الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكية بين التجربة والنظرية

علي إبراهيم

2001 / 12 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



هل المهمة اليوم لازالت كما قال الرفيق الخالد فهد قبل ما يقارب الستين عاما هي ليست تحقيق الاشتراكية بل " تحقيق نظام برجوازي – ديمقراطي ".
للإجابة على هذا التساؤل لابد من الاجابة على ثلاثة أسئلة مهمة :-
1- هل ما تحقق في الاتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية "اشتراكية " فعلا؟
2- هل سمات الرأسمالية التي تحدث عنها ماركس تنطبق على الرأسمالية الحالية؟
3- أي نموذج اشتراكي ستسعى الحركة الشيوعية العالمية إلى تطبيقه مستقبلا؟
لا أدعي بإمكاني الإجابة على هذه الأسئلة المعقدة .بشكل علمي ولا أظن من السهولة الإجابة عليها حتى من قبل المختصين أو أولئك الذين ساهموا في بناء تلك التجربة لأن القضية تحتاج إلى دراسة معمقة والى تنظير جديد ، وإلى زمن لتفحص التجارب "الاشتراكية" وتأثير انهيارها ولمراقبة ما سوف يتحقق ، ولكن أستطيع أن أدلي برأيي المتواضع وكل ما أبتغيه هو إثارة الأسئلة التي تفتح بوابات للغوص في عمق تلك المواضيع ومن المستحسن أن يجري التركيز على العوامل الداخلية بالدرجة الأساسية لأن العامل الخارجي بات معروفا وأهدافه واضحة لدى القاصي والداني .
الكثير من الدراسات أشارت إلى جملة من مسائل التي تؤكد على أن ما تم بناؤه في تلك البلدان هو شيء مشوه للاشتراكية كنظرية بغض النظر عمّا تحقق من منجزات وهي أقل بكثير من تلك التي تحققت للطبقة العاملة وغيرها في بلدان "الاشتراكيات الديمقراطية " والتي لا يمكن لأحد أن ينكر جوهرها الرأسمالي. ودون أن أدخل في التفاصيل ، بودي الإشارة إلى أن كل التطبيقات تجاوزت نقطة مهمة وحاسمة في الفهم الماركسي والذي أكد على أن الاشتراكية مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي وهي مرحلة تأتي بعد الرأسمالية وتتأسس على المنجزات العلمية والتكنولوجية لتلك المرحلة وبدون تلك القاعدة ليمكن أن تخلق ومن ثم تعيش اشتراكية علمية. ألا يدفعنا الإيمان بهذه الفكرة إلى العودة إلى أصول الماركسية ؟- التي ذكرناها آنفا – وبالتالي ينبغي عدم إعاقة التطور الرأسمالي في البلدان النامية وتلك البلدان الضعيفة التطور ومنها بلدان أوربا الشرقية ؟.لأنه التطور الطبيعي للوصول إلى الاشتراكية وعلى الشيوعيين ممارسة النضال الوطني والاجتماعي والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية ضمن نظام ديمقراطي تعددي يوفر المناخ للتطور العلمي التكنولوجي وقد أثبت الواقع أن السير بهذا الاتجاه لا يتحقق إلا ضمن علاقات إنتاجية رأسمالية . إن إعاقة هذا التطور قسرا يخلق مجتمعا مضطربا غالبا ما يعيق ذلك التطور .يبدو لي أن المفاهيم التي اعتمدت في التوجه نحو بناء "الاشتراكية "و"الشيوعية" خاطئة اعتبارا من (أن روسيا أضعف حلقة في الرأسمالية مرورا بالتطور اللارأسمالي وصولا إلى أشكال "الاشتراكيات " المتناسبة مع الواقع الملموس ".
ولكن هل الإيمان بهذا الفهم الماركسي يدفع الشيوعيين إلى تأييد نظام الاستغلال والقهر المتمثل بالرأسمالية ؟
بالطبع( لا ) أن الشيوعيين يقفون ضد استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وضد كل أشكال الاضطهاد ويناضلون من أجل تخفيف معاناة الطبقات التي لا تمتلك وسائل الإنتاج في مرحلة من مراحل الصراع الطبقي ، وان ما تحقق في هذا الجانب كبير جدا بفضل نضال الشيوعيين والطبقة العاملة بشكل عام . أن مرحلة التطور باتجاه الرأسمالية ونضوج تلك المرحلة التي لا يمكن إنجازها بدون خسائر تتحملها الطبقات المسحوقة وهي تضحيات لابد منها . وكل المحاولات التي تجاوزت هذه المرحلة كانت فاشلة وان تلك الطبقات تعرضت للاستلاب أيضا على يد سلطة الدولة (رأسمالية الدولة) أو الحزب وقد لا أجافي الحقيقة إذا قلت أن ما تعرضت إليه كان أعظم مما أصاب زميلاتها في البلدان الرأسمالية
من هذا المبدأ الذي يجعل الشيوعيين واثقين من أن الاشتراكية آتية لا محالة وهي البديل الحقيقي للرأسمالية وهي الأرقى في كافة الجوانب . ومن واجب الأحزاب الشيوعية التي تناضل من أجل هذا الهدف النبيل ، من واجبها يحدد كل حزب ضمن بلده الإمكانية والواقع . الزمن والأسلوب . ولابد من تحاشي العنف جهد المكان لكي لا يقع في مطب القسرية وبالتالي يعيد الكرة إلى الأسلوب القديم والذي أثبت الحياة فشله.
إذا سلمنا بهذا الفهم فان الدول الرأسمالية هي المؤهلة لأن تكون المسرح القادم لبناء الاشتراكية وهذا ما يدفعها للبحث عن أساليب جديدة للخروج من أزماتها وما فكرة العولمة إلا واحدة من هذه الأساليب.
تطرح بعض الدراسات والنقاشات التي تدور داخل الحزب الشيوعي العراقي أفكارا جديدة ، تشكل محاولة لدراسة التجربة "الاشتراكية " هناك ما ورد نصا في ورقة العمل الفكري ( انهيار التجربة الاشتراكية / الحدث والدلالة ) :"أن البديل الديمقراطي يشكل مقدمة لتحقيق البديل الاشتراكي الذي نسعى لتحقيقه في الأمد الأبعد". لا شك أن الأحزاب الاشتراكية والشيوعية أساس بنائها مرتبط بخيارها الاشتراكي لكن الفقرة أعلاه ألا تعني فكرة "حرق المراحل ". أي هل يمكن أن تكون الديمقراطية "مقدمة" لبناء الاشتراكية ؟ وفي هذه الحقبة التي يسود فيها القطب الرأسمالي ، وفي ظل انهيار " المعسكر الاشتراكي "الذي كان وجوده يسوغ التنظير بإمكانية بناء الاشتراكية في بلدان متخلفة اقتصاديا أو ما يسمى "بالتطور اللارأسمالي ".
أظن أن مرحلة الديمقراطية هي مرحلة بناء المؤسسات وترسيخ المناخ الديمقراطي الذي تنجز في كنفه القاعدة العلمية التكنولوجية المتطورة ،وعملية الدمقرطة والتطور بكل جوانبهما . أرى أن هذه المرحلة في بلدان مثل بلدنا طويلة جدا ومن أصعب المراحل . أن التغيير في علاقات الإنتاج السائدة أو اختزال هذه المرحلة يعتمد على كثير من التطورات الداخلية والعالمية . وعلى هذا الأساس لا أظن أن الديمقراطية هي " مقدمة " لتحقيق البديل الاشتراكي ، بل هي مقدمة لإنهاء الأوضاع الشاذة والتشويه الاجتماعي والاقتصادي وكافة الترسبات الضارة التي خلقها النظام الدكتاتوري طيلة عقود من حكمه الاستبدادي للبلاد.


9/ 7/ 2001









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير