الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة العربية والمستقبل

صالح برو

2013 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


عدَّت قوى المعارضة العربية نفسها جسراً بين عالم قائم محتضر، وعالم جديد مجهول لم يزل في طور الولادة، بحيث لم يكن دورها مقتصراً على كشف سر هذا العالم الجديد وترجمته إلى واقع أسمى، بل تريد ترجمة الثورة ووحدة صف شعوها إلى فعل حقيقي لإسقاط النظام وخلق واقع جديد ومختلف. لأنَّ الشعب كان يعتبر معاناته في العزلة تضحية وقرباناً للمستقبل الذي لم يكن يدرك سره إلا القليلون، فراهنوا على الخروج من العزلة ليتجسد بهذا المستقبل، بحيث تكون صيرورته ملكاً للجميع. وبما أنَّ قوى المعارضة العربية حملت على عاتقها بأن تكون وثيقة الصلة بالعناصر الخلاّقة في مجتمعاتها فما عليها إلا أن تتخذ من المستقبل أداة لأسرار هذا المستقبل. وها هو المستقبل يوشك أنْ يزيح قناعه الأسود عن محياه الجميل ويوشك أنْ يتجلى للجميع.
يجب على المعارضة العربية أنْ تميّز ما بين رؤى المستقبل والمستقبل ذاته، بين التوق الشديد إلى تجديد الواقع وبين هذا التجسيد نفسه، بين البحث الأبدي عن الحقيقة، كما يقولون، وبين الحقيقة ذاتها، لأنَّ ما يخشاه المواطن أنْ تنصرف المعارضة بعد استلامها للحكم إلى اللعبة الشكلية الخالصة والنزوة الذاتية وتغلغل شيطان التهكم الذي لا يراعي قداسة التغيير والإصلاح. وحين تقع تحت خطيئة الفردية والجماعية فأنها لجسيمة جداً، حينها سيقول الشعب "لقد اعترانا جنون العوالم الأخرى فأردنا وقوع المعجزة قبل أوانها فحولتنا المعجزة إلى رماد" كما ذكرتها شعوب سابقة من قبل.
وبما أنَّ قوى المعارضة العربية تسعى ما بوسعها لتنحية الطغاة عن الحكم وزج مفهوم المعارضة ببعديها السياسي والإنساني في صراعات الحياة الدائرة فلا يجوز لها أنْ تشيّع الرضا في نفس الشعوب في ظروف دقيقة كهذه، وإنما يجب عليها أنْ تثير فيها سخطاً حادّاً وحقيقياً على وجودها وتحفزها إلى نشدان تلبية فعلية لرغباتها ونوازعها لأنَّ من مهمات العمل السياسي ليس مدّ الشعوب بثروات موهومة، وإنما أنْ يكشف للشعوب عن فقره الفعلي الذي كان فيه من قبل، ولا يستهدف له بخلق وهم الحرية، كما جرى في السابق، وإنما ليدله على المواضيع التي يفتقر فيها إلى الحرية كسبيل إلى بلوغ الحرية الكاملة. أي أنْ الشعب يحتاج إلى التأهيل ضمن هذه الفترة ليتخلص من كافة شوائب الماضي. وعلى ضوء هذه المفاهيم بإمكان أي شعب أنْ يحدّد مفاهيمه، لأنَّ المشكلات السياسية لا تنحل إلا بما يتفق مع احتياجات المجتمع كاملة.
كما أنَّ هناك مسألة أخرى وهي الأشدّ خطورة عن سابقاتها ألا وهي رسم حدود واضحة وحمراء بين الدستور والحاكم، بين الدستور الذي يعطي الأولوية والواجبات تجاه مفهوم المواطنة وحقوقه المشروعة وكرامته المصانة والذي يصيغها الشعب، وبين الدستور الذي ينطوي على قيمة شكلية مفرغة من الداخل تحت سيطرة النخبة الحاكمة، وكأنه نص مسودة يتحمل الحذف متى شاؤوا وأينما كانوا كما كان في السابق.
هل يمكن للدستور أنْ يستفيد من نظرية "حكومة الحراسة الليلية للشعوب" لـ"جون لوك" الذي قال ذات مرة: "أنَّ الدولة يجب أنْ لا تتدخل في حرية العقيدة. يجب أنْ لا تستبعد إنساناً أياً كان عمله، أو وظيفته لأنه وثني أو مسلم أو يهودي، فكل إنسان له حقوق طبيعية. وهذه الحقوق الطبيعية ليست لكي يعيش الإنسان فقط، وإنما ليكون حراً وأنْ تكون له ملكية خاصة. ووظيفة الحكومة هي حماية الإنسان، وحياته، وحريته، وممتلكاته، ورفض الحق الإلهي للملوك والرؤساء. فالحكومة كسبت شرعيتها من الذين تحكمهم ولا توجد سلطة لها الحق في حكم الشعب إلا السلطة التي اختارها هو، فهو الذي يعطي الشرعية للذين يحكمونه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا