الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى بشار الأسد

ثائر زكي الزعزوع

2013 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


سأتجاوز الأعراف الدبلوماسية والتهذيب الذي تحلى به أدونيس حين خاطبك بالسيد الرئيس، فأنا لست أدونيس أولاً، وثانياً أنت لست سيداً رئيساً.
هل تعي حقاً ما تفعله؟
سأطرح عليك هذا السؤال الآن وفي نهاية رسالتي لعلك تستطيع التفكير بإجابة مقنعة.
يقول تسلسل الأحداث إنك استوليت على السلطة بعملية مخابراتية قذرة قادها زوج شقيقتك، وبقايا نظام أبيك المخابراتي الذين نصبوك رئيساً، واستغلوا الخوف الذي زرعوه في عقول وقلوب السوريين ليعبثوا بدستور الدولة، ويغيروا فيها ربما باقتراح من مساعد أول في مخابرات لا يميز بين الدستور وبين كتاب محو الأمية الذي نقله من صفوف المهجئين إلى صفوف المنظرين، وأنا هنا لا أقصد أحداً بعينه لكن أقصدهم جميعاً دون أي استثناء.
ثم جلست على الكرسي رئيساً لدولة يعود تاريخها لآلاف السنين، وبدأت لعبتك التي تهواها والتي درستها جيداً في بيت أبيك، مارست الإرهاب بأقصى درجاته فاعتقلت، وشردت، وقتلت، نعم قتلت، وأنا أستطيع أن أوجه لك أصابع الاتهام وبسهولة، ودون أن أستشير قضاءك المغفل، قتلت معشوق الخزنوي، وقتلت رفيق الحريري، وباسل فليحان، قتلت جبران تويني وسمير قصير، قتلت جورج حاوي.. ثم قتلت غياث مطر، والقاشوش، و حيان البحر....
قتلت الكثيرين في المعتقلات تماماً كما كان يفعل أبوك، وحرصت على أن تكون سر أبيك، وأنت الولد الذي قبع سنوات في الظل، قبع سنوات مرتبكاً، ولعل في هذا تفسيراً لحركاتك اللا إرادية التي تتجاوز الثلاثين حركة، وفق لعلماء نفس ومختصين.
اسمع يا بشار الأسد، لعل أجهزة مخابراتك الغبية توصل لك هذه الرسالة، لقد سامحك السوريون على العبث بدستورهم، وقبلوك رئيساً وهم الذين كانوا يحلمون بالخلاص من أبيك الطاغية الذي حول سوريا العريقة إلى "مستوطنة عقاب" فاشلة، تكبر بحياكة المؤامرات ضد الآخرين، كان السوريون يأملون ألا تسير على خطاه، لكنك كنت أفشل وأضعف من أن تحكم كرئيس حقيقي وفضلت مواصلة السير على طريقه، حتى في طريقته الغريبة في توزيع الاتهامات على الآخرين، كل الآخرين دون استثناء، ولم تفتح صفحة واحدة للمصالحة لا مع الغير ولا مع الشعب الذي كان يكره أباك، بل صدقت أكذوبة كنت شاهداً على تصنيعها في أقبية المخابرات المظلمة بأن سوريا بلد سعيد، لا يا بشار الأسد لم نكن بلداً سعيداً، كانت كآبتنا تتجاوز كل حدود، كنا نريدك مختلفاً تفكر ببلد مواطنوه يبيعون الغالي والنفيس كي يفروا منه إلى دول الخليج، الذين تسميهم عربان النفط.
لم نكن بلداً سعيداً، ولذلك ركضنا ركضاً باتجاه الثورة، تركنا كل شيء كي نلحق بركبها، ضحينا بالسعادة التي كنت تجود بها علينا، وبالأمن المصطنع، وبفسيفساء المجتمع الكاذبة، ضحينا بكل شيء كي نتخلص منك، هتفنا منذ اليوم الأول: ارحل. لم نكن نريد قتلك لأننا شعب لا يحب العنف، نحن شعب مسالم يا بشار الأسد، شعب لم يسجل له التاريخ يوماً عنيفاً إلا في ظل أبيك القاتل الذي نفذ أحكام الإعدام بحق العشرات وانتظر أن يصفق له أهلهم، نحن شعب مسالم، ولست أنت من علمنا السلام، بل أنت ومن قبلك أبوك علمتما الشعب الاستسلام والتفريط بالحقوق، تاجرتما بالقضايا دون أن تقدما لها شيئاً، ادعيتما العلمانية وتحالفتما مع إيران المتطرفة الظلامية، تتحدثان عن العروبة، بينما علاقتنا بكل الدول العربية كانت سيئة، هل تحب أن أذكرك ما هو عدد الرؤساء الذين حضروا القمة العربية في دمشق؟. هل تريد أن أذكرك كيف وصفت حكام العرب بأنهم أنصاف رجال، واعتبرت الرجولة تتمثل فيك وفي صاحبك المعمم حسن نصر الله.
لم نكن بلداً سعيداً، قلنا لك ارحل، خذ ما شئت من الكنوز والثروات وارحل، دعنا يا ابن حافظ الأسد نكتشف الحياة بعيداً عن ظلك وظل أبيك، دعنا يا ابن حافظ الأسد، وكنا مستعدين تماماً أن نكمل مسيرة المقاومة الوهمية لكن على طريقتنا نحن لا على طريقتك، كنا نريد أن نكملها بأغنية وقصيدة ومسرح، وحب لا تراقبه أجهزة المخابرات، كنا نريد أن نقاوم خوفنا وفشلنا، وهزيمتنا، بل هزائمنا وهي تزداد يوماً بعد يوم، هزمنا في الرياضة، وفي الاقتصاد، وفي الجامعة، وانتصرنا فقط في التمثيل، لأنه يشبه سياستك تماماً، سياسة تقوم على التمثيل والكذب، لا صدق فيها، ممثلون هزليون تتصدرهم أنت، وجمهور ساذج هم نحن، دون استثناء، بلا صحف ولا سينما، ولا أي شيء، تمثيل فقط، فالمقاومة مسلسل ممل، والممانعة مسلسل سخيف، والصمود والتصدي كوميديا رديئة، كنا نريد يا بشار الأسد أن نعيش سعداء، لأننا لم نكن سعداء، هل تسمع؟ نحن لم نكن سعداء...
أتذكر حين وقف أحد أعضاء برلمانك وهتف أن سوريا قليلة عليك، وأنك يجب أن تحكم العالم، أتعلم، في تلك اللحظة كنت أتمنى أن أكون مكانك، تلك كانت المرة الأولى التي أتمنى فيها أن أكون مكانك، أتدري لماذا؟ كنت سأرد عليه لأقول له: سوريا هي العالم. لأن الحاكم الذي لا يرى بلده أكبر بلد في العالم لا يستحق أن يجلس على كرسي رئاستها.
وأنت يا ابن حافظ الأسد لم تستحق يوماً الجلوس على كرسي رئاستها، لا بل لم تستحق أن تصبح طبيباً للعيون في إحدى مستشفياتها، لم تستحق أن تكون مواطناً فيها، لأنك لم تعلم معناها، لم تفهم جوهرها، لم تقرأ تاريخها كما يجب، لم تعمل فيها ولم تقبض راتبك آخر الشهر، لم تركب في وسائل النقل فيها، ولم تبحث عن بيت لتسكنه، أنت يا ابن حافظ الأسد لم تلعب في حاراتها، لم تقطف مشمشاً أو كرزاً من بساتينها، لم تفتنك واحدة من فتياتها، لم تصادق واحداً من شبابها الرائعين، أنت يا بشار الأسد لم تكن منها، لم تعرفها، لذا فإنه من السهل عليك أن تقتل شبابها، وترمل فتياتها، وتيتم أطفالها، من السهل عليك يا ابن حافظ الأسد أن تدمر بيوتها وتحرق بساتينها، من السهل عليك أن تدمر مساجدها، وكنائسها، فأنت يا ابن حافظ الأسد لم تكن واحداً منا، كنت ابن أبيك.
هل تعي حقاً ما فعلته وما تفعله ببلدنا؟
بلدنا يا ابن حافظ الأسد، بلدنا، سوريتنا، حمصنا، حمانا، دمشقنا، دومتنا، داريتنا، يبرودنا، عربيننا، حلبنا وادلبنا، رستننا، قصيرنا.
بلدنا يا ابن حافظ الأسد التي لم تسبح في مياه فراتها، ولا تسلقت نخيلها، هناك في دير الزور والرقة في البوكمال والطبقة.
ما الذي أبقيته لنا يا ابن حافظ الأسد؟
لماذا تحقد على بلدنا؟
لماذا تريد تدمير ذاكرتنا؟
لماذا تحرمنا من طفولتنا، وتمنعنا من زيارة قبور آبائنا وأجدادنا؟
لماذا يا ابن حافظ الأسد؟ ماذا فعلت لك سوريا الجميلة كي تدمرها؟
هل لأنها استحملت وحشيتك؟
هل لأنها قبلتك على علاتك؟
لماذا يا ابن حافظ الأسد، لماذا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24