الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انحسار وباء انفلونزا الاخوان !

سهر العامري

2013 / 7 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


انحسار وباء انفلونزا الاخوان ! سهر العامري
شرع وباء انفلونزا الاخوان بالانحسار عن الديار المصرية بعد هبة الشعب المصري العظيمة في الثلاثين من شهر حزيران المنصرم حين اكتظت الشوارع في تلك الديار بأكثر من ثلاثة وثلاثين مليون متظاهر ومتظاهرة ، تلك الملايين التي عرّت زيف الاخوان في مصر أمام الراي العام العربي والدولي ، وبصورة لم يتخيلها الكثيرون من البشر في مشارق الأرض ومغاربها، عدا أولئك الذين عرفوا حقيقة الاخوان في مصر ، وعاش على مقربة منهم ، فهم على طول تاريخهم الأسود الذي امتد على أكثر من ثمانين سنة ظلوا يرتدون عباءة الدين زيفا ونفاقا ، وكان هدفهم الأول والأخير هو الحكم والتسلط ، وقد استغلوا الدين كأداة للوصول الى ذاك الهدف .
لقد اتضح هدف الاخوان ذاك بصورة جلية للصغير والكبير في مصر من خلال السنة التي حكموا فيها مصر ، فقد عمدوا على عجالة بالانفراد في السلطة ، وتقسيم غنائمها بينهم في الوقت الذي خضعوا فيه للإرادة الدولية ، خاصة الإرادة الأمريكية ، مثلما تبادلوا الرسائل الحميمة بينهم وبين اسرائيل التي طالما شنعوا بها ، واعتبروا أي تقارب معها كفرا وشنارا ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر قاموا بالاعتداء على الشعب المصري ، وناصبوا الجيش في مصر بالعداوة والبغضاء وهو الجيش الذي ظل صامدا رغم تهاوي الكثير من الجيوش العربية حين زجّ بها في حروب مع شعوبها مثلما هي الحال مع الجيش في سورية والعراق ، وكذلك الحال مع الجيش في ليبيا .
إن العدوان على الشعب المصري من قبل الاخوان هو العامل الحاسم الذي أدى الى سقوطهم ، وقد تحدثت أنا عن ذلك بمقالة حملت عنوان : "سقوط الاخوان في مصر"* قبل زوال سلطتهم في اليوم الثلاثين من حزيران بستة أشهر ، وذلك لأنني عشت في مصر ، وعرفتهم عن قرب ، فقد خرجوا هم متأخرين من مقاعد برلمان الرئيس حسني مبارك ، والتحقوا بثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني سنة 2011م بعد أيام طويلة من قيامها ، لكنهم استطاعوا الاندساس بين صفوف جماهير تلك الثورة ، وقطف ثمارها لهم وحدهم فيما بعد ، تعاونهم في ذلك الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأمريكية ، وبمبدأ أوباما " القيادة من خلف " والذي لا يختلف في أهدافه عن أهداف مبدأ جورج بوش الابن في التدخل المباشر الذي قاد فيه الجيوش الامريكية ، وشن الحرب على العراق وأفغانستان .
وفقا لهذينك المبدئين كان مخططو السياسة الأمريكية يرون أن أفضل من يحكم المنطقة العربية هي الأحزاب والقوى الدينية التي تتسم بالاعتدال ، والتي تقبل بما ترسمه الدوائر الغربية من مشاريع اقتصادية تخدم مصالح تلك الدوائر في هذه المنطقة ، وكان المخططون أولئك يرون كذلك أن تلك الأحزاب المتمسحة بالدين يمكن لها أن تظل في الحكم مدة تتراوح بين 25 – 30 سنة تستطيع امريكا والدول الغربية أن تعود من خلالها الى المنطقة بقوة ، وأن تتحكم بمقدراتها وثروتها ، ويأتي في المقدمة من ذلك الطاقة والسوق المفتوحة ، فالمنطقة تزخر بمكامن النفط والغاز ، مثلما هي مكمن واسع جدا للطاقة الشمسية التي بدأت ارهاصات مشاريعها تظهر في كل من مصر ودولة الامارات العربية والمملكة العربية السعودية ، هذا في وقت عادت به شركات النفط الغربية لتبسط سيطرتها من جديد على مكامن النفط والغاز في كل من العراق وليبيا بعد أن حرمت من استغلالها في كلتا الدولتين على مدى سنوات طويلة نتيجة لتأميم الصناعة النفطية فيهما ، وهي تجربة مريرة أصابت أرباب المال بالصميم ، ولهذا يريد هؤلاء الآن أن تحكم الاحزاب الدينية التي تفتقر الى النظرة العلمية في ادارة شؤون العملية الاقتصادية في البلدان التي تحكمها ، وتجهل في الوقت ذاته المفاهيم العلمية الحديثة السائدة في الدول المتقدمة ، فهؤلاء يعلمون أن الاحزاب والحركات الدينية في المنطقة تنشد قيام دولة الخلافة الاسلامية مع العلم أن دولة الخلافة تلك لم تحمل من سمات الدولة الكثير حتى بالنسبة للدول التي سبقتها في كل من مصر والعراق كدول ملوك السومريين والبابليين وفراعنة الدولة المصرية ، أما الحقب الزمنية التي تخطت السنوات القليلة لدولة الخلافة تلك فقد شهدت قيام ثلاثة دول أو امبراطوريات كبيرة هي الدول الأموية فالعباسية ثم الدولة العثمانية ، وهي دولة أخذت بنظم الدول القديمة في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالأرض ورقبتها التي ظلت بيد الدول أو أنها أخذت ببعض التجارب من دول مجاورة كالدولة البيزنطية والفارسية .
إن تجربة حكم الأحزاب الدينية في كل من العراق ومصر وتونس شاهد على تخلف الأداة السياسية التي تقود الدولة وترسم السياسة الاقتصادية فيها ، فعلى مدى اكثر من عشر سنوات في حكم العراق من قبل المتدينين حين شاءت الإرادة الأمريكية ذلك ظل العراقيون يعانون من شحة شديدة في الكهرباء رغم أن الدول المتدينة أنفقت أكثر من ستين مليار دولار على مشاريع كهربائية فاشلة بعد سنة 2003م ، وهي سنة الغزو الامريكي للعراق ، وهذا الرقم الرهيب أفصح عنه رئيس لجنة الطاقة في البرلمان العراقي عدنان الجنابي ، أما في مصر وبلدان ما عرف بالربيع العربي فلم يكن بأفضل مما حل بالعراق ، ففي غضون سنة من حكم الاخوان في مصر ارتفعت المديونية المصرية من 34.4 مليار دولار الى 45.4 مليار دولار ، كما أن الاحتياطي النقدي تراجع من 36 مليار دولار الى 500 مليون دولار فقط ، هذا بالإضافة الى اغلاق الكثير من المصانع والوحدات الانتاجية وصارت مصر تستورد حتى المواد الغذائية التي لم تكن تستوردها قبل حكم الاخوان وفقا لسياسة السوق المفتوحة وهي ذات السياسة التي أدت بالعراق الى استيراد البصل ! من دول الجوار ، والماء من المملكة العربية السعودية والكويت مع أن دجلة والفرات لا زالا يتدفقان على أرض العراق!!
لقد وجد الأمريكان وصناع السياسة في الدول الغربية أن افضل السبل لتعويض الخسائر الجسيمة، التي تعرض لها أصحاب رؤوس الأموال في تلك الدول نتيجة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تجتاح بلدانهم ، هو من خلال السيطرة من جديدة على مصادر الطاقة في البلدان العربية ، والسيطرة على أسواقها من خلال سياسة تصديرية مجحفة تؤدي الى تحطيم أي نهوض زراعي أو صناعي فيها ، وتحت ظلال حكم أحزاب متخلفة مشغولة بصراع قديم يقوم على أحقية أيّ من الخلفاء الراشدين في الحكم أولا !؟ ذاك الصراع الذي مر عليه أكثر من ألف وأربعمئة سنة.
إزاء هذا الواقع المر نهضت جماهير مصر الغفيرة في اليوم الثلاثين من شهر حزيران المنصرم، لتطيح بحكم الاخوان وبإسناد من الجيش المصري الذي تحدى الإرادة الأمريكية مثلما تحدى من وعلى زمن الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر الدول الاستعمارية وقام بـتأميم قناة السويس رغم العدوان الثلاثي الذي تعرضت له مصر على إثر ذلك التأميم ، وإذا كان تأميم قناة السويس قد أغضب كل من بريطانيا وفرنسا واسرائيل وقتها ، فإن مساندة الجيش المصري لملايين المصريين الذين خرجوا في الثلاثين من شهر حزيران الى الشوارع قد أغضب الإدارة الأمريكية الحالية ، ومن ورائها الدول الغربية التي رأت في تلك المساندة تخريبا للمشروع الأمريكي الغربي في المنطقة والقاضي بعودة البلدان العربية الى حقب التخلف من خلال تنصيب انظمة حكم متخلف فيها ، وتحت مسميات براقة سرعان ما تختفي وتتلاشى ، فلم نعد نسمع اليوم بالشرق الاوسط الجديد الذي بشرت به إدارة بوش ، كما أننا وجدنا أن الربيع العربي قد انقلب الى خريف أمريكي أنيطت قيادته الى أخوان مصر ، ومن على شاكلتهم في بقية البلدان العربية ، هذا الخريف الذي ظل أوباما يقوده من خلف ، ولكن نهوض الشعب المصري المشهود هو الذي أدى وسيؤدي الى انحسار وباء الاخوان ، ومن على شاكلتهم ليس من على أرض مصر ، وإنما من الأرض العربية جمعاء مشرقا ومغربا .
===========================
* http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=335919








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Socialism 2024 rally


.. شولتس يسارع لتهنئة ترامب على فوزه بالرئاسة ويتحدث عن -تغييرا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم خراطيم المياه لتفريق محتجين في تل




.. هل سبّب ضغط اليمين المتطرف على نتنياهو في إقالة الوزير غالان