الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة و الصراع في المغرب

حميد المصباحي

2013 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عاش المجتمع المغربي من- استقلاله اختلافات سياسية حتى في صفوف الحركة الوطنية,السري منها و العلني,المسلح و المدني,و بعد أن تشكلت الأحزاب السياسية,لجأت الدولة المغربية لخلق توازن بين القوى السياسية الوطنية,و الإشتراكية المتحالفة معها و المتنافرة أحيانا,لجأت الدولة لخلق أحزاب سياسية,تدور في فلكها,و تعمل على تشويه الممارسة السياسية, بعد أن فشلت في المواجهات الإيديولوجية و السياسية و الفكرية,للقوى الوطنية و الإشتراكية,و لم يصل الفكر السياسي في التنافسية العميقة إلا من خلال صراعات الإشتراكيين فيما بينهم,أو ضد الأحزاب الوطنية التي كانت امتدادا للحركة الوطنية,.
استفادت أجيال من هذه المناوشات الفعلية و الفكرية و كانت حافزا لها على البحث و القراءة,لكل الإنتاجات الفكرية للفكر الإشتراكي و كل تنوعاته,الإيديولوجية و اجتهاداته.فكيف وصلت الصراعات السياسية حاليا إلى هذه الدرجة من الإنحدار حتى لا نقول الإنحطاط؟
ما هي الدوافع إليها,؟هل هي قصدية أم نتيجة لتخبط و كسل فكري عرفه المشهد السياسي المغربي؟و هل للدولة دخل فيه؟
1سياسة الإفشال
رفضت الحركة الوطنية,استجابة لبعض رجالاتها,في بداية الإستقلال,اعتبار المعرفة و التعلم مقياسا لتحمل مسؤوليات التدبير السياسي للمجتمع,و استجابت الدولة,و عندما قررت الإحتكام للإنتخابات,وجدت نفسها مضطرة للقبول بمن يفوز بأصوات الناس,رغم تدخل الداخلية,التي ركزت هي نفسها على الأعيان من غير المتعلمين,لتبدو أنها هي المنتصرة لذوي الثقافة المحدودة,و كأن الأحزاب الديمقراطية الوطنية كانت ضد الشعب و أنها ترغب في حكر السلطة و إسنادها إلى متعلميها,أي نخبتها,و رغم ذلك,حافظ الخطاب السياسي الإشتراكي و الوطني على تميزه,محاولا التبسيط,حتى لا يلفظ خارج الوعي الحسي العام للمجتمع المغربي,فكان الساسة يبدعون في الإفهام,دون الوقوع في الفكر المبتذل و التسطيحي,و هنا أدركت الدولة من خلال وزارة الداخلية,خطورة الخطة التي تبناها الفكر الحزبي السياسي المغربي,فكان عليه إفشال تجربة التعدد الديمقراطي,و العمل بها على المستوى الشكلي كقناع للواجهة,و مع ذلك اشتدت المواجهة على مستويين,سياسي و فكري,أما خدام الدولة,فقد استكانوا,و لم يكن لهم حضور يذكر,إلا في جدالات محدودة,غالبا ما كانت تحرج الأحزاب المصطنعة و تحرج حتى الدولة نفسها,.
2سياسة التبسيط
مباشرة,و ربما في نصف عمر حكومة التناوب التوافقي,ظهرت خطابات,نقدية تواجه التجربة التي اعتبرت اشتراكية,تركز على البعد الشخصي في المواجهات,فظهر منطق التحامل الشخصي,و العبارات الدارجة,و حتى المبتذلة بما عرفته من غمز و لمز سياسيين,و كانت هذه المواجهات تخاض بصحافيين,بل توجت بظهور ما عرف بالصحافة المستقلة,التي فككت فكرة الزعامة بعد التشكيك في أخلاقيات الفاعلين السياسيين,و مع انهيار الفكر الإشتراكي,الذي كان ملزما لأتباعه و المقتنعين بالكثير من القراءات,فرح التبسيطيون,فتملكوا الجرأة على القول بدون تخوف من عمق الفكر و لا المحاسبات النظرية,فظهر المحنطون للعبارات و المرددون لأحكام الشارع و الدارج في الفكر و العبارات,لتتوج بفكرة الدفاع عن الدارجة,و اعتبارها لغة,من حقها التعبير عن ذاتها كانتصار للأمازيغية,لتكتمل الصورة في أقوى تجسيدها من خلال ظهور معارضة صحفية,بدل سياسية فكرية,فوقع الخلط القصدي,بين رجل الصحافة و رجل السياسة و رجل الفكر,و بدأت الحسابات السياسية و حتى المالية تتحرك,لتبرز هذه الوجوه,و تغيب أخرى,تلك التي حافظت على عمق التفكير السياسي,و تعاليه على المبتذل قولا و توصيفا و حتى تحاملا و مجاملات.
3سياسة التديين
لا شك أن الفكر الديني,بإعادة صياغته سياسيا استفاد من تلك الصراعات التي نشبت بين الديمقراطيين و الإشتراكيين,و التي تابعتها الصحافة الوطني المستقلة و عملت على تضخيمها,ليبرز الإسلام السياسي,عارضا طهارته الدينية الإسلامية على النقابيين و السياسيين و عامة الشعب,و الفئات التي استاءت مما راج,سواء صح أو خطأ,فبدأت التحليلات الدينية السياسية,تحتل مكانة التحليل الطبقي و الديمقراطي للوضع المغربي,السياسي و الإقتصادي,و حجت حتى التحليلات السوسيوسياسية,لصالح نمط سياسي استغل فوضى الصراعات بين المتنافسين و أنصت لعمق اللحظة التاريخية,و أدرك بحسه الديني السياسي,حاجته لتمييع الفكر السياسي المدني الديمقراطي و الإشتراكي,بحكم طبيعة الفئات المحتمل تبعيتها له,فهي غير قادرة كلها على خلق خطابات فكرية سياسية رزينة و ذات مرجعية واضحة,بل إن سطحية الصراعات لا يمكنها أن تصب إلا لصالحها ثانيا بعد أن صبت لصالح الدولة سابقا,قبل أن تدرك حاليا حاجتها للملحة,لإعادة الإعتبار للسياسي لكي يكسب ثقة المجتمع و يتفاعل معه.
خلاصات
كل جديد في الخطابات السياسية دليل تحولات,بما فيها الخطابات التي تنشد تشويه السياسة بابتذالها خطابيا,فهي مؤشر على وجود زعامات,لكي ينصت لها أتباعها,ينبغي أن تنحدر أو تتسطح مستويات وعيها لتحقيق التواصل معها,فهي تمتح من المعتاد,و لا تقصد التبسيط,فليس لديها ما تبسط لإفهامه,لأن ما تعبر عنه,هو أقصى ما حصلت من مدارك,و من حقها خلق الخطابات التي تناسبها و تناسب الوضع العام و الوعي العام في مرحلة حسيته و ارتباطه بالهم اليومي المصلحي المحدود زمانا و مكانا.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر يبدع في تحضير جاج بالفريكة ????


.. ما تأثير وفاة رئيسي على السياسة الخارجية الإيرانية؟ • فرانس




.. كيف سقطت مروحية الرئيس الإيراني رئيسي؟ وما سبب تحطمها؟


.. كيف حولت أميركا طائرات إيران إلى -نعوش طائرة-؟




.. بعد مقتل رئيسي.. كيف أثرت العقوبات الأميركية على قطاع الطيرا