الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنقلاب الإرادة الشعبية

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2013 / 7 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أمام الملايين من الشعب المصرى الرافض للحكم الإخوانى بدا واضحاً أن الجيش المصرى حسم القضية قبل أن تبدأ الحرب الأهلية وسفك الدماء، لذلك تدخل الجيش وقام بتنفيذ إرادة الشعب المطالبة برحيل مرسى ومكتب الإرشاد، وهنا أقتصر دور الجيش على حماية الشعب وتنفيذ الإرادة الشعبية التى هى إنقلاب شعبى على رئيس يحكم ويصدر قرارات وإعلانات دستورية لصالح جماعته الدينية ويتجاهل مشاكل الأغلبية المصرية، وكان من المستحيل أن يقف الجيش موقف المتفرج على ثورة شعبية بهذا الحجم التى أذهلت العالم أجمع ونالت إعجابه،
لقد كان أمام الجيش خيارين: إما الخضوع للأقلية الحاكمة التى فشلت فى الحوار مع الشعب وحل مشاكله، وإما تنفيذ إرادة الأغلبية الشعبية التى قادت ثورة سلمية شرعية أكدتها الملايين المصرية فى كل مكان من أرض مصر.

من التعليقات المنطقية تلك التى قالها رئيس الوزراء البريطانى السابق توني بلير فى مقال له بصحيفة الأبزرفر: إن ما قام به الجيش في مصر كان لا بد منه وإلا وقعت البلاد في الفوضى العارمة، وأستطرد بقوله : " أن خروج 17 مليون مصرى إلى الشارع ليس أمراً هيناً..."، فالجيش قام بعملية الحسم قبل أن يفلت الزمام من يديه لأنه كان راصداً خلال تلك السنة من حكم مرسى، ما تم من جرائم ومخالفات وضعف الحاكم والفاشية التى كان يتعامل بها مع المحكومين، لذلك عندما أعلنت حركة تمرد على تجاوز توقيعات المطالبين برحيل مرسى ومكتب الإرشاد أكثر من أثنين وعشرون مليوناً يمثلون إرادة الشعب المصرى الرافضة لتلك الهيمنة الإخوانية الأستبدادية التى تخلت عن أى ممارسة ديموقراطية ولجأوا إلى أعمال تصفية حساباتهم القديمة وترسيخ حكمهم بإطلاق أيدى مكتب الإرشاد فى المجتمع المصرى ومؤسساته لأخونتها لتزيد من سيطرتها بقبضة من حديد على الدولة المصرية بكافة مؤسساتها.

قيام الجيش بحماية الشعب الذى هو جزء منه وعزل محمد مرسى أصاب الكثيرون بالصدمة والعجز عن فهم ما يحدث من أبناء مصر الوطنيين، فحاول الرئيس أوباما الحديث بدبلوماسية فأبدى قلقه من الخطوات التى قام بها الجيش المصرى بعزل مرسى وتعطيل الدستور، ولم يستطيع أن يطلق عبارة إنقلاب عسكرى حتى لا يخسر دولة كبرى صديقة للولايات المتحدة الامريكية، لكنه دعا الجيش للإسراع فى نقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً، لكن أوباما لم يدرك أن السلطة لم يستلمها الجيش بل كانت فى أيدى الشعب المصرى نفسه وتم تعيين رئيساً إنتقالياً حسب مواد الدستور، لكن أعضاء الكونجرس الأمريكى كانوا أذكياء وأدركوا الكارثة التى تمر بها مصر وأبدوا ترحيبهم بعزل مرسى لسوء إدارته للبلاد، وأن حكومة مرسى هددت التعددية الديموقراطية التى طالب بها المصريون منذ عامين، والديموقراطية هى أكثر من مجرد أنتخابات، وأن مرسى كان عقبة أمام تحقيق الديموقراطية الدستورية التى يريدها معظم المصريين ويأمل رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الجمهورى أن رحيل مرسى سوف يعيد فتح الطريق لمستقبل أفضل لمصر.

بالنظر إلى الأخبار الكاذبة التى نشرها الإخوان وأعوانهم بالترويج إلى أن ما حدث هو أنقلاب عسكرى ضد شرعية مرسى الديموقراطية والتى هى فى الواقع كانت بألسنتهم حيث وصفوها بغزوة الصناديق حيث قاموا بتزوير وتكفير إرادة المواطنين حتى نجحت غزوتهم بفارق ضئيل عن منافس مرسى أحمد شفيق، وللتاريخ علينا أن نتذكر أنه لولا أن كثير من النخبة والمثقفين الذين أنتخبوا مرسى كيداً وحقداً فى أحمد شفيق لكانت هزيمة مرسى والإخوان ساحقة رغم التكفير الدينى والزيت والسكر واللحوم تلك الرشاوى التى دفعوها للناخبين، إن محاولات الإرهاب إعادة مرسى وجماعته لن يكتب لها نجاح لأنها محاولات إرهابيين تريد التحكم فى إرادة شعب مصر الذى قال كلمته المشهورة إرحل يا مرسى، وهذه الإرادة لن يستطيع الإرهاب المتأسلم تشويهها لأنها إرادة شعب وليست إرادة تنظيم أو جماعة.

إن المحاولات اليائسة من جماعة الإخوان والتيار المتأسلم فى أسترجاع مرسى بعد عزله، جعلهم يصارعون الهواء بسيوفهم الخشبية لأنهم يصارعون الشعب المصرى بأكمله، لقد أخطأوا الأعتقاد أن أبناء مصر أصبحوا مجرد عبيد لهم وأن مكتب الأرشاد يسكنه أسياد وأخيار مصر، أعتقدوا أن الشعب أصبح خاضعاً لهم وسلاحهم فى إخضاعه هو الترويع والإرهاب والتكفير والعزل الدينى وقمع المعارضين والناشطين، لكن للأسف كان تقييمهم للواقع الجماهيرى وطبيعة الشباب المصرى المنفتح على المدنية والحداثة خاطئاً، لذلك كان أستهتارهم وأستخفافهم بقدرة هذا الشباب فى صنع المعجزات أى فى أستعادة ثورة 25 يناير، وكانت حركة تمرد الشبابية مفتاح القيادة لإخراج الإرادة الشعبية المليونية إلى العلن فى 30 يونيو الذى كان الخط الفاصل بين عهد الفاشية والظلام والعبور إلى عهد الحرية والنور الإنسانى وكانت المعجزة وعزل الشعب حكومة الإخوان ومحمد مرسى.

إن إنتصار الإرادة الشعبية معناها أن الأنتماء للوطن يأتى فى المرتبة الأولى من الأهمية، الوطن يحتضن الجميع من أديان ومذاهب وطوائف وتوجهات فكرية أو سياسية مختلفة، وهذه الإرادة الشعبية المنتصرة متمثلة فى اللجنة التنسيقية لثورة 30 يونيو التى قررت إنشاء مجلس وطنى للشباب لتحقيق 5 أهداف، الأول الحفاظ على مكتسبات الثورة وتحقيقها، والثاني تمكين الشباب ودمجهم داخل المؤسسات، والثالث إعداد مشاريع قوانين تساعد في القضاء على البطالة، والرابع إبداء الرأي، والخامس نشر الوعي السياسي، وأن المجلس الوطني للشباب سيكون كياناً رسمياً داخل الدولة، وهو قرار حكيم ينبع من وجودهم الذى أخرج الملايين عن صمتهم وحتى لا يقفز مرة ثانية سكان الكهوف والأنفاق ليفسدوا الثورة من جديد، والشباب هم الرصيد الحضارى المتجدد الذى سيظل يحمى مصر من اللصوص وتجار الدين.

أخيراً وللعقلاء فقط: هل إشتراك أكثر من 30 مليوناً من المصريين فى ثورة ضد الدكتاتورية والأستبداد، يشكل إنقلاباً شرعياً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب


.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط




.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟