الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدباء عظام ... و لكن

إبراهيم إستنبولي

2005 / 5 / 4
الادب والفن


أ - موضوع الوحدة عند ليرمنتوف و تشيخوف

ن . س . فافيلوفا
ترجمة د . إبراهيم إستنبولي

معروفة قصيدة ليرمنتوف " الجلمود " : باتت ليلتَها غيمةٌ ذهبية ، على صدرِ جلمودٍ - عملاق ؛باكراً في الصباح انطلقت في الدرب ، وهي تلعب فَرِحةًً في الفضاء اللازوردي . لكن أثراً رطباً بقي في تجعيدةِ الجلمود العجوز . وحيداً يقف ، وقد شرد في البعيد ،و هو يبكي بصمتٍ في الصحراء . 1841إنها أبيات عن الوحدة . و عن أنه تصادف لحظات يلوح فيها أمل بالتخلص منها . لكنه أمل مخادع ، لا يبقى بعده سوى أثر . " لكن بقي اثر رطب في تجعيدة الجلمود العجوز " . لقد كان تشيخوف يشعر بالوحدة طيلة حياته . لهذا لم يكن عبثاً يحمل في إصبعه خاتما حفر عليه : " الصحراء تحيط بالوحيد أينما كان " . هذا الخاتم كان يعود لوالد تشيخوف ، بافل ايغوروفيتش ، لكن ابنه انطون بافلوفيتش هو الذي حمله ... و عندما كتب قصة " في الطريق " 1886 ، تلك القصة عن الحياة المضطربة للرجل ( لن نتناول هنا الجانب الاجتماعي ، الذي كتب عنه الكثير من النقاد المعاصرين لتشيخوف ، مصنفين بطل القصة في عداد " الأشخاص الزائدون " ) ، فإن تشيخوف كان قد اتخذ كمدخل للقصة هذه الأبيات من قصيدة ليرمنتوف : باتت ليلتها غيمة ذهبية على صدر جلمود - عملاق ... أما مضمون القصة فهو بسيط : في خان يؤمه المسافرون ، يلتقي رجل و امرأة و قد فاجأتهما العاصفة الثلجية و هما في الطريق . ينشأ بينهما شيء ما ، ليس إحساس بالضبط ، بل شبح إحساس . اللقاء يجري في ليلة رأس السنة الميلادية ، وهذا يؤكد بشكل خاص على عدم استقرار و وحدة شخصين مسافرين يلتقيان صدفة . يؤكد ذلك أيضا الطقس ، الريح و الزوبعة الثلجية التي هبت في محيط الخان : " كان الطقس يضج في الفناء . شيء ما مسعور ، غاضب ، لكنه تعس حتى النخاع ، راح بعنفوان وحشي يدور حول الخان و هو يحاول اقتحامه و الولوج إلى الداخل " . يجري حوار ، حيث يتحدث بطل القصة ليخاريوف عن حياته و ، كما لو عرضاً ، يناقش مواضيع مختلفة جداً . عن الايمان : " الايمان هو تعبير عن مقدرة الروح . و هو يعادل الإبداع عملياً . يجب أن يولد مع الإنسان . و تلك المقدرة يمتاز بها الروس بدرجة عالية . لقد أهدت الطبيعة الإنسان الروسي قدرة غير عادية على الايمان ، لقد منحته عقلاً و ذكاء للتفكر ، لكن كل ذلك يتحطم شرَّ تحطّم على صخرة اللامبالاة ، الكسل و السذاجة الحالمة " . ثم يتكلم ليخاريوف عن العلوم و كيف أن هدفها هو السعي إلى الحقيقة . و بشكل خاص عن النساء ، اللواتي يؤدين رسالة سامية ، حسب رأيه ، هي " العبودية النبيلة و الراقية ، الصبر و الكرم الروحي ، الوفاء حتى القبر ، شاعرية القلب . إن مغزى الحياة بالنسبة للمرأة هو بالضبط في هذا العذاب بدون أي تذمّر ، بإذعان ، في الحب الغير محدود ، الذي يصفح عن كل شيء ، و الذي يجلب النور و الدفء إلى الحياة " . و من ثم ، متوجها بشكل مباشر إلى رفيقة الدرب ، يسألها : " انظري ، عندما تحبين شخصاً ما ، فإنك سوف تذهبين وراءه إلى القطب الشمالي . ألن تذهبين ؟ " . وهي تجيب : " نعم ، إذا .. أحببته " . هذا اللقاء - الصدفة في ليلة رأس السنة ، كلمات البطل ليخاريوف ، إخلاصه ، حماسه - كل ذلك يفعل فعله في شريكته بالحديث لدرجة أن " ... ايلوفاسكايا نهضت ببطء ، تقدمت خطوة نحو ليخاريوف و بحلقت في وجهه . في حرارة عينيه ، في كلامه ، في حركات جسمه الضخم كله انعكس قدر كبير من الجمال ، بحيث أنها ، ودون أن تنتبه لذلك ، راحت تقف أمامه كقطعة جامدة و هي تنظر في وجهه كالمسحورة " . لكنه يقبل الصباح ، تستعد ايلوفايسكايا للمغادرة . " نظرت ايلوفايسكايا إلى الاستراحة لآخر مرة ، وقفت صامتة و من ثم خرجت ببطء . ذهب ليخاريوف ليودعها . <... > عندما انطلقت الزحافة و راحت تبتعد ملتفة حول كثيب ثلجي ، نظرت إلى ليخاريوف مع تعبير يوحي كما لو أنها أرادت أن تقول له شيئاً ما . فركض هو إليها ، لكنها لم تقل أية كلمة ، فقط رَنَتْ إليه من خلال رموش طويلة و قد علقت بها حبيبات الثلج " . و " فجأة راح يفكر ، أنه كان بحاجة لاثنتين - ثلاثة من " اللمسات " القوية الرائعة ، لكانت هذه الفتاة < ... > ذهبت خلفه دون أن تسأل ، دون أن تناقش . وقف طويلا كالمسحور و هو ينظر إلى الأثر ، الذي تركته المزالق . بينما راحت قطع الثلج تتساقط بكثافة على شعره ، لحيته و كتفيه . بسرعة اختفى الأثر الذي خلفته المزالق ، وهو نفسه صار ، بعد أن غطاه الثلج ، يشبه الجلمود ، لكن عينيه تابعتا البحث عن شيء ما في الضباب الثلجي " . " صار يشبه الجلمود " ... لقد قدم سيرغي فاسيلييفيتش رحمانينوف كهدية نسخة من الفنتازيا " الجلمود " ، التي كتبها للأوركسترا صيف عام 1893 مع الكتابة التالية : " إلى انطون بافلوفيتش تشيخوف الغالي و المحترم جداً ، مؤلف قصة " على الطريق " ، و التي كان مضمونها مع المدخل هو الأساس لهذه المقطوعة الموسيقية " . و بالمناسبة ، إن موضوع الوحدة لم يكن غريباً عن سيرغي رحمانينوف أيضا .

ب - ست حقائق مجهولة من حياة هانس كريستيان اندرسن
- قبل مائتي سنة ولد كاتب الحكايات الشهير -

ترجمة د . إبراهيم إستنبولي

1 . ابن الملك
لقد شرح اندرسن فكرة حكايته " فرخ البط السافل " ليس كما نتصور نحن .
" .. يمكنك أن تنمو و تكبر في حظيرة الدواجن ، لكن المهم هو أنك فقست من بيضة بجعة . لو انك كنت ابن ذكر بط ( علجوم ) ، لكنت تحولت من بُطَيط تافه إلى مجرد بطة سافلة لا أكثر ، بغض النظر عن درجة طيبتك ! " – هذه هو الدرس الأخلاقي من الحكاية . لقد كان الكاتب واثقاً : والده – هو الملك كريستيان الثامن ، الذي سمح لنفسه ، في فترة كونه أميراً ، بالكثير من المغامرات العاطفية .
و من علاقته بالفتاة النبيلة إليزا أليفيلد – لاورفيغ ولد ، كذا ، الصبي ، الذي أعطوه إلى عائلة حذّاء و غسّالة . إذ أن الأميرة الدانمركية شارلوتا – فريديريكا أثناء رحلتها إلى روما قالت بالفعل لأندرسون أنه الولد غير الشرعي للملك . على الأرجح ، كانت الأميرة تسخر من الكاتب المسكين . لكن عندما حصل الكاتب الفقير في عمر الـ 33 منحة ملكية ، فإنه كان لا يزال مقتنعاً أن " والده لم ينسه بعد " .
تجري الآن في الدانمرك أحاديث حول التحقق من أصل اندرسن انطلاقاً من التحليل الوراثي .
2 . الوردة السحرية – علامة الحزن
في طفولته كان اندرسن يتعرض للإهانات من قبل الجميع – بدءاً بالمدرس ، الذي كان يضربه على يديه بالمسطرة عقاباً على شروده و جهله المرعب ، وصولاً إلى زملائه في الصف ، الذين طالما عانوا من " أعماله السوداء " . فقط تلميذة وحيدة واحدة اسمها سارا قامت يوماً بإهدائه وردة بيضاء . و قد كانت دهشة الولد غير المتناسق و صاحب الأنف الطويل قوية بحيث انه ظلّ طيلة حياته يتذكر تلك العجيبة . و يمكننا تعقب الوردة السحرية في الكثير من حكاياته .
3 . " أن تحيا يعني أن تقوم بالترحال "
هذه العبارة لأندرسون استعارتها كشعار الآلاف من الشركات السياحية في أيامنا هذه . فقد كان " الحكواتي " الشهير مهووساً بالحركة و بالسفر ، بحيث أنه قام بحوالي 29 رحلة كبيرة و طويلة ، و هذا رقم كان يبدو غير معقول في ذلك الزمن . و قد قدّم نفسه في ترحاله على أنه رَجل مقدام و شديد البأس ، كان يسافر راكباً الخيل و يمارس السباحة .
4 . الجبان العظيم
من الصعب أن نذكر ماذا لم يكن يخاف اندرسون و مما لم يكن يعاني . لقد كان شخصية هستيريائية بكل ما للكلمة من معنى . كان مجرد خدش بسيط يسبب له نوبة من الرعب ، و أسماء الأمراض كانت تجعله يرتجف . كان يموت رعباً من الكلاب ، و يتحاشى الأشخاص غير المعروفين له . كانت تتراءى له السرقات في كل خطوة ، و أما عادة التقتير لديه فكانت تجبره على الشك المعذِّب خوفاً من أن يكون قد دفع اكثر من اللازم لقاء ما اشتراه .
كان يتناول طعامه " عند الآخرين " ، مجهداً نفسه بوضع قائمة مُرهِقة بأسماء الذين " تَغدَّاهم " لكي يقوم بزيارتهم بالتسلسل .
و في نوبات الكوابيس كان يتراءى له أنهم يدفنوه حياً ، و لذلك كان في كل مساء يضع عند سريره ورقة كتب عليها : " أنا حي ! " .
كما عانى اندرسن طيلة حياته من ألم الأسنان- و هو يفقد واحداً من أسنانه ، كان دوماً يشعر بالتعاسة .. و عندما تَوَدّعَ مع آخرها في سن الـ 68 ، فقد صرح أنه لم يعد قادراً بعد ذلك على كتابة القصص !
5 . العاشق الأفلاطوني
" ما زلت بريئاً ، لكن دمي يشتعل " – كتب اندرسن عندما بلغ التاسعة و العشرين . على ما يبدو ، إن هانس أمضى حياته دون أن يكلّف نفسه إطفاء ذلك الحريق .
فقد أعطى وعداً لفتاته الأولى أن يتزوجها عندما يبلغ دخله السنوي ألف و خمسمائة ريكسدالير ( العملة الدانماركية ). و في سن الـ35 اصبح دخله السنوي أكثر بقليل ، لكنه لم يتزوج . مع أنه في نهاية حياته وصلت ثروته إلى مبلغ نصف مليون دولار ( حسب هذه الأيام ) ، بالإضافة إلى شقة في العاصمة كوبنهاغن لا تقل قيمتها عن 300 ألف " .
أما " العلاقات الغرامية الكبيرة " لأندرسن فقد بقيت جميعها ذات طابع أفلاطوني . لقد ظلّ لمدة عامين يسافر إلى السويد لزيارة المغنية يينّي ليند ( كانت تلقب بالبلبل نظراً لصوتها الرائع ) ، و كان يغرقها بالورود و بالأشعار ، لكنه لم يلقَ سوى الرفض . مع ذلك ، فقد حصل القراء على حكاية رائعة حول الطير المغني الساحر .
و في النصف الثاني من حياته كان يرافق اندرسن في ترحاله أصدقاء شباب ، لكن لم تُسجَّل أية أدلة على نشوء علاقات حميمية عنده .
6 . الأطفال و الموت
لم يكن لدى اندرسن أطفال . و كان عن طيب خاطر يحكي لأطفال الآخرين مختلف القصص ، لكنه لم يكن يطيق أن يجلس الأطفال في حضنه . و قبل وفاته بفترة وجيزة – و قد عاش 70 سنة – طلب هانس كريستيان من الموسيقار هارتمان أن يؤلف نشيداً خصيصاً ليوم دفنه . و بشرط أن يجعل اللحن متوافقاً مع خطوات الأطفال ، باعتبار أن الأطفال سيشاركون في الجنازة .
لم يكن هانس اندرسن يخشى أن يسبب الأذى النفسي للأطفال ، إذ لم يكن يطيق النهايات السعيدة ، لذلك فقد ترك لنا حكايات حزينة و أحيانا سوداوية .. أما القصة الوحيدة ، التي كانت تلامس مشاعره – كما اعترف هو – فقد كانت حكاية " حورية الماء " .
***
بهذه المناسبة قامت الأميرة الدانمركية الكساندرا ، التي تزور موسكو خصيصاً لهذه المهمة ، بالإعلان عن أسماء " السفراء السَحَرة " في روسيا و من بينهم المخرج السينمائي الروسي المعروف أيلدار ريزانوف ، الذي لم يكن ديبلوماسياً عند سؤاله عن رأيه باختياره سفيراًً ، إذ قال :
بعد أيام سوف أبدأ تصوير فيلم عن هانس كريستيان اندرسن . و لذلك فقد كان اختيارهم لي موفقاً من هذه الناحية ... و لكن بدلاً من لقب سفير ، كان من الأفضل أن يقدموا المال للمساعدة في إنتاج الفيلم .
و قد وعدت الأميرة .. ببحث هذه المسألة . و ستعلن عن ذلك في كوبنهاغن ، حيث سيجتمع سفراء الكاتب الساحر من جميع بلدان العالم و عددهم مائة و عشرون سفيراً .
ناتاليا غراتشوفا - مراسلة جريدة " كمسومولسكايا برافدا " في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن – استوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض