الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاكات حقوق الفلسطينيين من طرف سلطتهم

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2005 / 5 / 5
حقوق الانسان


العرب العالمية
أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقريره السنوي للعام 2004 وفيه رصد لكل التجاوزات والانتهاكات التي مارستها الحكومة الاسرائيلية بقيادة شارون ضد الشعب الفلسطيني, وهو ما لا يمكن استغرابه من طرف سلطة عسكرية فاشية تمثل كل ما هو نذل وساقط في هذا العصر. ولن نكرر هنا ما قلناه مئات المرات, ولكن المشكلة كما يبدو ليست فقط مع الاستعمار الأجنبي وإنما هي أيضا مع السلطة الوطنية. وعلى هذا الصعيد, من المؤسف أن نلاحظ أن الحكومة الفلسطينية تعاني من كل العاهات الشائعة لدى شقيقاتها الحكومات العربية . وكون هذه السلطة الوطنية تعاني من تضييق اسرائيلي وضغوط خارجية لا يعطيها الحق في الانجراف الى النذالة وانتهاك حقوق الأفراد من شعبها.
فمن ناحية، وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان خلال العام 2004 العديد من حالات الاعتقال غير القانوني التي نفذتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة، مما يشكل انتهاكاً لأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، التي تؤكد على عدم جواز القبض على أحد أو تفتيشه أو اعتقاله، أو تقييد حريته، أو منعه من التنقل دون إذن قضائي .
وفي دليل آخر على انتهاك أجهزة الأمن الفلسطينية للقانون وعدم احترام سيادته، فإن أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لا يزال معتقلاً منذ 15 يناير 2002 وحتى اللحظة لدى أجهزة الأمن الفلسطينية في سجن أريحا المركزي، وذلك خلافاً لقرار صدر عن المحكمة العليا الفلسطينية بتاريخ 3 يونيو 2002 بعدم قانونية اعتقاله، والإفراج عنه. وكان اعتقال سعدات قد تم استجابة لضغوط أمريكية وإسرائيلية، حيث تزعم إسرائيل أن سعدات يقف وراء مقتل وزير السياحة الإسرائيلي السابق رحبعام زئيفي في 17 أكتوبر 2001.
ورغم أن هناك تراجعاً في مستوى الانتهاكات الصادرة عن السلطة الفلسطينية خلال العام 2004، إلا أن هذه الفترة شهدت تزايداً ملحوظاً في الانتهاكات الصادرة عن جهات مجهولة أو معلومة، يرتبط بعضها بقوى سياسية أو بأجهزة أمن. ولا يعتبر تراجع الانتهاكات الرسمية دليلاً على تحسن حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بقدر ما يعتبر ضعفاً في المؤسسة الرسمية الفلسطينية بأجهزتها المختلفة، وهذا الضعف راجع بطبيعة الحال إلى اعتداءات قوات الاحتلال المتكررة على المؤسسات الفلسطينية، ومقرات الأجهزة الأمنية والسجون. خاصة وان هذا التراجع لم يرافقه أية تعديلات على القوانين الصادرة منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي تتضمن موادا تتعارض مع المعايير والمواثيق الخاصة بحقوق الإنسان، إضافة إلى ذلك فلم يتم إلغاء أي من المراسيم والقرارات التي تقيد حق المواطنين في تبني الآراء التي يريدون والتعبير عنها. وفيما يتعلق بتزايد الانتهاكات التي تقيد ضد مجهولين، فإن السبب الذي يقف وراء تزايدها هو حالة الفوضى والفلتان الأمني الذي تعاني منه الأراضي الفلسطينية، والصراعات الداخلية بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إضافة إلى أن القانون لا يزال مهمشاً، فحتى الجهات الرسمية لا تقوم بتطبيق أحكامه، ولا يتم تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث. كما ساهم تقاعس النيابة العامة عن ملاحقة الجناة في زيادة عدد هذه الانتهاكات، و تفاقم حالة الفلتان الأمني التي تعيشها الأراضي الفلسطينية.
وتنطوي الكثير من ممارسات السلطة الفلسطينية على انتهاك للحق الدستوري في تكوين الجمعيات. كانت أبرز حالات الانتهاك للحق في تكوين وعمل الجمعيات التي شهدها العام 2004 هو استمرار العمل بقرار تجميد حسابات (39) جمعية خيرية وهيئة أهلية إسلامية في قطاع غزة على الرغم من صدور قرار المحكمة في 21 مارس 2004، القاضي بالإفراج عن أرصدة جمعية الصلاح. ورغم ذلك فما لبثت السلطة التنفيذية أن عادت لتمارس انتهاكها لهذا الحق، ولحق الجمعيات في العمل دون قيود إلا تلك التي يفرضها القانون، بدل أن يتم التقيد بتنفيذ قرار المحكمة. فقد أصدرت سلطة النقد تعميماً في 27 مارس 2004 طلبت فيه من جميع المصارف العاملة في فلسطين التجميد التحفظي لحسابات (39) جمعية ومؤسسة إسلامية عاملة في قطاع غزة. توالت إثر ذلك التعميم قرارات أخرى صادرة عن سلطة النقد في محاولة للالتفاف على قرار المحكمة، والتظاهر بتنفيذه مع استمرار تجميد أرصدة هذه الجمعيات، حيث صدر في 31 مارس التعميم رقم (48) الذي يذكر أن الصرف من حسابات الجمعيات التي شملها التجميد يتم بناءً على قرار يصدر مباشرة عن وزير الداخلية، دون الحاجة إلى موافقة سلطة النقد. وبعد هذا التعميم بأيام صدر التعميم رقم (56) في 6 أبريل، الموجه لكافة المصارف باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار المحكمة. وفي اليوم التالي صدر تعميم آخر إلى كافة المصارف بضرورة الالتزام بالتعميم الصادر عنها رقم (48).
وشهد العام 2004 زيادة غير مسبوقة في حالات سوء استخدام السلاح التي وثقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، حيث أدى انتشار السلاح واستخدامه في نزاعات فصائلية وعشائرية وشخصية إلى إصابة وقتل عدد كبير من المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تم توثيق حالات أخرى سقط فيها فلسطينيون أو أصيبوا نتيجة العبث بالسلاح أو سوء تخزينه، أو نتيجة الإعداد لعبوات ناسفة أو زرع ألغام من قبل المقاومة الفلسطينية في مناطق مأهولة بالسكان. وقد وثق المركز عدداً كبيراً من جرائم القتل والإصابات على هذه الخلفية بين المواطنين الفلسطينيين، حيث بلغ عدد ضحايا هذه الظاهرة الخطيرة (131) ضحية، كان بينها (72) ضحية في قطاع غزة و(59) ضحية في الضفة الغربية.
وتشير المعطيات إلى زيادة في عدد ضحايا هذه الجرائم خلال العام 2004 مقدارها نحو (250%) مقارنة مع العام السابق الذي شهد 53 جريمة مماثلة، وهو بحد ذاته رقم مرتفع ومؤشر خطير عن هذه الظاهرة. وتعكس هذه الأرقام الفوضى التي تسيطر على انتشار السلاح، وعدم خضوع حمل السلاح لضوابط ومراقبة فعالة من قبل السلطة الفلسطينية. ومقارنة بالأعوام الأربعة الماضية فإن مجموع عدد الضحايا في تلك الأعوام مجتمعة يبلغ (122) شخصاً، مما يدل على خطورة هذه الظاهرة وتفاقمها بشكل كبير، ويدق ناقوس الخطر لضرورة التحرك بشكل سريع وعاجل لمكافحة هذه الظاهرة والحد منها، واتخاذ إجراءات قضائية صارمة بحق مرتكبيها.
وأخيراً، شهد العام 2004 تزايداً ملحوظاً في عدد المواطنين الذين قتلوا على خلفية الاشتباه بتعاونهم مع قوات الاحتلال الفلسطيني. وقد وثق المركز (22) حالة قتل على هذه الخلفية، وقعت (16) منها في الضفة الغربية و(6) أخرى في قطاع غزة، وذلك مقابل (12) حالة مماثلة وثقها المركز خلال العام 2003. وفيما يشدد المركز على موقفه المطالب بملاحقة العملاء وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فإنه ينتقد بشدة منهج أخذ القانون باليد وتجاوز سيادة القانون ويرى أن ملاحقة العملاء هي مسؤولية وواجب السلطة الوطنية الفلسطينية، وأنها تتم فقط وفق القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمل كلوني: شاركت بجهود قانونية في قرار اعتقال كبار قادة إسرا


.. ما هي عواقب مذكرات اعتقال الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالا




.. عقبة أمام -الجنائية الدولية- حال صدور قرار اعتقال لقادة إسرا


.. ضابط شرطة أميركي يشعل سيجاراً أثناء اعتقال مشتبه




.. بايدن: ليس هناك تكافؤ بين إسرائيل وحماس ونرفض تطبيق المحكمة