الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل 10

حبيب هنا

2013 / 7 / 9
الادب والفن


- 10-
عود على بدء..
قلنا خوفاً من تجاوز الحد الفاصل بين الاجتهاد و الإلحاد، لأنه من شأن ذلك هدر دمنا بطريقة تجسد أبشع أنواع استغلال الدين من قبل فئة انحرفت عجلاتها عن الأسفلت وذهبت بعيداً نحو القرى النائية التي لا ترى النور. فباسم الخوف من المجهول أرهبوا الناس وسطوا على عقولهم، وباسم حق الاجتهاد الذي لا يمنحونه سوى لأنفسهم حاصروا عصوراً كاملة من التاريخ. باسم الفتاوى التي لا تقبل الطعن أو المزاوجة تناوبوا بهدوء سيطرتهم وفق الإيقاع التراتبي الذي يسمح بزيادة الصراعات الجانبية التي لا تطولهم ويتصدون إلى ما من شأنه المساس بمكانتهم التي تخولهم وضع حد لحياة الناس بطريقة مأساوية، ومن حيث كان لابد من وقت لآخر الإعلان عن وجودهم بغية التأكيد أن نهاية المراحل دائماً هي بدايتهم التي لا تنتهي ما بقوا، كي يصلوا لجملة واحدة مفادها: الدين وحده هو الباقي وبالتالي هم وحدهم الورثة الشرعيون له حتى يوم تبعثون.
وهذا ما يدفع معظم الناس البسطاء إلى الوقوف باحترام أمام أي وقع للمأساة، ويصبح تمجيد الموت أمراً لا مفر منه، وهذا بدوره يدفع نحو ترسيخ المفاهيم التي تنحوا نحو توفير التربة الملائمة لإنتاج الموت بكل أشكاله، كالحرب مثلاً أو الصراع الطائفي أو العرقي أو الديني...الخ لأجل المحافظة على طقوس الاحترام المرافق للمأساة وبالتالي ديمومة إعطاء الفتاوى باسم الدين .
صحيح أن أي خلاف عميق ومتجذر بين شخصين لن ينتج عنه محبة، ولكن تحاشي وجه الخلاف عند لقائهما يجعل الجو لطيفاً على الأقل أمام الناس الذين يعرفون طبيعة الخلاف بينهما ووضعهما في حيرة من أمرهم، كيف استطاعوا القفز عن جوهر الخلاف بهذه البساطة رغم ما بذل من جهد لأجل بقائه مشتعلاً، ومع ذلك، إذا ما اندلع أي شجار بينهما يغدو من الاستحالة. بمكان رأب الصدع والظهور أمام الناس بمظهر حسن .
بهذا المعنى، فإن الحرب الناتجة عن التطرف والثقافة التي تشكل أحد أوجه التجلي، هما ضدان يعزز الأول مكانة الثاني. وفي انفصالهما التعسفي تصبح الحروب أكثر فتكاُ ودماراً وبشاعة، والثقافة أقل رواجاً وإقناعاً. أي أنهما لا يستطيعان الفكاك عن بعضهما، باعتبار ثقافة الحرب هي وحدها القادرة على استمرار حالة الكراهية وتجدد الحروب كلما لزم الأمر، بينما الثقافة بمعناها المجرد والواسع هي استمرار تدفق ما هو جديد: إبداعاً وألقاً، وتوقفهما عن هذا التجديد إنما يفسح المجال واسعاً أمام انتشار الجهل باسم الثقافة والمحافظة على الإرث الذي انتقل إلينا عبر التراتب ، وبالتالي تأليه الثقافة الوحيدة التي من شأنها التمهيد للحرب المقبلة . وباختصار، فإنها تنتج ثقافة الموت المعادل الموضوعي للنهوض بالحياة صوب الأفضل .
وعليه، فإن الثقافة التي تمر بمراحل إفلاسها اليوم هي في الواقع نتاج غياب الفكر العميق الذي يعالج مشكلات المجتمع من كافة جوانبه، وهي بكل الأحوال غير منعزلة عن الحرب التي تطول كل القيم الإنسانية، الأمر الذي يدفعها - أي الثقافة - إلى إعادة إنتاج نفسها من جديد وبما ينسجم مع نفي الآخر الذي يعزز يوماً بعد يوم في أعقاب الحروب المتلاحقة لتصبح بديلاً عن الفن بكل أجناسه.
إذن، نحن أمام إفلاس ثقافي لما هو سائد الآن، وهذا بدوره يبشر بأن الذين كانت بضاعتهم رائجة قد حان الوقت لكسادها، لا، بل حان الوقت ليقول الناس كلمتهم بأصحابها والمروجين لها بعد أن ينتصب السؤال في وجوههم :
هل كان عليكم أن تفهموا بهذه الطريقة الوقحة رأي الناس فيكم، رأي غير ما كنتم تعتقدون ومخالفاً تماماً لما اعتقدتموه عن أنفسكم طوال هذه السنين ؟ أمعقول أنكم لم تقفوا يوماً متأملين شخصياتكم أمام المرآة التي تعكس الصورة شبة الحقيقية لما أنتم ظاهرون عليه؟ وأما الدفين فلا أحد يعرفه حتى المقربين منكم طالما يبعد عن صنع القرار خطوة واحدة في أوساطكم.
آه.. ما أبشع أن تصبحوا فجأة مقيتين إلى هذا الحد في نظر الناس الذين أمضيتم عمركم في خدمتهم وخداعهم !..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل


.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع




.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو


.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع




.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا