الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون يأكلون الميتة

علي اينوما إيليش

2013 / 7 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


فشل الإسلام السياسي في العراق يختلف عن فشله في مصر، وسوء الإخوان المصريين في إدارة الحكم يختلف عن سوء حكم الدعاة العراقيين.

هكذا استطعتُ أن أقرأ واحدة من كم هائل من التصريحات والبيانات عن الاختلاف بين تجربتي الإسلام السياسي المصري والعراقي. سامي العسكري، المفصول أو المستقيل من حزب الدعوة، والمقرب جداً من نوري المالكي، يحيل أسباب الإطاحة بمرسي إلى "التجربة السيئة التي قدمها الإخوان السلفيون في إدارة الحكم". وهذا الداعية، بوصفه إسلامياً، يرى أن الإطاحة بمرسي "لا تمثل حكماً على جميع التيارات الإسلامية"، بل إنه "لا يمثل سوى فشل تجربة حكم الإخوان المسلمين في المنطقة، خاصة وإنها التجربة الأولى في تولي السلطة"، على حد قوله. ويمضي العسكري إلى القول: "إن التيار السلفي قدم نموذج سيء [كذا] في إدارة الحكم". ويمكن لصديقي سائق التاكسي أن يسأل العسكري: إذن، لماذا جعلتم التجربة العلمانية العربية في الحكم في سلة واحد، وفَرقتُم عنبكم في سلال كثيرة بحسب أذواقكم ؟

جاء حديث العسكري، وهو تصريح أدلى به لإحدى الصحف المحلية، بوصفه لغة دفاع عن فشل عمائم (المشروطة) في العراق، التي عدت ديمقراطية ما بعد 2003 استثناء، يُلجأ إليه في الوقت الحالي، في الأقل. العسكري، وغيره، هم صنيعة تجربة، كانت، وما زالت، ترفع شعار (كل وعي سياسي لا يمتد إلى الإسلام فهو سطحي).

التبرير الآخر لفشل الأخوان جاء من الشيخ محمد اليعقوبي، الذي قدّم، في بيان خاص، نصيحة للشعب المصري، فيها ما يشتهي (المكَرود) من حرص على الثورة، ومخافة من النموذج السيئ للتيار السلفي، الذي لم ينجح في إدارة دولة، على حد قوله. ودعا اليعقوبي المصريين إلى وضع برنامج يؤسس لدولة متحضرة، تحترم فيها إرادة الإنسان وكرامته، وبيّنَ أن مرسي زاد مصر تأزما "لعدم أهليته، وحزبُه انشغل بالاستبداد والاستئثار بالأمور، وقادوا عملية واسعة للسيطرة على مفاصل الدولة لينشئوا ديمقراطية مزيفة تعيدهم إلى السلطة باستمرار".

وما زال صديقي يتساءل: وأنتم يا حكام العراق الإسلاميين، كيف تعاملتم مع السلطة؟ هل وزعتم الأدوار بين الشركاء والأصدقاء بالتساوي؟ أم استأثر صاحبكم بالكرسي مثل مرسي؟

المثير في ممارسات الإسلاميين العراقيين هذا البون الشاسع بين فكرهم خارج السلطة وممارستهم لها، فهم لا يتوانون عن الدخول في نفق النفاق، حين (تثنى لهم الوسادة)، فيتبرون من فكرهم (الحر)، (المسالم)، (المتسامح)، المولود قبل السلطة، ويركنون، وهم فيها، إلى أقصى درجات التغييب والتهميش، حتى لأصدقاء الجهاد المر والمرير ؟

كانت تربط العسكري علاقة قوية مع صديق له في إيران، يقول صديقه: " كنا ضد رجال الدين، وعلى امتداد هذا الموقف، اتفقنا معاً، بعد التغيير الكبير في العراق، أن نكتب، بأسماء مستعارة، مقالات في المواقع ضد رجال الدين. ومن أهم المواضيع، هنا، أنْ لا يحق لرجل الدين أن يرشح للبرلمان، وإذا رشح عليه أن يخلع لباسه الكهنوتي، وأن نركز بأن السياسة شيء والممارسة الدينية شيء آخر"، وبعدها "تحول إلى لسان ذرب في الدفاع عن رجال الدين والمرجعية الدينية. وأتذكر أنه دخل في سجال ساخن مع عزت الشابندر على التلفاز العراقي، كان سيستانيا أكثر من السيستاني، وهو الذي كان يشاركني الساعات هجوما لاذعا على رجال الدين".

وأما اليعقوبي، الذي قال عن الإخوان إنهم انشغلوا بالاستبداد وإنشاء ديمقراطية مزيفة، هو نفسه مَن وصف، يوما ما، الديمقراطية بإنها "ليست هي القاعدة في حكم الأمة الإسلامية"، وعدها استثناء يلجأ إليه "عند وجود المانع من إجراء القاعدة، كأكل الميتة، الذي يحل عند الضرورة، وحليتُه هذه لا تعني أن حكم الميتة ذلك بالعنوان الأولي، بل بالعنوان الثانوي". وهو يعد هذا الاستثناء إدراكاً مهماً لكي لا تختلط الأمور على الأمة الإسلامية.

وصف اليعقوبي الأخير دقيق جدا وحقيقي، في الوقت نفسه، لأن العلاقة بين الديمقراطية والإسلام طارئة وهامشية، وهما لا يلتقيان. وأبسط صورة لنقطة الافتراق بينهما هي "أن فكرة الإسلام تتمثل في أن الحاكمية لله، وليس للشعب. وهذا يعني أن الشعب ليس مصدر السلطات".

هناك تناقض في خطابات الإسلام السياسي، بصورة عامة، يتمثل في تصريح العسكري وبيان اليعقوبي. وهذا التناقض يعني في علم الاجتماع أن للإنسان، عادة، عدة نفوس، لا نفساً واحدة. لذلك، قال علي الوردي عن شخصية الفرد العراقي: "من يتغير تماماً في جميع حركاته وسكناته حالما يشاهد امرأة أو زمرة من النساء على مقربة منه، [. . .] فهو ربما كان عدو المرأة إذا كان بعيداً عنها، ولكنه يصبح على مقربة منها من أكبر المدافعين عنها والداعين إلى إعطاء حقوقها كاملة غير منقوصة".

تأملوا أصدقاء الوردي، واحذروا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى النكبة.. فلسطيني من غزة: ما أشبه الليلة بالبارحة


.. إسرائيليون يعترضون شاحنات مساعدات إلى غزة ويلقون طرود المواد




.. في السعودية.. رقصة مقابل كوب من القهوة مجانا! • فرانس 24


.. هشام الحلبي: الحرب عادت إلى شمال غزة لأن كلمة السر هي في الأ




.. الرحيل من رفح بأي ثمن قبل عملية برية إسرائيلية مرتقبة