الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق بين مستشار الرئيس ووكيل الولي الفقيـه

جاسم محمد الحافظ

2005 / 5 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


1

يقال بأن سلوك العراقيين قد طبع بمراس صعب مفعم بالطيبة حد الأطمئنان، وبأختفاء الحدود الفاصلة بين الفرح والحزن والقسوة في حياتهم، تلك التي تعاونت مع أهمية موقع ديارهم لتكثر من أعداد ضحاياهم على مر التاريخ.
كواحد منهم غمرني فرح كبير يوم نصّب السيد الطالباني رئيساً للبلاد فهتفت في سري، بعداً للعنصريين من كل الأطياف ومرحى للمساواة والعدالة بين العراقيين جميعا .. غير إن الرئيس ( وكعادة الرؤوساء ) لم يدع فرحتي تدوم حيث سارع لتبديدها بتصريحاته المتكررة عن رفضه للمصادقة على إعدام الطاغية صدام إن رأى القضاء بإنه يستحق ذلك، لتناقض الأمر مع كونه محامياً وقع على لائحة عالمية تدعو لألغاء عقوبة الأعدام من جهة ولأن بين أجداده وأجداد صدام وداً قديماً من جهة أخرى!
وحلت بي - وربما بالكثير من العراقيين - ثانية الحيرة المفعمة بالحزن والتساؤل : ألم يكن السيد الرئيس محاميا حين دارت رحى الموت بأمر منه ومن غرمائه في ما أصطلح عليها حروب الأخوة الأعداء لتحصد أرواح الألاف من الأبرياء الكرد، والتي هي وبكل المقاسات أعز وأغلى وأطهر من دماء صدام وجلاوزته؟! وأين كان حرصه على حياة البشر حين أريقت بأمر منه دماء شهداء بشت آشان إثر اقتحام مقراتهم وقتلهم وسبي نسائهم وترك أجسادهم تنهشها ضواري الجبال، وهم من كانوا من خيرة فتية العراق وأفضل رموزه للتآخي العربي الكردي واصلب أبنائه في النضال دفاعاً عن عراق خال من العنصرية والطائفية والتمييز ومن أجل القضاء على الدكتاتورية، رغم أنف من يحاول اليوم عبثاً تزوير التاريخ!
فلا تنكئ، سيادة الرئيس، الجروح ولا تستفز الذاكرة العراقية المغلفة بالصبر، ولا توقع البلاد في حسابات خاطئة ولا تعطل، ربما بنصائح مستشارك الأمني، إجراءات تصفية البعث وإثاره في المناطق العربية بعد أن قضيت عليها في كردستان، وإخضع مؤسسة الرئاسة لأحلام الفقراء لأن بهذا لا بالعفو عن الطغاة تتحقق إنسانية الإنسان!
2
لعل من من أكثر ما تعيشه الحياة السياسية في عراقنا المدمر خطورة، ذلك التناقض الواضح بين الإدعاءات الديمقراطية وبين الأتجاهات الحقيقية للكتل والأحزاب الدينية.. ففي حواره المتلفز مع ممثل هيئة علماء المسلمين الدكتور حارث العبيدي، دعا الدكتور علي الدباغ والذي يّعرف إعلامياً بالخبير في شؤون المرجعية الشيعية، محدثه (الذي ناور ببراعة يحسد عليها لعدم رفع الغطاء الديني عن الأرهابيين في العراق) الى عدم اضاعة فرصة المشاركة في كتابة دستور إسلامي للعراق ومواجهة ما أسماهم بأعداء العراق. وأعداء العراق - كما يتضح من حديث السيد الدباغ الذي قضى سنوات النضال ضد الدكتاتورية مقيماً في الأمارات العربية (والعهدة على السيد الرئيس الطالباني في رده على مطالبة الدباغ له بالأستقالة عبر برنامج فضائية العربية)- هم الديمقراطيون والأسلاميون المتنورون والليبراليون من كل الطوائف والأثنيات العراقية، ممن لم يقطعوا رأساً أو يفخخوا عجلة أو يقتلوا مصلياً أو ينسفوا بيوت الله، إنهم بنظره كل من يقف ضد لبننة العراق و يدعو الى إعتماد المواطنة لا الأنتماء القومي أو الديني أو الطائفي أساساً، إنهم بنظره كل من لا يرضى بدستور يشابه طغيان السلطة الدينية في إيران وإفغانستان والسودان وغيرها ممن إختطفوا ديننا الحنيف وأستخدموه متراساً لطغيانهم.
إن خلاصنا أيها العراقيون، في كتابة دستور يؤسس لدولة علمانية تحفظ للدين قدسيته وتستلهم من أحكامه المقدسة ما يخدم البشر وتقدمهم وضمان مساواتهم، ويمنع ظهور القعقاع إبن يوسف ثانية.
وتلك لعمري مهمة لا يقوى على إنجازها الاّ من وعى دروس التاريخ الإنساني وإتعظ من عبره وإتسعت رؤياه لأفاق المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قمر الطائي من انطوائية وخجولة إلى واثقة بنفسها ??????


.. قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي




.. بين طلبات -حماس- ورفض نتنياهو.. كيف يبدو مشهد مفاوضات وقف إط


.. ماذا يحدث على حدود مصر فى رفح..




.. اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور