الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة وبناء عقل مصر المبدع

نوال السعداوى

2013 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


نجح الشعب المصرى بثورته التاريخية الممتدة من يناير 2011 إلى يوليو 2013 أن ينقذ بلادنا من نظام سياسى مستبد قائم على التمييز بين المواطنين على أساس الجنس والدين والطبقة والعرق والمذهب، استخدم الرصاص وسلاح الدين للتخويف والتهديد لكل من يختلف معه.
نجحت الثورة سياسيا، ووضعت خارطة طريق مرحلية فى حاجة الى تطوير دائم لتواكب أهداف الثورة، وقد تعلمنا من دروس الماضى أن الثورة السياسية لاتحقق أهدافها دون ثورة فى الثقافة والتعليم والتربية والقيم، بحيث نخرج من عصور الظلام والتعصب الدينى والجنسى والطبقي، الى عصر المعرفة والمساواة والعلم.
الثورة تعنى سقوط النظام الحاكم وليس رأسه فقط (مبارك أو مرسي)، وهذا يعنى سقوط الدستور القديم، مطلوب العمل من الآن لتشكيل لجنة شعبية ثورية من الشباب والنساء والرجال، المسلمين والمسيحيين، لكتابة دستور جديد يحقق الحرية والعدالة والكرامة والمساواة الكاملة بين المواطنين جميعا، وعلى رأسها المساواة بين النساء والرجال فى قوانين الدولة والأسرة.
لقد دفعت المرأة المصرية من دمها وحياتها ثمن الثورة مثل الرجل المصري، لهذا يجب النص فى الدستور الجديد على المساواة الكاملة بين النساء والرجال فى الحياة العامة والخاصة، لذلك مطلوب إشراك النساء والشابات فى كل لجنة ومجلس بنسبة لا تقل عن 30 فى المائة وقد تزيد، لا يكفى إصدار إعلان دستورى أو عمل إصلاحات لبعض مواد الدستور القديم.
نحن نعيش الشرعية الثورية وهى لا تعرف الإصلاحات الجزئية بل تنشد التغيير الجذري، يعنى بناء نظام جديد، مؤسسات دولة جديدة، تشريعية وتنفيذية وقضائية تخدم الشعب، وليس الحاكم الجالس على العرش.
خسرنا (بعد ثورة يناير) معركة "الدستور أولا" بسبب سيطرة الاخوان المسلمين وأتباعهم من الأحزاب القديمة والجديدة، ورغبتهم فى فرض الانتخابات بالقوة والمراوغة.
هناك اتجاه اليوم، كما حدث فى الماضى القريب، (من جانب الأحزاب المدنية والدينية السلفية) للتضحية بحقوق النساء بطريقة هادئة ناعمة، وابعادهن عن مراكز القرار تحت اسم التوافق الوطني، قد يسمحون لامرأة واحدة أو اثنتين (مجرد عينة) لتمثيل النساء، وهذا اهدار لحق نصف المجتمع (45 مليون امرأة) من أن يشاركن بتمثيل عادل يتناسب مع قوتهن العددية والفكرية فى بناء مصر المستقبل.
وبالطبع تحاول قوى الثورة المضادة فى الخارج والداخل إجهاض ثورة يونيو 2013، كما حدث منذ سقوط حكم مبارك فى 11 فبراير 2011، نلاحظ كيف حاولت الحكومة الأمريكية التمسك بحكم الاخوان المسلمين تحت اسم شرعية الصندوق، وهددت بقطع المعونة، وتجاهلت الشرعية الثورية التى فرضتها إرادة الشعب المصرى الحى المتحرك فى الشارع، هكذا تعودت الحكومة الأمريكية منذ عصر السادات فى السبعينيات (بداية المعونة الأمريكية لمصر) أن تنظر الى الشعب المصرى كأنه مستعمرة مستعبدة خاضعة مع رئيسها وحكومتها لأوامر البيت الأبيض، رغم أن هذه المعونة كانت تخدم المصالح الأمريكية وليس المصالح المصرية.
هذه الثورة الشعبية الهائلة قادرة على تحرير مصر من المعونات الخارجية ومنها المعونة الأمريكية، تحرير مصر من مفاهيم الاستعمار القديم والجديد، ومن القوى المهيمنة عالميا وعربيا ومحليا، هذه الثورة منذ 30 يونيو تقول ان الشعب المصرى قادر على إنتاج فكره وابداعه وعلمه وطعامه وملابسه وكل ما يريد، لكنه أجبر منذ حكم السادات على أن يعيش على الاستيراد من الخارج، وليس على الإنتاج المصرى الزراعى والصناعى والفكرى والثقافى والتعليمى والاعلامي.
أصبح الاعلام المصرى تابعا للإعلام الأمريكي، وأصبح باراك أوباما يرسل الينا مبعوثا كى يطور التعليم فى مصر. أنفقت حكومة باراك أوباما ملايين الدولارات لتدعم حكم الاخوان فى مصر، وقد سقط حكمهم بقوة الشعب المصرى ضد الإرادة الأمريكية والارادات التابعة لها، وسوف يسقط الفكر الإخوانى فى العالم كله، مع تنظيماتهم وفروعهم التى امتدت من التنظيم الأم فى مصر. هدف أمريكا هو حماية مصالح اسرائيل وتقويتها علميا واقتصاديا ونوويا ضد بلادنا، فهل يصدق أحد أن أمريكا تريد تقوية مصر علميا وتعليميا أو عسكريا أو اقتصاديا؟
تم التعاون بين الاستعمار الأمريكى الاسرائيلى والحكومات المصرية على مدى العقود الأربعة الماضية، من أجل تقسيم الشعب المصرى طائفيا وتحجيب عقله وتغييبه (ليسهل السيطرة عليه) تخويفه من نار الجحيم وعذاب القبر، ومحاربة العقول المصرية المفكرة، ومصادرة أعمالها، وخنق صوتها، وتقديمها للمحاكمات (قانون الحسبة) بتهمة الكفر وازدراء الذات الإلهية أو الذات الجمهورية، مات بعض هؤلاء المبدعين من الرجال والنساء (جسديا أو معنويا) فى المنفى خارج الوطن أو داخله، وتم تشويه سمعتهم واقصاؤهم من الساحة الثقافية والأدبية والفكرية على مدى اربعين عاما وأكثر.
نحن فى حاجة الى ثورة فكرية ثقافية اجتماعية تعليمية تربوية تواكب الثورة السياسية، نريد تغيير القيم والمفاهيم القديمة القائمة على الخضوع والطاعة والفزع من العقل النقدى المبدع، تعلمنا من التاريخ أن الثورة السياسية سرعان ما تجهض، إن لم تدعمها ثورة فى الثقافة والتعليم والتعليم وبناء عقل شجاع جديد.
نريد تشكيل لجنة من عقول مصر المبدعة القادرة على وضع دستور جديد، فالدستور هو أساس الدولة، هو الحصان الذى يجر العربة، والعقول فى القانون والسياسة مع العقول فى الفلسفة والتاريخ والاجتماع والأدب والفن والموسيقي.
وضع الدستور الجديد ليس عملية قانونية فحسب، بل يشمل جوانب العقل والتفكير والشعور والخيال والابداع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل لولا بعض النشاز
علقمة منتصر ( 2013 / 7 / 11 - 14:58 )
الدين صنيعة مصرية بامتياز وكل الآثار التي أمامنا هي آثار دينية رغم عظمتها المعمارية. يكفي أن نذكر بينها الأهرام التي كانت تستهلك جهود ودماء ودموع الملايين ولمئات السنين ليدفن فيها الفرعون. وقلما نجد آثارا مسخرة لراحة الشعب مثل الطرق والجسور والمسارح وقنوات المياه والحمامات كما نشاهده حتى اليوم في آثار المدن الرومانية أو اليونانية أو الصينية القديمة.
الاستبداد والإخوان المسلمون صنيعة مصرية بامتياز، وكذلك الأزهر ودوره الرجعي على مدى الدهور.
المرأة المصرية والمرأة المسلمة بصفة عامة هي راعية الدين والتخلف. يكفي أن تنظري إلى الكمية الهائلة من النساء في رابعة العدوية وهن يدافعن عن حق مستعبدين في الحكم،رغم أنهن وحتى وهن (يتظاهرن) سجن يحميه الرجال الإخوان حتى لا يختلطن بالرجال.
في كل هذا ما دخل أمريكا وإسرائيل؟ كل دولة وكل أمة في العالم تعمل على الدفاع عن مصالحها. العيب ليس فيها بل في من يفرط في مصالحه كم نفعل نحن شعوبا وحكومات وندافع عن حق الأموات قبل الأحياء. فلنبدأ بالكنس أمام بيوتنا قبل كل شيء.


2 - لا أفهم
علقمة منتصر ( 2013 / 7 / 11 - 21:35 )
لست أدري هل قرأت الكاتبة نص الإعلان الدستوري الأخير، وخاصة مادته الثانية، وهي تكتب هنا ((نجح الشعب المصرى بثورته التاريخية الممتدة من يناير 2011 إلى يوليو 2013 أن ينقذ بلادنا من نظام سياسى مستبد قائم على التمييز بين المواطنين على أساس الجنس والدين والطبقة والعرق والمذهب، استخدم الرصاص وسلاح الدين للتخويف والتهديد لكل من يختلف معه. ))
تقول المادة الثانية: ((الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)) وهي المادة التي نص عليها دستور مورسي
هل هذا النص مجرد ديكور لخداع الإخوان والسلفيين، من يضمن؟
هل مبادئ الشريعة الإسلامية ليست قائمة على التمييز بين المواطنين؟
وحدها الكنيسة المصرية عبرت عن موقف معارض لهذه المادة بكل وضوح


3 - الرئيس المؤقت
على سالم ( 2013 / 7 / 12 - 01:34 )
صراحه انا لااستطيع هضم المدعو بالرئيس المؤقت ,هذا الرجل بدون جدال لايصلح لهذا المنصب باى حال من الاحوال حتى ولو كان مؤقتا ,لاادرى كيف يفكر رجال القضاء فى مصر ,لقد صدعونا بالقضاء المصرى الحر الشريف النزيه ,وجه هذا الرجل يبدو مثل التليفزيون الخربان ,معلوماته عن السياسه تكاد تكون صفر ,يبدو ايضاانه ينتمى لفصيل الاسلامجيه المجرمين ,هذا الرجل منفصل تماما عن الواقع ,يجب ان يفهم هؤلاء البهوات القضاه اننا فى مقتبل عصر جديد حيث لايجب ان يوجد اى حزب سياسى بمرجعيه دينيه والا مامعنى الثوره فى نظرهم ولايجب ايضا ادخال الدين فى السياسه لانه خطر وخط احمر ,الا تستحوا ايها القضاه الفارغين عقليا ,عار عليكم

اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء