الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الشهيد عبد الحكيم المسكيني. الورقة الثانية

وكزيز موحى

2013 / 7 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


البحث عن الشهيد عبد الحكيم المسكني
الورقة الثانية.

بعد فترة غياب ليست بقصيرة، بعد شوقي لأحبائي و أصدقائي ووطني، قررت السفر أخيرا إلى المغرب بمناسبة رأس سنة 2012.
تأخرت الباخرة عن موعدها، لتعلن بذلك سلسلة من المتاعب الشاقة رافقتنا إلى اليابسة - أرض المغرب- وحتى عودتنا.
مزحت جارتي الفرنسية بالباخرة قائلة: هذه هي طريقة الاستقبال بالجنوب .
لم يمنعنا ذلك من الفرحة والاستمتاع بالبحر، بالأرض، بالجو وبلقاء الأحباء…
دامت الإجراءات الجمركية وغيرها ذهابا أربع ساعات ونصف ودامت إيابا أربعة عشر ساعة في غياب تام لأدنى الخدمات (مراحيض، فضاءات الاستراحة، الاستقبال والإرشادات... الخ). كل هذا بميناء طنجة المتوسط!! ميناء خال من أبسط الخدمات الضرورية خلافا للدعاية الرسمية لسلطات الميناء.
1- الأطلس المتوسط:
التحقت في الصباح الباكر بجبال الأطلس المتوسط، القصيبة موحى وسعيد تحديدا، رغما عن الإرهاق والأعطاب التقنية التي سببها لي غيري (حالة الطرقات بما فيها الطريق السيار وقانون وعادات السير).
بعد المصافحة والعناق، انطلقت لاستكشاف الناس وأحوالهم والتضاريس والمناخ. لم أتمكن طبعا من مجالسة الجميع نظرا لضيق الوقت، لكنني لامست عن قرب انشغالات وهموم الناس بمنطقة لا زال النظام يتعامل مع أهلها وذويها بمنطق السيد تجاه العبيد. كل لوازم الحياة الدنيا لا تتوفر لدى ساكنة المنطقة (سكن لا تتوفر فيه أقل شروط السكن اللائق، صحة "أمراض معدية كالسل ورينو فرانجيت الخ"، غياب المستوصف"، تغذية ناقصة، غياب الطرقات وجل التجهيزات التحتية إلى غير ذلك). نظرات وملامح وجوه الأطفال والنساء وكل الناس تفقأ بدلالات اجتماعية وأوضاع معاشية قاسية قساوة البرد والمناخ بجبال الأطلس.
2- القصيبة والشهيد عبد الحكيم المسكيني:

زرت مدينة زاوية الشيخ لعدة مرات بحثا عن أخبار الشهيد عبد الحكيم المسكيني، شهيد انتفاضة يناير ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٤-;---;--. بعد محاولات يائسة، ذهابا وإيابا بين القصيبة وزاوية الشيخ، قررت أن أبادر للمرة الأخيرة علني اقتبس المعلومة المناسبة التي توصلني إلى عائلة الشهيد.
بأعماق المدينة لم أعد أسأل عن المسكيني بل عن من يكن فعلا ابن المدينة بين أصحاب الدكاكين والمحلات التجارية والحرفية. تم توجيهي الى أحد أبناء زاوية الشيخ الأقحاح، يحترف مهنة النجارة. قال لي مرشدي بعدما تأكد له أن الأمر مهم للغاية أن عائلة صديقي تدعى فدواش وليس المسكيني. وبتلقائية ومحبة رسم لي على طرف من ورق خريطة الطريق المؤدية إلى منزل أب الشهيد واعتذر عن عدم معرفته لعنوان أم الشهيد التي تقطن بعيدا بمدينة بني ملال. شكرت مرشدي وقبل وداعه أعاد علي السؤال لماذا اهتم بزيارة ولقاء عائلة الشهيد وما علاقتي بالشهيد عبد الحكيم المسكيني؟
طمأنت الرجل من جديد بأن الأمر يتعلق بالبحث عن عائلة صديق مناضل استشهد سنة ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٤-;---;-- بسجن بني ملال وأني أرغب في لقاء أم الشهيد وبعض أفراد عائلته. ودعني بدعاء الفلاح والنجاح في مهمتي مستغربا لأمري. سعدت كثيرا لهذا الإنجاز البسيط، عكس ابنتي التي لم تتحمل مشاق الانتظار وأطراف الحديث بالدارجة المغربية. قبل الانطلاق بحثا عن منزل أب الشهيد مستعينا بخارطة صاحبي، شكرت ابنتي على صبرها واشتريت لها بعض الحلويا والمشروبات. *سعدت بذلك وتقمصت شخصية المحققة وسألتني عن كل شاذة وفادة وعن كل كبيرة وصغيرة، دامت وكثرت أسئلتها حتى بعد وداع عائلة الشهيد.
تعرفت عن أخ الشهيد الذي استقبلنا بمودة وتلقائية. صورت حينها قبر الشهيد وحددنا موعدا للغد. انتابني إحساس غريب، مزيج من الفرح والقلق. كما شعرت بأداء واجب وفريضة نضالية كانت بعنقي منذ ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٤-;---;--. مسؤولية أثقلت كاهلي لكل هذا الزمن (١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٤-;---;--- ٢-;---;--٠-;---;--١-;---;--٢-;---;--) . مسؤولية وواجب التعريف بالشهيد عبد الحكيم المسكيني وبالقضية وخصوصا عندما نعرف أن الشهيد طاله النسيان والإهمال ولا أحد يعرف شيئا عن الشهيد. ولا أحد يرغب بمعرفة الشهيد والقضية.
تملكني الشعور بالمسؤولية تجاه الشهيد..
تملكني الحزن لفقدان الشهيد..
تملكني الحزن والأسى والفرح..
عادت بي الذاكرة الى دردشات وقهقهات الشهيد...
عادت بي الذاكرة إلى ثانوية طارق بن زياد بالقصيبة موحى وسعيد ١-;---;--٩-;---;--٨-;---;--٤-;---;--. ثانوية الشهيد المسكيني عبد الحكيم. كنا أول فوج التحق بالمؤسسة بعدما قضينا السنة الأولى من الثانوي بثانوية موحى وسعيد. كانت ثانوية الشهيد المسماة طارق بن زياد على ابسط الخدمات والمرافق التعليمية والتربوية والرياضية.
تذكرت كل من سجن وعذب واعتقل من طارق بن زياد وغيرها..
تذكرت لحظات الانتظار والاعتقال..
تذكرت صفوف العساكر التي طوقت المدينة والثانوية لمدة أسبوع..
تذكرت قوى القمع بسياراتهم، ببنادقهم، وأزيائهم..
حالة الطوارئ بالمدينة و نواحيها..
تذكرت كيف كنا نتحرك ونتواصل رغما عن ذلك عبر أطراف المدينة المطوقة
لفك العزلة و تقصي أخبار العائلات والمعتقلين...
كانت المعركة غير متكافئة بالمطلق، من جهة النظام بأجهزته العسكرية والقمعية المختلفة والمتعددة ومن جهة أخرى شباب القصيبة وتلامذتها. تحت الرعب والتخويف والتهديد جاء النظام بعائلات التلاميذ للضغط علينا لاستئناف الدروس بعد مقاطعتها، وذلك تحت ترهيب قوى العسكر المدججة بالأسلحة النارية. نالت العائلات نصيبها من السب والشتم والقذف من طرف المسؤولين العسكريين والمدنيين.
هذا وذاك جعلني افرح كثيرا عندما مسكت بصورة الشهيد أعلاه، كأنني التقي الشهيد من جديد خاصة عندما طلب مني أخوه أن انعته في الصورة الجماعية. تعرفت على الشهيد بسهولة. ثوان رهيبة من الصمت سادت مطلقا وبشكل تلقائي على الجميع كأننا نعي الشهيد وكأنه انتصب حيا بيننا. شكرت أخ الشهيد وألح علي بأن احتفظ بالصور لان العائلة فقدت كل صور الشهيد، وبالمناسبة أوجه دعوة لأصدقاء الشهيد عبد الحكيم المسكيني أن يعملوا جاهدين لجمع صوره وتوثيقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح