الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يجب أنْ يُقال قبل فَوْت الأوان!

جواد البشيتي

2013 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
إنَّ أحداً لا يجادل (ولا يشكِّك) في شرعية الرئيس مرسي؛ فهو أوَّل رئيس مصري مدني منتخَب، وفي انتخابات حُرَّة نزيهة، بشهادة العالَم، وبشهادة خصومه الآن؛ لكنَّ قسماً كبيراً من الناخبين الذين صوَّتوا لمرسي، والذين ليسوا من أنصار ومؤيِّدي جماعة "الإخوان المسلمين"، انضم الآن إلى صفوف معارضيه ومناوئيه.
وانصافاً للحقيقة، نقول، وينبغي لنا أنْ نقول، إنَّ قوى كثيرة، بعضها من معارضيه في "جبهة الإنقاذ"، وبعضها من معارضيه من بقايا عهد مبارك، قد توفَّروا على جعله أكثر عجزاً عن أنْ يُنْجِز من الأعمال والمهمَّات ما يُضيِّق الفجوة (التي ازدادت اتِّساعاً) بين "الرئاسة" وبين ثورة الخامس والعشرين من يناير، بما تُمثِّل في المطالب والغايات. وساء الأمر أكثر إذْ بدا مرسي يحكم في طريقة تسمح لقوى وجماعات بالتأسيس لدولة منافية، من حيث الجوهر والأساس، للدولة الديمقراطية المدنية الحديثة؛ فَفَقَد مرسي تأييد القسم الأكبر من الشباب الثوري، الذي هو لا غيره من يُنْزِل الشعب إلى الشارع.
وإنَّ أحداً من الحريصين على ثورة الخامس والعشرين من يناير، وعلى روحها على وجه الخصوص، لا يُنْكِر، وينبغي له ألاَّ يُنْكِر، أنَّ كثيراً من قيادات "جبهة الإنقاذ" استبدَّت بها "الانتهازية السياسية"، وجَنَحَت لتحالفٍ (غير مُعْلَن على وجه العموم) مع قوى وأشخاص (في الدولة، وفي خارجها) من بقايا عهد مبارك، والذين يتربصون بالثورة الدوائر، ويسكبون الزَّيْت (في طرائق وأساليب شتَّى) على نار كل أزمة ونزاع، غير مكترثين لمصر وشعبها وأمنها القومي.
وإنَّ أحداً من الثوريين اليقظين، الذين لا تغشى الأوهام أبصارهم وبصائرهم، لا يثق بـ "ثورية" المؤسَّسة العسكرية، وبحرصها على ثورة الخامس والعشرين من يناير، ولا يصدِّق زعمها الانحياز إلى الشعب وثورته، في أوقات الضيق، أو تساميها عن كل نزاعٍ سياسي بين "الموالين" و"المعارضين"؛ ولا يثق، أيضاً، بجهاز القضاء، والمحكمة الدستورية؛ فإنَّ ذاك الجهاز، وهذه المحكمة، ما زالا سجينين لدى السجين مبارك.
وإنَّ أحداً من العقلاء، ومن الثوريين العقلاء، لا يجادِل في الأهمية الثورية (والسياسية) التاريخية لثورة الثلاثين من يونيو، وفي أنَّ هذه الثورة الشعبية أكبر وأعظم من طرفيِّ الصراع ("الرئاسة" و"جبهة الإنقاذ") معاً؛ وإنَّ الموقف الحقيقي منها هو المقياس الذي به نقيس كل المواقف؛ وإنَّها لحماقة ما بعدها حماقة أنْ نَنْسِب هذه الثورة العظيمة إلى "جبهة الإنقاذ"، أو إلى قوى منسوبة إلى عهد مبارك. حتى حملة "تمرُّد"، والتي أبلت بلاءً حسناً، لا يحق لها أنْ تنسب إليها هذه الثورة، التي ينبغي لنا فهمها، لجهة الدافع إليها، والغاية التي تنشدها، على أنَّها ثورة للشعب المصري على كل ما تعرفه مصر الآن من أحوال وأوضاع تتنافى مع كل ما أرادته، وسعت إليه، ثورة الخامس والعشرين من يناير العظمى؛ وعلى الرئاسة، وجبهة الإنقاذ، وبقايا عهد مبارك، والجيش، والولايات المتحدة، أنْ يفهموا ثورة الثلاثين من يونيو على أنَّها "الوليدة الولاَّدة"؛ لقد ولدتها ثورة الخامس والعشرين من يناير إذْ اشتدت أزمتها، ولسوف تَلِد هي مزيداً من أشباهها إذا ما خرجوا في سَيْرهم عن سِكَّتها البائنة الواضحة الجلية.
هذه الثورة إنَّما جاءت لتقول إنَّ مصر أكبر وأعظم من أنْ تُحْكَم بما يُطْلِق العنان لـ "الأسلمة"، أو من أنْ تحكمها قوى كتلك التي يمثِّلها البرادعي وموسى، أو من أنْ تعود إلى حكم مبارك، أو القوى التي مثَّلها هذا الحكم، أو من أنْ يحكمها العسكر، ولو من طريق أنْ يجعلوا أنفسهم الرَّقبة التي تحرِّك الرأس.
جاءت لتقول أيضاً إنَّ على كل القوى والجماعات، التي قطعت كل صلة لها بعهد مبارك، أو ببقايا عهده، والتي لا تَقْبَل أبداً بحكم العسكر، ولو خلقوا على عجلٍ ما يشبه "أتاتورك"، أنْ تلتقي، في مناخ هذه الثورة الجديدة، وأنْ تتَّفِق، بعد إعطاء حصة الأسد في التمثيل والرأي والقرار للشباب الثوري، على البدء في خلق كل شيء من "العدم"؛ على أنْ يكون "مخلوقهم الأوَّل" هو "الدستور"، الذي يؤسِّس للدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، بعد أنْ يقره الشعب؛ وإنَّ "مدنية" هذه الدولة لا تَتَّسِع، على اتِّساعها، لا للعسكر، ولا لاتِّجاه "الأسلمة".
مرسي ليس "الخليفة العثماني"، والسيسي لن يكون "أتاتورك"، وجيشه لن يكون "الحارس للدولة المدنية الحديثة"؛ ويجب ألاَّ يُسْمَح لهذا الجيش (الحارِس) بِلَعِب لعبة "إطاحة الحكومات المنتخَبَة"، حتى يتهيَّأ لمصر ما تهيَّأ لتركيا أخيراً، فتَلِد، بعد طول وعُسْر مخاض، حزباً إسلامياً كحزب أردوغان.
هذا مسارٌ لا يصلح لمصر، ولا تستصلحه ثورة بحجم وأهمية وعظمة ثورة الخامس والعشرين من يناير، ووليدها الجديد، ثورة الثلاثين من يونيو.
ولكل من ارتضى الخداع، خداع نفسه، وخداع الشعب، خياراً، أقول إنَّ المؤسَّسة العسكرية المصرية، التي بدت في بيانها زاهِدةً في الحكم والسلطة، منزَّهَةً عن كل نزاع سياسي بين الطَّرفين، قد أكَّدت وأوضحت، في مستهل بيانها، أنَّ الجيش هو "طرف أساسي في معادلة مستقبل مصر"؛ فَلِمَ يضربون صفحاً عن هذه الجملة الأهم في البيان؟!
الجيش وجبهة الإنقاذ يعتزمان ركوب هذه الموجة الشعبية؛ أمَّا حزب مرسي فيمكن أنْ يركب الموجة الشعبية الإسلامية؛ وإنَّ أخشى ما أخشاه، من ثمَّ، أنْ تَقَع الكارثة، وأنْ يكون هتاف "النصر" هو "النصر، النصر، حَكَم العسكر، وذهبت مصر"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثوره 30 يونيو والمؤسسه العسكريه
حاتم حسن ( 2013 / 7 / 3 - 11:30 )
المؤسسه العسكريه المصريه ولاسباب تاريخيه قوه محافظه ومعاديه للثوره
وخلال حكم مبارك تم بزنستها بمعني تحويلها لقطاع للنشاط الاقتصادي المربح
اوالذي ترتب عليه نمو وتضخم طبقه من البيروقراطيه العسكريه تتعارض مصالحه
بالضروره مع اي ثوره ذات افق ديوقراطي تقدمي
المجلس العسكري الذي ادار المرحله الانتقاليه بذل كل ما بوسعه لاعاده انتاج نظام مبارك والحفاظ علي الامبراطوريه الاقتصاديه التي يديرها بعيدا عن الرقابه الشعبيه
وتفاهم مع الاخوان لتامين نصوص دستوريه تحقق له هذا وقد كان
المؤسسه العسكريه مكون رئيسي للثوره المضاده مع عصابه مبارك والاخوان والقضاء
كل التقدير لجواد البشيتي الذي اثبت خلال تناوله للشان المصري رؤيه ثاقبه وروح
حريصه علي نقاء الثوره المصريه وتقدمها لتحقيق اهدافها العظيمه باكثر كثيرا
من سماسره السياسه من رجال جبهه الانقاذ وتجار الدين من تبار التاسلم السياسى
والاعلام الخاص الذي اسفر عن وجهه القبيح بمحاولته ضرب ستارا من النسيان والتعتيم علي جرائم ثلاثين عام بحجه ان المعركه مع الاخوان تجب كل ماعداها


2 - اصبت يا بطل العروبة والتنوير يا بشارالاسد
مصراوي ( 2013 / 7 / 3 - 11:35 )
هؤلاء من تدافع عنهم في سوريا وفي مصر الاسلاميون الارهابيون انظر كيف اوصلوا مصر الحظارة مصر الاهرامات وام كلثوم وجمال عبد الناصر الى شفى حرب اهلية

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و