الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرسي والمصير المحتوم

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



تحدث الرئيس مرسي في خطابه الاخيرــ قبل ساعات من تنحيته ــ عن التضحية بالنفس دفاعاً عن الشرعية ، وفي هذه الكلمات اثبت الرئيس انه لم يكن يعِ ، متى يتوجب عليه الدفاع عنها . أخطأَ الرئيس مرسي التوقيت ، فلم تكن الشرعية بحاجة ماسة اليه وهي تتجمع مرة اخرى على شكل طوفان جارف للاطاحة به . كانت الشرعية بحاجة ماسة اليه يوم كان ، في الحكم ، رمزها وتجسيدها الحي ، وكانت الغالبية من الامة المصرية لا تفكر قط بسلبها منه . مشهد خطابه الاخير وهو يدق على صدره ، يشير الى ان الرجل كان عاجزاً عن حل شفرة عودة الطوفان مجدداً لحمله بعيداً عن قصر الرئاسة . فكان تصوره عن التصدي لهذا الطوفان الجارف بقوة جسده ، يشير الى انه ما زال يعيش في تنظيم الاخوان الذي يقوم فيه النشاط الحزبي على التضحية والفداء . صحيح ان الرئيس اعترف بارتكابه الاخطاء ، واعتذر عنها في خطاب سابق لخطابه الاخير بثلاثة ايام ، ولكنه لم يشخص لناخبيه الاسباب الكامنة وراء اخطاءه . فهو لم يشر الى تعهده للاخوان بان يكون اداتهم الطيّعة في تطبيق برنامجهم السري اذا ما اصبح رئيساً للجمهورية ، كما لم يقل علناً بان سعيه الحثيث في تطبيق ذلك البرنامج هو السبب الكامن وراء أخطاءه التي وضعته وجهاً لوجه أمام الامة وعزلته عنها . بمعنى ان الرئيس لم يعترف مع نفسه بارتكاب الاخطاء ، حتى وهو يشير اليها ، طالما هو يتلافى ذكر الاسباب التي دفعته لارتكاب الخطأ . فعبّر بذلك الموقف عن انسجامه مع نفسه ومع ضميره الخلقي كمناضل في صفوف تنظيم ، لا يرى أصح من تصوراته في تقييم ما كان يجري داخل مصر وخارجها من أحداث . وبهذا الموقف يكون الدكتور مرسي قد طرح بوضوح اشكالية جاءت بها ثورات الربيع العربي ، تتمثل بتمسك الاحزاب التي فازت في الانتخابات في ان يكون مرشحوها ممثلين لبرامجها في السلطة ، لا رجال دولة يفرض عليهم منصب رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء ان يكونوا ممثلين للامة كلها . لم يثبت مرسي في فترة توليه الرئاسة انه كان ممثلاً للامة كلها ، لقد قضى فترة حكمه بمناورات متواصلة مع الامة بلغت الذروة في اعلانه الدستوري الذي طالب فيه بصلاحيات طاغية لتمرير برنامج تنظيمه الاخواني . قد يضرب احدهم مثالاً بجنوب افريقيا والزعيم مانديلا الذي استطاع ان يكمل دورته الانتخابية رغم كونه قائداً لحزب سياسي يدير شؤونه من وراء قضبان سجنه . لكن ذلك المثال لا يكون واضحاً من غير الاشارة الى ان برنامج حزب مانديلا انطوى على بعد وطني بالدعوة الى القضاء على العنصرية التي تحمل فيها ابناء جلدته من السود ظلماً تاريخياً كبيراً دعاهم الى نسيانه وعدم تحويله الى عملية ثأر .. تعلي التنظيمات السرية التي تعمل تحت الارض من شأن التضحية والفداء والبطولة ، فهذه مفاهيم مركزية تتحرك في ظل منها عمليات النشاط الحزبي ، وحين يدق الرئيس مرسي على صدره متحدياً هتاف الملايين الهادر بفعل الامر : ارحل ، فانما ليثبت وللمرة الاخيرة بأن لا فكاك بين تفكيره وتفكير تنظيمه الذي يريده ان يبقى في كرسيه ، ويدافع عنه بما تبقى له من قوة .. كم تمنيت لو ان قرار الرئيس الاخير تم بمعزل عن تنظيمه وعن ايحاءات مرشده العام ، لجاء نموذجاً في البطولة وفي التضحية الحقيقية ، وذلك ما يتطلب منه بداية الاعتراف بالسبب الذي حدا به لأن يرتكب الكثير من الاخطاء ، وفي مقدمتها صراعه الدائم مع الامة ، وصراعه ضد نفسه وحريته في ان يكون ممثلاً في الرئاسة للامة كلها لا لفصيل صغير منها . كان مرسي نموذجاً للكثير من ساسة ما بعد احداث الربيع العربي الذين ليس بامكانهم التفكير الحر المستقل عن تنظيماتهم ، فظلوا يحكمون كما لو كانوا ممثلين سريين لاشباح يتلقون منها ، لا من واقع غني بتناقضاته ، تعليماتهم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس