الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي ‏ السؤال الثامن عشر: هل نسعى لإقصاء الإخوان المسلمين ‏وأصحاب تيار الإسلام السياسي عن الساحة السياسية أم ‏نتعظ من أخطائهم ونبقيهم في تلك الساحة ؟

ميشيل حنا الحاج

2013 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


أسئلة تحتاج إلى إجابات حول الواقع العربي والربيع العربي ‏
السؤال الثامن عشر: هل نسعى لإقصاء الإخوان المسلمين ‏وأصحاب تيار الإسلام السياسي عن الساحة السياسية أم ‏نتعظ من أخطائهم ونبقيهم في تلك الساحة ؟ ‏‎ ‎‏ ‏
فوجئت يوم أمس الاثنين الواقع في الثامن من تموز (يوليو) ،بوثيقة تحمل اسمي على صفحة الفيسبوك الخاصة ‏بي ، تدعو باسمي ومع صورتي الشخصية إلى جانب الإسم، إلى حظر الإخوان المسلمين وكافة تيارات ‏الإسلام السياسي من العمل في حقل السياسة المصرية . والوثيقة كانت على شكل عريضة موجهة إلى ‏الدستورية (وأعتقد أن المقصود بها هو اللجنة الدستورية التي سوف تصوغ دستور مصر المقبل ) تطالب هذه ‏اللجنة بوضع نص دستوري يحظر قيام الأحزاب الدينية وكل التجمعات أو الجمعيات التي تحتضن مفاهيم ‏الإسلام السياسي والغريب في الموضوع ، أن هذه الوثيقة لم تحمل إسمي، بصفتي الداعي لها، وإلا كنت قد ‏اعتبرت الأمر مجرد تشابه في الأسماء، بل كانت تحمل صورتي أيضا إلى جانب اسمي، مما ينفي فرضية ‏مجرد التشابه في الأسماء. وفي رأس الصفحة، كانت هناك عبارة باللغة الإنجليزية تقول بأن ميشيل حنا الحاج ‏يدعوكم إلى توقيع هذه العريضة. ويلي ذلك نص العريضة – الوثيقة – التي تدعو الدستورية إلى إدخال نص ‏صريح في الدستور يفرض حظرا على الإخوان المسلمين وكل الجمعيات أو التجمعات ذات تيار الإسلام ‏السياسي . وقد سارع بالفعل أكثر من ثلاثة آلاف مواطن مصري إلى التوقيع بالموافقة على هذه الوثيقة . وأنا ‏قد أصبت بالدهشة لوجود هذه الوثيقة التي تحمل اسمي وصورتي دون أن يكون لي علم بها . فسارعت على ‏الفور إلى وضع نص في أسفلها (تعليق ) ينفي علمي بمضمون تلك الوثيقة ، أو دعوتي لأمر كهذا ، كما ينفي ‏توقيعي عليها حاثا الآخرين على عدم توقيعها . والغريب في الأمر ، أن هذا التعليق الصادر عني قد اختفى ‏تماما ولم يظهر في أسفل الوثيقة ، فأعدت صياغته لمرات ثلاث ، وكان في كل مرة يختفي تماما ولا يظهر في ‏ذيل تلك العريضة الغريبة في المضمون وفي الظهور . صحيح بأنني قد شجبت الكثير من تصرفات الرئيس ‏السابق مرسي ، وأدنت تصرفاته الخاطئة ، وحذرت الإخوان المسلمين من مغبة الدخول في حرب أهلية في ‏مصر ، مرجحا بان يسبب ذلك في تراجع حركتهم وانكماشها في كافة الأقطار العربية ، ولكني لم أدع قط إلى ‏حظر تيار الإسلام السياسي من العمل في الساحة السياسية والواقع بأنني كنت أعد ، بشيء من التردد ، لكتابة ‏مقالة تناشد السلطة المصرية الجديدة بعدم إقصاء الإخوان المسلمين وكافة تجمعات الإسلام السياسي ، عن ‏الساحة السياسية ، لأنهم لو فعلوا ذلك، لباتوا مقترفين لذات الخطأ الذي ارتكبه الدكتور مرسي ، عندما ظل ‏يرفض تشكيل حكومة ائتلافية تضم كافة التيارات السياسية ومن أبرزها تيار جبهة الإنقاذ الوطني . فهذا ‏الإقصاء العنيد من الدكتور مرسي ومن جماعته ، شكل موقفا خاطئا تسبب في اشتعال النقمة عليه وعلى أسلوب ‏حكمه ، مما أجج المعارضة له ، فتكاثرت أعدادها إلى أن بلغ مجموع المعارضين له عشرين مليونا ، وقال ‏البعض ثلاثين مليونا . وعزز هذا النفور من سلوك الإخوان المسلمين في مصر، أن حزب النهضة التونسي ‏الإسلامي الاتجاه، قد أشرك المعارضين للتيار الإسلامي في الحكم، وفعل مثله التيار الإسلامي الفائز بأكثرية ‏من الأصوات في المغرب العربي ، إذ أشرك في حكومته ،لتيارات الليبرالية وكذلك التيارات الأخرى‎ ‎المعارضة لتيار الإسلام السياسي ، فبات الإخوان المسلمون في مصر، هم الوحيدين المتمسكين بانفرادهم في ‏السلطة ، مع إصرارهم على إقصاء المعارضة المصرية ثم تصادف وشاهدت حوارا على إحدى القنوات ‏المصرية ، شارك فيه الدكتور عمرو حمزاوي ، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في القاهرة، ‏وشجب فيه الدكتور حمزاوي المساعي لإقصاء المعارضة المصرية الجديدة، المتمثلة بتيار الإسلام السياسي، ‏عن المشاركة في الحكم ، بل ودعا إلى إطلاق سراح كافة المعتقلين من قيادات الإخوان المسلمين ، كما طالب ‏أيضا بإعادة فتح كافة القنوات الإسلامية التي تم إغلاقها كقناة مصر 25 وقناة الناس وغيرها من القنوات ‏الإسلامية . والواقع أنني قد وجدت في وجهة نظر الدكتور حمزاوي رؤية عميقة وحكيمة ، لأنه إذا كان ‏الإخوان قد ارتكبوا خطأ الإقٌصاء البغيض ، بل وخطأ الإعداد لإقفال كافة قنوات المعارضة المصرية، والذي ‏تمثل فعلا بتوجيه رسائل لإداراتها للحضور كخطوة نحو تبرير إقفال من لم يشارك بالحضور. فإذا ارتكب ‏أولئك تلك الأخطاء البغيضة، لا يجوز أن يسلك النظام الجديد مسلكهم ، فيسعى إلى الإقصاء السياسي ‏والإعلامي أيضا . ومن هنا فقد رأيت أن أضم صوتي إلى صوته، مطالبا بإعادة فتح القنوات التلفزيونية ‏الإسلامية، وبالإفراج عن المعتقلين من قادة الإخوان ، ما لم يكن بعضهم مطلوبا في قضايا ثبت ضلوعهم أو ‏مشاركتهم بها ويعاقب عليها القانون المصري. ‏

والواقع أنه إذا كانت الثورة المصرية الجديدة، ثورة الثلاثين من حزيران (يونيو)، قد قامت اعتراضا على ‏سياسة الإقصاء ودفاعا عن الديمقراطية الحقيقية بمفهومها الحقيقي، لا بمجرد مفهوم الصندوق الوهمي، فإنه ‏يترتب عليها التمسك بكافة مضامين الديموقراطية حتى يصبح مفهومهم للديمقراطية مفهوما حقيقيا وواقعيا ‏وعادلا. ‏

والسبب الآخر الذي يدفعني إلى المطالبة بإطلاق سراح قيادات الإخوان المسلمين،‎ ‎هو سبب منطقي وصحيح، ‏وهو كون تلك الحركات ذات التيار الإسلامي السياسي، ليست من الغباء لتعمل بقياداتها الظاهرة فحسب ، إذ لا ‏بد من وجود قيادات سرية بديلة لتلك القيادات العلنية الظاهرة ، وتلك القيادات السرية ستبدأ في العمل فور ‏اعتقال القيادات الظاهرة للعلن. ومن هنا يصبح من الأصعب على النظام الحالي، ملاحقة تلك القيادة السرية، إذ ‏ستصبح ملاحقتهم لها كمطاردة لأشباح لا تعرف كنههم أو شكلهم أو أسماءهم، مما قد يجعل الأمر أكثر صعوبة ‏وعنتا على السلطات الحالية. وبهذا تكون السلطة الحالية تعاقب نفسها بنفسها، لأن الحركة المضادة لهم ، قد ‏تتعاظم مع وجود قيادات سرية لا تعرف الكثير عنها . ‏

وأنا لا أقول هذا دفاعا عن حركة الإخوان المسلمين، فأنا ما زلت معارضا لها رغم قيامي بنفيي إصدار تلك ‏الوثيقة المشئومة أو توقيعي عليها. وقد ازدادت معارضتي لها إثر حادثة الهجوم على مقر الحرس الجمهوري، ‏وسقوط ذاك العدد الكبير من الشهداء من هذا الجانب وذاك . فأنا قد عملت في الإعلام المرئي لمدة خمسة ‏وخمسين عاما ، وكان قد بلغ عملي في ذاك الحقل عامه العاشر، عندما قررت الالتحاق بالدراسة الجامعية التي ‏حالت ظروف خاصة بي، وبين الالتحاق بها مبكرا. ولكن رغم كوني قد عملت في هذا الحقل لمدة عشرة أعوام ‏حتى ذلك العام، فأنا قد اخترت دراسة الحقوق لا دراسة الإعلام بشكل أكاديمي والذي عملت في حقله حتى تلك ‏اللحظة . ولقد اخترت دراسة الحقوق، لكون مادة الحقوق تعلم الإنسان نوعا من المنطق. وعلى ضوء تفهمي ‏للمنطق الحقوقي،‎ ‎لا لكوني مسيحي النشأة، وجدت نفسي مضطرا لمعارضة فكر الإسلام السياسي ( لا الإسلام ‏كدين سمح) لكونه يجافي المنطق أحيانا.‏‎ ‎‏ ومجافاة أصحابه للمنطق تتمثل في الأمور التالية: ‏

اولا) ظل الرئيس مرسي يدعي بأنه الرئيس الأول المنتخب ديمقراطيا عن طريق الصندوق . وهذا أمر غير ‏صحيح . فكيف يتناسى أن الرئيس جمال عبد الناصر قد انتخب أيضا عن طريق الصندوق أكثر من مرة ‏وخصوصا بعد أن تعاظمت شعبيته في أواخر حكمه ، وقد تعاظمت لدرجة أن الجماهير المصرية قد خرجت ‏بالملايين في حزيران عام 1967 مطالبة إياه بالبقاء رئيسا لهم، عندما قدم استقالته محملا نفسه مسؤولية ‏الهزيمة (ولا أقول النكسة ) التي كان عبد الحكيم عامر مسئولا عنها . وبهذا الاستفتاء الشعبي الجماهيري ‏المنادي ببقاء جمال عبد الناصر في السلطة ،لم يعد بوسع أحدهم كالدكتور محمد مرسي ، الادعاء بأنه ‏الرئيس المصري الأول المنتخب عن طريق الصندوق ، ففي ذلك مجافاة للحقيقة وللمنطق . ‏

ثانيا) أن الرئيس السابق محمد مرسي قد ظل متمسكا بقضية الصندوق، رغم خروج الملايين من المصريين ‏مطالبين برحيله ، وهم ملايين فاقت أعدادهم الثلاثة عشر مليون صوت ونيف التي حصل عليها مرسي في تلك ‏الانتخابات، والتي كان ثمانية ملايين صوت منها قد جاءت من المعارضة ، لا حبا بمرسي ، بل كعملية رفض ‏لانتخاب أحمد شفيق، المحسوب على الرئيس السابق حسني مبارك . كما أن خروج الملايين إلى الشارع ‏والميادين المصرية مطالبة برحيله، كانت بمثابة استفتاء حقيقي على رفض رئاسته، وهو استفتاء سبقه توقيع ‏ملايين الاستمارات المكتوبة مطالبة برحيله. فكان ذلك بمثابة عملية اقتراع مكتوبة، كل ما في الأمر أنها لم ‏توضع في الصندوق العتيد الذي ظل مرسي يتمسك بشرعيته ثالثا) رفض مرسي بعناد إجراء انتخابات مبكرة ‏كان بوسعه أن يطرح نفسه فيها كمرشح للرئاسة، أو يطرح مثلا خيرت الشاطر كبديل عنه. ولعل رفضه ذاك ‏كان مرده الشكوك التي راودته بأن يحظى، هو أو غيره من الإخوان ، بأكثرية الأصوات كما حصل في ‏الاقتراع الرئاسي. ولعله في قرارة نفسه، كان يعتقد بأنه لن يحظى، هو أو بديله من الإخوان، عندئذ بأكثر من ‏الخمسة ملايين صوت ونيف التي حصل عليها مرسي في الاقتراع الأول، والتي تمثلت في أصوات أعضاء ‏ومناصري جماعة الإخوان المسلمين. والواقع أن رفضه العنيد للانتخابات الرئاسية المبكرة،‎ ‎كان بمثابة ‏اعتراف ضمني منه، بأنه قد بات مرفوضا من الشعب، وأن تمسكه بفلسفة الصندوق إنما هو محض هراء ‏

رابعا) إن قضية ما سمي بالمظاهرة السلمية أمام مقر الحرس الجمهوري، هي محض هراء يجافي المنطق. ‏فالجماهير لا تبدأ بالتظاهر في الساعة الرابعة صباحا، بل أن أي مظاهرة مهما كانت جماهيرية، تبدأ ‏بالانفضاض في الساعة الثانية صباحا فلا يبقى منها أحد بعد بلوغ الساعة الرابعة صباحا . فلماذا جاء أولئك ‏المتظاهرون في تلك الساعة المبكرة والعجيبة بل والساعة الغريبة. ولماذا جاءوا بالذات لمقر الحرس ‏الجمهوري الذي يحتجز فيه الرئيس السابق مرسي، إن لم يكن قد جاءوا بغية السعي لتحريره. أليس ذلك هو ‏الانطباع الذي يتوقع للحرس الجمهوري أن يكونه ، فينبرون عندئذ لأداء مهمتهم الطبيعية في حماية مقرهم، ‏وفي منع المتظاهرين ، إن كانوا مجرد متظاهرين، من اقتحام ذاك المقر بغية تحرير مرسي . كما أن ‏المتظاهرين السلميين لا يأتي عدد منهم مزودين بالسلاح القاتل. ‏

خامسا) إن سابقة خطيرة قد وقعت في شهر كانون الثاني (يناير) عام 2011، هاجم فيها مسلحون من الإخوان ‏المسلمين بمساعدة (للأسف) عددا من المسلحين التابعين لحركة حماس، سجن وادي النطرون الذي كان يحتجز ‏فيه الدكتور مرسي كسجين سياسي، بقصد تحرير مرسي منه. ولقد نجحوا فعلا عندئذ بتحريره بعد قتل أربعة ‏عشر من الحراس والمساجين . ولكنهم نجحوا أيضا في إطلاق سراح أحد عشر ألفا من المساجين العاديين ‏الخطرين الذين عاثوا فيما بعد فسادا بالبلاد. وهذه قضية ثابتة بموجب تحقيقات رسمية في قضية تنظر الآن أمام ‏المحاكم المصرية . فبعد هذه السابقة الخطيرة، بات من المتوقع أن يسعى الحرس الجمهوري إلى الحيلولة دون ‏نجاحهم مرة أخرى في إطلاق سراح مرسي المسجون عندئذ بموجب إرادة شعبية عارمة .‏

خامسا مكرر) هناك قضية مقتل عدد من ضباط الجيش المصري في سيناء بظروف غامضة ، وهي قضية ‏كانت محل تحقيق من قبل محققي القوات المسلحة ورجال القضاء المصري. ولكن نتائج هذه التحقيقات لم ‏تنشر أبدا، رغم صدور قرار من محكمة إدارية بوجوب نشرها. ويعتقد أن عدم نشرها، كان بأوامر من مرسي ‏خصوصا وقد ساد الاعتقاد بأن الدكتور مرسي قد استفاد كثيرا من هذه الواقعة التي أودت بحياة أربعة عشر ‏ضابطا مصريا من خيرة رجالات القوات المسلحة. وفي القانون يبحث المحقق دائما عن المستفيد من ‏الجريمة . وكان المستفيد المباشر والأكبر منها هو (الرئيس) مرسي. إذ أنه قد استغلها للتخلص من عدد من ‏خيرة ضباط مصر اللذين لم يكن يضمن ولاءهم له ، كما استغلها بعد ذلك بفترة وجيزة جدا، عندما لاحظ ‏سكوت القوات المسلحة عن قراره السابق بإحالة عدد من الضباط على التقاعد ،بإحالة المشير طنطاوي نفسه ‏رئيس المجلس العسكري والفريق سامي عنان، على التقاعد، متخلصا بذلك من مشاركة المجلس العسكري له ‏في حكم مصر . والآن ، بعد إقصاء مرسي عن كرسي الرئاسة ، بات من المتوقع أن تنشر نتائج هذه التحقيقات ‏التي ظلت إلى الآن سرية. فإن أشارت أصابع الاتهام فعلا إلى الدكتور مرسي، يصبح من المرجح عدم الاكتفاء ‏باعتقاله تحفظيا ، إذ يصبح من الممكن تقديمه للمحاكمة ، حيث قد يواجه عقوبة قصوى لمشاركته بدم بارد بقتل ‏ضباط من الجيش المصري. وهذا أمر قد يستدعي بالتأكيد إقدام الإخوان على حركة يائسة لإنقاذ مرسي من ‏سجنه. ‏

‏ سادسا)صحيح أن الحرس الجمهوري ربما أفرط في استخدام القوة، وهذا أمر سيكشفه التحقيق الشفاف من ‏لجنة حيادية سيتم تشكيلها. ولكن إزاء كل هذه الملابسات الخطيرة لتلك الواقعة (تظاهرات في الساعة الرابعة ‏صباحا، مع وجود مسلحين ضمن المتظاهرين ، ووجود مرسي سجينا في موقع التظاهرة، إضافة إلى سابقة ‏مهاجمة سجن وادي النطرون )لا تترك مجالا للشك في نوايا الحرس الجمهوري، عندما بدأ بالرد على نيران ‏صادرة من المتظاهرين، فوقع منه عدد من الضحايا مما اضطره للقيام بعملية دفاع عن النفس، إضافة إلى قيامه ‏بواجبه الطبيعي في حماية مقره، وحماية السجين المكلف بحراسته سابعا) إن أكثر ما يمكن توجيهه من تهمة ‏للحرس الجمهوري، هو الإفراط في استخدام القوة، وليس في استخدامها، حيث أن استخدامها كان جزءا من ‏المهمة الموكولة إليه ، هذا رغم الأسف الشديد على سقوط الضحايا من هذا الجانب وذاك. فجميع الشهداء الذين ‏سقطوا كانوا مواطنين مصريين (إن لم يكن قد شاركهم في ذلك عناصر من الخارج )، ودم المصريين لا يجوز ‏إهداره بسهولة وبلا مبرر جوهري وضروري وواضح. ‏

وهكذا نلاحظ أن المنطق يجافي أحيانا منطق الإخوان المسلمين ومن يناصرهم من أصحاب الإسلام السياسي . ‏علما أن فكر الإسلام السياسي ليس جديدا على العالم . إذ ظهر هناك في مرحلة ما ، فكر المسيحية السياسية ‏المتزمتة في الفترة من القرن الحادي عشر وحتى القرن الرابع عشر. إذ ظهر عندئذ التعصب المسيحي ‏الأجوف وغير المبرر، فأحرقوا في تلك المرحلة عددا من الناس بتهمة السحر والزندقة ، كما أصدروا صكوك ‏الغفران، بل والأهم من ذلك، خاضوا الحروب الصليبية المتعددة بحجة تحرير القدس . وقد انكفأت هذه الهجمة ‏بعد ذلك، واتجهت الدول الأوروبية بعد ذلك (لم تكن أميركا قد ظهرت عندئذ والتي اكتشفت فيما بعد) إلى ‏الديمقراطية والعلمانية والتي ظلت تسود إلى الآن رغم الثورة الفرنسية التي عززت حقوق الإنسان، ورغم ‏الثورة البلشفية الشيوعية التي طالبت بحقوق العمال . ‏

‏ ومن هنا ، وعلى ضوء قراءة التاريخ ، فإني أحث إخوتنا المسلمين بألا يبالغوا في التعصب الديني ، وألا ‏يخلطوا الدين بالسياسة ، لأن هذا تيار مؤقت من الطبيعي أن ينشأ في هذه المرحلة، والإسلام في قرنه الخامس ‏عشر، ولكنه تيار لن يدوم طويلا وسوف يتلاشى تدريجيا ، ومع مرور الزمن ، فلن تبقى ا"لقاعدة" المطالبة ‏بالحرب الإسلامية، أسوة بما طالب به المسيحيون، في مرحلة تعصبهم الأجوف، بحروب صليبية . فهذه أمور ‏قد انقضى زمانها بمرور الزمن وولت إلى غير رجعة ، وأنا آمل أن يراجع إخوتنا من أعضاء تيار الإسلام ‏السياسي حساباتهم ‘فيختصرون بعضا من تعصبهم وتطرفهم لمصلحة العقلانية والواقعية والإحساس، مع كل ‏إحترامنا وتقديرنا للدين الإسلامي، بأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين لا في القرن السابع ، وبالتالي ‏يعطون ما لقيصر لقيصر وما لله لله . فالعبادة لله وحده والسياسة لأصحابها من السياسيين . ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق