الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنَّها الثورة المضادة يقودها بونابرت صغير.. فالحيطة والحذر!

جواد البشيتي

2013 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
في فجر الثامن من تموز 2013، وحيث أوشكت كفَّة خيوط النهار ترجح على كفَّة خيوط الليل، بدأ (واتَّسَع) فَرْز وتمييز خيوط الحقيقة من خيوط الوهم في مصر التي أنجبها "الثلاثون من يونيو"؛ وكلُّ "مَنْ يطلب دليلاً"، بعد مجزرة الحرس الجمهوري، إنَّما هو كمثل مَنْ يطلب دليلاً على وجود النهار والشمس قد كبدت السماء.
هل أنتَ مع مرسي (المُعْتَقَل، والذي هو أوَّل رئيس مصري مدني مُنْتَخَب) وحزبه وجماعته ونهجه في الحكم؟
هذا سؤال خُذْهُ من أفواه سائليه وارمِهِ في المزبلة؛ لأنَّه سؤال الثورة المضادة، التي يقودها العسكر، متسربلين ومتدثِّرين بخليط شعبي، يشبه، شكلاً، شعباً ثائراً نزل إلى الشارع، وتركَّز في "الميدان ـ الرَّمْز"، ميدان التحرير العظيم؛ فما أكثرهم في "الميدان"، وما أقلهم في "السياسة"!
أوَّلاً، اسمحوا لي أنْ أوضِّح "أمْراً شخصياً"؛ فأنا كاتب هذه المقالة لا جامِع يجمعني (فكرياً) مع كلِّ الأحزاب والجماعات والقوى السياسية (والفكرية) الإسلامية، التي تجتهد في اشتقاق "السياسة" من "الدِّين (الإسلامي)"، وفي مقدَّمها جماعة "الإخوان المسلمين"، وحزبها؛ وإذا اتَّخَذْنا "العلمانية" مقياساً نقيس به الرُّؤى فإنَّ لديَّ من "العلمانية" ما يسمح لي بالطَّعْن والتشكيك في "علمانية" المصريين المتطرِّفين في "علمانيتهم"، وفي "علمانية" ألد أعداء مرسي من "العلمانيين"، وإنَّ لديَّ من الانحياز إلى "الدولة الديمقراطية العلمانية المدنية (دولة المواطَنَة)" ما يمنعني من قبول وتَقَبُّل أي "حكم إسلامي" ولو أتى من طريق انتخابات حُرَّة نزيهة، وحظي بأقوى شرعية انتخابية.
لكنَّ كل هذا لا يمنعني من أنْ أرى الأمور في حقيقتها التي لا تُفْسدها، ولا تشوِّهها، ولا تغشاها، أوهام، وأنْ أقول، من ثمَّ، إنَّ السؤال الذي ينبغي لنا الآن إجابته هو سؤال "ثورة الخامس والعشرين من يناير العظمى"؛ وهذا السؤال هو: هل أنتَ مع الثورة ("الشعبية") المضادة التي تقودها البيروقراطية العسكرية برئاسة السيسي، والتي شرعت تؤسِّس لـ "حُكْم بونابرتي"، سيشتد ويَعْظُم مَيْله إلى الأساليب والطرائق الفاشية في الحكم، توصُّلاً إلى العودة بمصر إلى "عهد مبارك"، بجوهره وأساسه، ولو اقتضى الأمر (ولسوف يقتضي) بقاء مبارك (مع بعض رجال حكمه) مُنَحَّىً عن الحكم؟
ليس كل ما يلمع ذهباً؛ وينبغي لنا، من ثمَّ، أنْ نَنْظُر في (وإلى) هذا "الحشد (أو الخليط) الشعبي" المناوئ للرئيس المعزول المُعْتَقَل مرسي، وأنْ نسأل أسئلة من قبيل: "مَنْ هُمْ هؤلاء؟"، "مِنْ أين جاءوا؟"، "لِمَ نزلوا إلى الشارع؟"، "ما هي دوافعهم الحقيقية؟"، "كيف نزلزوا (أو أُنْزِلوا)؟"؛ فإذا كانت كل "ثورة شعبية" تعني "نزول الشعب إلى الشارع"، فإنَّ هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ كل نزولٍ للشعب إلى الشارع يجب أنْ يكون "ثورة شعبية"؛ وإلاَّ أصبح أمْراً منطقياً أنْ نقول: إذا كان كل البرتقال فاكهة، فهذا إنَّما يعني، ويجب أنْ يعني، أنَّ كل الفاكهة برتقال.
إنَّ العسكر يَسْتَثْمِرون الآن في كل ما هو سيئ من عواقب وتبعات حكم، أو طريقة حكم، مرسي، مع التذكير بأنَّ قسماً كبيراً من هذه العواقب والتَّبِعات (السَّيِّئة) يتحمَّل مسؤوليته العسكر، وقوىً مضادة للثورة عملت في استمرار، بالسِّر والعلن، لإعادة مصر إلى عهد مبارك، وقوىً أعماها العداء لحكم مرسي حتى استسهلت التعاون والتحالف (ولو كان من نوع "السَّيْر على حدة، والضَّرب معاً") مع شياطين العهد القديم. لقد تركوه يحكم؛ فإمَّا أنْ يأتي حكمه بما يقيم الدليل على أنَّه "عاجِزٌ" و"فاشِلٌ"، بمعياريِّ "الحكم السليم الرشيد" و"الإنجاز الثوري"، وإمَّا أنْ يتصرَّفوا هُمْ بما يضطَّره إلى أنْ يحكم بطريقة تأتي بنتائج سيئة، تُسهِّل عليهم تأليب الشعب عليه، وجَعْل القوى والجماعات الليبرالية والعلمانية واليسارية والقومية أكثر تَطَيُّراً منه، فيتهيَّأ لـ "الانقلاب العسكري"، وجهاً مدنياً، وغطاءً "شعبياً ثورياً"؛ وها هو السيسي يقود "عربة" قوَّتها 22 مليون سيسي، بلا كوابح، عائداً بها إلى الوراء؛ وها هُمْ يهتفون بحياة هذا "المُنْقِذ"؛ فالسيسي هِبَةُ الجيش، الذي هو هِبَةُ مصر، التي هي هِبَةُ النيل، الذي هو هِبَةُ الله!
وإنِّي، مع السيسي، لأَشْفَق على اثنين في مصر، الأوَّل هو عدلي منصور، رئيسها المؤقَّت، والثاني هو الشعب المصري نفسه.
لقد نقلوا عدلي منصور، الرئيس المؤقَّت غير الشرعي، إلى قصر الاتحادية؛ وإنِّي لأنصح هذا الرجل (الذي أتته الرئاسة منقادةً..) أنْ يتذكَّر أنَّ لمصر رئيسان "شرعيان" هما الآن في السجن: الرئيس مبارك الذي لم يَتَنَحَ عن الحكم (وهذا ما يتأكَّد في بيان المرحوم عمرو سليمان) والرئيس مرسي (الذي أبى أنْ يتنحَّى، ولم يكن لديه شبيه عمرو سليمان).
أمَّا شعب مصر العظيم فأَشْفَق عليه؛ لأنَّ هذا الشعب الذي يتركَّز معظمه (98% منه) في 4% من مساحة مصر، أراه متركِّزاً الآن في "ميدانَيْن"؛ ولأنَّه صفَّق وابتهج لَمَّا رأى طائرات السيسي تحلِّق فوق الشعب في ميدان التحرير، مع أنَّ تحليقها كان رسالة تقول فيها البيروقراطية العسكرية للشعب: نحن فوق، وأنتم تحت!
مُذْ أعلن عمرو سليمان أنَّ مبارك تنحَّى عن الرئاسة، ناقِلاً سلطاته وصلاحياته إلى "المجلس العسكري الأعلى"، والمؤسَّسة العسكرية تعمل، وفي طرائق شتَّى، لإنهاء الثورة، وللدفاع عن بقائها "دولة في داخل دولة"؛ وأقول لكل من يستبد بعقله وَهْم "الشعب والجيش يد واحدة"، إنَّ قانون العمل السياسي للبيروقراطية العسكرية المصرية هو "خلع كل رئيس يتسبب بأزمة يمكن أن تعصف بدولة العسكر"؛ فالعسكر لا يمتثلون، ولا ينتصرون، لإرادة الشعب؛ وهُمْ بدلاً من أنْ يتغيَّروا بما يجعل إرادتهم من إرادة الشعب، هيَّأوا من الأسباب والأحوال والأوضاع ما حَمَل "الشعب"، أيْ جزءاً كبيراً منه، على أنْ يريد ما يريدونه هُمْ؛ وهُمْ إنَّما يريدون دائماً "رأساً مدنياً" تحرِّكه "الرَّقبة العسكرية"؛ وهذا ما يجعلهم ينتصرون دائماً لنظام الحكم الرئاسي، ولتقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية؛ فالحكومة البرلمانية التي تتمتَّع بجُلِّ صلاحيات وسلطات السلطة التنفيذية هي خصمهم اللدود.
أوَّلاً، يُفْرَج عن الرئيس مرسي، ويعود إلى منصبه، مع رفض صفقة "الإفراج عن الرئيسين معاً (مبارك ومرسي)"؛ ثمَّ استفتاء شعبي (عاجِل وفوري) يُقِرُّ فيه الشعب "التعديلات الدستورية"، مع نَصٍّ دستوريٍّ جديدٍ يتأكَّد فيه، ويتَّضِح، أنَّ الحكومة البرلمانية هي التي تتمتَّع بِجُلِّ صلاحيات وسلطات السلطة التنفيذية في البلاد؛ ثمَّ تُجْرى الانتخابات البرلمانية، ويُكْمِل الرئيس مرسي ولايته؛ لكن بسلطات شرفية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم
عادل الليثى ( 2013 / 7 / 8 - 15:54 )
نعم أنا مع الثورة (-الشعبية-) المضادة التي تقودها البيروقراطية العسكرية برئاسة السيسي، والتي شرعت تؤسِّس لـ -حُكْم بونابرتي-


2 - تعليق
عبد الله خلف ( 2013 / 7 / 9 - 01:23 )
مقاله مميزه من كاتب مميز , ألف تحيّه لشخص و فكر الكاتب .
سألت نفسي منذ يومان , لماذا لم يصبر أصحاب تمرد على مهلة يسيره طلبها الرئيس الشرعي | محمد مرسي , و طالبوا بإقالته و الشروع في إنتخابات مبكره , بينما صبروا عام على حكم العسكر و لم يتحدثوا؟؟؟ .
كما أنني سألت نفسي , أيضاً : لماذا عندما أجتمعوا رؤساء الأحزاب و العسكر ؛ كان آخر متحدث فيهم ممثل حركة تمرد؟... هل لا وزن له أم أنه مجرد دميّه فقط للإنقلاب؟ .


3 - أتعجب من تقييمات البشيتي الغرائبية
حميد خنجي ( 2013 / 7 / 9 - 09:38 )
ياللهول من هكذا ماركسيين ! .. من الممكن ن نطلق عليهم أصحاب الماركسية النصية
وإلا يازميل البشيتي ألا ترى لو تمكن الجماعة ماذا كان سيحدث
كنا سنتأخر مائة عام

إقرأ الرابط أدنه

http://www.almodon.com/Home/Second-Article/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%B6%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%A7%D8%B1


4 - السم في الدسم
عتريس المدح ( 2013 / 7 / 9 - 11:35 )
بالمطلق العام وبالمباديء النظرية المجردة، لا يمكن نقاش الموضوع ،إلا ويخرج المحاور بغير وجه حق، لكن لا السياسة ولا الحكم ينجح بالتجريد ولا بالاحكام المطلقة
أرى بما تقدم الكاتب عزل متعمد وفصل مقصود ما بين التنظير والواقع ، و أرى من كاتب يتناول الامور على أسس ماركسية بأنه هنا وفي هذا الاطار الخاص بما يجري بمصر لا يعدو عن محلل ميتافيزيقي يتناول الامور بطريقة مثالية وبفصل قسري لقوانين الجدل ، وحيث تناول الكاتب الامور بافتراض أن العسكر هم من تآمروا متناسيا أنه منذ اليوم الاول والامتعاض يتصاعد لدى فئات وشباب الشعب المصري الذي رحب بالديموقراطية حين انتخب مرسي والاخوان المتآمرين حينها مع رجال البزنس في مؤسسة العسكر(طنطاوي..الخ)حيث أصيب الكثير من أفراد الشعب المصري بالحنق الشديد من ممارسات الاخوان
يبدو أن الكاتب على بعد كبير ومنفصل تماما عن ما يتفاعل في داخل الشعب المصري العظيم
فالحذر الحذر فلربما أراد الكاتب دس السم في الدسم
آمل أن أكون مخطئا في موضوع السم والدسم

اخر الافلام

.. الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح وس


.. مقتل وإصابة طلاب بحادثة انقلاب حافلة في كولومبيا




.. رحلات الإجلاء تتواصل.. سلوفاكيا تعيد رعاياها من لبنان


.. ما الذي قدمته إيران إلى لبنان منذ بدء الهجوم الإسرائيلي؟




.. فرنسا.. مظاهرات في باريس تنديدا باستهداف المدنيين في لبنان و