الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة سوريا تتجه نحو الحسم في اتجاه واحد: تحطيم المؤامرة وسحق المعارضة العميلة

جورج حداد

2013 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


عشية مؤتمر جنيف ـ 2 حول سوريا الذي تحول التحضير له الى طبخة بحص، يأمل بعض المراقبين "الـ على نياتهم" ان تتم تسوية النزاع على طريقة "لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم". ولكن حتى هذه الطريقة ستكون على حساب "الغنم السوري". وسوريا، جيشا وشعبا واخيرا نظاما، ومعها روسيا، لن ترضى بأن تتنازل عن مصالحها القومية والتاريخية والجغرافية، وان تعامل كـ"قطيع غنم" عليه، بالجملة او بالمفرق، بالنقدي او بالتقسيط، ان يرضي رغبات الذئب الاميركي وجراويه العربية والاسرائيلية والعثمانية.
وبالمناسبة لا يزال بعض اليساريين السابقين (من امثال جورج صبرا) البلهاء او المتظاهرين بالبله، يريدوننا ان نصدق ان المعركة في سوريا هي من اجل "الدمقراطية!!!".
نحن في لبنان نعلم علم اليقين، وبالتجربة المريرة، ان النظام السوري تميز بأنه نظام فردي دكتاتوري مخابراتي وفاسد، وهذا بالضبط ما جعل "الحيط السوري واطي" امام المؤامرة الامبريالية العالمية على سوريا، وجعل النظام السوري غير قادر على حسم المعركة في بضعة ايام وسحق عظام جميع العملاء الداخليين والخارجيين في سوريا.
ولكن ان يقول لنا الاستاذ جورج صبرا او الاستاذ كريم مروة او النائب السابق "الشيوعي!" (يا لطيف!) الياس عطالله وكل من لف لفهم إن اميركا واسرائيل وتركيا والسعودية ومشيخة قطر ومملكة البحرين وتنظيم "القاعدة" و"جبهة النصرة" وقطاعي الرؤوس واكلة اللحوم البشرية، الذين سرقوا الاف المعامل في منطقة حلب ونقلوها الى تركيا، والذين ما دخلوا قرية او بلدة سورية الا واذلوا اهاليها واغتصبوا نساءها ("شرعا" بطبيعة الحال) ونهبوا محلاتها وبيوتها، ـ ان يقولوا لنا ان هؤلاء يريدون "الدمقراطية!!!"، فإن علينا ان نسألهم: اذا كانت هذه هي دمقراطيتكم، فما هي الوحشية والبربرية والهمجية؟!!!
فإذا تجاوزنا هذه الديماغوجية المفضوحة والمخجلة حول "الدمقراطية!!!" الكاذبة، فإن السبب الجوهري الرئيسي للحرب على سوريا هو الصراع الاميركي المستميت للسيطرة على مكامن النفط والغاز المكتشف في شرقي البحر الابيض المتوسط، اي سوريا وما حولها، وذلك من اجل استمرار الهيمنة الاقتصادية والسياسية العالمية للدولار الاميركي ولاميركا.
ولننظر في ذلك عن قرب:
ـ في 1 ـ 22 تموز 1944، اي عشية نهاية الحرب العالمية الثانية عقد قرب واشنطن ما يسمى مؤتمر بريتون وودز، الذي حضره 730 رئيسا ووزيرا ومديرا وخبيرا من 44 دولة، وأقر فيه رسم الخريطة السياسية للعالم بعد نهاية الحرب، وفيه تقرر انشاء المؤسسات العالمية الملحقة والتابعة لاميركا: الامم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للانشاء والتعمير. وفي هذا المؤتمر فرضت اميركا على دول العالم الاعتراف بالدولار بوصفه العملة الدولية الرئيسية بموازاة الذهب. ولما كانت الحكومة الاميركية في عهد فرانكلين روزفلت قد الغت التغطية الذهبية للدولار منذ ما قبل الحرب، فقد تعهدت الحكومة الاميركية امام المؤتمر بأنها تضمن معادلة: كل أونصة ذهب تساوي 35 دولارا ورقيا عليه توقيع الحكومة الاميركية.
فعلام اعتمدت الحكومة الاميركية لتقديم هذا التعهد امام دول العالم؟
ـ اعتمدت على عاملين:
الاول ـ اتفاقية يالطا: ففي 4 ـ 11 شباط 1945 عقد مؤتمر يالطا على البحر الاسود في الاتحاد السوفياتي، الذي وقعت فيه اتفاقية يالطا لتقاسم النفوذ العالمي، اي عمليا تسليم كل العالم (ما عدا الاتحاد السوفياتي واوروبا الشرقية حينذاك) للزعامة الاميركية. وخرج فرانكلين روزفلت من يالطا وهو يحمل وثيقة موقعة من خائن الشيوعية الاكبر يوسف ستالين بتفويض اميركا بالسيادة على العالم بأسره. (ولبعض السفلة الاذكياء او البلهاء الذين يتساءلون: كيف نتهم ستالين بخيانة الشيوعية؟ نقول: عشية الحرب أعدم الخائن ستالين 6 مارشالات من هيئة الاركان السوفياتية و35 الف ضابط في الجيش السوفياتي وترك الحدود السوفياتية بدون تحصينات، مما اتاح للجيش النازي ان يجتاح ملايين الكيلومترات المربعة من الاراضي السوفياتية وان يقضي على ويأسر ملايين الجنود السوفيات في الاسبوع الاول فقط من الحرب في حزيران 1941. وبعد ان هب الشعب الروسي العظيم ومعه الشعوب السوفياتية الاخرى وقضى على الوحش النازي، تحول الخائن ستالين من "حليف" فعلي لهتلر الى "صديق" مكشوف لروزفلت واعطاه اتفاقية يالطا للسيطرة على العالم).
والثاني ـ الحلف النفطي الاميركي ـ السعودي: ففي 14 شباط 1945 طار روزفلت من يالطا مباشرة الى مصر، واجتمع في البحيرات المرة في قناة السويس على متن السفينة الحربية الاميركية كوينسي مع الملك السعودي عبدالعزيز آل سعود، واتفق معه ان لا "يشغل باله" بمتاعب استخراج وتصنيع وتسويق النفط، وان اميركا "صديقة العرب والمسلمين" ستتولى القيام بهذه المتاعب، وستدفع للعائلة السعودية حقوقها من "الخراج" النفطي، تبعا لاحوال السوق. والطرف الاميركي هو الذي يقرر اسعار النفط الخام وعائدات العائلة السعودية منه. وطرح في وقتها "سعر اميركي" يدفع للعائلة السعودية يتراوح بين 2 ـ 3 دولارات ورقية لبرميل النفط الخام.
واذا قمنا بعملية حسابية بسيطة وقسمنا سعر اونصة الذهب كما حددتها حينذاك اميركا اعتباطيا وتعسفا (35 دولارا للاونصة) على سعر برميل النفط الذي تقبضه العائلة السعودية (2 ـ 3 دولارات للبرميل) تكون النتيجة: 12 ـ 18 برميل نفط مقابل اونصة الذهب.
واذا قمنا في هذه اللحظة، او قبل سنة، او قبل 10 ـ 20 ـ 30 ـ 40 ـ 50 سنة بقسمة سعر اونصة الذهب على سعر برميل النفط، سنكتشف (بدهشة او بدون اي دهشة) ان اونصة الذهب تتراوح فعلا بين 12 ـ 18 برميل نفط خام او اقل او اكثر قليلا، بالرغم من كل تقلبات سعر صرف الدولار، واسعار النفط والذهب.
وهذا يعني ـ بكلام آخر ـ ان اميركا (وهي دولة براغماتية بامتياز) قد استبدلت التغطية الذهبية للدولار بالتغطية النفطية (اساسا السعودية والخليجية) للدولار.
وهذا هو المدلول العملي لرضوخ مختلف دول العالم للسيادة الاميركية (بفعل اتفاقية يالطا) ولتحويل الدولار الى العملة العالمية الاولى (بفعل اتفاقية روزفلت ـ عبدالعزيز).
وتحويل الدولار الى العملة العالمية الاولى يعني ان اميركا صار بامكانها ان تطبع دولارات ورقية ليس بمقدار حاجة الدورة المالية الاميركية، بل بمقدار حاجة الدورة المالية العالمية. وبالتالي صار بامكان اميركا ان تسرق كل العالم بطباعة عملتها الورقية. فاذا كانت الدورة المالية العالمية تحتاج 50 ـ 100 تريليون دولار مثلا، فإن العصابة الرأسمالية اليهودية في "فيديرال ريزرف" (الذي ينوب عن البنك المركزي الاميركي) تطبع 60 ـ 120 تريليون دولار، اي تسرق العالم بمقدار 10 ـ 20 تريليون دولار، اي ما يساوي الناتج الداخلي القائم الاميركي كله. ولكن مهلا: عيب! كيف نسمي هذا سرقة؟ ـ انها "دمقراطية". أليس كذلك يا استاذ جورج صبرا ويا استاذ جريس الهامس ويا استاذ فؤاد النمري!
ولنعد الى معركة سوريا: ما علاقة كل ذلك بالمعركة في سوريا؟
المسألة بسيطة وواضحة وضوح الشمس: اذا بدأ استخراج النفط والغاز من شرقي المتوسط (سوريا وما حولها) بوجود الاسطول النووي الروسي في سوريا، وبوجود الصواريخ الايرانية القادرة على اغلاق مضيق هرمز في اي لحظة، وبوجود صواريخ حزب الله في لبنان القادرة على سحق اسرائيل، فهل ان سوريا ولبنان وحتى قبرص ستسلم استخراج النفط والغاز لاميركا كما سلمها عبدالعزيز (عفوا: الملك عبدالعزيز) النفط السعودي والخليجي؟ وهل ان سوريا ولبنان وقبرص ستبيع حتما نفطها وغازها بالدولار الاميركي؟ ام انها ستعتمد سياسة اقتصادية جديدة وتبيع النفط والغاز بالليرة السورية والليرة اللبنانية وبالروبل الروسي وبغيره من عملات الدول كالهند والصين والبرازيل وغيرها.
اذا خسرت اميركا وجبهتها المعركة في سوريا، فإنها لن تكون قادرة ان تفرض استمرار اعتبار الدولار العملة الدولية الرئيسية.
واذا سقط اعتبار الدولار كعملة دولية رئيسية فإن الوف التريليونات الدولارات الورقية التي طبعتها اميركا وسرقت بها العالم سترتد الى اميركا وستسحق الاقتصاد والمجتمع الاميركي في ساعات وايام قلائل، وستنفجر اميركا من الداخل، وسينهض الـ 112 مليون هندي احمر الذين ابادهم العنصريون البيض في اميركا، وعشرات ملايين الزنوج الذين قتلوا او ماتوا تحت السياط الاميركية، سينهضون من قبورهم غير المعروفة ولكن الموجودة في كل شبر من الارض الاميركية، وسينهشون باسنانهم كل ما هو رأسمالي يهودي وماسوني وانكلو ساكسوني ابيض عنصري في اميركا.
امام هذا الخطر "الداخلي" فإن اميركا تفضل الف مرة الحرب "الخارجية". ولكن بوجه اميركا الان تقف روسيا العظيمة. لا ستالين الخائن الديماغوجي المتوحش. ولا يلتسين الخائن السكير المتهتك. بل روسيا الروسية. روسيا الشعب الروسي. والروسي يمكن ان يقامر وان يغامر وان يخسر اي شيء، الا سيفه. الا الحرب. فاذا ما هز اي كلب اميركي رأسه او ذنبه في اي نقطة في العالم، فإن الصواريخ والرؤوس النووية ستنقض من الفضاء الكوني ذاته على جميع المدن الاميركية، وسيتم سحق الاراضي الاميركية بالتسوناميات البحرية الهائلة التي ستنطلق بفعل التفجيرات النووية التي تتولاها الغواصات الروسية الرابضة في المياه الاقليمية الاميركية في قاع المحيطين الاطلنتيكي والباسفيكي.
ان اميركا اليوم تقف امام الحساب العسير. ولكن اميركا قادرة على التراجع، وعلى مراجعة حساباتها، وتجنب المصير القاتم الذي ينتظرها، ولو الى حين. وذلك عن طريق التوصل الى تسوية دولية مع روسيا وحلفائها: دول البريكس، وايران وسوريا وحزب الله وما تبقى من المقاومة الفلسطينية.
واول ما يمكن ان تفعله اميركا هو التخلي عن "حلفائها" وعملائها السعوديين والقطريين والعثمانيين والقاعديين والنصراويين وبلا زغرة "الـ14 اذاريين" في لبنان.
ولكن هؤلاء "الحلفاء" والعملاء يدركون ان هذه هي فرصتهم الاخيرة، ولذلك فهم سيزايدون على اميركا واسرائيل ذاتها ويستميتون لاثبات وجودهم على الساحة ولجر اميركا عبثا الى المعركة.
وطالما انهم "يستميتون" فسيأخذون "موتهم" الزؤام الذي يستحقون! ولا حول ولا قوة الا بالله!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحطيم سورية وسحق الشعب السوري البطل
سوري فهمان ( 2013 / 7 / 2 - 14:17 )
لقد أخطأ كاتب هذا المقال وكان يجب أن يقول
معركة سورية تجه نحو الحسم في إتجاه واحد: تحطيم سورية وسحق الشعب السوري البطل بإسخدام الزرافه الأهبل


2 - كي لا تفنى -الغنم-
قاسم حسن محاجنة ( 2013 / 7 / 2 - 17:15 )
التحليل منطقي والدلائل متينة والاسلوب شيق .
لكن على ارض الواقع فأن حيوات الكثيرين هي على المحك
لذا على النظام وهذه مسؤوليته ان يبادر بتقديم -خارطة -طريق لسحب البساط من تحت المساندين -لثوار- ابناء هنود اكالة الكبود!!

اخر الافلام

.. مشاهد تظهر فيضانا يغرق قرى في البوسنة


.. مظاهرة وسط العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية وا




.. انفجارات في الضاحية الجنوبية لبيروت


.. في اجتماع انتخابي له في كارولينا الشمالية .. ترمب يعد بتصنيع




.. مروحية إسرائيلية تقصف الحدود اللبنانية