الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يسقط يسقط حكم العسكر!

يعقوب بن افرات

2013 / 7 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


عنوان الاهرام اليوم (3/7) لا يدع مجالا للشك - مصر امام انقلاب عسكري تحت غطاء "الاستجابة لإرادة الشعب". حركة "تمرد" جمعت حسب ادعائها 22 مليون توقيع على عريضة تطالب بتنحي الرئيس لإخواني محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة كما دعت للمظاهرات المليونية في 30 يونيو، يوم تولي مرسي للحكم قبل سنة بالضبط. استجابت الجماهير الغفيرة لنداءات الحركة الشبابية واحتشدت في الميادين كما حدث في 25 يناير 2011، لتثبت للقاصي والداني ان مصر ليست ملكا للاخوان و"مكتب الارشاد" بل لشعب متعطش للحرية، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ولكن تزامنا مع هذا المهرجان الشعبي الحافل صدر البيان رقم 1 للقوات المسلحة المصرية التي أمهلت الرئيس المنتخب 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب، وإلا سيضع "خريطة طريق" للخروج من الازمة الراهنة.
موقع "الاهرام" نشر تفاصيل خريطة الطريق، وحسبها، سيتم إلغاء الدستور ووضع دستور جديد، تشكيل مجلس رئاسي برئاسة رئيس المحكمة الدستورية، تشكيل حكومة مؤقتة يرأسها احد القادة العسكريين لإعداد انتخابات جديدة، وسيشرف الجيش على كل الاجراءات في الفترة الانتقالية. واشار الموقع على لسان مصدر موثوق أنه قد "صدرت تعليمات بالتعامل بحزم مع كل من يقاوم هذه القرارات, ووضعه تحت الإقامة الجبرية, تمهيدا لتقديمه إلى محاكم قد تكون ثورية. كما صدرت تعليمات بالتعامل مع الخارجين عن القانون بيد من حديد, سواء كان ذلك في سيناء أو في غيرها من المواقع, والتعامل بالطريقة نفسها مع أي محاولات تخريب".
الغريب في الأمر ان من دعا قبل سنة واحدة فقط بإسقاط المجلس العسكري يرحب اليوم بموقف الجيش "الوطني" المصري الذي "وقف دائما الى جانب الشعب". ان موقف المعارضة من الجيش ومحاولته الانقلابية يشهد على مدى الإفلاس السياسي الذي وصلت إليه. ان الشباب الثوار الذين بادروا لتشكيل حركة "تمرد" هم البرهان اليقين على الافلاس الذي وصلته المعارضة السياسية المصرية وتعبير صارخ عن عدم ثقة الجماهير بها. فالمعارضة بدل ان تقود الجماهير على اساس برنامج سياسي واضح، انجرت وراء حركة تتميز بتجرد من أي برنامج او انتماء سياسي. هذه الحركة شبيهة بحركات الاحتجاج الشبابية التي تنشط في انحاء العالم كله، من اسطنبول الى ريو دي جانيرو ومن مدريد الى نيويورك.
لقد استغل شباب حركة "تمرد" الغضب العارم والاستياء العميق من تصرف الاخوان، ونجحوا في تعبئة هذا العدد الضخم من الجماهير، دون طرح أي برنامج سياسي بل اكتفوا بمطلب سلبي واحد وحيد: "ارحل".
السؤال المطروح تلقائيا هو: اذا كانت المعارضة تتمتع بهذه الاغلبية في الشارع، فلماذا تخاف اذن من خوض الانتخابات، وتلقين الاخوان درسا من خلال صناديق الاقتراع؟ لماذا اللجوء الى الجيش والانقلاب العسكري في حين تتوفر كل الامكانيات لإجراء انتخابات نزيهة يحتكم فيها الجميع للإرادة الشعبية؟ الجواب بسيط، حركة "تمرد" هي حركة غير سياسية ولا قوة منظمة لها، والمعارضة مشتتة وهي الاخرى لا قوة لها منظمة لها، وبدل بذل المجهود الجبار المطلوب لبناء هذه القوة تسعى المعارضة السياسية لاختصار المسافات من خلال الجيش. هكذا حدث ان المعارضة تضحي بالديمقراطية وتفضل عودة العسكر، بدل حماية الديمقراطية التي هي مبدأ اساسي من مبادئها وقيمها، بينما يرى فيها الاخوان بدعة ووسيلة للانفراد بالحكم ليس الا.
نعم على مرسي ان يرحل، صحيح الاخوان غير مؤهلين لحكم مصر، ولكن استبدالهم يجب ان يتم من خلال صندوق الاقتراع وليس من خلال الانقلاب على الديمقراطية. ان تصرف الاخوان منذ ثورة 25 يناير يثبت انهم ضد الثورة، وضد الديمقراطية، وانهم يستغلون الثورة لخدمة أهدافهم الطائفية الضيقة. لجوء مرسي للإعلان الدستوري وتعيين النائب العام الإخواني ضربا عرض الحائط بالشرعية التي يدعي انه يستند اليها ويدافع عنها اليوم. لقد استهتر مرسي بالمعارضة وبالشعب المصري كله عندما دفع لاستفتاء على دستور غير توافقي. اخطأ عندما عيّن الاخواني هشام قنديل لرئاسة الحكومة، واستعجل في تعيين انصاره محافظين في 17 محافظة في انحاء مصر. وزاد الطين بلة عندما جمع انصاره في استاد القاهرة واعلن الجهاد على الشيعة في سورية، واخيرا قارن المعارضة وحركة تمرد بالخارجين على الاسلام.
صحيح، الاسلام ليس الحل، وسنة من حكم مرسي كشفت المضامين الحقيقية لحكم الاسلام السياسي. فحكم الاخوان لا يختلف كثيرا عن النظام السابق من ناحية سياسته الاقتصادية والاجتماعية. العلاقة مع صندوق النقد الدولي، عدم الاعتراف بالنقابات المستقلة الجديدة وعدم الاستجابة لمطالب العمال، كلها أثبتت ان الاخوان يطبقون النهج المتوحش للسوق الحرة الذي يفضل رأس المال الكبير على حساب العامل. كان بمقدور مرسي تطبيق المطلب الاساسي للثورة وهو "العدالة الاجتماعية"، ولكنه استهتر بالعمال والفقراء، مما زاد من تدهور اوضاعهم المعيشية وعمّق من خيبة الامل تجاهه وزاد النقمة على حكمه حتى انفجر لينصب في ميادين مصر كلها.
اليوم تقف مصر ومعها ثورة 25 يناير امام منعطف خطير، فالإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية ولا يطبقون العدالة الاجتماعية، ويُقصون عن الحكم كل من لا ينتمي لجماعتهم ويعتبرونهم "فلول" أي توابع النظام القديم؛ اما المعارضة فلا تتصرف بحكمة ولا تعترف بنتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وحركة "تمرد" فلا برنامج لها سوى التمرد على كل حكم دون اقتراح بديل سياسي. ان هذا الوضع السياسي التعيس يفتح المجال واسعا لتدخل الجيش الذي هو شئنا ام ابينا امتداد مباشر للنظام السابق، تابع لأمريكا، ولا يعرف كيف يحكم سوى بالقمع وباليد الحديدية والملاحقة السياسية والاقامة الجبرية.
طالما يرفض الاخوان الاعتراف بشرعية المعارضة السياسية، وتصر المعارضة على نزع الشرعية عن الاخوان، فستبقى مصر في طريق مسدود.
اليوم وبعد ان اتضح لكل الاطراف ان لا احد يمكنه ان يحكم مصر دون ان يأخذ بالحسبان رأي وموقف الآخر، بعد ان اثبت الشعب المصري انه لن يسمح لاحد ان يتحكم به بطريقة استبدادية او ان يفرض عليه تفسيره الخاص للدين، بعد ان كشف الجيش نواياه المبيتة، على طرفي النزاع، الاخوان والمعارضة، انتهاز الفرصة التاريخية للوصول الى حل وسط لانقاذ مصر من براثن العسكر.
على الميدان ان يفرض التوافق التاريخي بين الطرفين لحماية سيادة الشعب والدولة. في حين تدعم قطر الاخوان وتدعم السعودية المعارضة، على الشعب المصري ان يدعم نفسه وان يفرض على كل الاطراف الاحتكام للعبة الديمقراطية.
على مرسي ان يرحل ولكن ليس من خلال الميادين بل من خلال الصندوق. التحدي الكبير هو ان يتحول المهرجان الجماهيري الضخم الذي يهز العالم العربي كله، الى قوة سياسية تنافس الاخوان من خلال العملية الديمقراطية. فالإخوان يتمسكون اليوم بالشرعية لتبرير حكمهم، ولكن ليس من المؤكد أنهم سيخضعون لإرادة الشعب إذا هم خسروا الانتخابات. لذا فالشرعية والعملية الديمقراطية هي مصلحة المعارضة، وعليها هي اولا ان تحترمها وان تثبت جدارتها بالتحكم باللعبة الديمقراطية.
أما شباب تمرد فنقول لهم بشكل واضح إن النوايا الحسنة تقود احيانا الى الجحيم، وما يحدث في مصر اليوم من احتفال شعبي عارم يمكن ان يتحول الى كارثة اذا نفذ الجيش مآربه، وقد يجدون انفسهم اوائل الضحايا للحكم العسكري. على كل الحريصين على ثورة 25 يناير وانجازاتها، سواء كان اخوانيا او ليبراليا، سلفيا او يساريا، ان يهتف في كل الميادين بالصوت العالي: "يسقط، يسقط حكم العسكر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا ينفع العقل مع غير العقلاء
علقمة منتصر ( 2013 / 7 / 3 - 11:19 )
سيدي أنت تتكلم في وضع مريح لهذا تستطيع أن تفكر بهدوء، ولكنك لا تستطيع أن تفهم الثائرين على مرسي والإخوان. الإخوان مارسوا سياسة دكتاتورية ماكرة عبر تسخير الإسلام لخدمتهم وخداع الناس مخالفين حتى القوانين المعمول بها ثم فرضوا دستورا غير ديمقراطي ينص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع في بلد متعدد الأديان وهو احتقار لأقليات دينية تعد بالملايين وإلزام الناس على العيش في جزر منفصلة بسبب فرض الدستور الاحتكام إلى شرائعهم. نعم فرضوا دستورا غير ديمقراطي رغم احتجاج المعارضة ورفضها. الإخوان ثعابين وكلما استمروا في مقعد الحكم كلما زاد شرهم وصعب اقتلاعهم.
أما الوضع الذي آلت إليه الأوضاع في البلد فحدث ولا حرج: انقطاعات متكررة في الكهرباء، الماء، الغاز، طوابير لا آخر لها على محطات الوقود، البطالة، انحسار السياحة، تصاعد وتائر الجريمة إلى حدود غير مسبوقة.
سيدي، لا ينفع العقل مع غير العقلاء، كما لا تنفع الديمقراطية مع غير الديمقراطيين
فإلى متى تريد أن يصبر الناس، بل إلى متى تريد منهم أن يتحكموا في عقولهم؟


2 - الوضع شائك
عتريس المدح ( 2013 / 7 / 3 - 11:54 )
إن أكبر شرعية لاي شعب من الشعوب هو تحرك غالبيته للاعتراض على الحكم، الشعب المصري استجاب لنداءات حركة تمرد لانها مثلت ضمير الشعب الحي في موضوع الاخونة
خرج ما يزيد عن الخمس وعشرون مليون شخص ناضج عاقل فاعل استجابة للنداء وفي حسبة بسيطة يمكن القول بكل ثقة بأن هؤلاء مثلوا ما لايقل عن 75% من مجموع الشعب المصري
المهم أن يدرك الجميع أن العنف لا يولد إلا عنفا ومن يدفع الى العنف هو الاخوان لخلق مبرر للعسكر للسيطرة على الامر ، وهذا ما تريد أمريكا طالما سقط الاخوان حلفاء أمريكا، لانها لا تريد لثورة شعبية حقيقية أن تنتصر ولانها لا تريد لشعوب المنطقة امتلاك ناصية أمورها
نأمل أن لا يصل الامر حد السيطرة المطلقة للعسكر و أن يكون الامر مجرد مرحلة انتقالية تنضج فيه المعارضة وتنضج فيه حركة تمرد بما يخدم توجهات الشعب المصري الرافضة للاخونة والطائفية والرافضة لخيانة المصلحة الوطنية


3 - الاستاذ يعقوب بن افرات المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2013 / 7 / 3 - 15:17 )
تحية و محبة و سلام
الوضع خطير
اخوان المسلمين و من لف لفهم تمكنوا و تعمقوا وعرفوا الخبايا يسانهم جيش من الهمج من يتلذذون بالانتحار
ان كل جامع هو وزارة ثقافة و كل ملتحي مشروع للتكفير
لن يستسلم اخوان المسلمين واخوانهم ...السعودية خلفهم تريد الشريعة والاموال من التنظيم العالمي للاخوان متوفره و باسناد دولي لأنه لحد اليوم لم تُمنع حركة اموالهم في اي من الدول الغربيه او الشرقيه
اليوم صار هناك معسكرين الفصل بينهما حاد و دموي اخوان المسلمين من جهه و الاخرين من جهه
جهه مسلحه بالمال و السلاح و الفتاوى و اخرى مسلحه بالقلم والريشه والجوع
اكرر التحية


4 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 7 / 4 - 09:28 )
ما حصل في مِصر ليست ثوره شعبيّه , بل إنقلاب عسكري (في ثوب شعبي) على الديمقراطيّه و الشرعيّه .

اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا