الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسر الاحمر

كاظم فرهود

2013 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكد تنقضي بضعة اشهر ونيف على انقلاب 8 شباط 1963 حتى باتت واضحة وسافرة الانقاسامات والخلافات داخل السلطة وخارجها . فمن جهة كان عبد السلام عارف وجماعته الضباط والقوميون يزاحمون القيادة البعثية ويطمحون بالاستيلاء على السلطة مستغلين استياء الشعب من سياسة البعثيين وتصرفات الحرس القومي, ومن جهة اخرى كانت كتلة الضباط التكارتة ( جماعة البكر ) تخطط لازاحة العناصر القيادية في الحزب واكثريتهم من المذهب الشيعي , معتبرين ذلك امر غير طبيعي ويجب اصلاحه!! واخيرا كانت القيادة البعثية تعاني من خلافاتها وتناقضاتها .
الى جانب ذلك كانت العوامل والاسباب الموضوعية الاخرى تلعب دورها في تأزم سلطة الحاكم وتقريب ساعة تفجير الصراع , وعلى رأس هذه العوامل استياء الشعب وابناؤه الطيبين البسطاء من سياسة الحكم وهيمنة البعث والحرس القومي.
وبمعنى اخر ان الشروط الموضوعية متوفرة لمهاجمة السلطة واسقاطها , غير ان الظروف الذاتية لهذا الطرف اوذاك غير معروفة وليس بالامكان تخمينها وتقديرها الا بحساب وتقدير الاطراف المعنية.
وكان النسر الاحمر , ابن العائلة الفلاحية التي ابعدها الاقطاع من ( ديارها) الى منفى (عين التمر) في كربلاء يعيش بقلب نازف وحزن عميق لمصيبة وطنه وشعبه الذين استباحهما الطاغوت في انقلاب 8 شباط.
كان حسن سريع , هذا الجندي (النائب عريف) في مدرسة قطع المعادن في معكسر الرشيد, منذ فترة وهو يواصل عمله المضني ليجمع من حوله اخوته الجنود في الخدمة الفعلية , واخوانه العسكريين خارج الخدمة ويحشدهم تنظيميا وتعبيويا من اجل حركة عسكرية في معسكر الرشيد , تكون انطلاقة التحرير والتطويح بحكم انقلابيي شباط المشؤوم.
انه العراق , ولا يهمه غير العراق موضوعا وقضية .. انه اكبر واعظم واسمى وأجل ... العراق مبدؤه ومنتهاه.. قيده وحريته..وباختصار موته وحياته.
هذا النسر العراقي وابن الشعب البار وجد نفسه محكوما بالاعدام ان لم يجد طريقه الى الثورة ضد الطاغوت وضد المفسدين في الارض. وكان برماً باضاعة الفرص ويرفض الحجج والاعذار التبريرية للانصراف عن الثورة وصنعها .
وفي تصورات حسن سريع ان الثورة او الانقلاب العسكري بحاجة الى قلب جسور ونسبه معينة من المغامرة لابد منها. ان الثورة ليست لعبه خطرة وحسب , بل والمفروض ان يجري التحذير من اللعب بالثورة , فان لم تتوافر الظروف الموضوعية والذاتية انذاك ستكون النتيجة الفشل والهزيمة.

ومع ذلك كانت حسابات حسن سريع والهيئة القائدة للقيام بانتفاضة معسكر الرشيد تحتاج الى وقفة استثنائية و خططية تصحيحية , حتى وان نالت الانتفاضة اسمى ايات البطولة ومنتهى الاستحسان الشعبي.

كان حسن سريع المسكون بمشاعر الهمة والغيرة لا يضيع فرصة واحدة من جهوده من اجل التعبئة والتحشيد , وكانت اماله وامال القيادة معلقة على نجاح المنتنفضين في كسر سجن رقم (1) واطلاق سراح السجناء و الموقوفين من الضباط , حتى يمكن مواصله الانتفاضة واستخدام الامكانيات والاختصاصات المطلوبة.
غيّر قادة الانتفاضة موعد (ساعة الصفر) وحولوا الموعد الجديد الى 3 تموز بدلا من الموعد السابق تلافيا لأحتمال ان يكون الموعد السابق قد عُرف او سيُعرف من خلال اللغط والثرثرة , وان كان هذا الاحتمال لم يحصل كما بينت الاحداث.
قبل مغادرة الأجتماع الاخير , في الساعة الثانية عشر والنصف (ليلة تنفيذ الانتفاضة في ذلك الكوخ الصغير في منطقة كمب سارة ) الذي احتضنه ورفاقه الثوار , اقسم حسن سريع بتربة الوطن ان يحرروه من رجس المجرمين.

وفي صبيحة 3 تموز 1963 , ومع طلائع الفجر اطلق البطل حسن سريع اطلاقة بداية الانتفاضة . وكانت المهمات قد وزعت و حددت النقاط الهامة وهوجمت.
وبينما اندلعت الانتفاضة كانت اصدائها قد وصلت الى حكومة الانقلاب والى قادة حزب البعث, وكان منذر الونداوي القائد العام للحرس القومي ونائبه نجاد الصافي اول القادميين الى معكسر الرشيد.
ولدى وصولهم القي القبض عليهم في باب المعسكر من قبل الثوار. واودعوا التوقيف, وتبعهم لاحقا كل من وزير الخارجية طالب شبيب و وزير الداخلية حازم جواد حيث كان مصيرهم كمصير من سبقهم فقد اعتقلوا واودعوا التوقيف دون اهانات او تحقير او اساءة. وكان حرص قادة الانتفاضة بان لا تكون هناك خروقات للشرعية القضائية او لحقوق الانسان , وان على الانتفاضة ان تميز نفسها بوضوح عن اعمال الحرس القومي الوحشية المجرمة. هذا في الوقت الذي كانت فيه الانتفاضة تبرر الخروقات والانتهاكات التي تحصل هنا وهناك بسبب المواجهات والاصطدامات.
وتبعهم بعد ذلك عبد السلام عارف وهو يعتلي احدى الدبابات وبصحبته كتيبة الدبابات الرابعة. وكانت انذاك معركة سجن رقم واحد مشتعلة وكان الحرس بقيادة مدير السجن ( الملقب بالاحمر) يدافعون بضراوة حتى لم تعد هناك امكانية لقهر السجن وتخليص السجناء. وهكذا فشلت المحاولات وهُزمت الانتفاضة , واستطاع عبد السلام عارف ان يسجل لنفسه عارا جديدا في قدرته على انهاء الانتفاضة.
خلال محاكمته وردا على سؤال رئيس المحكمة : " هل تريد ات تصبح رئيسا للجمهورية ؟؟" اجاب حسن سريع : " ما اردت ان اكون رئيسا للجمهورية او ضابطا في الجيش. انما اردت ان اسقط حكومتكم". وهو نفس السؤال الذي يعشش في عقول الكبار من اصحاب السلطان, والذين يستكثرون على ( رعاع الشعب) ان يتبوأو المناصب العالية !
وختاما لهذا الموجز البسيط عن الشهيد البطل حسن سريع ورفاقه الميامين ادون ادناه بعض ابيات من قصيدة للشاعر الكبير كاظم السماوي بتمجيد البطل :
يا فارس العشق الربيعي القصير
ويا وضوحا في الوضوح
لو كنت فينا قبل ان تأتي
ومنزلنا الغريق
يغور نحو القاع ... كنت
المئذنة
وضوى الطريق
نحو الاعالي, راية الشهداء
والحزب المحارب
كنت النشيد , وكنت فينا
ما زلت يا حسن السريع
تقيم فينا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حسن السريع
فؤاد النمري ( 2013 / 7 / 2 - 19:28 )
ليتمجد أسمك يا حسن
ولتبقَ فينا الثائر السريع


2 - المناضل كاظم فرهود
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 7 / 2 - 21:05 )
تحية و محبة و سلام و احترام
كانت مواقف سجلها التاريخ و الوجدان و ستبقى
هو و رفاقه معدومين كان سيلفهم النسيان لكنه ابى ذلك واراد ان يكون لاعدامه موقف مشرف و كان له و لرفاقه
لهم المجد والخزي لأعدائهم
ملاحظة
اعرف ما تعني باختيارك للنسر لكن يقال ان الصقر افضل لان النسر يأكل الفطائس
اكرر التحية
لكم دمتم بتمام العافيه

اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-