الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومة الشريفة ..!

هادي فريد التكريتي

2005 / 5 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لا أعتقد أن العراقيين زالت من ذاكرتهم الذكرى المشؤومة ليوم الانقلاب الفاشي في 8 شباط الأسود من العام 1963، وإن زالت أو تراجعت بعض الشيء عن أولويات ما تختزن ذاكرتهم في الوقت الحاضر ، فلأن ما يشغلهم اليوم من أمور حياتهم المعاشية وأوضاع أمنهم المتدهورة أهم ، إلا أن التاريخ والذاكرة العراقية ، قد اختزنت الكثير من الصور البشعة والأعمال القذرة ، التي نفذها رجال الانقلاب من القوميين العسكريين والبعثيين وعملاء المخابرات الأجنبية ، فضحايا الانقلاب كان جلهم من عامة الشعب ومن القوى الوطنية والديمقراطية ، المساندة للثورة والمدافعة عنها ، ولا زالت الذاكرة طرية تملؤها صور ضحايا المؤامرة ، مئات الجثث مضمخة بدمائها في شارع الرشيد وأمام مبنى وزارة الدفاع وأحياء بغداد القديمة والكاظمية والأعظمية ، والمشهد الأكثر إثارة وتعبيرا عن الحقد الشوفيني والطائفي كان عملية قتل قادة الثورة ـ عبد الكريم قاسم والمهداوي وعبد الكريم الجدة وآخرين ـ في استديو التلفزيون ، حيث نقلت مشاهد حية للجريمة من على شاشات التلفزيون ، مع كل ما رافق هذه الصورة من أعمال خسيسة بحق الضحايا الشهداء ، التي ينهى عنها الطبع الإنساني ، ناهيك عن كل الشرائع السماوية ... في هذه الجريمة استبيح العراق من أقصاه إلى أقصاه ، فالسجون قد امتلأت ، والمحاكم العشاوئية أصدرت مئات الأحكام بالإعدام ونفذتها ، في ميادين الرمي القريبة من موقع المحاكم ، في الحال ، ومقرات الحرس القومي في النوادي والقصور الملكية كانت مسالخ بشرية عذب فيها الآلاف وقتل تحت التعذيب المئات رجالا ونساء، كما اغتصبت نساء وفتيات في هذه المعتقلات رفضن التخلي عن أفكارهن ومبادئهن ، وسيرت قطارات الموت بالضحايا إلى مصير ومكان مجهولين ، كل هذه الجرائم ارتكبت في ذلك اليوم العراقي الأسود والحزين ، إلا أن البعثيين الفاشست أطلقوا على تلك المؤامرة القذرة أسم | عروس الثورات | رغم أن هذه العروس لم تكن بالمرة باكرا ، بل كانت عاهرا بكل مقاييس الشرف ، العربي والعراقي كذلك ، إفتضت بكارتها وولغت بها ال CIAقبل أن تخرج من مطبخ قذارة السفارة الأمريكية ليتولاها بالرعاية قادة الإنقلاب من البعثيين وحلفائهم ، وهذا ما أعلنه أحد قادتها المغاوير علي صالح السعدي ، وكما هي موثقة فيما يسمى ب " قائمة السفير " للضباط المحالين على التقاعد يوم 9 شباط ، فالحقائق مغرم بقلبها البعثيون ، وصفات ما يصفون دائما تحمل النقيض ، والمشهد أمام أنظار العراقيين والعالم كله يتكرر ، وتسمية الجريمة تحمل نقيضها ، وفي هذا الوقت بالذات حيث تستباح حرمة العراقيين ، والقتل يجري على الهوية ، والسيارات المفخخة تنفجر في كل سوق ومدرسة وتجمع جماهيري ، ويتساقط الضحايا بالمئات وهم من أبناء الشعب العراقي ، رجال ونساء وشباب وأطفال مدارس أبرياء ، كل هؤلاء مشروع قتل مشروع من قبل هذه " المقاومة الشريفة " ، لا لسبب غير كونهم من شعب استباحه نظام وأفقره طاغية ، وكل ضحاياه تبحث عن لقمة عيش في بلد كان من أغنى بلدان العالم ، ـ حتى هؤلاء المقاومون كان بعضهم يجأر من ظلمه ـ ويحاولون أن يعيدوه الآن لتكرار مآسي الغد ، أي شرف يدافع عنه البعض ومقاومتهم تختطف النساء والصبايا ويتم الاعتداء على شرفهن ويقتلن أو يذبحن دون جريمة تستحق مثل هذا ، أين الشرف ؟ هل هو في قتل حارس تطوع لحماية منشأة أو جسر أو نقطة حدود قد يتسلل منها إرهابي قد أعماه الحقد على شعب تخلص من نظام حكم بغيض لم يجن منه الشعب العراقي غير الكوارث والمآسي ، ..لقد مورست المقاومة للمحتل في بلدان كثيرة من العالم ، في الحرب العالمية الثانية ، قبلها وبعدها ، إلا أننا لم نر ولم نسمع أن مقاومة الفرنسيين أو الإيطاليين أو الأسبان أو غيرهم قد اعتدوا على مواطن أيا كان ، كما لم يتم اعتداء على إنسان ما أو اغتصاب فتاة أو امرأة ، هل لأن تلك "المقاومات " كانت غير شريفة ، ومقاومتنا التي نتحدث عنها ونصفها بالشرف لأنها تعتدي على العرض ، الذي هو نبراس الشرف العربي والعراقي ، أليست مقاومتهم تنطلق ـ كما يقولون ـ من قيم ومفاهيم وطنية وعربية وإسلامية ؟ كيف يمكن التوفيق بين الشرف والخسة والنذالة ، إن تدني إنسانية " مقاومتنا "وانحطاط قيمها ومفاهيمها ، وفقدانها لمعالم الشرف والفضيلة جعلها لا تفرق بين المفهوم ونقيضه ، أم أنها محاولة للتشبه بمفهوم " عروس الثورات." سيء الصيت ؟! ...هاكم مثلا حيا من واقع عراقنا الحديث ، المقاومة الوطنية العراقية، من مختلف القوى والأحزاب السياسية العراقية ، وطيلة خمس وعشرين عاما أو تزيد ، حملت السلاح وكانت قادرة على قتل واغتصاب وتعطيل قدرات المواطنين ،لإرباك ذلك النظام الفاشي ، إلا إنها لم تقدم على عمل يروح بحياة مواطن برئ بالخطأ، كما أنها لم تقدم على عمل يسئ لها بين جماهير الشعب وهي تدعي أن مقاومتها للنظام من أجل أن تخلص الشعب منه ..ألا يرى المدافعون عن " المقاومة الشريفة." أن أعمالها هذه مجافية لما يتوق إليه الشعب العراقي ، ألم يروا بأم أعينهم تحدي الشعب لهذه " المقاومة " يوم التصويت ؟ وإذا كان بعض المدافعين عن النظام الفاشي وعن هذه المقاومة يصفون التصويت بالفاشل لأنه لم يحقق أكثر من 60% من مجموع أصوات الناخبين ، ولم يكن كما كان ينتخب قائدهم الهصور ، أبو الهزايم ،حيث كان يحصل على نسبة 99,99% من مجموع أصوات الشعب العراقي ، فلينظروا إلى نسبة أصوات الناخبين في الدول المتطورة ديمقراطيا ، حيث لم تصل نسبة التصويت عندهم إلى القدر الذي وصلت عليه عندنا ، رغم التهديد بالموت عن طريق الأساليب " الشريفة "التي تستخدمها " المقاومة الشريفة "..وهذه اللحظة وأنا أعد هذه المساهمة أعلن عن تفجير سيارة مفخخة في أربيل راح ضحيتها أكثر من 60 قتيلا وعشرات الجرحى ، فلمصلحة من هذا أيها المدافعون عن شرف المقاومة !! ..فلو كانت هذه الأعمال كما يدعي البعض أنها لم تكن من أعمال مقاومتهم " الشريفة " وإنما من مخططات دوائر مخابرات ال CIA من أجل أن تبقى القوات الأجنبية في العراق ومن أجل أن تنفذ مشروع تجزئة أو من أجل إحداث فتنة طائفية ، ألا يعتقد أصحاب هذا الرأي أنهم ينفذون هذا المخطط وضالعون فيه عن معرفة ودراية ، وأنهم مساهمون فيه من أجل أن يصيبهم بعض ما فقدوه ، وتاريخهم القريب والبعيد يؤيد ما نذهب إليه ، وإلا لم لا يضعوا الأمور في نصابها وبحجم ما يعانيه شعبنا الآن وما عاناه على عهد الطاغية قبل سقوطه وهروبه ، رغم كل ما كان يملك من قدرات وطاقات وجيوش متعددة الأسماء وأسلحة فتاكة استخدمها ضد أبناء شعبه ، ويعلنوا عن وقف جرائم مقاومتهم ويستفادوا مما هو مطروح أمامهم من فرصة لنبذ العنف والإصغاء لمنطق العقل والمنطق للدخول في العملية السلمية لإعادة البلد إلى سابق عهده قبل أن يحل علينا ، غير المرغوب فيهم ، أبطال " عروس الثورات "ضيوفا مكروهين من قبل الشعب ،وقبل أن تزداد المآسي التي يخطط لها أبطال " المقاومة الشريفة " وآنئذ لا ينفع ندم ولا يقبل اعتذار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن