الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر القطري ومتطلبات المرحلة

قاسيون

2005 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


دخل التحضير للمؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي مراحله الأخيرة، وهو يشد انتباه أوساط واسعة في البلاد وخارجها، وهذا طبيعي، فعلى نتائجه سيتوقف ـ إلى حد كبير ـ شكل التطور اللاحق للبلاد، إن كان من حيث تحديد شكل مواجهة البلاد للتحديات الوطنية المنتصبة أمامها، إلى شكل تطور الحركة السياسية فيها، وصولاً إلى آفاق التطور الاقتصادي ـ الاجتماعي. وتجري هذه التحضيرات في جو نقاش واسع وحاد في المجتمع بين اتجاهات مختلفة حول القضايا الأساسية التي تهم البلاد، وتتبلور هذه الاتجاهات في مواقف، و رؤى يمكن تحديدها بالشكل التالي:
1. اتجاه يرى أن الحفاظ على النظام يتطلب عدم حدوث أية قفزات سياسية أو اقتصادية ـ اجتماعية لأن ذلك سيحدث حالة عدم استقرار غير معروفة النتائج.
2. واتجاه يؤكّد ضرورة إحداث إصلاحات سياسية بحتة في بنية النظام دون إعطائها أي مضمون اقتصادي ـ اجتماعي وحتى وطني، بحجة سد الذرائع التي يمكن أن تستخدمها قوى الضغط الخارجية المتمثلة بالدرجة الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية.
3. واتجاه آخر يرى ضرورة الإصلاح الشامل في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل يستنهض قوى المجتمع ويحدث الفرز الضروري لعزل قوى الفساد الكبرى التي أصبحت نقاط استناد واضحة للعدو الخارجي.
والواضح أن الاتجاهين الأول والثاني هما وجهان لعملة واحدة، وكل منهما يتطلب الآخر وهما بالجوهر يضعفان أسس الوحدة الوطنية التي أصبحت السلاح الأساسي في مواجهة التحديات القديمة والجديدة.
وإذا كان الاتجاه الأول من حيث المضمون الاجتماعي يحاول الحفاظ على مراكز الفساد ونفوذها، فإن الاتجاه الثاني في الجوهر يريد نقل عوائد الفساد من يد إلى أخرى بشكل قانوني ومشرعن.
لذلك يصبح على الاتجاه الثالث والذي يجب أن يعكس مصالح البلاد والعباد، أن يحدد أولوياته التي دونها لايمكن صياغة ذلك البرنامج الوطني الشامل الذي سيسمح لسورية أن تلعب دورها المنوط بها في مواجهة المخططات التي تستهدفها وعلى رأس هذه الأولويات:
صياغة دور جديد للدولة تنموي عقلاني منفتح على المجتمع، بعيد عن الدور السابق الذي لايستطيع أن يحل أية قضية من القضايا الحقيقية التي تواجهها البلاد، وبعيد عن الاتجاهات الليبرالية الجديدة التي تبشر بانتهاء دورها وخروجها المطلق من السياسة والاقتصاد والمجتمع.
صياغة دور جديد للحركة السياسية، ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي، التي لابد أن تستعيد دورها الوظيفي في حياة البلاد، بعد فترات اغتراب بينها وبين جماهيرها المفترضة، هذا الدور الذي لايمكن أن يتحقق دون فصل جهاز الدولة عن جهاز الحزب الحاكم وحلفائه ومنع تدخله بالشؤون الداخلية للأحزاب الأخرى، هذا الأمر الذي يجب أن يعكسه قانون أحزاب وقانون انتخاب جديد، ومجمل الإجراءات الديمقراطية الأخرى المطلوبة في المرحلة الحالية. وهكذا تتكون الأرضية الموضوعية كي يكون جهاز الدولة فعلاً تحت رقابة المجتمع الممثل بأحزابه السياسية وقواه الاجتماعية المختلفة.
صياغة برنامج اقتصادي ـ اجتماعي جديد يعالج المشاكل الحقيقية المتراكمة والمتمثلة بـ:
1. حجم الفساد الكبير والذي يلعب دوراً كابحاً ضد العدالة الاجتماعية، وضد النمو الضروري للاقتصاد الوطني، الذي دونه لايمكن التفكير بأي تقدم في أي مجال من المجالات الاجتماعية من بطالة وصحة وتعليم وثقافة.. إلخ..
2. اللامساواة الاجتماعية التي يعبر عنها شكل التوزيع المختل بين الأجور والأرباح، بحيث يعاد الاعتبار للأجر، وهو الطريق الوحيد لإعادة الاعتبار للعمل كقيمة اجتماعية.
3. الخلل البنيوي في الاقتصاد السوري، وبين المناطق المختلفة في سورية، والذي يؤدي إلى توترات اجتماعية يمكن أن تتحول إلى بؤر انفجارات لاتحمد عقباها في حال عدم تدارك ذلك.
والخلاصة إن الدور الاجتماعي للدولة لايتناقض مع دورها الاقتصادي، بل يتطلبه، فأكبر فعالية ممكنة للاقتصاد على المستوى الجزئي بعد تخليصه من النهب والفساد هو الذي سيؤمن تلك الموارد الضرورية للدولة لحل القضايا الاجتماعية ولتأمين النمو اللاحق، كي تتحول سورية إلى نموذج وبؤرة جذب في المنطقة.
وفي نهاية المطاف، فإن سورية مازالت دولة مواجهة ومازال جزء من أراضيها محتلاً، ومواجهة جميع المهام التي تواجهها تتطلب دولة برؤية جديدة، وهذا ممكن التحقيق، لأن القوى المساندة لهكذا مشروع هي القوى الأساسية في المجتمع السوري، وأي تجاهل لذلك هو الذي سيدخل البلاد إلى المجهول الذي تعمل عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، من أجل تفكيك بنية الدولة والمجتمع، الأمر الذي يتناقض جذرياً مع كرامة الوطن والمواطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة