الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الرئيس مرسي وحزبه مظلومان ؟

محمود جديد

2013 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما ننظر إلى الموضوع من خلال جوانبه الشكلية فالجواب سيكون بنعم ، لأنّ حزبه حصل على أغلبية المقاعد في مجلسي الشعب والشورى ،  ووصل إلى الرئاسة عن طريق انتخابات شعبية ديمقراطية ومباشرة  ...
وعندما ننظر بموضوعية إلى مسيرته ونهج حزبه فسنرى أنّ ما جرى كان بشكل أساسي نتيجة أخطاء ارتكبوها قبيل وصولهم للسلطة وبعدها ، وفيما يلي أهمّها : 
- إبعاد بشكل مباشر أو غير مباشرمن بين صفوف الإخوان المسلمين التيّار المتنوّر الذي كان يعبّر عنه أبو الفتوح والذي كان يحظى باحترام صادق من قبل الأغلبية الساحقة من  القوى والتيّارات الوطنية والديمقراطية واليسارية ، ولو كان أبو الفتوح رئيساً لمصر لما تطوّرت الأمور بهذه السرعة والكيفيّة اللتين شاهدناهما ... 
- عدم احترام عهودهم للقوى الوطنية المصرية أو الشعب المصري فكانوا في السابق يبدون لها زهدهم في الحكم وإذ بهم متلهّفون إليه بشغف ، كما تنصّلوا من تعهدّاتهم لتلك القوى قبيل الانتخابات الرئاسية ، وحاوروا النظام السابق  والمجلس العسكري منفردين ، وربّما وقّعوا معه على صفقات سياسيّة ... وبعد الجولة الأولى للانتخابات الرئاسيّة وعندما أصبح التنافس محصوراً بين محمد مرسي وأحمد شفيق التقى مرسي بقادة الأحزاب والقوى الوطنية وقدّم لهم تطمينات ووعوداً سياسية من أجل دعمه في معركة الرئاسة ، وكانت القاعدة الشعبية لهذه الأحزاب سبباً مهمّاً في تفوّقه على شفيق ، ولكنّه سرعان ماتجاهل ذلك ...
 و بعد تربّعه على كرسيّ الرئاسة أوّل ما غدر برموز المجلس العسكري الذين دعموه وسّهلوا وصوله إليها ،  ثمّ اتٰ-;-خذ سلسلة من القرارات  والتوجهات الخاطئة منها : 
ا - استعدى القضاء المصري الذي بقي يحظى بالاحترام والتقدير من الشعب المصري والعالم  على الرغم من وجوده في ظلّ  أنظمة ديكتاتورية وفاسدة .. 
ب - اعتمد الإعلان الدستوري الخاص به ، وانفرد حزبه وبعض القوى الإسلامية المساندة له بوضع  دستور لمصر بشكلً مخالف للأسس الديمقراطية المعروفة ، لأنّ الدستور هو عقد اجتماعي يضمن مصالح جميع المواطنين  ، وبالتالي كان من واجبه أن يشرك كافة القوى والتيارات المصريّة في وضعه .. 
ج - كما أظهر خفّة في اتخاذ المواقف السياسيّة بدون مبرّر موضوعي ، وكان من أهمّها : 
1 - تراجعه عن الخطة المصرية لمعالجة الأزمة السورية التي طرحها ، وبسهولة غريبة ومفاجئة تراجع عنها عندما ألقى خطاباً متطرّفاً أمام مؤتمر السلفيين وبحضور القرضاوي  يتناقض مع وسطية أخوان مصر السابقة التي كان يعبّر عنها رموز الأخوان المسلمين في عهد مبارك ، وأعطى الضوء الأخضر لتوجّه ( المجاهدين ) إلى سوريّة ..
2  - أقدم على خطوة غير مسبوقة بقطع العلاقات نهائيّا مع سورية متجاوزاً أكثر الدول العربية حماساً ضدّ النظام السوري ، وبدون استشارة وزارة الدفاع المصرية التي تعرف جيّداً حدود الأمن القومي لمصر وأهميته ماضياً وحاضراً والتي عبّرت عن امتعاضها من هذه الخطوة  ، وتمّ ذلك بعد حوالي شهر من إرجاع القائم بالأعمال المصري إلى دمشق فبدا بهذا القرار غير المدروس انتهازيّاً ،  لأنّه كان نوعاً من الغزل السياسي الرخيص للتيّار السلفي في مصر كي يدعمه في معركته مع المعارضة المصرية في 30 حزيران / جون /  ولم يجنِ من خطئه هذا سوى الريح لأنّ مرجعيّة  هذا التيّار  في السعودية وليّة النعمة والتي كانت أوّل المهنّئين للرئيس الجديد  ... 
3 - كان ردّ فعله لجريمة قتل شنيعة لأربعة من الشيعة وسحلهم في محافظة  الجيزة باهتاً ولا يتناسب مع الفهم الكلاسيكي للأخوان المسلمين والأزهر الشريف حول التعامل مع المذاهب والأديان ، ويتناقض مع مفاهيم جميع الأديان والأعراف والقوانين الدولية ، وإنّما يتناغم مع الفكر الوهّابي التكفيري .. 
4 - لم يتمكّن من تجسيد شخصيّة ودور رئيس فعلي لكافّة المصريين ، وإنّما بدا متلهفاً لتحقيق مكاسب سريعة لحزبه وأسيراً لقراراته ، وتبلور ذلك بشكل فاقع بتعيينات المحافظين والمناصب الحساسة والهامّة الأخرى .. وبمعنى آخر لم يستطع الخروج من جلد رئيس لحزب الإخوان المسلمين ويرتقي إلى تبوّء منصب رئيس مصر ويعبّئ مركزه هذا بجدارة واستحقاق  .. 
5 - لم يستطع ضبط تصريحات عناصر من حزبه حول مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والفنيّة والطائفية التي لم يستسغها شعب مصر العظيم المعروف بسماحته وطيبته ووسطيته في فهم الإسلام ، وخاصة أبناء مصر من الأخوة الأقباط ... 
6 - لم يقنع أحداً في سياسته تجاه الكيان الإسرائيلي أو القضية الفلسطينية ، وخاصة بالنسبة لقطاع غزّة على الرغم من وجود سلطة حماس فيه وتملّقها له  ، وتجاوز كثيراً من الخطوط الحمر التي كان يقف عندها نظام مبارك نفسه .. على الرغم من الوعود المعسولة التي صرّح بها في هذا المجال ...
7 - بدا رئيساً ضعيفاً في معالجته  قضية مياه النيل الخلافية مع أثيوبيا ، ولم يولِ هذا الموضوع الأهمية التي تتناسب مع حيويّة هذا الملفّ ، وخاصّة بعد بروز أصابع إسرائيلية فيه لها حسابات استراتيجية تمسّ حياة ومستقبل شعب مصر ... 
8 - لم يتمكّن من الإيفاء بوعوده الكثيرة للجماهير المصرية المسحوقة بلظى الفقر والحرمان والتي كانت في السابق خزّاناً لقاعدته الشعبية .. 
وعلى ضوء ذلك ، لم يكن محمد مرسي وحزبه بالمحصّلة  مظلومين  .. وعلى كلّ حال ، كان من مصلحتهما السياسية إشراك أطراف المعارضة في إدارة المرحلة الانتقالية وخاصة بعد حكم مستبد فاسد طويل  ، حتى يجدا شريكاً لهما يعينهما  في تحمّل الأعباء الثقيلة التي كانت بادية لكلّ سياسي ذي بصيرة  ..  ، ولكن بعد كلّ ماجرى فالزمن لن يعود للوراء ،  ولذلك ما نستطيع قوله هنا : من المفروض أن لا يقع الآخرون في الآخطاء نفسها التي وقع بها حكم الإخوان  ، وأن يعتمدوا سياسة حكيمة من أجل لمّ الشمل الوطني ومن ضمنهم الأخوان المسلمون بعيداً عن سياسة الإقصاء والانتقام  ، وإجراء مصالحة وطنية تؤسّس لنظام يتجاوز كافة أخطاء الأنظمة السابقة ، وإجراء انتخابات رئاسية نزيهة تعبّر بشكل دقيق عن إرادة الشعب المصري بكل شرائحه وفئاته  ... 
وأخيراً ، كلّنا أمل أن يلهم الجميع التعقّل والحكمة والصبر والتروّي لإخراج الشعب المصري العزيز من هذا المنعرج الخطير ،واستكمال ثورته الشعبية بجدارة حتى يشيد نظامه الوطني الديمقراطي الجدير، ويتبوّأ مكانته اللائقة به في قيادة الأمّة العربية جمعاء ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه