يتطلب قيادة تحويلية تكون المسؤولية الاجتماعية احد مضامينها الرئيسية، وقادرة على ان تطور القيادات العملية ،التشغيلية، قصيرة الاجل تدعم وتحشد باتجاه عملية التحول المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان