الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجين الإنقلاب العسكري

وفاء داود

2013 / 7 / 12
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في البداية يجب الإشارة إلى أن الإخوان قد ارتكبت أخطاء جوهرية في ممارستهم للحكم، بل لم يدركوا الخريطة السياسية والإستراتيجية للدولة المصرية إقليمياً ودولياً، وأن خطة وأجندة مرسي دولياً أدت إلى قيام القوة الدولية بالإطاحة الناعمة به، على نهج ما فعلته مع شافيز، وأن قول القيادة العسكرية بأن هناك تهديد للأمن القومي كانت صادقة لأنها تعني هنا التوازنات الدولية، فأمريكا لن ولم تسمح لمصر بأن تصل لمكانة دون أن ترغب في ذلك، لكن مرسي لم يهتم بذلك بل سعى لتنفيذ خطة لم تباركها أمريكا وأتضح الخلاف بين الدولتين منذ بداية حكم مرسي وعدم زيارته لأمريكا حتى آخر أيامه. كما أن دولاً إقليمية تأبى تدشين نظام ديمقراطي إسلامي يثير شعبها عليها.
وبعيداً عن نقد سياسات نظام مرسي يجب حسم جدلية هل 30 يونيه يٌعد ثورة أم إنقلاب، والحقيقة أن ما حدث في 30 يونيه لا يمكن تسميه على إطلاق ثورة، بل هو إنقلاب عسكري مخطط استخدم جزء من الشعب وليس كله ليكون غطاءً له. وتتعدد وتتنوع الدلائل والأساندين التي تؤكد ذلك، وهي:
• الأزمات المفتعلة والتي تمثلت في أزمات الكهرباء ومؤخراً أزمة البنزين والتي تزامنت مع موعد ما خطط إليه لتهيج مشاعر الغضب لدى المواطنين ودفعهم للإحتشاد يوم 30 يونيه، وقد لعبت الدولة العميقة الدول الأكبر في ذلك لاسيما في تجنيد وتدريب شباب حملة تمرد والأمر واضح وضوح الشمس هذه بالإضافة إلى اختفاء أزمة البنزين حالياً.
• تسارع القيادة العسكرية ببيان يوم 30 يونيه وعلى عجلة من أمرها يؤكد الإطار الزمني للإنقلاب المخطط للإطاحة بمرسي، كما أن طرح السيسي لخريطة المستقبل لم تأت بجديد عما قاله مرسي سوى الإطاحة به مع التعمد بعدم ذكره في البيان للهروب من كونه إنقلاب حفظاً لماء وجه أمام الرأي العام الدولي، وهذا ما جعل الجيش حريصاً على استعراض الحشود المناهضة لمرسي لتنفيذ ما يسمى في العلوم السياسية بهجين التسلطية حيث عمل السيسي على هجين الإنقلاب بغطاء شعبي وجاذباً لرموز الدين في صفه.
في البداية يجب الإشارة إلى أن الإخوان قد ارتكبت أخطاء جوهرية في ممارستهم للحكم، بل لم يدركوا الخريطة السياسية والإستراتيجية للدولة المصرية إقليمياً ودولياً، وأن خطة وأجندة مرسي دولياً أدت إلى قيام القوة الدولية بالإطاحة الناعمة به، على نهج ما فعلته مع شافيز، وأن قول القيادة العسكرية بأن هناك تهديد للأمن القومي كانت صادقة لأنها تعني هنا التوازنات الدولية، فأمريكا لن ولم تسمح لمصر بأن تصل لمكانة دون أن ترغب في ذلك، لكن مرسي لم يهتم بذلك بل سعى لتنفيذ خطة لم تباركها أمريكا وأتضح الخلاف بين الدولتين منذ بداية حكم مرسي وعدم زيارته لأمريكا حتى آخر أيامه. كما أن دولاً إقليمية تأبى تدشين نظام ديمقراطي إسلامي يثير شعبها عليها وعلى رأسهم السعودية.
وبعيداً عن نقد سياسات نظام مرسي يجب حسم جدلية هل 30 يونيه يٌعد ثورة أم إنقلاب، والحقيقة أن ما حدث في 30 يونيه لا يمكن تسميه على إطلاق ثورة، بل هو إنقلاب عسكري مخطط استخدم جزء من الشعب وليس كله ليكون غطاءً له. وتتعدد وتتنوع الدلائل والأساندين التي تؤكد ذلك، وهي:
• الأزمات المفتعلة والتي تمثلت في أزمات الكهرباء ومؤخراً أزمة البنزين والتي تزامنت مع موعد ما خطط إليه لتهيج مشاعر الغضب لدى المواطنين ودفعهم للإحتشاد يوم 30 يونيه، وقد لعبت الدولة العميقة الدول الأكبر في ذلك لاسيما في تجنيد وتدريب شباب حملة تمرد والأمر واضح وضوح الشمس هذه بالإضافة إلى اختفاء أزمة البنزين حالياً.
• تسارع القيادة العسكرية ببيان يوم 30 يونيه وعلى عجلة من أمرها يؤكد الإطار الزمني للإنقلاب المخطط للإطاحة بمرسي، كما أن طرح السيسي لخريطة المستقبل لم تأت بجديد عما قاله مرسي سوى الإطاحة به مع التعمد بعدم ذكره في البيان للهروب من كونه إنقلاب حفظاً لماء وجه أمام الرأي العام الدولي، وهذا ما جعل الجيش حريصاً على استعراض الحشود المناهضة لمرسي لتنفيذ ما يسمى في العلوم السياسية بهجين السلطة حيث عمل السيسي على هجين الإنقلاب بغطاء شعبي وجاذباً لرموز الدين في صفه منعاً لإحراجه.
• اسقاط مؤسسات منتخبة وعلى رأسهم الدستور ما هو إلا إنقلاب عسكري بكافة أركانه ولا غبار في ذلك، وأن القول أنها شرعية ثورية غير صحيح على الإطلاق؛ فالثورة تلقائية غير منظمة وغير مخططة وغير معروف نتائجها كما أنها تجمع كافة طوائف الشعب، لكن ما حدث هو تغليب إرادة جزء من شعب على الجزء الآخر، وهو ليس بقليل على الإطلاق كما تم تجاهل إرادته بل وتم التعامل معه لفظياً وسلوكياً كأنه لم يكن فصيل أو قطاع من الشعب وهذا خطأ جسيم وتجلى وضحاً في بيانات القيادة العسكرية التي تؤكد مراراً وتكراراً أنها تنحاز للشعب؟!! فأي شعب كانت تقصد المؤيدين والمعارضدين كلهما الشعب المصري ولا يقل عدد أحدهما عن الآخر، أيضا اتضح التمييز في الإهتمام بجزء من الشعب دون الآخر وظهر ذلك في إلقاء أعلام وأضواء الليزار وتوجيه الإعلام بل وتخصيص طائرة لتصوير جزء من الشعب دون الآخر. فهل هذه ثورة؟!!.
• التحدث عن حريات وميثاق شرف للإعلام في وقت تزامن مع تنفيذ خطة الإقصاء الإعلامي لجزء من الشعب بل حملات إعتقالات، وأغلق قنوات، ووضع الرئيس المنتخب رهن الإقامة الجبرية في وزارة الدفاع، والإتيان برئيس جديد بواسطة قرار عسكري وليس بناء على أصوات الناخبين.
• وضوح تخطيط وتدبير الإنقلاب من قبل، بالإضافة إلى التعمد في تجاهل بل وإلصاق التهم بقطاع عريض وليس بقليل من الشعب وتجلى ذلك في الخطابات والبيانات الرسمية التي تعمدت وصف هذه الجزء من الشعب بالإرهابي وهذه هي البداية الحقيقة لجرف مصر لنفق مظلم وتقسيم الشعب لقسمين يدفع بمصر للانزلاق في حرب أهلية .
• أعترف البرادعي بذلك في حديثه لصحيفة "نيويورك تايمز" قائلاً: "أنه اتصل بجون كيري وزير الخارجية الامريكي، وكاثرين اشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي من أجل تأييد الإنقلاب العسكري، وأنه لم يكن أمامه سوى الخيار العسكري للإطاحة بمرسي".
إن الإخوان لم تسقط بمجرد أن الآلاف تظاهروا في الشوارع، وإنما بتدخل الجيش لإزاحته واعتقال، ويشبه الإنقلاب العسكري المصري حالتي: فنزويلا، حيث فاز شافيز بانتخابات 1998 و 2000 وكانت معارضة شافيز متمثلة في بقايا لأحزاب التي يقودها رجال أعمال لهم مصالح مباشرة مع الولايات المتحدة ويدعمها المناهضون للثورة الكوبية والمتواجدون في ميامي، وعملت أمريكا على نفس نهج الإنقلاب المصري حيث اسقطت شافيز بسيناريو الانقلاب العسكري بعد التسبب في الفوضي وزعزعة الأوضاع الاقتصادية والمالية وتشويه صورة الرئيس علي أنه ديكتاتور يناهض حرية التعبير والإعلام ولا يمثل مصالح القوي الديموقراطية في البلاد، وهو نفس التكتيك الذي استخدمته في حالة تشيلي حيث قام مجموعة من المتظاهرين بالاحتجاج والتسبب بفوضي تتواكب مع حملة إعلامية بوصف الرئيس أليندي بالدكتاتور ليقوم بعدها ضباط الجيش بالإنقلاب العسكري تحت شعار الحفاظ علي أمن البلد ومصالحها عام 1973 والذي أطاح بالرئيس.

إن نظريات ومبادئ العلوم السياسية واضحة لا تحتاج تأويل أو تخبط وتناقض ويجب هنا التفرقة بين علم السياسة كعلم يدرس وبين ممارسي السياسة فالعلم واضح في مبادئه ونظرياته ولا خبار عليه بينما ممارسي السياسة يسعون إلى التجميل والتلفيق في المصطلحات لتبرير مواقفه السياسية.
وإن ما حدث ما هو إلا إنقلاب عسكري غير تقليدي تناسب صورته مع ما شهدته الساحة المصرية من كثرت الإحتجاجات موظفة التظاهرات بمباركة من الدولة العميقة والعتيقة مدعومة بالقوى المدنية المحسوبة على الصف الديموقراطي والليبرالي.
إن ما حدث في 30 يونيه ما هو إلا محطة من محطات الصراع غير المنتهي بين الدولة العميقة والنظام الجديد وفي هذه المحطة كان النصر حليف للدولة العميقة بمباركة من الدولة العتيقة، وإنتصاراً للثورة المضادة وعودة للنظام السابق، لكن لا أتوقع على الإطلاق بأن تكون هذه النهاية وأن الأوضاع السياسية في مصر ستستقر، بل سينتفض الشعب. وما حدث في الإنتقال الديمقراطي ما هو إلا إن انتقلت السلطة الحقيقة من نظام مبارك إلى المجلس العسكري ثم للسلطة القضائية والتي مسكت بزمام الأمور من خلال إبطالها كل قرارات مرسي على أنها غير دستورية، لتعود السلطة مرة آخرى للعسكر ولكن في ظاهرها أنها للرئيس المؤقت للبلاد.
أنّ السعادة بالانقلاب العسكر خطأ جسيماً وقمع واعتقال وإقصاء الإخوان من العملية السياسية لم ولن يُعد حلاً نهائياً للأزمة، فقد أثبت التجارب سطحية هذا التقدير وخطورته، حيث ينتج نقيضه في نهاية المطاف، ويعتبر بداية لتفجرها وتحولها لمسار آخر أكثر عنفاً ودموياً .
إن ما حدث أكسب تعاطف بل وشعبية إضافية للإخوان، وإن استعجال سقوط الإسلاميين، وعدم الإنتباه إلى التنظيمات الإسلامية والأفكار السياسية الجامدة التي تتبناها سيأرجح الأوضاع في مصر خلال الأيام القادمة لاسيما مع قتل أكثر من 52 شهيداً فجر يوم 8 يوليو وهي بداية الشرارة التي ستزلق البلاد في حرب أهلية لا نهاية لها.
إن مصر أمامها طريقين إما سيكون السيناريو الجزائري، وهذا إذا ظلت القيادة الحقيقة التي تدير البلاد – العسكر- على عنادها ومستمرة في خطتها، ففي الجزائر وبالتحديد في ديسمبر 1991 ألغى الجيش انتخابات بعد أن فازت فيها الجبهة الاسلامية للإنقاذ وهو التيار الإسلامي الأكثر تطرفاً وعنفاً من الإخوان المسلمين، تلا ذلك عقداً داميا ًمع 100 ألف قتيل. وإما ستكون كحالتي تركيا وفنزيولا، بألا يكل أو يمل النظام الذي تمت الإطاحة به ليعود مرة آخرى لأرض المعركة الساسية متفشياً في كل قنوات الإتصال السياسي.
إن التمسك برجوع مرسي إلى سدة الحكم أمراً مفروغ منه فلم يحدث على الإطلاق فمعروف لدى الجميع عقلية القوات المسلحة والتي تتميز بالعناد وعدم الرجوع في القرارات لاسيما وأن الإعتراف بالإنقلاب حتى إذا تم الشروع فيه وفشل فسوف تتعرض القيادات المتورطة للعقاب القانوني، ولم يحدث هذا على الإطلاق، لذا فالحل الأفضل هو أن تسارع القيادة العسكرية بالإستفتاء على منصب الرئيس وضرورة الإنجاز بالتعديلات المطلوبة على دستور 2012، ليكون حجر الزاوية للجمهورية المصرية الجديدة ثم بناء المعمار الديمقراطي على هذا الأساس الدستوري الشرعي بأن يبدأ مارسون الإنتخابات النيابية والرئاسية.
ونلخص من هذا إن المشهد المصري الحالي يؤكد أنّ الثقافة الديموقراطيّة لا تزال هشّة جدّاً، فليس عجيباً في ظل تفشي الأمية السياسية أن يستعين الشعب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية