الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس الثورة المصرية الجديد

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



لمصر عبر التاريخ تأثيرها الذي يتجاوز حدودها ، وقد قدمت في عصرنا الحديث شهادة حيّة على ذلك : فهي أول بلد عربي كسر جدار اوهام الدول المقدسة حين اعلن محمد علي باشا الحرب على الامبراطورية العثمانية . ومنحت الجيش ( في سابقة تاريخية ) دور المخلص من الاسستعمار بتأييدها ثورة عرابي على بريطانيا . وبعد الانقلاب / الثورة التي قادها الجنرال نا صر عام 1952 سارعت جيوش الكثير من البلدان العربية الى محاكاته بالقيام بانقلاب عسكري ثم بتكوين مجلس قيادة الثورة الذي سينفرد به ما سيسمى لاحقاً بالزعيم ، وستتحول الزعامة الى مفهوم مركزي في الثقافة العربية ، تحولت من خلاله الدولة الى ظل من ظلال الزعيم : مانح الحياة لمواليه والموت لمعارضيه . انتهت مرحلة الزعامة القومية مع قيام ثورات الربيع العربي ، لتبدأ مرحلة جديدة باشرها الاخوان في مصر . ومثلما كان فوز الاخوان في مصر دلالة على مرحلة جديدة في الحكم ، فأن عزلتهم بعد عام واحد من حكمهم ، دلالة لا تقبل النقاش على ان هذا التنظيم ، وما يشبهه من تنظيمات في البلدان العربية الاخرى ، لا يصلح لسياسة الناس في عصرنا الحديث . منحت مرحلة الانقلابات العسكرية شيئاً للناس كالاصلاح الزراعي ومجانية التعليم وشيئاً من التصنيع ، ولم تمنح حركة الاخوان شيئاً غير الظل الثقيل لأعضائها : في الشارع والجامعة ودوائر العمل وفي الفضائيات ، بما ينسبونه لانفسهم من دور ووظيفة مقدسة : تجسدت خلاصتها بنظرة دونية للمرأة . وهذا ما صدم المصريين الذين يتمتعون بهامش من الحرية اكبر بما لا يقاس من كل مجتمعات دول المشرق العربي : التي تتدامج في حكمها الطوائف بالقبائل بالعوائل . مشكلة الاخوان في مصر هي المشكلة ذاتها التي تعاني منها التنظيمات الاسلامية الحاكمة في بلدان العالم العربي الاخرى : مشكلة منهج في الحكم مشتق من اصول فكرية / فقهية تتناقض تناقضاً عدائياً مع مفهوم المواطنة الذي تقوم على اساس منه مؤسسات الدولة الحديثة ، وتعادي مفهوم الحرية وحرية الاختيار . منذ الايام الاولى تبدى واضحاً ان الاخوان يريدون ان يحكموا بعيداً عن منطق الحكم في الدولة الحديثة ( التي نريد ان نبني دولنا العربية على صورتها او نموذجها ) . منطق الحكم في الدولة الحديثة يقوم على دعامتين : أولاً / سيادة المؤسسات ، وثانياً / وجود برنامج سياسي واضح وشفاف ( أي يخلو من الاجندات السرية ) يختص بتنمية وتطوير أحوال الناس في الدنيا لا في الآخرة ، ذلك ان الدولة الحديثة هي دولة مدنية ــ دنيوية بامتياز تشرع لنفسها ولا تتلقى أوامرها التشريعية من قوة تقع خارجها . وللالتفاف على هذا المنطق ومن اجل العودة مجدداً الى منطق : ان الدولة هي آلة عنف منظمة يجب استغلالها لبناء دولة الخلافة ذات الشكل الامبراطوري التي تضم شعوباً وامماً مختلفة عليها ان تنسى خصوصياتها والا اتهمت بالتمرد على امبراطورية السماء المقدسة ، بادر الرئيس الاخواني الى طرح الوثيقة الدستورية التي طالب فيها بمنحه صلاحيات طاغية ( لفترة محدودة ) يستغلها في تحويل دولة مصر الى : الدولة ــ القاعدة التي تمهد الارض لحكم الخلافة القادم ، بما يعنيه ذلك من تحويل مصر الى قاعدة لجهاد عالمي ، أي لاعلان صيحة الحرب على دول العالم ، واجبارها على التقيد باحكام الاسلام تطبيقاً لقاعدة دار الاسلام ودار الحرب . اذ ما زال الخطاب الاخواني ومثله خطاب الحركات الاسلامية الاخرى يصنف دول العالم الى اسلامية وغير اسلامية ، وهو خطاب لا ينتمي الى النظرة الواقعية الحديثة التي تصنف دول العالم الى دول صناعية متقدمة واخرى غير صناعية ومتخلفة ومنها مصر والدول العربية الاخرى ..اثبتت تجربة حكم الاخوان في مصر بانهم لا يعترفون بمؤسسة الرئاسة او بغيرها من مؤسسات الدولة اذا لم تتحول الى اوكار ومشاغل عمل لتطبيق منظومتهم الفكرية ( اصولهم الفقهية ) في التمهيد لقيام دولة الخلافة . خلال عام واحد تكشف للمصريين ان رئيسهم يتحدث بلغتين واحدة للاستهلاك الداخلي عن الديمقراطية وسواها ، ولغة اخرى يفهم منها ما يريده مرشد الاخوان العام وقرارات تنظيمه السرية . فعد المصريون ذلك خيانة لمشروع بناء المؤسسات وخيانة لهم كناخبين فطالبوا وقد حشدوا المظاهرات المليونية بانتخابات رئاسية مبكرة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا انتفض الشعب ضد الاخوان ؟
رمضان عيسى ( 2013 / 7 / 2 - 10:21 )
1- الانتفاضة كشفت ان هناك شرخ ثوري بين الاخوان والثورة
2- الاخوان يريدون تسويق شعاراتهم للتمكن بالحكم باسم الدين .
3- الشعب يريد الخبز والحرية والاخوان يبيعون الهواء وصكوك الغفران .
4- أن المؤسسة العسكرية أدركت أن الاخوان لا يصلحون لحكم مصر .
5- أن المؤسسة العسكرية تريد اسقاط الاخوان بيد الشعب .
6- أن الاخوان لا يمكنهم صيانة الأمن القومي لمصر .
7- الانتفاضة كشفت زيف شعارات الاخوان اتجاه اسرائيل وأمريكا .
8- لا خطة تنموية اقتصادية عند الاخوان .
9- فترة حكم الاخوان أشعلت الطائفية بين مكونات الشعب المصري .
10- أن الشعب لن تخدعهم شعارات الاخوان.
11- أن الاخوان يريدون الاستيلاء على مفاصل الدولة وترسيخ حكمهم والغاء الديمقراطية .
12- أن الثورة تريد الخبز والحرية والديمقراطية ودستور يؤسس لدولة مدنية لجميع الشعب بغض النظر عن الدين والجنس .

اخر الافلام

.. دخان كثيف بعد غارة جوية إسرائيلية شرق مدينة غزة


.. اللواء فايز الدويري: مرحلة -ج- تعني مرحلة المداهمات والمقاوم




.. بزشكيان لحسن نصر الله: إيران كانت داعمة للمقاومة ضد الكيان ا


.. -ناسا- تعلن انتهاء أول تجربة طويلة لمحاكاة الحياة على كوكب ا




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | احتفالية تتسبب بأزمة دبلوماسية ومقابل