الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي ضد جبهة الإنقاذ كعلي من معاوية

الحايل عبد الفتاح

2013 / 7 / 3
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


مرسي ضد جبهة الإنقاذ كعلي من معاوية
لكل سياسي ورجل سلطة منتقدين ومتمردين ومعارضين بل وأعداء. وكل من يمارس السياسة أو السلطة، بوعي أو بدونه، يجد في مسيرته السياسية وممارسته للسلطة مجموعة من الخصوم لا يرضون عن ممارسته السياسية والسلطوية. وخير حل وصل له العقل البشري لتلطيف هذه العداوات والخصومات السياسية والتطاحن على السلطة هو الخيار الديمقراطي الذي يفترض أن يختار الشعب من يحكمه ويسير شؤونه... ومن ثم فالعلاج الواقي من تطاحن الأحزاب والسياسيين هو الديمقراطية. وحين تستقر قواعد الديمقراطية في عقول الناس يصبح الشعب هو الموزع والمانح للشرعية والسلطة...ومن أوصله الشعب للسلطة يكون في الغالب في مأمن من خصومه بشرط أن يكون الخصوم يؤمنون بالديمقراطية...
لكن بين الثورة على الظلم والعدوان وبين الإنتقال الديمقراطي هناك مسافة لا يمكن عبورها إلا بالمرور بعدة محطات اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية يؤدي الشعب، خاصة طبقاته الكادحة، ثمنها...والوقت الكافي للإنتقال الديمقراطي ليس هو وقت استتباب الديمقراطية. فلبلوغ الديمقراطية لابد من أن يغير غالبية الشعب نظرته للماضي...ولابد له من أن يعرف من يختار لإدارة شؤونه...
لكن حين يسود الظلم والعدوان في وطن، خاصة إذا طال مقامه وتسلطه، فهو يولد نوعا من العلاقات الولائية القائمة على الترهيب والتخويف والرشوة والمحسوبية والزبونية...حين يستحكم طاغية في وطن فهو ينفث فيه سم الخضوع بالعصى والقهر والإكراه...حينها يسمى هذا الموطن موطن الديكتاتورية...والدكتاتورية هي نقيض الديمقراطية.
كل ما سبق ذكره ينطبق إلى حد بعيد على الدول العربية-الإسلامية...فهي تعيش مرحلة انتقالية في اتجاه الديمقراطية لأن أغلب الديكتاتوريين قضو نحبهم أو قتلهم شعبهم أو قامت ضدهم ثورات كنست حسهم وتأثيرهم الظاهر...
أما الوضع في مصر فهو وضع خطير. وهو وضع يذكر مثقفي العالم العربي الأمزيغي الإسلامي بما حدث لأجدادهم وذوي جلدتهم. من قرأ تاريخ العرب المسلمين سيتذكر اليوم بأن حرب صفين التي نشبت بين على ومعاوية سنة 37 هجرية كانت الفيصل الأليم...
اليوم قد يتساءل ممن له ذرة عقل وإنسانية : ما هو سبب خروج على ومعاوية للحرب في موقعة الجمل وخاصة حرب صفين؟ السبب هو السلطة والسياسة. العداوة السياسية والسلطوية هي السبب. كل منهما كان يطمح في الإستفراد بالسلطة لذاته ومؤيديه...كلاهما استعمل الناس ليجد مشروعيته...الشعب هو الذي كان يتحارب في آخر المطاف.
ألم يعلم علي ومعاوية أنهما كانا سيضحون بدم آلاف من الناس من أجل السلطة، وسيخلقان انقساما تاريخيا ما يزال العالم يعيش تداعياته السياسية والثقافية؟
معاوية جند على ما تذكرت كتب التاريخ 130 ألف محارب وجند على 135 ألف من الكوفيين (من ضمنهم أزيد من 100 ألف ممن حاربوا مع الرسول محمد، صلعم)...كانت بداية الفتنة الكبرى...ويروي بعض المؤرخين : " نزل معاوية بمَن معه عند نهر الفرات في وادي صفّين الوسيع، واستولى على الماء، ونزل الإمام علي(عليه السلام) في ذلك الوادي أيضاً، وقد منع معاوية أهل العراق أن يشربوا من ماء الفرات ولو قطرة واحدة، فأضرّ بهم وبدوابهم العطش، ولمّا لم تنفع محاولات أمير المؤمنين(عليه السلام) لبلوغ الماء بالحسنى، اضطرّه الأمر إلى استعمال القوّة لإنقاذ عشرات الأُلوف ممّن كانوا معه من الموت عطش"
حربهما ونهايتها كانت درامية. نهاية حربهما كانت نقطة تحول تاريخي في مسار الحضارة العربية الإسلامية...
ويذكر التاريخ بأنه : " قُتل من الطرفين خلال المعركة (70) ألف رجلاً، فمن أصحاب معاوية من أهل الشام (45) ألف رجلاً، ومن أصحاب الإمام علي(عليه السلام) من أهل العراق (25) ألف شهيداً".

منذ هتين الحربين بدأ الإنقسام السياسي في الدول العربية الإسلامية...
ونحن نستحضر الحرب بين علي ومعاوية لا نعطي لأي منهما الحق ولا الشرعية بل نرى بأن الأقوى والأدهى هو من استحوذ على الحكم واستحكم في مصير الملايين من العرب والمسلمين ووجه تاريخ العرب والمسلمين والأمزيغ وجهة غريبة...
التاريخ يعيد نفسه لمن يعرف خبايا التاريخ. وتجربة العالم العربي الإسلامي هي تجربة عميقة لكنها لا تدرس ولا يعيها المثقف العربي أو الأمزيغي...
مشهد مصر الحالي المنقسم بين مؤيدي النظام السابق ( بساحة التحرير...) والنظام القائم بعد ثورة 25 يناير ( ساحة رابعة العدوية...) هو نفس المشهد السياسي الذي رتب ديكوره وقواعد لعبته علي ومعاوية...
الفتنة الكبرى الآن بمصر هي في نظرنا ثاني فتنة يعيشها العالم العربي الإسلامي. وهي في نظرنا أكبر فتنة يعيشها العرب والمسلمون في بداية هذا القرن الواحد والعشرين...لا يعلم أحد كيف سينتهي الإحتقان وكم من القتلى والدمار ستنتج ( إن وقعت حرب أهلية) إن استمر الوضع على ما هو عليه...
لكن الفرق بين مشهد الصراع السياسي بين على ومعاوية يختلف في نقطة بالغة الأهية ألا وهي الشرعية الشعبية...فلا علي ولا معاوية كانت لهما الشرعية بمفهومها الديمقراطي. فكلاهما كان يرى نفسه وذاته مستحقة لأخذ السلطة...وكلاهما كان يجد في نفسه الأعذار لسوق العالم العربي الإسلامي إلى مصير مجهول...
أما في مصر الحالية فأحمد مرسي ومن حوله من الأحزاب فقد أتى بإرادة الشعب وسلطة الشعب، لكن خصومه لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالشرعية...وهم من حماقاتهم يرفعون راية " ارحل" وكأن 30 سنة من الدكتاتورية لم تنفع ليستيقظ المصريون من غفلتهم والعديد من المثقفين من سباتهم وطفوحهم...
فالمؤيدون لمرسي هم دعاة الشرعية ممن يؤمنون بالديمقراطية. أما ما يسمى جبهة الإنقاذ فهي لا تؤمن بالديمقراطية ولا الشرعية، بل جندت حشودا في ميدان التحرير وغيرها من الساحات العمومية لتطالب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، رئيس الجمهورية المنتخب من طرف الشعب. جبهة اللعبة واضحة. جبهة الإنقاذ هي فلول النظام السابق، شردمته من المستغلين والظالمين للشعب العربي الإسلامي...فهي ضد الثورة وتطمح إلى خلق انقلاب يعصف بكل ما أتت به الثورة والحلم الديمقراطي...
وما زاد في تعقد الوضع هو تدخل الجيش الذي خرج بإعلان يريد فيه حلا عاجلا من رئيس الدولة وإلا سيتولى قيادة البلاد...وكأن مرسي له عصى سحرية يطعم بها الجائعين ويروي بها الضمآنين البالغ عددهم 90 مليون نسمة...تعجيز مزعج ومطنب في السداجة...جرأة وقاحة وتصرف سياسي خاطئ نقص من الصورة الذهبية اللامعة للجيش المصري...
الجيش بقراره العبثي هذا دخل في لعبة سياسية تسير في وجهة جبهة الإنقاذ المبلطجة. لا ندري لحد الآن هل تصرف الجيش، بهذا الشكل، كان بوعي وتخطيط أو بدون وعي وتخطيط...فهو إن لوح اليوم بمثل هذا القرار فهو يضع نفسه فوق الشعب واختياراته لرئيسه ومسيريه، يضرب الشرعية عرض الحائط ويقتل الديمقراطية في عز طفولتها...هذا وأن تدخل الجيش بهذا الشكل، ولو بالكلام لحد الآن ، يشجع خصوم الثورة على الإستمرار في حشد بلطجيتهم وتقوية صفوفهم...ويضعف كل محاولة لخلق السلم والإستقارار الإجتماعي والإقتصادي والسياسي.
على جبهة الإنقاذ وبلطجيتها ومعها البعض من الضباط العسكريين أن يعلموا أن عجلة التاريخ لن تعود للوراء...مبارك لن يعود أبدا. كان ما كان وليس لأحد الحق في الإنقلاب على الشرعية ولا على الديمقراطية الفتية...
فكل تصرف زائد من قادة العسكر المصري سيحرق ليس فقط مصر وشعبها بأكملهما بل العالم العربي برمته...أما الدول الغربية فهي الأخرى مهددة إن فشلت الثورة المصرية ...مثال الجزائر ما يزال عالقا بالفكر العربي الإسلامي... فالدول الغربية إن لم تتدخل حاليا بطريقة عقلانية وشرعية فسترى العجب لأن مصير مصر هو مصير كل العرب والمسلمين...وكل مصالح الغرب هي الآن في كفة مرسي والثورة المصرية...من يرفض الثورة المصرية فهو يرفض العرب والمسلمين ويرغب ويسعى بوعي أو بدونه إلى خراب ذاته ومن حوله...لأن انتصار الثورة المصرية هو انتصار للعقل وللديمقراطية بالعالم العربي، وانتصار لمحاورين جدد اختارهم الشعب المصري والشعب العربي والمسلم...
وبغض النظر عن مرسي وحزبه، هذه نظرتنا كديمقراطيين يؤمنون بأن الشرعية في مصر هي الحل الوحيد والأوحد للسلم الإجتماعي المصري والإقليمي والدولي. مرسي الإخوان المسلمين لا يمكن أن يكون إلا ديمقراطيا...لا خيار له. دعوه يمر دعوه يعمل حتى نرى هل الشعب أحسن الاختيار أم أخطأ هل هو مستعد لمعانقة الديمقراطية أم لا....

الحايل عبد الفتاح، الرباط، 02 07 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديمقراطية وخلط الحابل بالنابل!
عدنان فارس ( 2013 / 7 / 3 - 00:55 )
وكيف عرفتَ بأن علي، في حال انتصاره، ماكان يفعل بالأمازيغ كما فعل معاوية؟ وكيف لكَ أن تعتبر الموقف من الأمازيع هو معيار التقييم في الصراع على السلطة بين علي ومعاوية.. وبين من خلَفهما من حكّام سادوا ثم بادوا.. وأمثالهم مستمرين؟
الديمقراطية وعلى غفلة من زمنها جاءت بهتلر وبموسوليني الى السلطة الذين تعاملا مع الديمقراطية كجسر ركلاه في نهاية الطريق الى السلطة وكذلك يحاول فعله اليوم بقية العقائديين، وتحديداً الاسلامويين، في ايران والعراق والآن في مصر وربما في تونس وليبيا... الديمقراطية لاتعني تأسيس وترسيخ حكم العقيدة والحزب كما شاء هتلر وموسوليني وكما يشاء الاسلاميون الجدد الذين ينظرون الى التفويض الديمقراطي على أنه تفويض مطلق لحزب او فئة... التظاهر السلمي والعصيان المدني حالتان في صلب الديمقراطية.. كما ينبغي للديمقراطية أن تكون طريقاً او جسراً ممتداً أمام الجميع في العلاقة بين الشعب والسلطة وليس تفويضاً عقائديا او حزبياً... والحديث يطول ويتشعب حول علاقة الاسلامويين بالديمقراطية!


2 - برافو برافو برافو
عبد الله اغونان ( 2013 / 7 / 14 - 03:43 )
هذا المقال عشرين على عشرين
كلمة حق في عهد نعيق الباطل
وكنت قد أشرت الى هذا سابقا في تعليقات سأذكرها
فالوضع وضع فتنة شبيه بما وقع لعلي كرم الله وجهه سنضطر الى التحكيم وسيخرج الخوارج وتكون فتنة يتلوها تشيع للاخوان وندم وأحزان بعد فوات الأوان
مازلنا نجد السير
يأتي الله بما فيه الخير

اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم