الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مسودة قانون مجلس قبائل وعشائر العراق

كاظم فرهود

2013 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت مجلة الثقافة الجديدة في عددها المرقم 356 لعام 2013 ايضاحا مهما جدا حول مسودة مشروع قانون" مجلس قبائل وعشائر العراق" والمحتمل تقديمه الى البرلمان قريبا.
وقد خصصت المجله ملفا مكرسا للحوار ومعه ثلاث مساهمات لكل من السادة: هادي عزيزعلي (قاضي وباحث وقانوني) واحمد علي ابراهيم (سكرتير المجلس العراقي للسلم والتضامن) ومحمد حسن السلامي (حقوقي وناشط مدني).
وقدمت المجلة باختصار بعض الاراء والقراءات والصيغ ومنها رأي النائب محسن السعدون (عضو لجنة القانون البرلمانية) وتصريح النائب الشيخ محمد الصيهود (مقرر لجنة العشائر) واراء عدد من من الباحثين والشخصيات الاجتماعية ومنهم د.فالح عبد الجبار , والدكتور عامر حسن فياض.
وجوابا على سؤال: ما هو السر في اثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات؟ اظن ان السلطة القائمة حاليا ( حكومة المالكي) اغلبها , ان لم تكن كلها , متعاطفة ومؤيدة للموضوع, ولأن عددا كبيرا من الشيوخ الان في سدة الحكم والمجلس النيابي, ولأن الاحزاب والهيئات التي اعربت مرارا عن امتنانها واحترامها للاستعمار الامريكي وحلفائه بوصفهم محررين ومنقذين هي ايضا الى جانب توطيد نفوذ الشيوخ وسلطانهم !
ان اثارة هذا الموضوع تعيدنا الى ذكريات مؤلمة ومذلة . انها ذكريات الاحتلال البريطاني(1914-1920) وسياسته المشينة بوجه عام وسياسته تجاه الاراضي بشكل خاص, ولا سيما سياسته فيما يخص توطيد السلطة وهيمنة الشيوخ والرؤساء العشائريين الذين ارتبطوا بالاستعمار او الذين في طريقهم للارتباط والتبعية.
وبأثارة هذا الموضوع نذكر الاحتلال البريطاني وقانون دعاوى العشائر لسنة 1918 وكيف شُرع القانون دعما للشيوخ والرؤساء, ولتوسيع هوة التباين بين الريف والمدينة .. بين العشائر والمجتمع المدني.
ان سياسة نهب الاراضي من بعض الشيوخ المعارضين ومنحها للموالين والتابعين او جعلها وسيلة للمساومة والمحاباة , وكذلك لرشوة الطبقة الارستقراطية في المدن وربطها بالاحتلال, قد اوجدت تغييرات واضحة في حيازة الاراضي ( الاقطاعية) وتغيير الحدود وحقوق التصرف, وتوطيد التحالف بين الاقطاع وبين الاستعمار والسلطة الملكية.
في ظل الحكم المزدوج الاستعماري- الملكي اكملت وتُممت سياسة الاستعمار في اقامة نظام الارض شبه الاقطاعي شبه الرأسمالي, فاصدرت العديد من القوانين وانظمة الارض , ومنها القوانين التالية:
1. قانون حقوق وواجبات الزارع رقم 28 لسنة 1933
2. قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 1932
3. نظام قانون اللزمة رقم 51 لسنة 1933
4. قانون تفويض الاراضي الاميرية لسنة 1954
5. قانون تصحيح صنف الاراضي لسنة 1955
ان تشريع هذه القوانين و وضعها موضع التطبيق قد حققت للشيوخ والملاكين اهدافهم في مصادرة اراضي عشائرهم, والتي كانت العشيرة تتصرف بها بصورة عشائرية ودورية, وحولوها باسمائهم عن طريق "التسوية" سيئة الصيت او بتزوير ارادة العشيرة والفلاحين وبشتى طرق التحايل.
وبصدد هذه القوانين والانظمة كتبت البروفيسورة "دورين وورينز": (الواقع ان "تسوية" الاراضي في العراق تنطوي من الوجهة الفعلية على عملية مستمرة لنزع ملكية الزرّاع الفعليين ومنحها لشيوخ العشائر بوصفها ملكيات كبيرة)
وكتب الدبلوماسي الامريكي "كوك" ما يلي: (فكانت النتيجة ان شيوخ العشائر الذين كانوا يقومون سابقا على الاقل حسب القوانين العراقية السائدة بدور الوصي او المشرف على الاراضي المزروعة بشكل تعاوني, والخاضعة لحيازة العشيرة المشتركة اصبحوا المالكين الوحيدين لاراضي عشائرهم).
ذلك ما تواجهنا به ذكريات الماضي وذلك ما يثيره مجددا مشروع قانون "مجلس قبائل وعشائر العراق" , وفي ضوئه نتسائل : هل يمكن للمرء ان يصرف النظر او يتجاهل الاهداف القريبة والبعيدة للمشروع؟ وما هو المطلوب تحقيقه؟
اذ ان المشروع ليس جديدا ،وليس مرتبطا باللحظة الراهنة وانما تمدد جذوره الى الماضي البعيد. كما وان المشروع لا يعبر عن حاجات الفلاحين وضرورياتهم،وهو بعيد كل البعد عن اهدافهم واحلامهم باصلاح زراعي جذري ينهي العلاقات شبه الاقطاعية شبه الرأسمالية ،وتحويل الاراضي الى حيازات فلاحية وتعاونيات انتاجية .كما وللفلاحين مطالبهم الانية كتبليط الطرق الريفية وكهربة الريف والاكثار من المستوصفات والمستشفيات في النواحي والاحياء البعيدة وايجاد اعداد كافيه من مخازن الحفظ والتبريد،وتنظيم العلاوي واسعار البيع.......الخ
ان ما جاء في الماده 3 من اهداف المجلس لايعبر عن مصالح الفلاحين واحتياجاتهم بقدر ما يعبر عن حاجة الشيوخ والرؤساء , .فالاهداف الواردة في المادة 3 غالبيتها مزيج من المطالبات السياسية ـ الأجتماعية, مطالب مصاغة بقالب غائم وقابلة لشتى التفسيرات ماعدا هدف" منع النزاعات العشائرية" الذي بدا وكأنه الهدف الرئيسي للمجلس وكان النزاعات القبلية هي قدر العشائر ومصيبتها!
ان الاعتراف بواقع العشائرية واثرها الاجتماعي لا يعني قبول هذا الواقع كما هو بحسناته وعيوبه , وانما تؤخذ الجوانب الايجابية وتغيّب السلبية فيه , ويتوجب ايضا رفض الهيمنة والاستئثار بمصائر الفلاحين وسكان الريف وفرض السلطان عليهم بحجة العشائرية وتقاليدها. ان التعارض والتناقض بين مصالح الفلاحين عموما والفقراء خصوصا وبين مصالح الشيوخ الذين ينعمون بملكية عقارية زراعية واسعة نسبيا لا يجتمعان ولا يتفقان.
والاكثر من كل ما تقدم هو ما جاء في المادة (5) اولا من مسودة القانون فقد جاء فيها ما يلي:
"..... تتكون الهيئة العامة للمجلس من زعماء القبائل و رؤساء العشاءر والبطون و الافخاذ ومن السادة الاشراف والاعلام والرموز في المجتمع العراقي , ويشترط في عضوية الهيئة الجنسية العراقية و الاهلية الكاملة ".
تبدو جلية واضحة ان الهيئة العامة للمجلس محصورة بفئة طبقية هم من اصحاب الالقاب "الشرفية" العليا ! انهم اكابر... وعظماء ... واعيان .. ورؤساء ومشايخ ..الخ.
ان اصحاب الالقاب "الشرفية" هم وحدهم اختصوا بقيادة المجتمع العشائري وهم المؤهلون لقيادة كادحي الريف .. الفلاحين البسطاء!! وليس من حق "الرعاع" والمسحوقين غير الطاعة وتنفيذ الاوامر فالأكابر والأشراف والرؤساء اعضاء الهيئة العامة فهم الاسياد واصحاب القرار, وقد قيل من قبل "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" !!
أهذه هي الديمقراطية التي نص عليها الدستور في المادة (14) والقائلة "العراقيون متساوون امام القانون, دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي" ؟

لا اريد ان اصحح الاخطاء الحاصلة في مشروع مسودة القانون لان المشروع بحد ذاته قائم في الاساس على الخطأ, وكل الذي اعتقده صحيحا هو ان موضوع "القبلية و العشائرية" ينبغي ان تكون مرجعيتها الى الجمعيات الفلاحية التي اصبحت , وعلى مدى اكثر من خمسين عاما, هي الممثل الوحيد للفلاحين ليس فقط لكونها تتبنى اهدافهم ومطالبهم وانما لكونها هي الاقدر على حل مشاكلهم ونزاعاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا للعار
علي عباس خفيف ( 2013 / 7 / 7 - 13:03 )
لا أدري إلى أين يتجه المجتمع العراقي .. وأية عودة مخزية في وعيه وثقافته ومدنيته..

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة