الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوق الامل

زيتوني ع القادر

2013 / 7 / 9
الادب والفن


سوق الامل
((يابا)) امراة شجاعة, فريدة من نوعها...امرأة اسطورة.....
منذ زمن بعيد قررت دخول عالم المطاعم....في ذلك الزمن , لا احد تخيل الفكرة ولا احد هضمها....امرأة عاشت في بحبوحة مع زوجها الراحل, تتحول الى بائعة سمك مشوي في ركن بشارعنا ؟؟؟؟
لم يكن معها مال...اكتفت بفتح محل في ركن قرب منزلها....المهنة تتطلب قوة وشجاعة..لكن الزبائن تقبلوا الفكرة واثمرت مجهودات المرأة...
عملت بجد.. قصد الاستجابة لمتطلبات ابنائها,,.. بمرور الشهور والسنوات ,,جاورتها نساء اخريات لبيع ما تخصصن فيه.
ارتفع عدد الزبائن...لا اشهار..ولا ملصقات...لا جرائد ولا تلفزات...فقط سار الخبر من فم لأذن...من خيط لخيط..صار سوق ((يابا)) رمزا للارادة والنجاح.
شباب وشيوخ...اناث وذكور يتوافدون مساءا للمحل...كل كان يجد مخزونه...الاطفال يتسابقون...يصرخون...ويتنفسون..البنات يقفزن بحبالهن...زاد عدد النساء البائعات للسمك المجمر مع الموز...
كنا يتوافدن مساءا لبيع سلعهن ويعلن اطفالهن وعائلاتهن ...
كل عام كان السوق يكبر..يزداد البائعون والمشترون...كل الطبقات تواجدت بالسوق , كانت تعشق سمك نساء شارعنا...البعض كان ياتي من بعيد...اكتسب السوق شهرة..وقيل ان لهؤلاء النساء لمسات خاصة ونكهة فريدة لسمكهن المشوي....ليل نهار كان الشارع متخما بالناس...الكل كان ينشط ويعمل...الشباب تولى تامين البائعات من النهب والسرقات....الكهول انشغلوا في احاديث الزمن الغابر يلعبون الورق....
هل حقا ان السمك المباع هنا بالسوق الذ مما يعد في المنازل..؟؟
هل حضور النساء بكثرة كان يعطي تميز هذه السوق؟
هل هو حضور بنات((يابا)) بثيابهن الملونة , الصارخة؟؟
كان السمك المجمر, المقدم في صحون ملونة, مصحوبا بالموز يصنع فرحة الوافدين.
البنات اللواتي يعملن بالسوق هن ايضا شاركنا في صيته....
لا شك انهما الاثنان: لذة السمك ودلال البنات,
لكن يحدث دائما: ان نجاح البعض يولد غيرة عند البعض.
بدأت الاشاعات تنتشر حول سر نجاح السوق....
البائعات لا يحترمن شروط النظافة؟؟
السوق خلقت بطالة الرجال وادت الى ظاهرة الانتحار؟؟
خوف بعض النساء على رجالهن من بنات السوق؟؟
بدات الاشاعات والاتهامات تسري كالنار في الهشيم في سمعة السوق,....
لم تنل الاشاعات من عزائم النساء...تشبثن بمكتسباتهن... وشدت ((يابا)) بيدين من حديد على مهنتها , وقررت ان لا شيئا يثنيها عن التوقف من اجل كرامة بناتها... قررت انهاا ستقاوم الرياح وتصمد امام الموج,,ولن توقف السوق الذي منه انتعشت عائلات وتعلم اولاد...
وانتصرت ((يابا)) تابع السوق مسيرته,,وتابع الزبائن تشجيع نشاطات نسائه...واستمر شارعنا يصنع فرحة سكان ((ديلالو))
كنا.. ناكل......نضحك,,,نرقص...نلتقي بالمحبين والمحبات...
وحدث ذات يوم:
مجموعة من الشباب غير المعروفين,, ظهرت فجأة بشارعنا..كل شيء مر بسرعة البرق...لا شك ان المسالة مدروسة بدقة..
تفاجات البائعات....حار الزبائن..
ان الغزاة شريسين....كسروا كل ما وجد في طريقهم...ضربوا الشاب والشيوخ...دمروا.... حرقوا...
يوم لا ينسى...رسخ بذاكرة الحاضرين الذين سيكونون شهداء على ما حدث..
اذاعت الاذاعة عدد القتلى.. عدد المجروحين...لم تستطع ضبط العدد.. لكنها اكدت انها مجزرة بامتياز...
في العدالة .. تجاهلوا اسباب الغزو وتغاضوا عن التفاصيل والفاعلين؟؟
لكننا تسائلنا:
كيف يقبل زهق هذه الارواح؟؟
ولماذا شارعنا بالضبط؟؟
تضامنا... شددنا سواعد بعضنا البعض..
لن نعطي مبررا لهذه الفعلة...لن ندعها تمر في صمت.
قلنا:
تصفيات حسابات...غيرة....حسد من كبار...
ما دخل سوقنا في هذه المأساة التي حولت شبابنا الى سفاكي دماء؟؟
لما يستهدف سوقنا بالذات؟؟
لا احد اجاب ولا من عرف ؟؟
فزع السكان..فقدوا فرحتهم..لازموا الصمت والظلمة...
كلما هبط الليل قفرت شوارعنا...لا تجد احدا بالخارج...عادات جديدة..انكماش على النفس..كل شيء صار عكسيا..وحدها قعقعات الاحذية الخشنة تملا الشوارع...عساكر جديدة..شباب ضحية...جند بدم بارد...اطفال عسكر مفزعون..قاتلون...لم يعد شارعنا كما كان...كنا ننهض على صياح ديكتنا.. لم نعد نسمعها هي الاخرى فزعت..فحجبت اعلاناتها عن الشروقات الجديدة...
كبقية النساء وجدت ((يابا)) نفسها بلا شيء,,اضاعت كل شيء..لكنها رفضت الضياع في التيه...داومت البحث عن مخرج...ذكريات الحرب مفزعة...غابت الطمانينة... لكنها ترفض فكرة الاستسلام لا بد من مخرج.. تغيرت الاجواء... تبدلت الامزجة...لا شيء بقي كما كان... ولكنها قررت ان تحيا...
وعادت ((يابا)) رفقة الضحيايا.. عادت الى مهنتها... ترجت الارض والسماء لاعادة عقارب الساعة الى دورانها واعطاء الحياة لسوقها.. داعبتها امال بانتهاء الحرب وعودة الحياة..كانت خائفة..ولكنها مصرة..املة مؤمنة بان النساء اللواتي كانت قائدتهن سيجدن امكنة جديدة للفرح وبان ذكريات الضحايا الابرياء ستفتق ازهار السوق من جديد...... تعلي صرح سوق الامل...فقد امنت بانه لا مستحيل مع الامل..
GHISLAINE SHATOUD
ترجمة : ع القادر زيتوني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال