الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجازر ليست خطاً أحمر

ثائر زكي الزعزوع

2013 / 7 / 2
حقوق الانسان


(فتحت الانترنيت وعالفيس بوك شفت صورة موتتني..طفلة شي تسع سنين عمرها مقتولة ..لكن الصورة بتخليك تفكر وتتخيل لحظات قبل موتها ..مخباية وجهها بايديها وحاطة راسها بالارض من الخوف يمكن لما واجهها الوحش بسلاحه..عم اتخيل خوفها ورعبها بهديك اللحظات..عم بسمع صوتها وأديش ممكن توسلتلو حتى ما يقتلها..وجنبها يمكن أمها ..وشكلهن كانوا متخبايين بخزانة التياب لكن عرفانين محلهن..يا الله).
تختصر هذه الرسالة التي وصلتني من إحدى الصديقات الكثير مما ورد على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن التعليقات التي انهمرت كما المطر مع بدء تسرب صور المجازر التي ارتكبتها القوات السادية بحق أهالي قرية البيضا وحي راس النبع في بانياس.
البيضا التي انزوت قرابة السنة والنصف بعيداً عن الأنظار بعد حادثة الرقص الشهيرة التي تم تسريبها لجنود النظام وهم يرقصون على أجساد المعتقلين، والتي نسبها إعلام النظام آنذاك لمقاتلي البشمركة، ثم تكشفت أكاذيبهم بعد ظهور أحد أبنائها حياً، وعلى شاشة التلفزيون السوري، تعود البيضا هذه الأيام لتتصدر المشهد بعد أن تحول جزء كبير من سكانها إلى شهداء...
بعد أن انقض عليهم مرتزقة النظام من جنود ومقاتلي ما يسمى بجيش الدفاع الوطني المكون من الشبيحة، وأعملوا سكاكين حقدهم وكراهيتهم في أجساد أطفالها..
ولأن الصور لا يمكن أن تكذب، فإن إعلام النظام هذه المرة بحث عن مخرج مناسب، فاحتفت قنواته المختلفة ومحللوه السياسيون بإنجازات البواسل الذين تمكنوا من "القضاء" على المجموعات الإرهابية المسلحة التي كانت تروع أهالي البيضا، هكذا بكل بساطة باتوا يعترفون بجرائمهم، بل ويحولونها إلى انتصارات، فكل جريمة تصبح بطولة، حين تصير الضحية "عصابة إرهابية مسلحة".
الصور التي تناولتها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء في العالم بأسره تظهر أطفالاً ونساء تم ذبحهم، أمهات مع أطفالهن، بنت صغيرة إلى جانبها لعبتها، ولد على دراجته، شيخ طاعن في السن وقد جز عنقه، هذه هي المجموعات الإرهابية ليس إلا.. لكن هل نصدق إعلام المؤامرة الكونية ونكذب إعلام الممانعة والصمود؟؟!!
هل نكذب الإعلام الذي يتلذذ مقدمو نشراته الإخبارية بسرد أخبار قتل السوريين، وباستعراض عضلات ميلشيا حزب الله وهم يجزون رقاب أخوتهم في الوطن؟
هل نكذب الإعلام الذي يرى بشار الأسد آخر غايات الحكمة، ونصدق إعلاماً يحاول أن يرسم صورة لا ترى في "سيادته" حلماً للعالم بأسره؟
هل نكذب الإعلام الصادق الذي يقوده عمران الزعبي، ونصدق عشرات آلاف السوريين الذين رأوا بأم أعينهم ما يحدث، والذين اتشحت صفحاتهم بالسواد من هول ما يحدث؟.
الصورة باختصار هنالك في البيضا، حيث ووريت العوائل الثرى
الصورة باختصار هناك في جديدة الفضل
هناك في البياضة في حمص
هناك في بابا عمرو
في دير بعلبة
في إعزاز
في داريا
هذه هي الصورة باختصار، باختصار شديد، اختصار لا حدود له...
وما دامت المجازر في عرف العالم المتحضر ليست خطاً أحمر، وما دام العالم المتحضر يخشى أن تسيطر الجماعات المتطرفة على الحكم بعد سقوط بشار العلماني حتى الثمالة، إذاً فكل شيء مباح، دمنا مباح، أجساد أطفالنا، أحلامهم.. كل هذا مباح، نحن شعب مباح لسكين القاتل، والعالم يتفرج..
أوباما حذر، وهولاند ندد، والجامعة العربية أبدت قلقها، وحتى المجلس الوطني استنكر.
لكن لا بأس، فالسكين، ذاك السكين بيد القاتل ليس سلاحاً كيماوياً، والساطور كذلك ليس سلاحاً كيماوياً، هذي مجزرة بلا كيمياء ولا فيزياء ولا نحو ولا صرف، هذا الدم النازف يثبت أن القاتل لا يجتاز الخط الأحمر..
على تويتر تغريدة لسوري تقول: "يا الله، إذا كانوا سيقتلوننا هكذا، فالكيماوي أرحم".
وتغريدة أخرى تقول: "لا أريد أن أتوقع مكان المجزرة القادمة لأنها قد تكون في قريتي".
و كتب شاعر غاضب على صفحته على الفيس بوك: "إلى من تبقى من أهلي في بانياس، إن كان قد تبقى أحد، اغفروا لي بعدي عنكم، اعذروني لأني لم أستطع أن أكون معكم في رحلة صعودكم إلى السماء"..
السوريون يصعدون إلى السماء، فرادى وجماعات، فرادى وجماعات، فرادى وجماعات..
لكن نشيد الحرية لن يتوقف يوماً، وسيزلزل عرش القاتل.
ويا الله مالنا غيرك يا الله.

هامش: مر ستون يوماً على مجزرة البيضا. وهذه المقالة كتبت بعد يومين من المجزرة، لم تنشر في وقتها، لكني أنشرها الآن، كيلا أنسى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا


.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to




.. مداخلة القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في غزة حول تطو