الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوان وشرعية الانجاز

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


فرضت ثورة 30 حزيران المصرية تعديلاً على تعريف الشرعية الموروث عن تجربة تكامل بناء نموذج الدولة ــ الامة في أوربا ، خرجت به من اطاره القاموسي ــ الاكاديمي الذي استقر عليه المنظرون الحقوقيون والسياسيون ، وجعلته ينفتح على بعدٍ جديد يتمثل بشرعية الاطاحة برئيس منتخب اذا لم يستطع ان يجعل الامة تتوحد على برنامجه الانتخابي . بموجب تعريف الشرعية الديمقراطية يجب ان يظل الدكتور مرسي رئيساً لمصر حتى يكمل دورته الانتخابية في 1916 . والاطاحة به ( من وجهة نظرها ) عمل غير مشروع ، بل هو خطوة الى الوراء ، ونكوص الى الشرعية الثورية ، التي كانت النظم السياسية تولد فيها من رحم الانقلابات العسكرية والثورات والحروب الاهلية التي عرفتها المنطقة ، والتي لم ينتج عنها غير الدكتاتورية والاستبداد . هذه هي عموماً وجهة نظر الكثير من كتاب الغرب في ثورة مصر يوم 30 حزيران . لاوربا اذن وللغرب عموماً ( اصوله الفكرية ) التي يجب القياس عليها ، واي حدث في التاريخ تجترحه امة ما ويخرج عما رسمته اصولها من حدود يُعد : بدعة وهرطقة ما انزل التاريخ الاوربي فيها من سلطان . أما شرعية الانجاز التي تمحورت حولها وجهة نظر الثورة المصرية فترى بأنّ شرعية الحاكم الذي رفعته الى سدة الحكم أصوات الناخبين ( وجلهم بلا مأوى وبلا عمل ) لا تكتمل ان لم يتم انقاذهم من هذا المصير . ذلك أن مصر الاقتصاد ومصر الاجتماع ليست هي بريطانيا الاقتصاد والاجتماع ، واذا ما سهر السياسي الالماني او الامريكي على حل شفرات التحديات التي يواجهها اقتصاد بلاده ( كما لاحظنا ذلك بعد الازمة المالية في 2008 ) فأن ساسة العالم الثالث ومنها مصر مطالبون ببذل جهود استثنائية لحل الكثير من التحديات التي تواجه جماهير ناخبيهم الغفيرة . أمام مثل هذا الامتحان فشل الرئيس المصري ( كما تقول وجهة نظر الثورة المصرية ) فالرئيس المنتخب ظل يعالج المشكلات من وجهة نظر المرشد العام للاخوان ، والتي تتلخص في أسلمة او اخونة مؤسسات الدولة ، وجعلها قاعدة الانطلاق لاخونة العالم العربي والاسلامي وصولاً الى الهدف الكبير : الزام دول العالم بالتقيد بما تراه مؤسسة الخلافة من علاقة يجب ان تسود دول العالم . هذا الهروب الى امام من مواجهة القضايا المحسوسة والملموسة التي تضغط بقسوة على الجماهير هو الذي جعل الفراق حتمياً بين الرئيس وبين ناخبيه . لقد نجحت مصر في بناء مؤسستين هما الجيش والقضاء ، ومقارنة سريعة بينها وبين ما يجري في ليبيا وفي سوريا توضح ذلك بجلاء . كما نجحت مصر في بناء الكثير من القواعد الهامة لمؤسسات مجتمع مدني مستقلة كمؤسسة الاهرام ومؤسسات السينما والمسرح والموسيقى ، اضافة الى اتحادات كبيرة وذات صوت مسموع في الوسط الادبي والاعلامي والصحافي ، لم يقف وراء توجيه نشاطاتها حزب بعينه كما هو الحال في العراق . وكان هم الرئيس المصري ومن ورائه الاخوان على مدار العام المنصرم ، يتمثل بالصراع المستمر معها من اجل تطويعها بالقضاء على شخصيتها وصوتها المستقل . كل هذا الفارق النوعي في المهمات العاجلة الملموسة بين الدول الاوربية ومصر لم يأخذه الكاتب الاوربي بعين الاعتبار . وهو في هذا يكون قد استقر على سطح الظاهرة ولم يغص بحتاً عن الاسباب التي جعلت الملايين تنزل الى الساحات العامة وتنادي على الرئيس مرسي : ارحل . انهم يعبرون عن حزنهم وقلقهم على الآليات الديمقراطية التي يتصورون بأن الاخوان أحرص من الجماهير عليها . اذن شرعية الانجاز هي التي تحكمت بمعادلة الصراع التي جرت بين سلطة الاخوان وبين عموم المصريين ، فاصبح انجاز السياسي هو مقياس استمراره في تكملة دورته الانتخابية ، اذ ليس لدى الشعوب الفقيرة وقت فائض تمنحه لطوبائيي المهمات الكونية الكبرى ، وهي تشعر بأنها مساقة حتف انفها الى مرحلة من العبودية الدولية بسبب من سياسة سلطتها ( وسلطات الشعوب العربية الاخرى ) الاقتصادية المتمثلة بالاستيراد الكثيف في كل الميادين ، ومنها الميدان الاهم : استيراد خبزها. وفي هذا يكون على الكاتب الاوربي الخروج قليلاً على مركزيته التي لا يرى فيها من اضافة يمكن لغير الاوربيين تقديمها ، فثورة مصر سواء تقبلها القاموس الاوربي ام لا حلت هذه الاشكالية المعقدة بين جمود التعريف القاموسي وبين قوة زخم الحياة . ذلك ان الثلاثين من حزيران المصري قام من داخل المنظومة الفكرية الديمقراطية وليس من خارجها ، اذ كان الفعل الاول فيها لجماهير الشعب وليس للجيش الذي انحاز لا حقاً اليه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس