الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللهم لا تنصر الثوار

أسعد البصري

2013 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي الثورة وماذا سيحدث؟ . في النهاية يتقيأ المجتمع أحشاءه على الجدران ، والشوارع . يعود كل فرد إلى بيته ، ومأساته الشخصية . الفقير لن يصبح غنياً ، والقبيح لن يصبح وسيماً ، الجاهل لن يصبح عالماً .

الثورة ، نوع من الصراخ الجماعي ، ضد العذاب الوجودي . شعب يخلع حكومته ليلبس قميصاً آخر . ليس أكثر نظافة بالضرورة ، ولكن الهواء الأسود المتراكم ، يحتاج إلى مجتمع يصرخه ، ويتوهم وجود معنى وأهداف سامية . كالثورة المصرية على حسني مبارك عام 2011م ، التي لم تصنع سوى مأساة اسمها محمد مرسي . والثورة المصرية هذا اليوم 30/6/2013 على محمد مرسي ليأتي شيء آخر ، ربما إرهاب في مصر ليس له مثيل لا أحد يعرف . هي ثورات تلد أخرى بلا فائدة .

انتصر الشعب على محمد مرسي ، عجيييييب . ومن هو محمد مرسي ؟ . أنتم جلبتوه وأنتم رفعتوه ، والله قضية مملة حقاً ، لو سألتوني لقلت لكم لا تنتخبوا الإسلاميين . أرجو أن تختاروا جيدا هذه المرة . أعتقد الشعب المصري يحب الخروج إلى ساحة التحرير . لا سلاح كيمياوي مثل بشار الأسد ، ولا سحق بالدبابات مثل الحكومة الصينية .

أنا لا أفهم ماذا يفعل الإخوان المسلمون في مصر ؟ . حين جاء نظام الخميني إلى إيران ، أول شيء قام به تصفية القوى العلمانية و مطاردتها ، و زجهم في السجون والمشانق ، هل نسينا محاكمات خلخالي ؟ . الشيء الثاني الذي قام به الخميني إشاعة الكآبة و طقوس الموت ، والشيء الثالث البحث عن حرب للتخلص من الشباب ، وأخيرا لابد من رسالة وهمية كتصدير الثورة الإسلامية لأي نظام شوفيني معزول .

حزب الإخوان المسلمين هو حزب ديني ، يريد أن يحكم مصر بالتعايش مع القوى العلمانية ، وبالتعايش مع إعلام مصري ديمقراطي ، هذا مستحيل . سوف يسقط الإخوان بكل تأكيد ، إلا إذا أعلنوا حربا داخلية و خارجية . وإلا إذا أحكموا سيطرتهم على الجيش وتصفية العسكر المعارضين . يمكنهم الدخول في سورية . نعوش الشهداء ستطيل عمر النظام المصري ، وكلما طالت الحرب ، تزداد قبضتهم قوة .

هذا طبعا ، في حالة لم يسقط الرئيس الإخواني مرسي خلال الساعات القادمة بثورة شعبية وطنية مليونية مصرية كما يقول معارضوه .

مسكين الشعب الإيراني تحمل حكومة دينية ظلامية خمينية أكثر من ثلاثين سنة ، بينما الشعب المصري لم يتحمل الإخوان المسلمين سنتين . المشكلة سخرية المثقفين المصريين واضحة من أتباع ولاية الفقيه ، خصوصا كتاب حزب الدعوة العراقي ، وهم يشجعون المصريين على الثورة . يا أخي لا تخف على المصريين .

الله وحده يعلم لماذا الثورة نزهة على النيل في مصر ، بينما هي حرب عالمية في سورية . لماذا عشرة قتلى يغيرون النظام كل يوم في مصر ، بينما مئة ألف قتيل تعيد بشار الأسد إلى الحكم في سورية .

الثورة ، نوع من تأكيد الهوية الجماعية ، هرطقة تستحضر روح الشعب ، وعواطف بشرية لا جدوى منها . الثورة ، تشبه حفلات نهاية الأسبوع الصاخبة في كندا . حيث يفيق كل شخص في اليوم التالي مصاباً بالصداع والكآبة . تشبه المريض في الغرفة المجاورة الذي يملأ قسم الطواريء بالصراخ ، دون أن يعرف سبب وجعه .

هؤلاء الذين يكتبون هذا النهار ، يعبرون عن وجع ومرض . يظنون أنفسهم أطباء يكتبون وصفات شافية .

نحن شعب دونكيشوتي بامتياز . الشعوب تصنع ثورات ونحن نصفق لها بحماسة مشبوهة ، و ننتظر ثورة يبدأها رجل إيراني خرفان اسمه علي السيستاني ، يعطينا فتوى بالثوران .

خلال قرنٍ كامل توهمنا حروباً مع طواحين هواء كثيرة ، كالبعث ، والشيوعية الملحدة ، والعدو الفارسي ، وصدام حسين ، والخميني ، والصهيونية ، وإسرائيل ، والإمبريالية ، والقاعدة ، والوهابية . ثم عدنا مهزومين من حروبنا الخيالية ، ببلد محتل ومقسم .

لم ننتصر على صدام حسين ، بل هزمنا حتى في موته . لم ننتصر على الخميني ، بل تحول ضريحه إلى مزار . لم ننتصر على أمريكا ، بل قامت أمريكا باحتلالنا .

كل ما نريده الآن ، إسقاط السيد نوري المالكي " أبو إسراء " ، الذي كان قبل سنوات فقط ، متسكعاً في السيدة زينب . يصرف دولارات في الحسينية الحيدرية ، حتى هذا النصر السخيف ، يبدو بعيد المنال .

خلال قرن كامل لم يقدموا لنا سوى انتصار واحد ، هو انتصار الشيعة على السنة . يعني انتصاراً على أنفسنا ، وذاتنا .

نحن شعب دونكيشوتي أبعد من تصور الإسباني سرفانتس . لأن زعيقنا ، وحروبنا الوهمية ، جلبت لنا الهزيمة تلو الهزيمة . شعب مصاب بشيزوفرينيا دينية مزمنة ، وبعقائد موجعة . بوعي عذابي مخيف ، و كراهية شديدة لأنفسنا بسبب سؤال الهوية .

نحن مشكلة لاحل لها في الخيال ، فما بالك بالواقع . مازلنا نتوهم التشابيه حقيقة ، وأن هناك حرباً مازالت قائمة ، بين يزيد والحسين ، وأننا طرف أصيل فيها ، نخرج دائماً بالملايين ثائرين من مؤخرة الزمان ، لننضم إلى الحسين ضد معسكر يزيد ، ونرجع إلى بيوتنا منتصرين . نحمل معنا غنائم وفيرة ، من الطاعات والحسنات . هل رأيتم دونكيشوتية أكثر وضوحاً من هذه؟ .

كيف نثور ونحن امتداد للثورة الإيرانية ، التي ترى أن الصراخ في الشوارع لا ينفع ، ولا جدوى منه ، بل العبرة في القنابل النووية التي تجعل الحدود الفارسية مقدسة ، و محترمة في نظر الدول العظمى .


كان الكويتيون أيام الحرب بين العراق وإيران يتوجهون إلى الله بدعاء خبيث :" اللهمّ اهزم الخميني ، أللهم لا تنصر صدام حسين " . وبعد الضجيج ، والغبار الذي لقيته من الكتابات الثورية الحماسية هذا اليوم ، أتوجه إلى الله بذات الدعاء: اللهمّ اهزم الدكتاتوريات ، اللهم لا تنصر الثوار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو لجنود الاحتياط على الحدود مع لبنان: نقدر خدمتكم ونعم


.. مؤسس موقع ويكيلكس يقر بالتهم الموجهة إليه بعد اتفاق مع الحكو




.. مسيرة حاشدة في كوريا الشمالية لإحياء الذكرى الرابعة والسبعين


.. الشرطة البريطانية توقف 4 أشخاص لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الو




.. أخبار الصباح | زوجة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب عليه