الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر حين يصدق ... أدونيس أنموذجا !

منى الحاج

2013 / 7 / 13
الادب والفن


ربما أُرجأتْ الكتابة حول الموضوع الذي نحن بصدده مرات ومرات ، وفي كل مرة تبتكر التسويغات التي تنعش فكرة الإرجاء ، وكلها تتخذ من إساءة الظن بتفسيرات الآخر خشبة تمتطيها في مدى استحال إلى كبوة لخطوات تمنته تحليقا مزعوما ، فأن تمنح قلمك صلاحية تامة ، خيار ربما لا يجد أذانا صاغية إلاّ ما ندر .
أتذكرها جيدا وأكثر من الجيد بكثير سنوات الجمر وسعيرها تلك التي ما زلنا نتجرّع مرارات حنظليتها تحت مسمى المخلفات متيقنين أنّ الخلاص من براثنها آت لا محالة وأن طال انتظاره ، لم يكن لنا عزاء حينها إلاّ السياحة في فضاءات الكتاب ، هذا الذي يمكنه بلمحة بصر أن يطوّف بنا صوب عوالم تشكّل لمخيلتنا فيما بعد عالما بديلا ، وأن كان قائما على الحروف ، حروف تنبض أكثر من قلوب كانت علينا أشدُّ من الحجارة قسوة ، تحاول إيقاف نبض الحياة لتملأه بأزيز أنفاسها المعطوبة ، ولسوء حظّ أنفاسنا العاثر فقد تزامن إطلاق شهقة بدايتها مع تربع الاحتلال ألبعثي على عرش بلد يوصف وبجدارة أنه ولي أمر الحضارات ؛ فكان أن لذنا بين طيّات الكتب التي ما فتئنا نبادلها لعبة التخفي ، فأن تقرأ غير ما يُراد لك أن تقرأ هذا يعني أن تفكر بمعزل عن السائد والمألوف ، وتغادر من حيث لا تشعر منظومة ثقافية تفرض قسرا وتحت وصاية أخف ما يقال عنها أنها قاصرة ، وهنا لابد من اعتراف مفاده أن بعض الأسماء الثقافية التي سطع بريقها في حلكة الليالي المغصوبة من عمرنا ، شكّلت في مفترق خياراتنا لحظة حاسمة ، فكان التوسل بالكتاب هو السبيل لمن أضلت عنهم السبل ، ومن بين الاسماء التي آنست غربة الوطن يبرز اسم الشاعر أدونيس الثائر على الثورات المسيّسة ، وليعلنها فيما بعد ثورة على السائد الذي يحصي على الأنفاس خفقاتها ، فلاقت البعض من آرائه الترحيب والبعض الآخر يتأمل المرء فيها ربما مساجلا ومناقشا وفي أحيان مختلفا لكنه اختلاف لا يفسد للود قضية ، كان لبعض آرائه مذاق الصدمة لمن اعتاد العيش ضمن قولبة أُعدت سلفا لاستقباله ، فالخروج على ثوابت مزعومة والنأي عن حياة صنمية ، قرار يقودك إلى المزيد من النفي والانزواء فكان أن اتخذ القرار ، قرار العزلة والنفي الاختياريين ، ولتظل ّ سنوات الانزواء والمنفى رفيقة الرحلة وما أقساها من رحلة ! .
لعلّ ما أعادني لتلك الحقبة وأن لم أك قد برحتها ، حالة السجال الدائر بين النخب الثقافية الذين حشرتهم مجبرين لحظة عبثية في منحنى ـ المع أو الضد ـ الذي لطالما أرهق الجهود و بدد المساعي وأن كان المرمى واحد ، ولأن الأمر يتعلق بأدونيس و ما يطرح من آراء واضحة لا تشكل إلّا لمن يريد لها الإشكال المؤدي إلى التباس الرؤى لا سيما فيما يتعلق بالراهن وانحيازه التام لقناعاته التي يؤمن بها ، ولأن لأدونيس وكما أسلفنا مكان الصدارة الثقافية والإبداعية التي استطاعت ان تمنحنا فيضا من نور تجربتها وأن تترك بصمتها في اتجاهات وتوجهات الكثير من أجيال المثقفين التي تلقّفت أطروحاته بالإعجاب والانبهار تارة وبالحوار والنقاش تارة أخرى ، لكنها تلك المحاولات المفضوحة التي يتبناها بعض ممن يمنحون لأنفسهم أهمية لا تتتجاوز مدى نظرهم الذي أطبقته عتمة المنطلقات التي يتبجحون بها ، وهذا البعض غير معني بما نحن بصدده الآن ؛ لأن هجومهم على الرؤية الأدونيسية إزاء ما حدث ويحدث في عوالمنا العربية لا يعدو ان يكون سرابا بقيعة ! ، وإنما الخطاب موجه لمن تعوّل على أصواتهم مرحلة تاريخية هي الأكثر خطورة على بقعة ساخنة من كوننا المحتبس ، وأن تكون رؤاهم بحجم التهديدات التي تحيق بشعوب غُلبت على أمرها وعندما حانت ساعة الخلاص ، أُلتبست الحقائق مع بعضها واستحالت الرؤية ضبابية حتى لذوي البصيرة إلاّ ما رحم . . .
لذا ينبغي على الجميع العودة بأرواحهم إلى الصوت الذي ما انفكت جيوش الجهل تتجحفل موحدة مآربها للنيل منه ، وأن آمنّا باستحالة ما تقدِم عليه فالصراع ضده قديم حديث ، ومحاولة التغييب والتعتيم جارية على قدم وساق ، ظنا أن ذلك يقود إلى طمس الحقيقة وأن كان البديل سيل من الحقائق الزائفة والزاحفة كما القوارض ، صوت يدفعنا لأن نطلقها شهادة لا لشيء ألاّ لضرورة معها تباح المحظورات ، فالمشهد البارز على سطح خريطتنا الجغرافية يثبت بجلاء صحة ما ذهب إليه الرأي الأدونيسي حين توصيفه للأحداث الجارية ، ومعززا لموقفه الرافض للتغيير الغير منبثق من ضرورة تعي تماما أهميته الذي تتواءم مع تطلعات ظلت حبيسة العقول قبل الصدور قرون متعاقبة ، وفي ذات الوقت يفنّد المزاعم والإدعاءات الخاوية التي جعلت من نفسها خصما في مواجهة محسومة نتائجها .
أنّ لحظة سطوع الصدق هي أحرى بالاحتفاء والاقتداء ، وتدفعنا إلى إعلانها واضحة جليّة شهادة تنتصر للحقيقة دون سواها .
نحن بحاجة إلى مواقف مبدئية حازمة تعيد اتزان ما اختل ، وأن اختلفت المواقف إزاءها ؛ فسماء أجواءنا ملبّدة بغيوم سوداء تنذر بسوء طالع ان لم تلح في الأفق يقظة نقدية عاجلة علّها تحمل في ثناياها رؤية تصوّب منحى الخطوات ، ولتضعنا أمام علامة استفهام ، تتناسل عنها علامات وعلامات مفادها :
ما بال أمة تبتكر جلاديها ، ولا تألو جهدا في صنع سياطها ؟ !
أن ما حدث ويحدث في بلدان منطقتنا يدعونا إلى التأمل والمراجعة ، لنتمكن بعدها من التوثب وهذا لا يتم حتى تحتفي الأمة بمفكريها ومبدعيها حين يصدقونها القول نابذة عهد الصنمية ، وصناعة الأراجيف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??