الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي مفارقة فقط ام لها اسباب

منتصر الحكيم

2013 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عند النظر فيما ينتجه رجال الدين المسيحيون من اعمال فكرية ومقارنته بما ينتجه رجال الدين المسلمين من اعمال نجد الفرق واضحا. رجال الدين المسيحي بدء من البابا حتى اخر سلم الكهنوت نجدهم منطقيين وواقعيين وواعين ... بدون بهرجة وبدون نفاق.
رسالة البابا الاخيرة، نور الايمان، وككل رسائل البابوات ومنشوراتهم لم تبدأ بنفاق لله او للمسيح ولم تبدأ بتسمية الاب والابن والروح القدس والصلاة والسلام على يسوع. بل بدات مباشرة بمخاطبة الانسان الموجهة له تلك الرسالة العامة.
اما المضمون وهومن انتاج بندكت السادس عشر وفرنسيس .. فانه ينم عن فهم عميق للفلسفة والفكر. ومع ان الرسالة تضمنت اقتباسات من كتابات معارضين للمسيحية والكنيسة مثل نيتشة وروسو على سبيل المثال لكن بدون توصيف لهم بالكفر او الخروج عن الدين او الدعاء عليه كما يفعل شيوخنا.
عند النظر في النصوص المسيحية التي يكتبها ويعدها رجال الكنيسة نجد الحديث عن الله وعن المسيح والقديسين والاباء حديثا صريحا مريحا بدون مقدمات وبدون خوف. تتعامل مع الله والمسيح كأب وأخ لنا بدون مجاملة وبدون معاملة الاصنام.
تدل الكتابات التي تعدها الكنيسة والبابوات على وجه الخصوص على عمق الثقافة الدينية والفلسفية واللاهوتية التي يتمتع بها هؤلاء. كما تدل من خلال المراجع المستخدمة والشواهد الكتابية والانجيلية كم هم منظمون رجال الكنيسة الاوائل. فالنصوص كلها مثبتة ومعتمدة.. ليس هناك صحيح وقوي وضعيف ومتفق عليه... فالصحيح المعتمد موجود وغير ذلك غير موجود.
النصوص المقدسة وكتابات الاوائل تشكل مجموعة متكاملة ليتم البناء عليها. رسالة البابا على سبيل المثال "نور الايمان" مثال واضح على العمق الثقافي والفلسفي وكذلك اللاهوتي الذي يتمتع به كاتب الرسالة.
ما يلفت النظر ان المسلمين ليس عندهم مثل هذه البنية الثقافية اللاهوتية التي تشكل معينا يعتمد عليه لانشاء نصوص جديدة.
لم نر شيخ الازهر مثلا يكتب رسالة في المحبة استنادا الى التراث الديني الاسلامي. حتى صحابة محمد ليس لدينا اي نصوص معتمدة منسوبة اليهم عدا عن شذرات متباعدة لا تشكل وحدات متكاملة. فليس في الاسلام ما يشبه اباء الكنيسة مثلا الا اذا اعتبرنا اصحاب المذاهب الاربعة مثلا.
على اي حال، ما تنشره الكنيسة من كتابات الهنة والبابوات منشور وبكل اللغات فهل يقرأ المسلمون هذه النصوص؟ اتممنى ان يقراوها ويطلعوا عليها ليعرفوا شيئا عن حقيقة الايمان المسيحي وطريقة تفكير الكنيسة والمسيحيين.
ليخرجوا قليلا من الشرنقة التي وضعهم فيها شيوخهم عبر النظرة النمطية والاحكام المسبقة والمغالطات التي لا هدف لها سوى التشويه والتشتيت ومزيدا من الفرقة والتباعد.
على الضفة الاخرى، من مراقبة ما يكتب وينشر على النت وعلى اليوتيوب مثلا من تسجيلات الشيوخ فكلها سباب وشتائم والفاظ نابية كلها خزعبلات وتخاريف وبث للكراهية والحقد ودعوات للقتل ونشر لثقافة الكراهية والموت. كما انها في كثير منها تدخلا سافرا في شؤون الاخرين وعقائدهم ومعتقداتهم.
لا ادري لماذا يصر شيوخ الاسلام وكثير من الاكاديميين الاسلاميين حشر انفسهم في عقائد الاخرين. الكنيسة مثلا لم تنشر شيئا عن الاسلام منذ اكثر من الف سنة فما الذي يدعو اكاديميين اسلاميين وخصوصا من الوهابيين الكتابة عن العقيدة المسيحية وبشكل مغلوط في كل مرة.
اطلعت على نماذج عديدة من كتب الاسلاميين التي يتحدثون فيها عن العقيدة المسيحية وبشكل غير دقيق ومغرض ومليء بالاغلاط.
عندما يقوم باحث مسلم بوصف الكاثوليك الذين يعدون مليارا واربعمئة مليون مؤمن بانهم طائفة فانه يسقط في الامتحان. وعندما يدعي اخر انه باحث في الاديان ويسمي المسيحيين بانهم نصارى فهو يسقط في الامتحان ايضا.
لا ادري لماذ يتعب استاذ مسلم يدعى عامر احمد الشريف نفسه بتاليف كتاب بعنوان "ايسر التفاسير للانجيل" صادرعن الدار العربية للعلوم عام 2004، من طلب منه ان يفسر الانجيل؟ انه يقوم بتفسير مغلوط ومن وجهة نظر اسلامية غير مقبولة من المسيحيين على الاطلاق. فهل يعقل ان يقوم مسيحي بتفسير القران من وجهة نظر مسيحية؟
ثمة كتاب اخر: نقض دعوى عالمية النصرانية لمؤلفه دكتور فرج الله عبد الباري. هذا الكتاب من عنوانه لا يعبر عن معرفة كافية بالمسيحية. ومجرد تسمية المسيحية بانها نصرانية يعني كمية من الجهل كبيرة تحكم كل الكتاب.
ثمة كتاب اخر لمؤلفه الدكتور احمد علي عجة صادر عام الفين واربعة من دار الامانة عنوانه: الرهبانية المسيحية وموقف الاسلام منها. مؤسف ان المؤلف يهاجم الرهبانية المسيحية ويتخذ منها موقفا مسبقا وطوال نص الكتاب يخلط بين المسيحية والنصرانية. ما دخله في هذا الشان؟
اما الدكتور سعود عبد العزيز الخلف فنشر كتابا عام الفين وستة عن دار اصول السلف: دراسات في الاديان اليهودية والنصرانية. كيلف يسمح هذا الدكتور لنفسه ان لا ىيسمي المسيحية باسمها ويظن انها النصرانية؟ وهو الذي يدعي عبر عنوان الكتاب انه صاحب دراسات؟
في البداية، على من يتصدى للتاليف والكتابة والنقد ومقارنة الاديان ان يسمي الاشياء باسمائها. واستغرب اشد الاستغراب كيف يسمح مثل هؤلاء لانفسهم ان يثبتوا صفة الجهل عليهم بشان ديانة عريقة عمرها الفي عام وينتمي اليها الفان ومئتا مليون نسمة على الاقل.
لايستطيع الاكاديميون المسلمون وكذلك شيوخهم الكتابة عن الاخر بصورة موضوعية... او حتى منطقية. لا يمكنهم الا السب والشتم والنقد السلبي. واذا ارفقنا هذا الى الجهل الفاضح بتفاصيل ذلك الاخر... وحتى بوصفه واسمه فان النتيجة تكون كارثية سواء على صعيد نوعية ذلك الانتاج الكتابي او على صعيد النتيجة الفكرية على المتلقي الجاهل.
كل هذا في الواقع لا يمكن وصفه الا بانه محاولات دفاعية من خلال الهجوم ومحاولة تحصين المسلمين ضد الاخر من خلال الهجوم على هذا الاخر وعقيدته وفكره. والسبب ان هذا الفريق لا يوجد عنده مضمون ايجابي بعرضه على الاخرين فيبدأ اجترار ما عفا عليه الزمن من كتابات قديمة او افكار ضعيفة.
في الواقع الامر محزن حقا ان نرى امة من الف ومئتي مليون نسمة لا تستطيع ان تنتج نصوصا جديدة تبشر بالحياة وتفتح صفحة لقاء مع الاخر تفسح المجال للفرح والشراكة والمستقبل الافضل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟